<!--<!--<!--

وأنا مروَّحة

أما وأنا مروَّحة فبصراحة كنت مترددة: هل أنظم ولا أقعد وأستريح وكفاية الصبح؟ مش عارفة ليه كفاية الصبح؟ علي الرغم من أن الحمد لله إلي الآن ردود الأفعال معظمها جيدة بفضل الله، حتي الرافضين ردود أفعالهم مش قوية بشكل جارح، إلا إني باحس بشيء من التردد والخوف شوية وعدم الراحة وأنا باعمل كده، ولكن أظن لأني لسة مش متعودة.

المهم، قعدت وطلعت الكتاب وأنا لسة مش حاسمة موقفي تماماً. في الأول، حصل أمامي بعض التجاوزات ومتكلمتش. وقعدت أحاول أبرر موقفي: "أنتِ تعبانة يا هدي وعاوزة تنامي وممكن أسلوبك مع الناس ميكونش لطيف، وممكن ميكونش عندك صبر. وكمان الناس تعبانة عشان إحنا في آخر اليوم وكده، وممكن ردود أفعالهم متكونش لطيفة". وبعدين قفلت الكتاب، وأسندت رأسي أغمضت عيني. وبعدين فتحت ولقيت نفسي ضميري مش مطاوعني، وأحسست إني باضحك علي نفسي. فبدأت أمارس دوري.

هاركز علي المواقف الجديدة والمهمة عشان مكونش باكرر نفسي وأزهقكم معايا:

الموقف الأول: شفت ولد صغير، فقلت: عيب عليكِ يا هدي تكوني مدربة أطفال وتسيبي ده يعدي من تحت إيدك. بصيت له كده شوية وباردو فضلت الأفكار الغريبة اللي مالهاش معني دي تراودني بس الحمد لله تغلبت عليها وقمت وأنا متوقعة إن هيستجيب إن شاء الله. فقمت سألته عن اسمه، وهو في سنة كام (6 ابتدائي)، ونبهته إن الباب ده مكتوب عليه "ممنوع النزول"، فالولد وعدني إنه هينزل من باب النزول. وفعلا لما جاءت محطته توجه ناحية باب النزول ونزل منه.

الموقف الثاني: واحدة بنت فعلا مكنتش واخدة بالها فين الطلوع والنزول، فأفهمتها إن البابين اللي في النص للطلوع وإن الاتنين اللي علي الحرف للنزول. وشكرتني جداً.

الموقف الثالث: واحدة ست كانت نازلة ورايا وعمالة تقول "مفيش فايدة" وكانت متضايقة جداً من إن الناس طالعة من باب النزول. فقمت متدورة لها وقلت: لا فيه فايدة إن شاء الله. وقلت لها إني لاحظت إن الناس فعلاً بدأت تراعي الموضوع ده، وإني بانبه الناس لهذا الموضوع وأغلبهم بيستجيب بشكل إيجابي الحمد لله. دار بيننا بعض الكلام كان منه إنها شافت مجموعة شباب في إحدي محطات المتور بيحاولا ينظموا الناس أيضاً وإنها قالت لهم ميتعبوش نفسهم لأن الناس عارفين. تعليقي: بس ربنا بيقول "وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ" والتذكرة معناها إن الإنسان عارف بس ده ميمنعش إنه محتاج تذكرة. وأقرب حاجة: مش كلنا بنقعد ننصح الناس في مشاكلهم، ولما بنيجي إحنا نمر بنفس المشكلات، بنكون محتاجين حد يقول لنا نفس الكلام ده! رغم إننا عارفينه وبنقوله لغيرنا. صح؟

فكرت كمان في حاجة تانية: هل اللي أنا باعمله ده مفيد وهيجيب نتيجة؟ معلش أصل دي أفكار غالباً بتتردد في دماغ كل واحد بيخرج بره منطقة الراحة بتاعته وبيحاول يغير. ده طبيعي. طيب نتنتاقش بشكل منطقي:

أولاً: ربنا بيقول: "إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا". إحنا ممكن نقف هنا خلاص. أصل ده وعد من ربنا سبحانه وتعالي، ومع ذلك تعالوا نكمل.

ثانياً: كان فيه وزير اسمه "نظام الملك". الوزير ده كان من الناس اللي ليهم أثر عظيم في التاريخ الإسلامي وخاصة في حروب الصليبيين. يمكن تستغربوا شوية موضوع الصليبيين ده، لأننا مبنسمعش في حروب الصليبيين غير عن صلاح الدين طبعا ويمكن نور الدين محمود وعماد الدين زنكي. أهمّ الناس العظماء دول اتربوا في المدارس العسكرية الجهادية اللي بناها نظام الملك وكانت بتركز علي التربية والإيمانببة في نفس الوقت. ومدارس نظام الملك دي فضلت تخرج ناس كان ليهم أيادٍ بييضاء علي التاريخ حتي بعد وفاة نظام الملك نفسه. يعني الخلاصة إن ربنا فعلا مبيضيعش تعب حد، وإننا حتي لو مشفناش نتيجة عملنا واضحة لازم يكون عندنا ثقة في ربنا.

وهاضرب لكم مثل حلو أوي سمعته من واحدة مهندسة في إحدي الندوات: لو جبت إبرة وفضلت تضرب بيها في الحيطة في مكان معين، بعد فترة هتلاقي إن المكان ده فعلا اتخرم! (بس شوفوا بعد أد إيه بأي؟! ومحتاج طول بال أد إيه؟!) بس إحنا كلنا عاوزين نضرب الضربة الأخيرة اللي بعدها هتتخرم الحيطة علطول. صح؟ الفكرة إن الجهود بتتراكم، ولكن يمكن اللي بيبان في الصورة الشخص اللي تسبب في الحدث بشكل مباشر. جهودنا بتتراكم علي بعض وبتسبب تغيير فعلا، بس التغيير ده استحالة يحصل في يوم وليلة وخاصة لما نيجي عند سلوكياتنا وطريقة تفكيرنا. الحاجات دي فعلا محتاجة وقت. والتغيير في الأول بيكون صغير وبعدين بيفضا يكبر ويكبر ، بشرط: إننا منيأسش ونفضل نحاول ونحاول.

وبعدين أكيد فيه ناس بتشتغل زيك باردو بس يمكن إنت متعرفهمش ولا تعرف إن فيه حد بيعمل زيك أصلاً، وهم باردو نفس الموضوع بالنسبة لك: ميعرفوكش ولا يعرفوا عنك حاجة. فلو كل واحد توقف يبأي الموضوع انتهي، لكن لو كل واحد فضل يشتغل بغض النظر عن هل غيره بيشتغل ولا لأ هيكون فيه تأثير. ويمكن الناس تبتدي تقلدهم والدايرة تفضل توسع.

ثالثاً: لو أنت قررت إنك تتوقف عن محاولة التغيير لأنك مش شايف نتيجة، إذن أكيد فعلاً مش هتجيب نتيجة. إنما لو حاولت حتي لو مشفتش النتيجة، أكيد هيكون فيه تأثير لأنه ده وعد من ربنا زي ما اتفقنا في أول نقطة. وأنا متهيألي كده والله أعلم، إن ربنا ممكن ساعات ميوريناش النتيجة علطول عشان يختبر إخلاصنا، وثباتنا، ومدي إيماننا وثقتنا فيه. وأحياناً في أوقات هو - سبحانه - بيختارها بحكمة بيبعت لنا ولو إشارة صغيرة تورينا إن مجهودنا ماراحش هدر وإن اللي احنا بنعمله ده مفيد.

إذن، التوصية اللي نخرج بيها من هذا المقال إن كل واحد يمسك إبرته ويبتدي يخبط في الحيطة لحد آخر نفس :)

9 - 3- 2011

  • Currently 44/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
14 تصويتات / 190 مشاهدة
نشرت فى 9 مارس 2011 بواسطة hoda-alrafie

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

51,083