1- . ما ذكره المفسرون للقرآن -رحمهم الله تعالى- من أن أهل الجاهلية قبل الإسلام إذا كانت لأحدهم جارية أرسلها تزني لتأتي له بالمال، فلما جاء الإسلام كان لعبد الله بن أبي -وهو رأس الكفر والمنافقين- جاريتان، وكان يكرههما على الزنا، ويضربهما عليه ابتغاء المال وكسب الولد، فجاءت الجاريتان تشتكيان لنبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله سبحانه: "ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم" [ سورة النور-33]
ومعنى (لتبتغوا عرض الحياة الدنيا) أي الشيء الذي تكسبه الأمة بفرجها، والولد ليسترق فيباع (ومن يكرهن) أي يقهرهن (فإن الله من بعد إكراههن غفور) لهن (رحيم) بهن أ. هـ
2. تحريم العضل
والعضل هو منع الزوجة من الزواج بالكفء الذي ترتضيه،
ومن الأدلة على تحريمه:
أ. قول الله عز وجل: "وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ" فإذا طلقت المرأة أقل من ثلاث طلقات،ثم انتهت عدتها،وبانت بينونة صغرى،ورغب زوجها الذي طلقها في العودة إليها بعقد جديد، ورغبت أن ترجع إليه فلا يحل لوليها منعها من ذلك من غير سبب صحيح.
ومناسبة نزول هذه الآية كانت في قصة الصحابي الجليل معقل بن يسار رضي الله عنه، حيث إنه زوَّج أخته لرجل، فطلقها زوجها طلقة رجعية وتركها حتى انقضت عدتها وأراد زوجها إرجاعها، فحلف معقل ألا يزوجها، فنزلت هذه الآية، والحديث رواه البخاري رحمه الله، وعند أبي داود هذه الزيادة عن معقل قال : "فكفرت عن يميني و أنكحتها إياه".
ب. ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض".
جـ. ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن.
3. تحريم نكاح الشغار.
والشغار هو أن يزوج الرجل ابنته، على أن يزوجه الآخر ابنته، أو يزوجه أخته، على أن يزوجه أخته وليس بينهما صداق . ففي الصحيحين عن نافع عن ابن عمر أن رسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار : والشغار هو أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق . وفي صحيح مسلم عن ابن عمر – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا شغار في الإسلام"، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشغار والشغار أن يقول زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي. وفي صحيح مسلم عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشغار.
4. تحريم بيع الحر ومنع العامل حقه.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قَالَ اللَّهُ: ثَلاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ".
فجعل الشارع الحكيم الاتجار بالبشر من أبواب الخيانة والغدر والظلم، والله عز وجل خصم لجميع الغادرين، إلا أنه أراد التشديد على هذه الأصناف الثلاثة، فقد ارتكبوا جرمًا شنيعًا يتعلق بحقوق الإنسان، فأحدهم غدر بأخيه الإنسان، فعاهده عهدًا وحلف عليه بالله ثم نقضه، والثاني باع أخاه الإنسان الحر، والثالث أكل مال أخيه الإنسان الأجير، وهو داخل في إثم المتاجرة بالبشر كالثاني؛ لأنه استخدمه بغير حق، وخالف الأمر النبوي:"أَعْطِ الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ".
وجريمة الاتجار بالبشر -التي حرمها الشرع الإسلامي الفضيل- تتسربل بصور عديدة مارستها المجتمعات الجاهلية في القديم والحديث..فمارستها قبائل العرب ودول الفرس والرومان قبل بعثة النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، فكانوا يقطعون الطرق على الأحرار، فيسرقون أموالهم ويبيعونهم في أسواق النخاسة على أنهم عبيد..
وفي العصر الحديث مارس الأمريكان هذا السلوك الجاهلي مع الزنوج، فخصصوا الهيئات التي تبيع وتشتري فيهم، وهم أحرار، ومارسوا أبشع صور التمييز العنصري في حقهم. إضافة إلى ظهور جماعات المتاجرة بالأطفال والنساء؛ لغرض الاستغلال الجنسي التجاري، ناهيك عن استغلال هذه الجماعات للكوارث الطبيعية والحروب لممارسة نشاطها، وخير شاهد ما حدث في كارثة تسونامي، وما أعلنته الصحف عن أرقام مفزعة للنساء والأطفال الذين تم الاتجار بهم في ظل هذه الكارثة الإنسانية، الأمر نفسه حدث مع ضحايا الشعب المسلم في البوسنة والهرسك بعد ما أعمل فيه الجيش الصربي الذبح، فتم بيع آلاف الفتيات والأطفال على مرأى ومسمع من العالم (المتحضر).. وتحولت البلدان الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية إلى مراكز كبرى للاتجار بالبشر من جانب العصابات المنظمة التي تحصد سنويًّا ما بين 8 و10 مليارات من الدولارات من الاتجار بالأطفال والنساء، وذلك وفقًا لإحصاءات وزارة العدل الأمريكية
وبعد.. .ما أحوج العالم اليوم لأن يصرخ فيه صارخ المسلمين بالكلمة الخالدة للخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً".
ساحة النقاش