<!--<!--<!--

مع أنني خرجت كثيراً إلا أن اليوم كنت أشعر بمشاعر مختلفة وأنا أسير في الشارع. فخلال الأسبوعين الماضيين لم أخرج إلا مرتين تقريباً، وكنت أشعر وقتها بهم، بخوف، برغبة في العودة بسرعة. ولكني اليوم كنت أشعر بفرحة، بأمان، بشوق لرؤية الشارع والناس.

في الشارع الخلفي، رأيت مجموعة من الشباب والبنات متجمعين ليبدأوا تنظيف الشوارع المحيطة، ومن أجمل ما رأيت طفلة صغيرة خارجة من سوبر ماركت مع أبيها، ومعها حلوي تأكلها، وقد قال لها أبوها شيئاً لم أسمعه، ولكنني سمعت ردها التلقائي، والمنطقي والجميل: "يعني أنا كنت لسة بانضف الشارع عشان أرمي فيه!"

الشوارع كانت مزدحمة جداً في المهندسين، ولف "الميكروباص" بنا طريق رأس الرجاء الصالح، فقط ليتمكن من الصعود علي كوبري 6 أكتوبر. وفي التحرير، أول شيء رأيته كان مقر الحزب الوطني المحروق والمتهدم، وتبادرت إلي ذهني الآية الكريمة "فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا" وأخذت تتردد في رأسي، وأخذ لساني يردد "سبحان الله.. سبحان الله". وقفنا قليلاً نتأمله، ورأينا بعض جنود القوات المسلحة، فشعرت برغبة في تحيتهم، وفعلا ذهبنا (أنا وأسرتي) وحييناهم ودعونا لهم، ولمست في وجوههم وكلماتهم التواضع الجميل فمازلت أذكر وجه الجندي وهو يبتسم ابتسامة يشوبها الحياء والفرحة، وأشعر بالسعادة وأنا أتذكرها وبرغبة في أن أحيي جندياً جندياً من قواتنا المسلحة بحب واحترام الشعب قبل أن تكون مسلحة بالأسلحة والمعدات الحربية.

ثم توجهنا إلي ميدان الشهيد عبد المنعم رياض، وفي الطريق مررنا علي المجلس القومي للمرأة المحترق أيضاً. رأيت الناس المدنيين يتعاونون مع الجيش في تنظيم السائرين، والسائرون يتعاونون بمنتهي السعادة مع أننا لو كنا في الماضي لكان رد الفعل مختلفاً تماماً!

رأيت الناس  ينظفون الميدان وتمثال الشهيد عبد المنعم رياض، ويدهنون الأرصفة. توقفنا قليلاً في هذه المنطقة نتحدث ونشاهد الاحتفالات وفرحة الناس ونشاركهم فرحتهم. وفجأة أحسسنا بازدحام وسمعنا هتافات علت فجأة "الجيش والشعب إيد واحدة" وشعرنا بحركة غير طبيعية بين الجنود، فإذا بالمشير طنطاوي يمر في سيارة. كانت فرحة الناس به غامرة، وكانت مشاعر جميلة أن الناس كلها من حولي فرحانة.

تمشينا قليلاً حتي وصلنا إلي ميدان طلعت حرب، وكان الوقت الذي قضيته هناك من أسعد الأوقات، إذ كان هناك "دي جي" لبعض الأغاني الوطنية، وهي أول مرة في حياتي أسمع أغاني وطنية تتردد بصوت عالٍ وسط فرحة الناس (وليست أغاني هابطة!). الناس يغنون ويلوحون بالأعلام.

لم أر المصريين فرحين مثل هذه الفرحة في حياتي، ولا حتي في عيدي الفطر والأضحي. علم مصر تراه في كل مكان.. تراه مرفوعاً في الأيدي مرفرفاً، أو مرسوماً علي الأوجه، أو يزين الرؤوس والأيدي. الناس من كل الأعمار.. صغار، كبار، شباب، بنات، رجال، نساء والكل فرحان.

شعرت بحب الناس الشديد لأفراد الجيش، فهم يتكلمون معهم ويحرصون علي التقاط الصور معهم، وعلي أن يلتقط أبناؤهم الصور معهم. وأفراد الجيش يلبونهم بمنتهي السعادة مع انشغالهم بمهام أخري.

وقفت أشاهد الدبابة، فهي أول مرة أشاهد دبابة علي الطبيعة، وكنت أتمني لو ركبتها لأراها من الداخل، ووقفت أسأل الجندي: كم جندي تسع الدبابة؟ فقال لي: 10، و "20 لو معانا مساجين". بصراحة دهشت من العدد، حتي أنني ظننته يمزح لولا أن خالتي أكدت ذلك لأن زوجها كان ضابطاً في الجيش. وكنت أريد أن أسأل الجندي أسئلة أخري، ولكني لم أرد أن أثقل عليه.

لفتت نظري أيضاً اللافتات التي يرفعها الناس عليها تعليقات طريفة ويحرصون علي أن يراها الأخرون ويلتقطون لها الصور. وكان من أطرف ما رأيت: "أخيرا هتجوز" و "وظيفة خالية: مطلوب رئيس جمهورية".

ومن يريد أن يترشح فليسارع بإرسال سيرته الذاتية :)))

 

  • Currently 47/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
15 تصويتات / 209 مشاهدة
نشرت فى 12 فبراير 2011 بواسطة hoda-alrafie

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

51,079