منحت جمعية الطب الأمريكية، طبيب القلب المصري العالمي مجدي يعقوب لقب "أسطورة الطب العالمي"، وذلك للمرة الثانية حيث منحته سابقا جمعية القلب العالمية بشيكاغو هذا اللقب كما احتسبته ضمن أكثر خمس شخصيات طبية أثرت فى تاريخ الطب.
يعقوب من بين أشهر الأسماء العربية التي تلألأت في سماوات الطب الغربية وعبر العقود الثلاثة الماضية يتربع الدكتور " السير " مجدي يعقوب على عرش امهر جراحي القلب في العالم ..وإذا كان الرجل الذي جاوز السبعين عاما قد أعلن اعتزاله إجراء جراحات في القلب منذ ان بلغ الخامسة والستين إلا ان هذا لم يمنعه من المضي قدما في خدمة العلم والطب ومداواة القلوب الجريحة بالأبحاث العالمية وكانت الأيام الماضية موعدا لاكتشافه الجديد وهو إمكانية تخليق صمامات قلب من الخلايا الجذعية بحيث تؤدي نفس دور الصمامات الطبيعية مما يعد فتحا طبيا عالميا جديدا يقود إلى ثورة في جراحة القلب.
من أسوان إلى لندن رحلة نجاح
هو واحد من أشهر ستة جراحين للقلب في العالم .. وثاني طبيب يقوم بزراعة قلب بعد كريستيان برنارد ، أجرى أكثر من ألفى عملية زرع قلب خلال ربع قرن وهو من أشهر المصريين والعرب في أوروبا .. تاريخه حافل .. وعبقريته غير مسبوقة في تاريخ العرب الطبي .. وتواضعه جم للغاية ويتميز بالروحانية العالية والصفاء والنقاء الإيماني الذي ورثه عن أجداده الفراعنة و الذي يتجلى في ملامح وجهه عندما يتحدث .
وُلد مجدي حبيب يعقوب عام 1935 في محافظة أسوان بجنوب مصر وان كانت أسرته تعود إلى محافظة أسيوط و حصل على بكالوريوس الطب من جامعة القاهرة مستشفى القصر العيني - ثم عمل جراحاً نائباً في قسم عمليات الصدر في المستشفى . ثم سافر إلى المملكة المتحدة ( أنجلترا) عام 1962 م لاستكمال دراساته وحصل على درجة الزمالة الملكية في الجراحة من ثلاث جامعات بريطانية هي لندن وأدنبرة وغلاسكو. كما عمل باحثاً في جامعة شيكاغو الأمريكية عام 1969 م. ولمهارته ترأس قسم جراحة القلب عام 1972م ثم عمل أستاذا لجراحة القلب في مستشفى برومتون في لندن عام 1986، ثم رئيساً لمؤسسة زراعة القلب في بريطانيا عام 1987. وأخيراً استقر في عمله كأستاذ لجراحة القلب والصدر في جامعة لندن.
قدم الدكتور مجدي يعقوب خلال عمله في المستشفيات البريطانية منذ عام 1962 م الكثير من الأساليب الجراحية لعلاج أمراض القلب وخاصة الوراثية..ومعروف ان أول عملية أجريت لنقل القلب كانت في عام 1967 ، وكان أول من قام بها تاجر بقالة من جنوب أفريقيا اسمه لوى واشكانسكى ، وأجراها له الدكتور كريستيآن بارنارد الأشهر في هذا المجال .
وفى الثمانينيات بدأت تنتشر على نطاق واسع عمليات زرع الأعضاء البشرية ، ولم تعد تقتصر على زرع الكلية أو القلب ، بل أصبح الكثير منها شديد التعقيد والطموح ، مثل عملية أجريت في 1988 لإعادة يد مقطوعة إثر حادث ، شملت بالطبع رتق كافة الأعصاب والأوعية الدموية المقطوعة . هذا بالإضافة لعمليات زرع القرنية وعدسة العين والكبد والبنكرياس والطحال والرئة والمبيض …إلخ . كما أصبح الممكن زرع منظم آلى لضربات القلب ، داخل التجويف الصدرى ، أو أجزاء آلية أخرى لأغراض محددة .
في أغسطس 1989 احتفلت الأوساط العلمية والصحفية اللندنية ، بقيام جراح القلب مجدى يعقوب بالجراحة الألف له لزرع قلب ورئة . وراحت جميعها تتحدث عن نوعية الحالات التي كتبت لها حياة جديدة من إجراء هذا النوع من العمليات ، وراحت تعمم إحصائيات مفصلة عن عدد السنوات التي أضافتها العملية لحياة كل منهم .
وعُرف عن يعقوب التفكير دوماً في الجراحات المعقدة، ورغبته الدائمة في تحدي صعوباتها. وقد اكتشف أيضاً أساليب تقنية من شأنها تعزيز مهارات الجراحين، بما يمكنهم من أجراء عمليات كانت يوماً ما أشبه بالمستحيلة.
وقد شغل يعقوب منصب مدير البحوث والتعليم الطبي ومستشاراً فخرياً لكلية الملك ادوار الطبية في لاهور في باكستان ، إضافة إلى رئاسة مؤسسة زراعة القلب والرئتين البريطانية. نال لقب بروفسور في جراحة القلب عام 1985.
انتخب الشعب البريطاني البروفسور يعقوب ليفوز بجائزة الإنجازات المتميزة في المملكة المتحدة. وكذلك فاز بـ «جائزة الشعب» في بريطانيا غداة إطلاقها للمرة الأولى في العام ألفين ، لتكريم الأشخاص وذوي الإنجازات المتميزة في المملكة المتحدة.
وخلافاً لأسلوب الترشيح المتبع في تنظيم الجوائز العلمية الأخرى، إذ تعمد لجان متخصصة إلى اختيار المرشحين بناءً لمؤشرات مُحددة علمياً، فإن الفائزين بجوائز الشعب يرشحون من عموم الشعب البريطاني، الذي يصوت أيضا على الفائزين. في عام 2000، شمل التصويت مجالات عدة منها الفنون والأفلام والموسيقى والرياضة والتجديد والإبداع والشجاعة، إضافة إلى الإنجازات الريادية التي يقدمها الشخص للمجتمع خلال فترة حياته. وفاز يعقوب بتلك الجائزة عن عموم إسهاماته العلمية بسبب إجرائه اكبر عدد من عمليات زرع القلب في العالم.
وهكذا اختير هذا الجراح المصري للحصول على لقب سير البريطاني ، على غرار اختيار ألاختصاصي المعروف في الجراحة التجميلية ستيفن هول، ورجل الأعمال الإنكليزي المشهور صاحب شركات فيرجن ريتشارد برانسون، ومغني فرقة البيتلز الشهير بول ماكارتني وغيرهم.
ويضم سجل يعقوب إنجازات عدة في المجالات الطبية، من أبرزها إنشاء مركز هارفيلد لأبحاث إمراض القلب في بريطانيا، واستحداث أسلوب مبتكر للعلاج الجراحي لحالات هبوط القلب الحاد، وتأسيس البرنامج العالمي الرائد لزراعة القلب والرئة.
مجدي يعقوب زارع الأمل
ومن بين أهم الأعمال الخيرية التي يقوم بها الدكتور مجدي يعقوب المساهمة في إنشاء «مؤسسة الأمل للأعمال الخيرية» التي تقدم خدمات إنسانية متنوعة لمرضى القلب من الأطفال في العديد من الدول النامية. ويحوز عضوية الشرفية في أكثر من 15 مؤسسة وجمعية علمية في العالم.
ويُسجّل له انه أول من ابتكر جراحة «الدومينو»، التي تتضمن زراعة قلب ورئتين في مريض يعاني من فشل الرئة، وفي الوقت نفسه، يؤخذ القلب السليم من المريض عينه ليزرع في مريض ثان وحين أصبح عمره 65 سنة اعتزل إجراء العمليات الجراحية واستمر كاستشاري ومُنظر لعمليات نقل الأعضاء.
غير انه في عام 2006 قطع الدكتور مجدي يعقوب اعتزاله العمليات ليقود عملية معقدة تتطلب إزالة قلب مزروع في مريضة بعد شفاء قلبها الطبيعى. حيث لم يزل القلب الطبيعي للطفلة المريضة خلال عملية الزرع السابقة والتي قام بها السير مجدي يعقوب.
وفي عام 2005 أحتفل الدكتور مجدي يعقوب بعيد ميلاده عامه السبعين مع الأطفال عقب خروجه من غرفة العمليات بعد أن أنتهى من إجراء جراحات معقدة لهم بالقلب ليواصلوا بعدها حياتهم الطبيعية. و تمت العمليات عن طريق فرع جمعية سلاسل الأمل الخيرية والتي أسسها مجدي يعقوب في لندن منذ6 سنوات، والتي تتحمل تكلفة العملية للأطفال مرضي القلب غير القادرين وتم إجراء عمليات لأكثر من20 طفلا وطفلة من أبناء الصعيد.
وتقول إبنته: ان حلم والدها هو ان يتم إنشاء مركز عالمي للقلب في مدينة أسوان وهو المشروع الذي تتبني إنشاؤه جمعية سلاسل الأمل ويتكلف أكثر من100 مليون دولار.
وفي عام 2006 أعلن الدكتور مجدي يعقوب أن جمعية سلاسل الأمل قد أهدت جهاز قسطرة تشخيصية لأمراض القلب إلي مستشفي أسوان التعليمي بتكلفة10 ملايين جنيه، و ذكر أنه أحدث جهاز في العالم،وقد قام بمعاينة الموقع الذي يجري تجهيزه بالمستشفي التعليمي لتركيب الجهاز، ليصبح أول مركز طبي لقسطرة القلب في جنوب الصعيد وأضاف أنه تم الاتفاق مع كبار أساتذة القلب بأوروبا للتطوع والحضور لأسوان خلال شهر فبراير القادم لتدريب أطباء أسوان علي استخدام الجهاز.
ليس هذا فقط بل ان الدكتور يعقوب كما ينادونه في انجلترا صرح بأن مشروعه لإقامة مركز عالمي لأمراض القلب في أسوان والذي تتبناه السيدة سوزان مبارك سوف يري النور قريبا،، ويهدف المشروع إلى إنشاء مستشفي عالمي للقلب غرب النيل علي مساحة12 فدانا ومنتجع لمرضي القلب ومركز أبحاث القلب في مدينة أبو سمبل السياحية وتقيمه جمعية سلاسل الأمل.
مجدي يعقوب وثورة في جراحة القلب
وفيما يعد بداية ثورة طبية تفيد في علاج ملايين الأطفال، استعاد القلب المتضخم للطفلة البريطانية "هنا كلارك " حجمه الطبيعي مرة أخري، وعاد للعمل بكفاءة عادية، بعد10 سنوات من التوقف. وكانت هنا تعاني تضخما في القلب بنسبة200%، مما استلزم جراحة لزرع قلب جديد حين كانت تبلغ من العمر عامين، أجراها الطبيب العالمي المصري الأصل مجدي يعقوب، وقرر فريق الجراحة حينئذ الإبقاء علي القلب الأصلي وعدم استئصاله.
وخلال الفحص الدوري للطفلة في فبراير الماضي، اكتشف الأطباء أن القلب المريض عاد للنبض مرة أخري، بعد أن أسهم وجود القلب المزروع في استعادته لحجمه الطبيعي وتعافيه. ووفقا لآراء الأطباء، فإن حالة هنا قد تكون البداية لأسلوب جديد للعلاج، يقوم علي زرع جهاز ميكانيكي لمساعدة القلب المريض، حتي يتم الشفاء.
وكان الدكتور مجدي ـ الذي تقاعد عن العمل ـ استأنف العمل مرة ثانية، لكي يشرف علي الحالة الصحية لهنا علي سبيل الاستثناء فقط.
مما دعا والدة الطفلة لتعبر عن سعادتها لقرار الدكتور مجدي، وقالت إنه بعث طمأنينة هائلة في قلبها.
ليس هذا فحسب بل انه في الأيام المنصرمة سجل فريق طبي بريطاني بقيادة الدكتور مجدي يعقوب أول إنجاز فريد من نوعه في العالم بعد أن نجح هذا الفريق في تطوير صمام قلب من خلايا جذعية، ما فتح صفحة واعدة على درب تطوير قلب بشري كامل وغير صناعي.
وفي حال نجاح التجربة على الحيوانات فإنه سيتم استخدام الصمامات الجديدة في عمليات زرع قلوب لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب في غضون ثلاث سنوات.
ويقول البروفيسور المصري: إن تطوير قلب بشري من خلايا جذعية يوما ما ليس خيالاً، مضيفاً: نتوقع الوصول إلى ذلك في غضون عقد من الزمن.
بين أمراض القلب وعلاجاتها
ويؤكد الدكتور مجدي يعقوب على ان عدم المشي يضر كثيرا بالقلب والصحة عموما، ويجب أن يمشي الإنسان يوميا(5 أميال) أي نحو(9) كيلومترات ويقول أنا أضع جهازا يظهر لي المسافة التي أسيرها يوميا وبالرياضة. بالمشي. بالسباحة. بركوب دراجة، والهدوء، والموسيقي، تناول طعام مليء بالخضراوات مع قليل جدا من اللحم وبدون سمن، مع التوقف تماما عن التدخين.
ويرى ان مرض القلب تفاعل بين الوراثة والبيئة، تقريبا50% للوراثة و50% للعوامل الأخرى، ومهم جدا أن يتعامل بشكل صحي وطبي مع العوامل الأخرى من يعرف أن في عائلته مرض القلب، فليس معني أن هناك وراثة أن المرض سيتمكن منه، تقليل الخطر من الوراثة ممكن ببرنامج صحي جيد يعتمد علي الرياضة والاهتمام بنوعية الطعام.
ومريض القلب قادر علي أن يعيش حياة طبيعية حتي سن أل90 أو أكثر إذا اهتم بصحته والتزم بتعليمات طبيبه المعالج.
وعند مجدي يعقوب ان الفرح ينعش القلب، أما الحزن وخصوصا الكبت، كما أكدت الأبحاث العلمية فيؤثر سلبا في القلب، فمثلا هناك بحث في انجلترا علي موظفي الحكومة الذين أصيبوا بنوبات قلبية مقارنة بمن لم يتعرضوا لمثل هذه النوبات، هذا البحث أكد أن غالبية من أصيبوا بنوبات قلبية كانوا يعانون من كبت شديد وحزن وكآبة خصوصا في عملهم، فقد كان سؤال البحث: هل أنت سعيد في عملك؟ من أجابوا بأنهم يكرهون العمل ويكرهون الذهاب إليه حدثت لهم صدمة قلبية ومن أجابوا أنهم سعداء بالعمل ومتفائلون لم يتعرضوا لأزمات قلبية، فالعمل الكثير ليس مصيبة، ولكن العمل الكئيب مصيبة
و عن الجديد في جراحات القلب يقول ان هناك تقدم كبير في جراحات القلب، أهمها توحيد علم الخلايا والجينات وعلم النانو تكنولوجي مع الجراحة وأطباء القلب في العالم يعملون معا من أجل مزيد من التقدم في هذا المجال في الوقت الحالي وفي المستقبل، وأيضا هناك تقدم في أبحاث صمامات القلب، فالمعتقد السائد قديما ان دور الصمام مجرد الفتح والإغلاق ولكن الأبحاث بينت لنا أن له العديد من الوظائف تقوم بها خلايا مخصصة داخل الصمام .
ولعل التساؤل الذي يخطر على قلب الكثيرين لماذا اختر مجدي يعقوب هذا التخصص ليبدع فيه؟
الإجابة جاءت على لسانه فقال ذات مرة : إن والدي كان جراحا وأنا صغير في السن كنت أرغب ان أعمل جراح مخ أو قلب ولكن عندما توفت عمتي ألصغري أوجيني وكان عمرها21 سنة بسبب ضيق في صمام القلب حزن والدي عليها جدا جدا، خاصة أنها تركت بعد رحيلها ابنتها وهي صغيرة جدا وقال: حرام ان تموت شقيقتي بهذا المرض خاصة ان هناك جراحات بالخارج كان من الممكن ان تنقذها، فقلت أنا أريد أن أتخصص في هذه الجراحات، وتخصصت ولو كانت عمتي موجودة كان إنقاذها سهلا جدا، فالعملية التي كانت تحتاجها بسيطة جدا.
قلوب الأطفال ونقل الأعضاء
ومن أكثر الموضوعات التي شغلت عقل وقلب الدكتور مجدي يعقوب طوال سنوات كفاحه العلمي كانت الأطفال وأمراض القلب عندهم لذا يذهب إلى القول " الأطفال مهمون جدا في مجال جراحة القلب لأن إنقاذ طفل هو إنقاذ مستقبل ، والأطفال يعانون من التشوهات الخلقية ومن الحمي الروماتيزمية، وعمليات الأطفال مختلفة لان قلوبهم صغيرة جدا ويتحسنون بطريقة ممتازة وهناك عدد ضخم من الأطفال في العالم كله يحتاجون هذه العمليات،".
أما عن إشكالية نقل الأعضاء فيقول :أود ان أوضح للجميع ان زرع الأعضاء لا بديل له بالنسبة لعدد كبير من المرضي رغم وجود علاجات كثيرة، وإذا لم يتم زرع أعضاء لهؤلاء المرضي فسيموتون، والمرضي الذين أقصدهم مرضي القلب والكلي والكبد والأمر الثاني انه لا توجد دولة تستطيع مساعدة دولة أخري لان هناك نقصا في الأعضاء مقارنة بالمحتاجين لزراعة أعضاء في كل دولة،وهناك علم ممكن أن يساعد هؤلاء المرضي، لكن لابد ان يتعاون الناس جميعا، ويتبرع الشعب لينتفع أفراده.
وعن المناقشات الدينية حول نقل الأعضاء يؤكد الدكتور مجدي يعقوب على ضرورة اهتمام الإعلام وصناع الرأي بهذا الموضوع فيجب إلا يكون موسميا أو علي فترات ولكن بصفة مستمرة لمصلحة الشعب، ويقومون بتعريف الناس بالمناقشات مع رجال الدين ويسعون لإيجاد رأي عام مؤيد، والحكومة تساعد ليس بالتمويل المادي ولكن بالتشريعات أيضا، فالأطباء والعلماء هم آخر جزء في هذه القضية رغم أنهم جزء مهم، فهم لا يقدمون هذه الخدمة لأنفسهم ولكن للشعب، ولابد ان تتعاون معهم كل الفئات: رجال الدين وصناع القرار وصناع الرأي، ودور الأطباء أن يشرحوا بعض الجوانب العلمية في هذا الموضوع ومنها( موت المخ)
فجميع دول العالم باستثناء دولتين أو أكثر منهما مصر، يقولون ان الإنسان إذا مات مخه فقد مات، وطبيا معروف ان موت المخ معناه نهاية حياة الإنسان، ومن حق كل إنسان أن يقرر وهو حي انه إذا مات فلا مانع لديه من مساعدة الآخرين بكل حب، أنا شخصيا شقيقي جمال الذي يكبرني بعدة سنوات كان يتحدث طوال حياته في هذا الموضوع ، وأوصي أولاده بأن يوافقوا علي التبرع بأعضائه إذا مات، وفي رحلة بألمانيا أصيب في رأسه وحدث له نزيف في المخ ومات مخه وتبرع بأعضائه، لابد ان يتحدث الناس في هذا الموضوع طوال الوقت ويعلنوا رغبتهم في مساعدة الآخرين دون خوف، ونعرف ما هو الموت وما هي الحياة، لابد من النقاش حول هذه القضية، وليس إغلاقها أو اعتبارها( تابو) وإذا تحدثنا حولها فسنصل إلي حل.
مجدي يعقوب النجاح رهن بالكفاح
لم يكن طريق مجدي يعقوب مفروشا بالورود منذ ان وطأت قدماه ارض انجلترا ذلك أنه عندما وصل إلي لندن وجد من يقول انه لن يحقق شيئا لأنه أجنبي ولكن بالعمل والأمانة طالب الشعب البريطاني الملكة بأن تمنحه لقب سير . وهو اللقب الذي ظل شاغرا لنحو 15عاما إلي أن تقرر منحه بإجماع الأصوات لأستاذ الجراحة المصري عام 1977 م وقد تم ذلك في قصر الملكي في لندن في حفل كبير حضره معظم رموز المجتمع البريطاني .
وفي هذا السياق يقول مجدي يعقوب يجب على كل إنسان أن يعمل بأمانة وبجهد كبير، دون ان يلتمس لنفسه الأعذار إذ انه من السهل جدا أن يقول أي شخص إنهم يضطهدونني وأنا عندما وصلت إلي انجلترا كانوا يقولون إنني أجنبي ولن أحقق شيئا، المهم ألا يجد الإنسان عذرا لنفسه ليبرر عدم استمراره في العمل والاجتهاد والتقدم،
وكل إنسان لو كان مؤمنا بنفسه ويعمل طوال الوقت بمثابرة فسينجح في أي مكان في العالم، وللأسف كثيرون في العالم العربي تعودوا أن يلوموا الآخرين ولا يلومون أنفسهم، ويلقون أخطاءهم علي دول خارجية أو علي الحكومات ولا يقولون لأنفسهم إنهم قصروا في العمل ليلا ونهارا، وأنا أنصح الجميع بأن يواصلوا العمل وسيرون النتيجة.
والدكتور مجدي يعقوب متزوج من ألمانية " ماريان " وله منها ولد وبنتان وعن حياته الأسرية يقول " أنا كنت أحب أن أقضي وقتا أطول مع أسرتي، ولكن أسرتي تعذرني خصوصا أولادي( أندرو وصوفي وليزا) وزوجتي تقول للناس إنني لم أكن موجودا في البيت وإنها تفرغت لي ولأولادنا وللبيت، وهذا حقيقي.
ولان أولادي كانوا يفتقدون وجودي في البيت معهم لم يرغبوا العمل في المجال الطبي فأندرو طيار لكن ابنتي الوسطي ليزا تعمل أخصائية اجتماعية وتحب مصر وتساعدني في عملي في سلسلة الأمل والصغرى صوفي طبيبة متخصصة في طب المناطق الحارة في افريقيا واستراليا وجنوب أمريكا.
مجدي يعقوب العالم المتواضع
ونختتم هذه الرؤية البانورامية بكلمات قليلة تعبر عن ندرة هذا الرجل واصالة معدنه واتساع قلبه للإنسانية كلها فنراه يقول :كل عملية تعني حياة إنسان.
هناك قوائم انتظار، لكن أنا حريص علي تدريب أطباء علي مستوي أنحاء العالم حتي لا ينتظر مريض محتاج لعملية حضوري شخصيا، وأنا فخور أن هناك ممن عملوا معي من أصبحوا قادرين علي إجراء عمليات بنجاح كبير خصوصا في مصر بل إن بعضهم أصبح أفضل مني.
لذا أنا لم أفكر في الاعتزال بالمطلق ومادمت قادرا علي مساعدة الناس بطرق مختلفة فلن أتوقف، خاصة في مجال إنشاء مستشفيات ومعاهد أبحاث مثل التي تم إنشاؤها في أسوان والإسكندرية وإثيوبيا وجامايكا.
وحينما سئل عن سر التواضع الذي يغلف حياته قال إن .. هذا ليس تواضعا، ولكن الإنسان كلما يعرف المعضلات التي أمامه يري نفسه صغيرا جدا، وهذه حقيقة وليس تواضعا.
ساحة النقاش