موقع بسمة امل العائلى

موقع بسمة امل العائلى للاسرة والتنمية البشرية والتربية الخاصة

authentication required


لماذا يحبون نشر الفاحشة والبغاء؟
قال الحق فى سورة النور
من الآية 19 الى الآية 21
الآيــات
{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الفاحشة في الَّذِينَ آمَنُواْ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ في الدُّنْيَا والآخرة وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ* وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رؤوفٌ رَّحِيمٌ* ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَتِ الشيطان فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَـكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يشاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}(19ـ21).
 يحثنا القرآن الكريم دائماً على الفضائل وينهانا عن الرذائل . يرسم لنا طريق الحياة الفاضلة التي يشيع من خلالها الود والتعاطف والتراحم بين كل أفراد المجتمع . وينهانا عن كل الخصال السيئة التي تلحق الأضرار النفسية والمعنوية والمادية بالآخرين .
يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة النور: إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون، ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم، يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبداً ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم، ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم .
يقول الإمام الرازي في مستهل تفسيره لهذه الآيات وعلاقتها بما قبلها من آيات بينات: بعد أن بين الحق سبحانه ما على أهل الإفك، وما على من سمع منهم، وما ينبغي أن يتمسك به المؤمنون من آداب أتبع ذلك بقوله: إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، ليعلم أن من أحب ذلك فقد شارك في هذا الذم، كما شارك فيه من فعله ومن لم ينكره، وليعلم أهل الإفك كما أن عليهم العقوبة فيما أظهروه، فكذلك يستحقون العقوبة بما أسروه من محبة إشاعة الفاحشة في المؤمنين .
والمعنى الذي تهدينا إليه الآية الكريمة: إن الذين يحبون أن تنتشر قالة السوء بين صفوف المؤمنين وفي شأنهم لكي يلحقوا الأذى بهم . هؤلاء الذين يحبون ذلك لهم بسبب نواياهم السيئة وعذاب أليم في الدنيا كإقامة الحد عليهم، وازدراء الأخيار لهم، ولهم أيضا عذاب أليم في الآخرة وهو أشد وأبقى من عذاب الدنيا .
والله تعالى وحده يعلم ما ظهر وما خفي من الأمور والأحوال وأنتم يا أيها الناس لا تعلمون إلا ما كان ظاهرا منها فعاملوا الناس على حسب ظواهرهم واتركوا بواطنهم لخالقهم، فهو سبحانه الذين يتولى محاسبتهم عليها .
فالآية الكريمة يؤخذ منها كما يقول د .عبد المعطي بيومي الأستاذ بكلية أصول الدين وعضو مجمع البحوث بالأزهر أن العزم على ارتكاب القبيح منكر يعاقب عليه صاحبه، وأن محبة الفجور وشيوع الفواحش في صفوف المؤمنين ذنب عظيم يؤدي إلى العذاب الأليم في الدنيا والآخرة، لأن الله تعالى علق الوعيد الشديد في الدارين على محبة انتشار الفاحشة في الذين آمنوا .
وذكر سبحانه عبادة المؤمنين بفضله عليهم مرة أخرى، لكي يزدادوا اعتبارا واتعاظا فقال: ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم .
احذروا خطوات الشيطان
ثم وجه الحق سبحانه وتعالى نداء إلى المؤمنين نهاهم فيه عن اتباع خطوات الشيطان فقال: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان، ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر .
الله سبحانه وتعالى هنا يحذرنا كما يقول د . بيومي من السير في طريق الشيطان والاستسلام لوساوسه ومنها الاستماع إلى من يرددون الإشاعات الكاذبة ومنها حديث الإفك الذي خاض فيه البعض واستمع إليه البعض الآخر من دون إدراك لمخاطر ذلك وعواقبه .
ومعنى الآية الكريمة: احذروا يا من آمنتم بالله حق الإيمان أن تسلكوا المسالك التي يغريكم بسلوكها الشيطان، فإن الشيطان وظيفته الإغراء بالشر لا بالخير والأمر بالفحشاء والمنكر وليس بالفضائل والمعروف .
وخاطب الخالق عز وجل في هذه الآية عباده بصفة الإيمان يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا . . لتحريك قوة الإيمان في قلوبهم ولحثهم على الاستجابة لما أرشدهم إليه وكأنه يقول لهم معاتبا: كيف تكونون مؤمنين وتسيرون وراء الشياطين؟!
وقوله سبحانه: ولولا فضل الله عليكم ورحمته لما زكى منكم من أحد أبدا . . بيان لمظاهر فضله ولطفه بعبادة المؤمنين . . والمراد بالتزكية هنا: التطهير من أرجاس الشرك، ومن الفسوق والعصيان وبذلك يكون معنى الآية الكريمة: ولولا فضل الله عليكم أيها المؤمنون ورحمته بكم ما طهر أحد منكم من دنس الذنوب والمعاصي طوال حياته، ولكن الله تعالى بفضله ورحمته يطهر من يشاء تطهيره من الأرجاس والأنجاس، بأن يقبل توبته ويغسل حوبته . . والله تعالى: سميع لدعاء عباده ومناجاتهم إياه، عليم بما يسرونه وما يعلنونه من أقوال وأفعال .
ترغيب في الصفح
ثم حض عز وجل أصحاب النفوس النقية الطاهرة على المواظبة على ما تعودوه من سخاء وسماحة فقال: ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم . . والله غفور رحيم . وقد صح أن هذه الآية الكريمة كما يقول المفسرون نزلت في شأن أبي بكر رضي الله عنه عندما أقسم على بألا يعطي مسطح بن أثاثة شيئا من النفقة أو الصدقة لاشتراكه في حديث إلافلك، وكان مسطح قريبا لأبي بكر، وكان من الفقراء الذين تعهد أبو بكر بالإنفاق عليهم لحاجتهم وهجرتهم وقرابتهم منه .
وقوله: لا يأتل أي: لا يحلف أولو الفضل منكم والسعة أي أصحاب الزيادة منكم في قوة الدين وفي سعة المال أن يؤتوا أولي القربى أي: على ألا يعطوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله شيئا من أموالهم .
وقوله تعالى: وليعفوا وليصفحوا حث إلهي على العفو والصفح . والعفو معناه: التجاوز عنه خطأ المخطئ ونسيانه . والصفح: مقابلة الإساءة بالإحسان، فهو أعلى درجة من العفو .
والمعنى الذي ترشدنا إليه هذه الآية الكريمة هو: قابلوا أيها المؤمنون إساءة المسيء بنسيان الإساءة ومقابلتها بالإحسان .
وقوله: ألا تحبون أن يغفر الله لكم أي: ألا تحبون أيها المؤمنون أن يغفر الله لكم ذنوبكم بسبب عفوكم وصفحكم عمن أساء إليكم؟!
فالجملة الكريمة كما يوضح المفسرون ترغيب في العفو والصفح بأبلغ أسلوب . . قد روي أن أبا بكر رضي الله عنه لما سمع الآية قال: بلى والله يا ربنا، إنا لنحب أن تغفر لنا، وأعاد إلى مسطح نفقته .
فضل الصديق
وفي هذه الآية كما يقول الألوسي في تفسيره من الحث على مكارم الأخلاق ما فيها، واستدل بها على فضل الصديق رضي الله عنه لأنه داخل في أولي الفضل قطعا، لأنه وحده أو مع جماعة سبب نزول الآية، ولا يضر في ذلك الحكم لجميع المؤمنين كما في الظاهر .
ثم ختم الحق سبحانه وتعالى الآية الكريمة بما يرفع من شأن العفو والصفح فقال: والله غفور رحيم . أي: والله تعالى كثير المغفرة، وواسع الرحمة بعباده، فكونوا أيها المؤمنون أصحاب عفو وصفح عمن أساء إليكم .
هذه الآيات الكريمة اشتملت كما يقول د .بيومي على توجيهات إلهية متنوعة، في مقدمتها عدم الخوض فيما يحمل إساءة وسوء ظن بالآخرين من دون دليل حيث حذرنا الحق سبحانه من تناقل الأكاذيب والأباطيل واتهام الناس بما ليس فيهم وبين لنا عقوبة من يفعل ذلك وهي العذاب الأليم في الدنيا والآخرة . كما أرشدنا الحق سبحانه إلى الحكم على الناس بما نراه فيهم من دون التفتيش في سرائرهم والتشكيك في ضمائرهم، ثم حذرنا سبحانه من إغواء الشياطين الذين يزينون لنا القبائح ويحرضوننا على الفواحش والمنكرات، والله سبحانه وتعالى هو الذي يحمينا منهم وينقذنا من شرورهم إذا ما سرنا على منهجه والتزمنا بأوامره ونواهيه . ثم جاء الحض إلى الإنفاق والإحسان على كل الفقراء والمحتاجين سواء أكانوا على صلة وقربى منا أو كنا لا نعرفهم . وأخيرا جاءت الدعوة صريحة وواضحة إلى العفو عن الذين ظلمونا والصفح عن الذين أساؤوا إلينا بالرد على إساءتهم بالإحسان إليهم وهذا يؤكد سمو خلقنا وكريم طباعنا وحسن تربيتنا . وكل من يفعل ذلك يستحق عفو الله ومغفرته ورحمته .
ما أحوجنا إلى الاهتداء اليوم بهداية هذه الآيات الكريمة والاستفادة بما فيها من أوامر ونواه وما حضتنا عليه من فضائل وأخلاق كريمة .
======= 

 

حسن عبدالمقصود على

 

المصدر: موقع بسمة امل العائلى
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 182 مشاهدة
نشرت فى 22 مايو 2020 بواسطة hassanrzk

ساحة النقاش

حسن عبدالمقصود على

hassanrzk
موقع اجتماعى عائلى يهتم بقضايا الاسرة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

427,057