نعم لاستفتاء

ضامن لتحقيق إرادة الشعب:

 

 

 

 

د. حسن الجمني

08/09/2011

 

     رغم مبادرة  العديد من السياسيين التونسيين إلى النداء بتنظيم استفتاء يحدّد مدّة عمل المجلس التأسيسي الذي سينتخب وصلاحياته (أو مهامه) منذ شهر مارس 2011 ، فإنّ  أغلب الأحزاب لم تعلّق عليه نظرا لكونه لم يلق صدى لدى قيادات الحكومة المؤقتة إلى حدّ 06سبتمبر2011 حين أشار السيد الوزير الأول للحكومة الانتقالية إلى احتمال النظر في الموضوع بعد أن انتبه إلى تصاعد عدد تلك النداءات.

     سمع أعضاء الأحزاب الذين كانوا ينتظرون من الشعب صكّا على بياض  وهم يضمرون  برامج سياسية مختلفة عمّا يفصحون به من وعود برّاقة، فذعروا وفهموا أنّ الاستفتاء سيحدّد فعل كلّ من سينتخبه الشعب في المجلس.فإن أوصى الشعب بتأسيس دستور يقوم على مبادئ النظام البرلماني مثلا، فإنّ الأحزاب التي تضمر اليوم نية العودة إلى الدكتاتورية من خلال نظام رئاسي ستضرب على أكفّها نادمة على ما وزعته من رشاوى وهبات مسمومة.

    ويقوم المعارضون للاستفتاء  خلال هذه الأيام بحملة سباب وشتيمة واتهامات كاذبة ضدّ المنادين بالاستفتاء، يريدون ليطفئوا نور اللّه بأفواههم واللّه متمّ نوره، ولا يدافعون عن رفض الاستفتاء بحجج دامغة وبرهنة معقولة يستسيغها العقل وترتاح لها النفوس بل بما عهده  الشعب لديهم من فكر إرهابي يقوم على التخويف والزجر ظننا أنّ عهده قد رحل مع نظام بن علي وبورقيبه .

     لذلك أنادي ، من منطلق الحرص على سلامة الوطن وحريته و مبادئ ثورته ، بتنحي السيد الباجي قائد السبسي وحكومته والسيد فؤاد المبزع بعد انتخابات23أكتوبر2011، لضمان التداول على السلطة وترك الفرصة للشعب ليقررّ مصيره، لكنّ بغضي لبقائهم في السلطة بعد ذلك التّاريخ لا يمنعني من تأييدهم في توجيه نداء لتنظيم استفتاء شعبي متزامن مع الانتخابات لتحديد مدة عمل المجلس التأسيسي ومهامه، وذلك للأسباب التي ذكرتها ضمن النداء الذي نشرته في 26جويلية 2011 على الموقع (http:/kenanaonline.com/hazen) و لما أراه من مصلحة وطنية في الاستفتاء .

    فما الاستفتاء ،كما أقترحه ، إلاّ ورقة   تحوي سبعة  أسئلة  يتمّ الإجابة عليها بنعم أو بلا. وتدور الأسئلة حول  محاور ثلاث هي كالتالي:

1 -   صلاحيات المجلس التأسيسي(انتخاب رئيس مؤقت جديد للجمهورية ورئيس وزراء وحكومة جدد)

2 - مدّة اشتغاله وآجال كلّ مهمّة يكلّف بها(سنة/سنتين/ثلاث سنوات)

3 -  النظام السياسي المطلوب للجمهورية الثانية(برلماني/ رئاسي/ مختلط)

     وأقترحت أن يقع تنظيم الاستفتاء الشعبي بالتزامن مع انتخاب أعضاء المجلس التأسيسي ليكون ضمانة لعدم حياد المجلس عن إرادة الشعب.كما اقترحت أن تقع استشارة الهيئات القائمة ( بعد توسعتها لتضمّ ممثلين عن كافة الأحزاب السياسية المرخص لها مع عدد من المستقلّين وممثلين عن المنظمان الوطنية والمجتمع المدني) حول بنود الاستفتاء المنشود. وعلى أن تكون نتيجة الاستفتاء مرجعا أساسيا أمام أعضاء المجلس التأسيسي المنتخب لا يحيد عنه لأنّها تحدّد المبادئ العامّة للدستور الجديد وعمل المجلس وأهدافه وتوقيته.

    وأقول لمن يدعي أنّ في الاستفتاء تشريع لبقاء الحكومة الحالية أنّ العكس هو الصحيح، فما الذي يمنع المجلس الدستوري المنتخب وفق المنظومة الحالية من دعوة الحكومة والرئيس إلى الاستمرار؟ ألم يشر إلى ذلك السبسي نفسه في خطاب سابق في معرض حديثه عن انتخابات 24 جويلية الملغاة؟. فعندما يأتي القرار من الشعب برفض احتمال بقاء الحكومة بناء على نتيجة استفتاء حول صلاحيات المجلس ، فيطلب الشعب من المجلس بشكل صريح القول «على المجلس أن ينتخب رئيسا مؤقتا جديدا للجمهورية ورئيس وزراء وحكومة جدد» فلا يترك للنقاش فرصة حول موضوع البقاء من عدمه.

    يقول أحد العارفين بتاريخ النظم السياسية أنّ  الشعب الفرنسي قام باستفتاء في1945  لتحديد مدة عمل المجلس التأسيسي  للجمهورية الرابعة، ويرى بناء على ذلك مشروعية الاستفتاء سياسيا حول مدة عمل المجلس، لكنه يعترض عليه اليوم في تونس لأننا ننادي بتحديد مدة عمل المجلس وصلاحياته أيضا، فهل يجب علينا أن ننتظر وقوع تجربة أخرى في بلد غربي  يستفتى حول تحديد صلاحيات مجلسه التأسيسي حتّى  يصبح مطلبنا شرعيا؟...وهل نقصي فكرة أو مقترحا لأنّنا نكره صاحبه كما يفعل من قيل على ( الفايس بوك) أنّه جنرال يكره السبسي؟... متى كان هذا نهج الديمقراطي في التفكير؟

   أؤكد أنّ الاستفتاء قمّة الممارسة الديمقراطية التي تعطي للشعب فرصة تقرير مصيره ، وهو ضد القول الذي يوسوس به الانتهازي لنفسه«انتخبني وسوف أفعل ما يعجبني»، فالشعب التونسي غير قاصر  وحريص دائما على ترك زمام القرار بيده وقادر على حماية مصالحه.

     ولا نامت أعين المحرّفين الكلم عن مواضعه. ذلك أنّ الاستفتاء يمثّل في  العالم الحديث قمّة الديمقراطية ، وفي بلادنا بعض الأحزاب  جعلوا منه فزّاعة لمغالطة الناس وتضليلهم حتّى يعطوهم صكوكا على بياض و تأتي نتائج الانتخابات لصالحهم ، لا قدّر اللّه ،فيلتفّون على أهداف الثورة.

   وإنّي كمواطن ومثقف وطني تونسي أطلب مجلسا دستوريا ناديت به في رسالة على (الفايس بوك ) إلى السيد رئيس الجمهورية المؤقت منذ 15جانفي2011 ، وأكرّر أنّي أريده مجلسا مؤسّسا لدستور ديمقراطي يفصل بين السلط الأربع(التشريعية والتنفيذية والقضاء والصحافة) وأطلب منه أن ينتخب رئيسا مؤقتا جديدا للجمهورية ورئيس وزراء وحكومة جدد حال مباشرته لمهامه( ريثما يتحدد نوع النظام الجديد في الدستور) وأن يباشر التشريعات الضرورية المستعجلة في حدود سنة واحدة لا يتعدّاها. وإنّي أقول مع بقية المطالبين بالاستفتاء« لا بدّ من إعطاء الشعب سيادته و الكلمة الأولى في تقرير مصيره. .... نريده مجلسا لتكريس السيادة لا مسرحا لصراعات السياسة » . أقول هذا وأكتبه وأسأل اللّه لي ولمخالفيّ الهدى لما فيه خير الأمّة في الدنيا وحسن المآل في الآخرة.

 

 

 

 

المصدر: شخصي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 164 مشاهدة
نشرت فى 8 سبتمبر 2011 بواسطة hazen

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

123,659