"أوركسترا" الشعاب الحيّة تعيد الحياة للمرجان الميت
إعداد/ محمد شهاب
موت الشعاب المرجانية يجعل منها مقابر صامتة تمتد على مساحات شاسعة تحت سطح الماء، لكن بث أصوات مأخوذة من الشعاب السليمة يساعد على إعادة الحياة للشعاب الميتة والمحتضرة، كما أثبتت تجربة علمية جديدة. لا تخفى على أحد أهمية الشعاب المرجانية للبحار والمحيطات وتنوعها الحيوي الساحر. لكن موت الكثير منها بسبب التلوث بات كابوساً يهدد حتى البيئة التي يحيا فيها الإنسان نفسه. وفي إطار الجهود العلمية لإعادة الحياة إلى الشعب المرجانية الضرورية للكثير من الكائنات البحرية، كشفت دراسة منشورة مؤخراً في مجلة "نيتشر كوميونيكيشنز" العلمية عن تجربة واعدة بالكثير من آفاق النجاح.
وتعتمد هذه التجربة على بث الأصوات حول الشعاب المرجانية الميتة أو المحتضرة. وبحسب موقع "فوربس"، أتت النتائج إيجابية للحفاظ على الشعاب المرجانية مستقبلاً. ولم يبث الباحثون موسيقى البوب أو الموسيقى الكلاسيكية، بل عمدوا إلى بث أصوات مأخوذة من النظم البيئية والحياتية للشعاب المرجانية الصحية.
وتكشف الدراسة أن الباحثين اعتقدوا في أول الأمر أن بإمكانهم إغراء الأسماك الصغيرة والكبيرة للعودة إلى شعاب مرجانية محتضرة من خلال تشغيل الأصوات المرتبطة بالشعاب المرجانية الحيَة. وقد أثبتت النتائج فرضيتهم، فقد أدى بث أصوات الشعاب المرجانية الصحيّة إلى مضاعفة العدد الإجمالي للأسماك وزيادة عدد أنواع الأسماك بنسبة 50 %، مقارنةً بالشعاب المرجانية الميتة.الأصوات المنبعثة من الشعاب المرجانية هي بمثابة أوركسترا تحت سطح الماء تشترك فيها جميع الكائنات البحرية التي تعيش في الشعاب المرجانية.
وللتأكد من دقة النتائج، قام فريق البحث أيضاً بوضع مكبرات صوت وهمية في مناطق محددة من الشعاب المرجانية الميتة، وثالثة لم توضع فيها مكبرات صوت. وبعد 40 يوماً، كان في الشعاب المرجانية المعرضة للأصوات ضعف عدد الأسماك، مقارنة بتلك التي وُضعت فيها مكبرات صوت وهمية والثالثة بدون أي مكبرات صوت. إذ انتشرت الزيادة في الأسماك والكائنات البحرية عبر الشعاب المرجانية، وكان بينها تلك التي تقتات على الأعشاب البحرية أو المخلفات والعوالق وآكلات الأسماك.
بيد أن الدراسة تذهب إلى أن عودة الأسماك إلى الشعاب المرجانية ليست هي الوصفة المثالية لإعادة الحياة إلى النظم البيئية لهذه الشعاب، إلا أنها تبقى على قدر كبير من الأهمية لمساعدتها على البدء في التعافي. فالأسماك تتولى مهمة تنظيف هذه الشعاب وخلق مساحات لنمو الشعاب المرجانية الجديدة.
في هذا السياق يقول الأستاذ آندي رادفورد، وهو مؤلف مشارك في الدراسة من جامعة بريستول البريطانية: "إذا اقترن الأمر باستعادة المستوطنات الحيوية للأسماك والكائنات البحرية وغيرها من التدابير اللازمة للحفاظ عليها، فإن إعادة أسراب الأسماك بهذه الطريقة قد تسرع من استعادة النظام الإيكولوجي".
ويعد إدخال مجموعات متنوعة من الأسماك التي تقوم بوظائف مختلفة في النظام البيئي للشعاب المرجانية جزءاً مهماً في الحفاظ على النظم الإيكولوجية لهذه الشعاب واستعادتها.
يُذكر أن هناك عدة عوامل تؤدي إلى موت الشعاب المرجانية على مستوى العالم. فقد وجدت دراسة حديثة أن العامل الرئيسي في موت الشعاب المرجانية في سلسلة من الجزر المرجانية "فلوريدا كيز" يرجع إلى النيتروجين في مياه الصرف الصحي ومياه الري المحتوية على الأسمدة الزراعية.
ساحة النقاش