ساعات تاريخية يعيشها معظم المصريين، ساعات من السعادة والأمل والتفاؤل... تعالوا نستثمر هذه الطاقة الإيجابية ونفكر كيف سنبني مصر التي كشفت لنا هذه الأحداث كم نحبها، كم هي غالية في قلوبنا وكم هيعظيمة بين بلاد العالم...
ولهذا أحببت أن أنقل لكم من كتاب "دور العلم في بناء الأمم" للدكتور/ راغب السرجاني تجربة ماليزيا في النهضة.
تمثل ماليزيا حالة فريدة ومتميزة، بسبب براعتها في التعامل مع كل المعضلات التي واجهتها، ونجاحها بامتياز في النهضة وبلوغها مرتبة متقدمة بين الأمم الصاعدة.
لقد جثم الاستعمار علي ماليزيا حوالي 4 قرون، حتي استقلت سنة 1957م. كما كان من أكبر الصعاب التي واجهتها ماليزيا: الفقر المدقع الذي كان يعاني منه قرابة نصف الشعب الماليزي. ولم تكن هناك صناعات تذكر تشتهر بها ماليزيا. وكان سكانها يحترفون الصيد أو الزراعة، مع تدني رهيب في مستوي التعليم. وذلك هو دأب الاحتلال الذي يسعي إلي نشر الجهل والفقر في البلد المحتل لتسهل السيطرة عليه.
ولكن كيف تغلبت ماليزيا علي هذه الصعاب؟
لقد أعطت الحكومة اهتمامها الأول للتعليم كهدف لا غني هنه لتحقيق النهضة، فقامت بالتالي:
1. أسست معاهد خاصة لتدريب المعلمين وتأهيلهم.
2. جعلت مرحلة رياض الأطفال جزءاً من النظام الاتحادي للتعليم، واشترطت أن تكون كلها مسجلة لدي وزارة التربية والتعليم، وأن تلتزم بمنهج مقرر من الوزارة.
3. أضافت مواداً تنمي روح الانتماء والوطنية من بداية المرحلة الابتدائية، أي منذ السنة السادسة في عمر الطفل.
4. في المرحلة الثانوية، أضافت إلي جانب العلوم والآداب مواداً خاصة بالمجالات المهنية والفنيةمما يصق مهارات الطلاب.
5. أنشأت الكثير من معاهد التدريب المهني التي تستوعب طلاب المدارس الثانوية وتؤهلهم للعمل في مجالات الهندسة الميكانيكية والكهربائية... الخ.
6. في عام 1996، وضعت خطة لإدخال الحاسب الآلي والارتباط بشبكة الإنترنت في مل مدرسة، بل في كل فصل دراسي! سنة 1999، بلغت نسبة المدارس المربوطة بالإنترنت 90%، وبلغت النسبة للفصول 45%.
7. استخدمت طرق متنوعة ومبتكرة في التدريس تراعي الفروق الفردية من رحلات علمية، وأيام ترفيهية، ...الخ. حتي أنا كانت تتيح للطلاب اختيار البرامج الدراسية!
8. اختيار مديري المدارس من القيادات التربوية البارزة، ومساعديهم ممن يملكون قدرات مهنية متميزة.
9. معاقبة الآباء الذين لا يرسلون أبناءهم إلي المدارس.
10. الاستفادة من النظم التعليمية المتطورة في الدول المتقدمة.
أما بالنسبة للاقتصاد، فقامت بالتالي:
1. ركزت علي التصنيع المحلي لبعض الصناعات الصغيرة التي كان يتم استيرادها، واتسع مجال هذه الصناعات شيئاً فشيئاً. وتدخلت الدولة بإصدار القوانين التي تشجع الاستثمارات الأجنبية.
2. فتح المجال للاستفادة من الأبحاث التي تجريها الجامعات لخدمة أغراض التجارية للقطاع الخاص. وبذلك وفر هذا الابتكار الماليزي مصدر تمويل غير حكومي للأبحاث، مما ساعد في توجيه هذه الأموال التي كانت ستوجه لتمويل الأبحاث إلي أغراض أخري هامة أيضاً.
وكان لمهاتير محمد، الذي كان رئيس وزراء ثم أصبح رئيس ماليزيا، دور كبير في هذه النهضة. وقد بدأ ظهوره علي مسرح الحياة السياسية عندما ألف كتابا انتقد فيه بشدة الشعب الماليزي. وكان وقتها عضواً في الحزب الحاكم والذي منع كتابه من الظهور لما تضمنه الكتاب من آراء عنيفة. إلا أن السيد محمداً لم يغضب ويترك الحزب، بل استطاع بحنكته السياسية إقناعهم بقدراته حتي تولي رئاسة الوزراء وواتته الفرصة لتحويل أحلامه إلي حقيقة.
والآن تعالوا نحلم بمستقبل بلدنا مصر الحبيبة، ونجتهد حتي تواتينا الفرصة لتحويل أحلامنا إلي واقع جميل نعيشه وتعيشه الأجيال المقبلة :)
ساحة النقاش