جرانيت الحضارة…ودعوة لحمايته من الاهدار
دكتور/ حسن بخيت
أستشارى جيولوجى -رئيس رابطة المساحة الجيولوجية المصرية
01228224563 - [email protected]
لا احد ضد خطط التنمية ..ولكن بشرط أن تكون خطط مدروسة من قبل المختصيين والخبراء…ولا يختلف أثنان على أهمية الاستغلال الامثل لثرواتنا الطبيعية سواء اكانت معدنية أو محجرية أو مياه جوفية أو محميات طبيعية وخلافه . ومن وجهة نظرى ومن خلال خبرتى العملية أن الف باء التخطيط لاقامة اى مشروع تنموى بمنطقة ما هو البدأ بالتاكد الجازم من خلوها من اى ثروات معدنية او محجرية أو طبيعية قابلة للاستغلال سواء اكانت سطحية او تحت سطحية .
وهنا ياتى ضرورة الاستعانة بالهيئات المتخصصة مثل المساحة الجيولوجية المصرية وهيئة المواد النووية وهيئة الاستشعار من البعد والمركز القومى للبحوث ومركز بحوث الاسكان والغرف الصناعية باتحاد الصناعات المصرية والابحاث الاقتصادية لعلماؤنا الاجلاء بالجامعات المصرية والتى تعج مراكز معلوماتها بالالاف من الدراسات والابحاث والمشاريع والخرائط لكافة الاراضى المصرية والتى يمكن الاستعانة بها اثناء الشروع للقيام باى مشروع .
ولكن للاسف نجد الكثير من هذه المشاريع تنطلق وتقام ثم تفاجىء بانها مقامة فوق العديد من الثروات التى يمكن ان تكون رافدا قويا لدعم الاقتصاد القومى مما يعد اهدار جسيم لثرواتنا الطبيعية والتى من المفترض انها ملك للشعب ولللاجيال القادمة ونذكر منها :
إنشاء محافظة أسوان مشروعا ضخما للإسكان على أجود أنواع الجرانيت والواقع المؤلم يقول إن المساحة المتعدى عليها من الجرانيت بلغت 160 ألف متر مربع، بما يعادل 40 فدانا. وكما قال المهندس محمد عبدربه، رئيس لجنة التعدين بجمعية المستثمرين فى أسوان فى حديث سابق لجريدة المصرى اليوم بلغة الأرقام، فإن مساحة العمارة السكنية بالمشروع 300 متر مسطح، يتم تغطية نفس هذه المساحة من الجرانيت أسفل العمارات السكنية، بمتوسط عمق 50 مترا، وهو الحد الأدنى لأبسط صور استخراج خام الجرانيت من باطن الأرض والذى يمتد استخراجه فى بعض الدول لأكثر من 150 متراً. هذا يعنى أن العمارة السكنية الواحدة تهدر أسفلها 15 ألف متر مكعب من الجرانيت، فى حين يصل سعر متر الجرانيت المسطح إلى 220 جنيها، ما يعنى أن هناك إهدار 11 ألف جنيه فى المتر المكعب الواحد، حيث يعادل ما يتم إهداره 165 مليون جنيه أسفل كل عمارة سكنية واحدة أى ما يعادل 88 مليار جنيه من إجمالى المساحة المتعدى عليها. لصالح من هذا العبث بثروات بلادنا ……أضاقت اسوان وضاحيها بوجود اراضى للبناء بدون اهدار هذه الثروات المحجرية التاريخية؟…… اليس من المنطق ان تكون هذه المناطق بؤرة تعدينية كبيرة لانتاج اجود انواع الجرانيت وتستوعب عمالتها من مناطق السكنية المحيطة؟….. أصعب أن تكون اسوان من المدن الصناعية العالمية الكبرى لانتاج الجرانيت الوردى المميز ذات الشهرة التاريخية لارتباطه بالحضارة المصرية القديمة ؟. الا يوجد خطة تسويقية تعتمد على هذه الميزة النسبية كونه من أحجار الحضارة المصرية القديمة؟ كلها أسئلة مشروعة ….لن تجد لها أجابة طالما غاب التشريع والتخطيط والاستعانة بأهل التخصص.
ساحة النقاش