<!--<!--<!--

منذ أيام قليلة، كنت في دورة المياه في إحدي الأماكن العامة. وهناك دار حوار بيني وبين العاملة المسئولة عن تنظيف دورات المياه. تكلمنا طبعاً في السياسة والأحداث الجارية، ثم أخذت تشكو لي كيف أنها ذاقت الأمرين للحصول علي معاش لأبنائها الأيتام ولكنها بسبب التعقيدات والمماطلات البيروقراطية لم تحصل علي شيء حتي الآن.

غادرت المكان وأنا أشعر أن عليّ مسئولية كبيرة في توعية هؤلاء البسطاء وغير المتعلمين. ما حدث أني أشرت في بداية حديثنا معاً إلي التعديلات الدستورية، فلمحت علي وجهها الارتباك الناتج عن عدم الفهم، وكأنها كانت تمشي واصطدمت بجدار! حاولت تبسيط الموضوع قدر استطاعتي. ولم يكن ذلك سهلاً بالنسبي لي. لماذا؟ لأنك كي تبسط أمراً ما، يجب أولاً أن يكون فهمك أنت له جيداً. وأنا فهمي في هذا الموضوع ليس قوياً، إلي جانب أنني كان علي فجأة أن أقوم بالتبسيط. لذلك لم يكن الموضوع سهلاً.

تنبهت من هذا الحوار إلي شيء لعلي كنت أعرفه ولكن لم أكن منتبهة له، وهو أن هناك طبقة تحتاج فعلاً إلي توعية. ولا أستطيع أن أجزم بإن كان هؤلاء قلة أم أغلبية، ولكنهم كُثُر علي أية حال.

وفي رأيي أن الإنسان إما أن يتحرك بشكل عام في الاتجاه الصحيح، وإما أن يتحرك بشكل عام في الاتجاه الخطأ. فأنا أعتقد أن كلنا مؤثرون، شئنا أم أبينا، قصدنا أم لم نقصد. إلا أن الاختلاف يكون في نوعية التأثير: هل هو تأثير إيجابي (مفيد ) أم سلبي (ضار)، وفي حجم هذا التأثير.

كيف يؤثر الإنسان في الاتجاه الصحيح؟ في رأيي هما جناحان للتأثير الإيجابي: الفهم + الضمير. لأن الشخص قد يكون فاهماً، ولكن ضميره مُغَيَّب فيصبح تأثيره ضاراً ولأغراض غير أخلاقية.

وكيف يؤثر تأثيراً ضاراً؟ فهم بدون ضمير أو عدم فهم أصلاً.

وإذا نظرنا إلي هذه الطبقة البسيطة التي نتحدث عنها، نجد أنها تعاني من فقر مادي وفكري. وبالتالي:

1-      إما أن يُترَكوا وشأنهم يفهمون من خلال التليفزيون، وما يدور بينهم من أحاديث بينهم وبين أقاربهم وجيرانهم، وما يمرون به من ظروف.

والتليفزيون به برامج مفيدة جداً، ولكن إذا كان بعض ما يعرض بها يصعب فهمه علي المتعلمين، فما بالكم بغير المتعلمين؟

وما يدور بينهم من أحاديث غالباً سيكون إشاعات أوخوض في سيرة الناس وشكوي من الظروف الصعبة المتعلقة بالرعاية الصحية، ومشكلات التعليم، وعدم النظافة والأمان، وانخفاض الدخول...الخ.

2-      وإما أن يستقطبهم مشعلو الثورة المضادة بالأموال وغسيل المخ. فيجمعون بعضهم ويعطونهم أموالاً، ويقولون لهم: روحوا كسروا هذا واحرقوا ذاك، أو انتم مش عايشين ولازم تعملوا مظاهرات واعتصامات عشان تطالبوا بحقوقكم، أو المسيحيين دول كفرة، أو الكنيسة دي بيعملوا فيها سحر!

3-      وإما أن يتم تنوير عقولهم وأرواحهم بالفهم الصحيح. فهم لأي موضوعات بالضبط؟ فهم لما يجري علي الساحة وتوعية سياسية + توعية دينية وأخلاقية. وذلك ليكون تأثيرهم إيجابياً حتي وإن كان حجم هذا التأثير صغيراً فالأهم في رأيي أولاً نوعية التأثير. وكذلك ليُحصَّنوا ضد الأزمات التي تمر بها مصر، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية - والاقتصادية بالذات - فيتعاملون مع هذه الأزمات بوعي وحكمة وصبر.

وكلنا في سفينة واحدة، فإن أهملناهم هلكوا وهلكنا جميعاً، وإن أخذنا بأيديهم نجوا ونجونا جميعاً :)

11-3-2011

  • Currently 26/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
8 تصويتات / 175 مشاهدة
نشرت فى 11 مارس 2011 بواسطة hoda-alrafie

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

47,985