رسالة من امراة سورية من درعة
كان يوما من ايام شتاء كوبنهاجن القاس البرودة وعلي غير العادة بدأت بتصفح بريدي الاكتروني قبل ان اعد كوب القهوة ممزوج جيدا بالحليب ولم يكن البريد يحمل من الانباء الخاصة الكثير مثل فواتير الهاتف واشياء اخري من اعلانات عن هواتف جديدة واطعمة رخيصة ولكن بدون مقدمات ظهر هذا البريد امامي او رسالة من ام محمد السورية ولم اكن اعرف هذا الاسم وجميع الامهات اللاتي اعرفهن يراسلوني باسمائهن ولكن ام محمد السورية فهي حتما ليست مثل هؤلاء الكذبة من متحرفي السرقة علي النت وكل ما عرفه عن نساء سوريا بانهن مشهورات بالجمال والرقة والانوثة العربية التي تحمل مابين الدلال وخفة الدم ودماثة الاخلاق وسوريه كلها في نظري امرأة جميلة تحمل تارخ طويل من العفة وحلاوة الروح ولكن من هذه ام محمد ولم يكن امامي الا خيار واحد ان افتح الرسالة اقرأها
اكتب اليك هذه الرسالة حتي يعرفها اهلك في مصر وماذا جري لي فانا لا اطلب معونة اومساعدة ولكن ان تعرف ويعرف الاخرين ماذا حدث لي. انا امرأة سورية من مدينة درنة ولم يتجاوزعمري الثلاثة والاربعين عاما ولي خمسة اطفال ولكن عفوا كان لي خمسة اطفال وكان محمد اكبرهم سنا ومصطفي وسامح وسلوي وفاطمة الاصغر.ولم يكن محمد ابني فقط بل صديقي بعد ان توفي زوجي في حادث سيارة منذ عدة سنوات.كان محمد في الصف الثالث من المرحلة الاعدادية. كان يذهب في الصباح ويصطحب اخوايه الي مدرسة وكان يومي ينتهي حينما يعود مع اخوايه ولم يكن في حياتي سواهم اطفالي فهم حبي وحلمي بل سبب وجودي في هذا العالم.نعم خلقني الله لسبب ان احضر هؤلاء الاطفال لكي ازين العالم بجمالهم ونشاطهم وحبهم للخالق. كان كل شئ يسير كما تعودت حتي هذا اليوم المشؤم حينما خرجت مدينة درعة كلها في مظاهرة صاخبة وهادرة في حق الشهداء. كانوا يقلون اشياء كثيرة وشعارات كبيرة وانا لا اعرف شيئا فحياتي هي هذه الاسرة الصغيرة ام ماذا يريد هؤلاء لم يكن يعنيني بشئ طالما محمد واخواته بخير وحينما يأتي الليل اجده نائما في سريره الصغير وبجواره اخاه الصغير سامح. اقول هذا حتي تعرف بان عالمي الصغير لم يكن فيه اكثر من هذا
هدأت المدينة مع تراجع الشمس ورجع الكل الي اهله و اصحابه ولكن لم يرجع محمد او حتي الصغير سامح وبدأ الخوف ينتابني والهواجس تتصاعد الي رأسي حتي شعرت بان شئ ما حدث لابنائي ولم اعرف ماذا افعل ولكن لم يدوم الحال حتي سمعت دقات هادئة ومتقاطعة علي باب المنزل ولم تكن دقات محمد او سامح فانا اعرفهما ولم تكن دقات امي عائشة السريعة والمتتالية فلمن هذه الدقات الغريبة ومحمد لم يرجع والطعام ينتظره . وهنا شعرت بانقباضة تسيطر علي قلبي وانا متجة الي بوابة المنزل وخرج صوتي بدون ان اشعر قائلا من الطارق وجاء صوت هادئا ورزين يقول افتحي ياام محمد . قال الرجل يصوت لم انساة ابدا قال جئت لابشرك بالجنة ياأم الشهداء فقد اشتهد اعز واجمل ابناء درعه. كانت قذيفة غادرة بعثها قاتل الاطفال بشار الصغير فقتلت محمد وهو ممسكا باخاه
قال انه لم يمت فهو حيا عن ربه ولكنه ليس معي وطعامه لازال ينتظره وسريره فارغا. نعم انا اموت كل يوم مرتين مرة حيمنا يأتي معاد المدرسة ولا يات ومرة حين انظر الي سريره الفارغ . من قتل محمد وسامح وابراهيم وكل اطفال درنه. اكتب لكل المصريين والعرب والعالم كله ان ام محمد تغير اسمها واصبح ام الشهداء وهي تحمل بندقية وتقاتل القتله حتي يأتي اليوم ويسقط فاتل الاطفال وتتحرر سورية كلها
قرأت الرساله ودمعت عيناي وعرفت انا سورية امرأة جميلة وسوف تبقي اجمل وهي تحمل البندقية وسوف تزداد انوثة وهي تقاتل القتله. اقول لك ياام الشهداء ان محمدا ينظر اليك وكله شوق وعزه وحب لك وفهو فخورا بك فقد جعلتيه يجلس بجانب الانبياء والرسل. الا يكفيك هذا ياأم الشهداء
بقلم الدكتور حسن عثمان دهب
عمل استاذا في جامعات بنغازي صنعاء وكوبنهاجن ومستشارا فى الاتحادالاوروبي
ساحة النقاش