اختصاصات رئيس الجامعة وأي قيادي جامعي في دول العالم المتحضر تتلخص في
1. هو الذي يقرر إلى حد كبير أسلوب القيادة الذي يتبعه في إدارة الجامعة أو الكلية، والذي ينعكس مباشرة على المناخ العام والبيئة التنظيمية للجامعة أو الكلية، فلا يعقل أن يكون الأسلوب استبدادياً وقائماً على إسكات المعارضين وتشجيع الموافقين، ثم نتحدث عن الديمُوقراطية والحوار، ونتوقع من أعضاء هيئة التدريس ومُعاونيهم والإداريين أن يكونوا نماذج للسلوك الديمُقراطي وتقبل الرأي الأخر في تعاملاتهم. ولا يتصور الزعم بأننا نقدس حرية الرأي ثم نغلق أبواب الحوار. إن تنمية قيم الديمُقراطية والحوار لدى أعضاء هيئة التدريس ومُعاونيهم والإداريين يحتاج ابتداءً إلى مناخ مناسب ومُمارسة فعلية، ليتعلّم الجميع أهمية تكوين الرأي المُستقل، ووجوب الإنصات لهذا الرأي، والتعبير الحر عنه من خلال القنوات والأساليب الشرعية. أما القهر والكبت فلن يخلق إلا رعيلاً من الاتباع .
2. رئيس الجامعة وأي قيادي جامعي هو المسؤول عن تنمية قيم الانضباط والالتزام واحترام الوقت ، وضبط السلوك والالتزامات والمواعيد بصفة عامة، مع إلزام الجميع بواجباتهم، والمُحاسبة عند التقصير، واتخاذ إجراءات التصحيح، ومُكافأة المُجتهدين. كل هذا السلوك هو نشر وترسيخ لقيم الانضباط والالتزام والعدل والمُحاسبة وتحمل المسؤولية. فرئيس الجامعة أو عميد الكلية إذن يقوم بدور مع الجميع. إذا لم يحدث هذا لتعذر الحديث عن أهمية الانضباط والالتزام، بل قد يتراجع المُنضبطون عن انضباطهم، ويتقاعس المُلتزمون عن أداء واجباتهم .
3. رئيس الجامعة وأي قيادي جامعي يتعامل بعدل وإنصاف مع كافة طوائف الجامعة أو الكلية، ليسهم بسلوكه في تنمية قيم العدل والمُساواة وتكافؤ الفرص. ولا يجامل على حساب الحق، ولا يتغاضى عن أخطاء ذوي الحظوة، ولا يميل ميزانه مع ذوي المكانة، لإلغاء ثقافة مُعاداة العدل والمساواة، ويمنع سيادة قبول الظلم وإهدار الحقوق، فلا تُرتكب أخطاء مهنية جسيمة ، مهما تحدثنا عن العدل وتشدقنا بالمُساواة. 4. تنمية ثقافة التنافس الشريف الذي يتيح الفُرص المُتساوية أمام الجميع لإبراز التفوق وتنمية المواهب أو إثبات الجدارة. هذا يسهم في خلق ودعم مُجتمع تكافؤ الفرص داخل وخارج الجامعة أو الكلية، وعلى رئيس الجامعة أو عميد الكلية أن يرصد التفوق ويشجّعه ويرعاه ويكّرمه، فيغرس بذلك قيمة تقدير التفوق، وتقبل سبق الآخرين، والسعي المشروع للحاق بهم دون غِلًّ أو حِقد. 5. رئيس الجامعة وأي قيادي جامعي يسهم في التنمية والتربية الخلقية من خلال تهيئة مناخ العمل في فرق ومجموعات ليتعود الجميع على العمل في فريق، إن نجاح العمل الجماعي مُمكن، بل وفرصه في الإنجاز الأكبر. غياب روح الفريق عن أطياف الجامعة أو الكلية له مردود سلبي على إنجازهم جميعاً، بل هو مُقدمة لصراعات ومهاترات تستهلك الجهد والفكر وتعكّر صفو المناخ العام ، ونشر روح الفريق هو أحد المسؤوليات المهنية لرئيس الجامعة أو عميد الكلية، ليس فقط في النواحي العلمية والإدارية، وإنما أيضاً في التعاملات والأنشطة. 6. رئيس الجامعة وأي قيادي جامعي مسؤول مهنياً عن توجيه مُعاونيه من محيطين لاستيعاب الأهداف الخلقية لكافة أنشطة جميع الفئات، وعلى رئيس الجامعة أو عميد الكلية إدراك ذلك جيداً، ونشر هذا الإدراك وما يتبعه من الالتزام بين الجميع. 7. علاقة رئيس الجامعة وأي قيادي جامعي أو من ينوب عنه (مع مُتابعته) ، بالموارد البشرية اجتماعياً ، ميدان خصب لتحقيق أهداف نشر الثقافة الخلقية، وتأكيد الالتزام بأخلاقيات المهنة، فمن خلال هذه العلاقة يتأكد حرص رئيس الجامعة أو الكلية على الصالح العام وهو التزام مهني أساسي، لتعميق مفهوم المسؤولية المشتركة بين الجميع ، وتتأكد أهمية قيم الحوار والتعاون من أجل حل المُشكلات الإدارية والتعليمية والبحثية ، وتتأكد قيم أخرى مثل أهمية الدراسة العلمية والمنهج العلمي والتشخيص المنهجي والقرار الحاسم والمُتابعة الفعالة والعدل والمُساواة والحب. خلاصة القول أن رئيس الجامعة أو عميد الكلية مسؤول مهنياً عن تنمية كل هذه القيم الإيجابية في مُجتمع الجامعة أو الكلية بعلاقته مع جميع الطوائف للنهوض بهذه المسؤولية جزئياً على الأقل . 8. رئيس الجامعة وأي قيادي جامعي مسؤول عن تقويم الطلاب لمُحاربة أي غش أو شروع فيه ومُحاربة أي تساهل أو تعنّت بغير مُسوغ. وهو إذ يفعل ذلك يقوم بمسؤوليته المهنية، للإسهام في نشر ثقافة العدل والأمانة والاجتهاد بين الطلاب والأساتذة على السواء. انه بطريق مُباشر وغير مُباشر يدعم المكانة والسمعة العلمية للجامعة . 9. رئيس الجامعة وأي قيادي جامعي مسؤول عن خلق المناخ العلمي والنفسي الذي يشعر فيه الأساتذة بالأمان والاطمئنان، ويتوقع منهم الإبداع والابتكار وحرية الرأي والفكر .. عليه تشجيع أعضاء هيئة التدريس ومُعاونيهم والإداريين في تميزهم، وتوفر التوقير والاحترام عن طريق تلبية طلباتهم المشروعة دون إبطاء. أود هنا على وجه الخصوص أن أشير إلى أهمية التعامل المُتميز بالحب والرعاية مع شباب الأساتذة، وأيضاً أهمية التعامل المُتميز بالتوقير والاحترام مع شيوخ الأساتذة. رئيس الجامعة أو عميد الكلية مسؤول عن تهيئة بيئة يشعر فيها الأساتذة المُتفرغون بعد سن التقاعد أنهم يؤدون مهمة جليلة ويقومون بواجبات هامة، وأن يستفيد بالفعل من عطائهم وإسهاماتهم، وهناك عشرات المجالات لهذه الاستفادة . 10. رئيس الجامعة وأي قيادي جامعي مسؤول عن حماية النظام والآداب العامة في الجامعة أو الكلية، وتلك بديهية بحكم أننا نعيش في دولة قانون، على أني أود التأكيد على أن رئيس الجامعة أو عميد الكلية سيكون له تأثير كبير عند التطبيق، فإن مفهوم النظام العام مفهوم واسع، وسيكون التفسير الذي يأخذ به رئيس الجامعة أو عميد الكلية مهماً في تحديد هوية المناخ السائد في الجامعة أو الكلية، وبالتالي نوع الثقافة فيها . 11. رئيس الجامعة وأي قيادي جامعي مسؤول مهنياً عن كفاءة استخدام الموارد المُتاحة ، خاصة المال العام، وعليه بالتالي توخي الحذر والدقة في الإنفاق، وتفويض سلطة البت في الشراء أو الإسناد، وتشكيل لجان المُمارسة ولجان فض المظاريف ولجان الاستلام، كل هذه اللجان لها دور في الحفاظ على المال العام. على رئيس الجامعة وأي قيادي جامعي أيضاً أن يتوخى الأمانة التامة عند التصرف في أي موارد تتاح للجامعة عن طريق الوحدات ذات الطابع الخاص، أو المستشفيات أو المزارع أو المنح، أو تمويل البحوث، أو غير ذلك من المصادر. والأثر المُترتب على هذه الأمانة (أو عدم الأمانة) يتجاوز كثيراً الحالة التي نكون بصددها إلى التأثير في المناخ العام للجامعة أو للكلية، والآثار المُضاعفة بعد ذلك على أعضاء هيئة التدريس ومُعاونيهم والإداريين والطلاب، ثم الأثار النهائية على المُجتمع ككل. سواء كانت إيجابية أو سلبية . 12. رئيس الجامعة وأي قيادي جامعي مسؤول عن تطبيق سياسة الموارد البشرية المُتمشية مع القيم والأخلاق المهنية العامة فمثلاً : • إذا تعلق الأمر بالتعيين طبقاً للقانون، والالتزم بالسياسات العامة، يُطبق اختيار الأصلح دائماً. • إذا تعلق الأمر بالتنمية المهنية يحاول جاهداً توفير فرص التنمية المهنية للجميع حسب طاقاتهم والمُتوقع منهم، وعليه أخذ نشاط التنمية المهنية مأخذ الجد والمسؤولية. • إذا تعلق الأمر بالتحفيز يستخدم كل ما في طاقته من حوافز مالية أو معنوية لتحقيق التحفيز الكافي ليحافظ على قوة الدفع في الحركة العلمية والتعليمية والأنشطة بالجامعة . • إذا تعلق الأمر بالمُتابعة وتقييم الأداء يكون أميناً في المُتابعة، وأميناً في التقارير وأميناً في التقييم. • (حكم عام) إذا تعلق الأمر بتشكيل لجان الاختيار أو التقييم أو فحص البحوث أو اللجان العلمية أو لجان القطاعات أو غير ذلك من اللجان المؤثرة على الأفراد ، والمُؤثرة في نفس الوقت على الجامعة والكلية، وجب التدقيق والموضوعية في الاختيار. • إذا تعلق الأمر بتوقيع الجزاءات التصحيحية يجب على رئيس الجامعة أو عميد الكلية ألا ينسى أن الهدف هو التصحيح وليس الانتقام أو " تصفية الحسابات " . • إذا تعلق الأمر بالترقيات وجب على رئيس الجامعة أو عميد الكلية مُراعاة التزاماته المهنية والإنسانية معاً ، فلا يسير في إجراءات ترقية بغير جدارة مهنية، ولا يؤخر ترقية لأسباب شخصية، على أن يكون رائده دائماً هو الصالح العام ومصلحة الأستاذ محل الترقية . 13. رئيس الجامعة وأي قيادي جامعي مسؤول عن تنمية الصف الثاني وإتاحة الفرصة أمام القيادات الشابة (أتحدث هنا عن رئيس الجامعة أو عميد الكلية ولكني أعني جميع القيادات ، والمُلاحظات على الجميع). أن تنمية وتجهيز القيادات الجديدة، أو الجيل الثاني والثالث من القيادات مسؤولية مهنية رئيسية للقيادات بالجامعة. وصحيح أن بعض القيادات تستمرئ دوام الحال، مع أن ذلك من المحال، إلا أن الكثرة الغالبة تدرك مسؤوليتها في هذا الشأن، حيث يعبر تواصل الأجيال عن استمرارية الجامعة أو الكلية ذاتها واستقرار هيكلها وأنظمتها وسياساتها . درجت بعض القيادات على السعي للاستمرار في الموقع حتى بعد بلوغ سن التقاعد، وهو أمر يتعارض في تقديري مع المسؤولية المهنية ، وانصح بالترفعّ عنه. على أني في نفس الوقت أدعو إلى الاستفادة من الطاقات الهائلة والخبرات المتراكمة للقيادات بعد التقاعد من خلال آليات وقنوات يكفلها النظام الجامعي، وعلينا تفعيلها بأمانة وإخلاص. أما إذا رؤى أن مهنة أستاذ الجامعة مهنة تعتمد على الفكر، ولا يجب ربطها بسن مُعين للتقاعد، فليكن هذا هو النظام مع تساوي وتكافؤ الفرص وفق القانون والنظام، ودون تعلق الأمر بهوى المسؤول أو هوى المُحيطين به. 14. رئيس الجامعة وأي قيادي جامعي (واذكّر بأننا معنيون بجميع القيادات) مسؤول عن القيام بكل ما من شأنه الحفاظ على مكانة وكرامة ومهابة الأستاذ الجامعي والجامعة. إن هذه المسؤولية المهنية هي مسؤولية أساسية لكل أستاذ، ولكنها تكتسب أهمية أكبر مع القيادات لأنها تمثل الجامعة أمام المجتمع، وتستطيع التأثير في تهيئة الظروف المُحققة لمكانة الجامعة وكرامتها ومهابتها، والمُحققة أيضاً لمكانة الأستاذ وكرامته ومهابته. 15. على رئيس الجامعة وأي قيادي جامعي أن يوجه الأساتذة والعاملين إلى أن خدمة المُجتمع كجزء من مسؤولية كليات الجامعة أو أقسام الكلية ، وأن يوجه الأنشطة بما يُؤدي إلى النهوض بهذه المسؤولية على أكمل وجه مُمكن. 16. رئيس الجامعة وأي قيادي جامعي يبذل قصارى جهده لإرساء مجموعة من المعايير الرسمية وغير الرسمية المُرشدة لسلوك أعضاء هيئة التدريس ومُعاونيهم والعاملين بتطوير مجموعة من المبادئ والقواعد المُعبرة عن أخلاقيات وآداب المهنة لتكون مرجعاً ومُرشداً يلتزم به الجميع. وربما يسعى رئيس الجامعة إلى استصدار ميثاق لذلك ، هذا جهد هام له عوائده الكبيرة في الأجلين القصير والطويل. 17. بصفة عامة على رئيس الجامعة وأي قيادي جامعي تطوير وتطبيق سياسات أخلاقية في عمله تطبيقاً للمبادئ الأخلاقية العامة، فما لا يوجد بشأنه نص ، يطبق ما هو معروف من معايير ومبادئ أخلاقية عامة .