<!--<!--<!--
منذ البارحة وأنا شعر بسعادة ولهفة لليوم كالطفل المتشوق للرحلة. كنت أنتظر هذا اليوم وأشعر أنه فعلاً سيكون يوماً مختلفاً.
أيقظتنا أمى فى الصباح، وبعد أن تناولنا الشاى باللبن وارتدينا ملابسنا ونزلنا إلى مدرسة جمال عبد الناصر. وهناك وجدنا الطابو طويييييييييييلاً جداً حتى قال لنا أحد الواقفين فى الطابور: "روحوا عند ميدان الثورة" حيث بداية الطابور. ظنته أمى يمزح ولكننا عندما مشبنا قليلاً وجدنا أن الطابور طويل فعلاً ولم نتبين بداية الطابور. فتوجهنا إلي معمل المصل واللقاح.
وهناك وجدنا الطابور طويلاً أيضاً وفى الشمس. ونحن عى باب المعمل، التقينا امرأة خارجة منه وتقول أنها متوجهة إلى مدرسة الأورمان بسبب شدة الازدحام فى المعمل وأن أحداً أخبرها أن لجنة الأورمان أقل ازدحاماً. فتوجهنا مع هذه السيدة إلي مدرسة الأورمان، وظلت ونحن فى طريقنا إلى المدرسة تشكو وتشكك وتسئ الظن، بصراحة تضايقت لأننى لا أريد لأحد أن يفسد علىّ هذه اللحظات الرائعة خاصة إذا كان هذا الكلام مجرد تفسيرات وتخمينات وليست حقائق موثوق منها. ولذلك، منت أحياناً أقول لها: "وحضرتك عرفتِ كذا إزاى؟" أو أقول لها حقيقة مؤكدة أعرفها رداً على ما تقوله. والحمد لله أن كان الطريق قصيراً.
وصلنا المدرسة ووقفنا فى الطابور، كان طويلاً أيضاً، ولكن الميزة أن الطابور كان يتحرك بسرعة معقولة وكنا نقف فى الظل. وهذا كان أمراً مهماً جداً.
الحقيقة أننى شعرت بسعادة وفخر عندما رأيت هذه الأعداد من المصريين فى الشوارع، وهذا الإقبال على التصويت من كافة الأعمار والطبقات. فرأيت العجائز، والمعاقين.. رأيت الناس البسطاء جداً كما يبدو من مظهرهم.
الناس فى المجمل ملتزمون بالوقوف فى الطابور، ولا يقبلون أن يتخطى أحد دوره إلا لسبب مقنع ككبر السن مثلاً.
قبل الدخول إلى اللجنة بقليل، رأيت الشرطى يعلق مرسوماً بأن استمارة الاستفتاء غير المختومة يوقع عليها رئيس اللجنة قبل التصويت، وبأنه لا يجوز التصويت إلا بالرقم القومى. بدأ القلق يتسرب إلى نفسى بسبب النقطة الأولى وازداد أكثر عندما تلقيت اتصالاً من إحدى صديقاتى بمنطقة الهرم تسألنى عن أحوال اللجان عندنا فى المهندسين لأنها مرت على 4 لجان الاستمارات بها غير مختومة. ازددت ترقباً.
جاء دورى ودخلت اللجنة، أخذ منى الموظف البطاقة ونقل منها البيانات فى كشف أمامه، ثم أعطانى موظف آخر الاستمارة. أخذت أقلب الاستمارة بحثاً عن الختم، فوجدت فى ظهر الاستمارة رقم اللجنة مكتوباً بالقلم الجاف وليس ختماً. كانت تقف بجوارى فتاة أو سيدة، وكانت استمارتها على نفس الحال. فكان رد فعلنا واحداً أن سألنا عن الختم، فأخبرنا أن الختم عبارة عن رقم اللجنة، وها هو مكتوب الجاف. بالنسبة لى، فقد ترددت، وسألته: "طب هى ليه مش مختومة، ليه الرقم مكتوب بخط الإيد مش ختم؟" فقال لى: "بتبقى عدت منه". قلت فى نفسى: "هو الواحد هينزل يصوت كام مرة؟" فقلت له: "هو فين رئيس اللجنة لو سمحت؟ معلش أنا عاوزة أتأكد" فقال الموظف الآخر: "هى عايزة إيه؟ إنتِ عايزة واحدة مختومة؟" فقلت له: "آه" فأخذ منى هذه الاستمارة وأعطانى أخرى مختومة. علمت على الاختيار، وطويت الاستمارة، ووضعتها فى الصندوق، وغمست إصبعى في الحبر، وأخذت بطاقتى وانصرفت.
وبعد الخروج من اللجنة، اتصلت بإحدى الجمعيات التى نقلت رقمها من الفيس بوك صباحاً وأخبرتهم بما حدث. أنا حقيقة لا أعرف ما هذا الذى حدث. هل هناك فعلاً مشكلة فى مثل هذه الاستمارات المكتوب عليها الرقم بالقلم الجاف؟
أنا سأحسن الظن، ولن أقول أن هناك محاولات للتلاعب فى النتيجة، ولكن لماذا يسمحون لمثل هذه الأشياء أن تزرع الشك فى القلوب؟ لماذا لم تختم كل الاستمارات؟ هل كان الوقت ضيقاً؟ هل كانوا بحاجة إلى مزيد من الأيدى العاملة؟ أعتقد بشدة أنهم لو كانوا طلبوا متطوعين للمساعدة فى إعداد هذه الاستمارات لأتاهم الكثيرون.
على أية حال، لننتظر حتى المساء لنعرف ماذا حدث اليوم فى جميع أنحاء مصر. ورغم أى شيء، كان يوماً مختلفاً ومازلت أشعر بسعادة مصدرها الأساسى إيجابية أبناء بلدى التي جعلتنى أشعر أن مصر مازالت بخير :)
ساحة النقاش