في البدء ينبغي علي الإشارة إلى أن هذا الموضوع لا يخرج عن طبيعة هذا المنتدى ، فهو يهدف في الأساس إلى التعريف بإحدى الطوائف الباطنية وهي الطائفة النصيرية ، وهذه الطائفة لا تمثل كل العلويين الشيعة ، بل تمثل عددا منهم أخذ ينقرض مع الأيام ، لكن لازال له وجود واعتبار بينهم ، وهذا التعريف لا يسعى إلى التبشير بعقيدة هذه الطائفة ولا الحط منها ، لكنه لا يمكن حجب ما نراه وننتقده فيها .
لعل الشهرستاني صاحب كتاب الملل والنحل هو أول من أطلق اسم النصيرية على الغلاة من الطائفة العلوية ، وقد يكون أكثر هؤلاء الغلاة في ذمة التاريخ ، ولم يعد لهم وجود فعلي يذكر ، وتدور عقيدتهم حول مبدأ التثليث ، فهم يؤلفون ثالوثا من علي بن أبي طالب وهو الغيب المطلق أي الله ويسمى المعنى، ويرمز له بالحرف ع ، ومحمد بن عبد الله النبي ويسمى الاسم ، ويرمز له بالحرف م ، وسلمان الفارسي ويسمى الباب ، ويرمز له بالحرف س .
ويرى النصيريون أن علي بن أبي طالب يتجلى في بعض مظاهر الطبيعة ،كالرعد والسحاب والهواء والقمر والشفق ، كما يتجلى في صور بعض الحيوانات التي ورد ذكرها في القرآن مثل بقرة بني إسرائيل ، وناقة صالح ، وكلب أصحاب الكهف ، والحق أن المرء لا يعرف من أين أتت مثل هذه التصورات الشاذة ؟ ولكن يبدو أن سيطرة شيوخ الجهل على بعض أبناء الطائفة ساعد على رواج هذه الخرافات ، وإيمان العوام بها .
ومن أعياد الطائفة النصيرية عيد الميلاد ويشربون فيه النبيذ ،وعيد البربارة، والغطاس والشعانين والعنصرة ومريم المجدلية ، وهي أعياد مسيحية ،ومن أعيادهم الفارسية عيد النيروز وعيد المهرجان ،أما الأعياد الإسلامية فهم يحتفلون بعيد الأضحى ،وعيد الغدير وليلة النصف من شعبان وعيد يسمونه الفراش وهو ذكرى مبيت علي بن أبي طالب في فراش النبي ، حين هم بقتله بعض من أهل مكة .
ويستدل النصيريون على ألوهية علي بن أبي طالب بأدلة لا تخلو أحيانا من طرافة ، فهم يقرأون آية من سورة يس على هذا النحو :
" أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر ( علي ) أن يخلق مثلهم "
وهم يؤكدون أن هذه هي القراءة الصحيحة للآية ، ويتهمون الخليفة عثمان بن عفان بأنه حرفها وأبدل حرف الجر ( علي ) إلى الحرف ( على ) .
وفي كتاب ( الباكورة السليمانية في العقيدة العلوية ) لمؤلفه الشيخ سلمان بن علي بن حسن ، وهو من شيوخ النصيرية في القرن التاسع عشر نجد كلاما يدل على جهل وسذاجة كاتبه الذي يقول :
" اعلم يا ولدي أن السماء هي ذات علي بن أبي طالب ، وهي الجنة الباطنة دون جنة المأوى التي ذكرها القرآن "
كذلك نجد في هذا الكتاب خمس عشرة سورة ، منها سورة الجبل ، وهي تبتديء بداية طبيعية تبدو موافقة لبعض من آيات سورة آل عمران ، لكنها لا تلبث أن تنحرف عنها لتأخذ لها طابعا يوافق عقيدة النصيريين .
تبتدىء سورة الجبل هكذا : " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط ، لا إله إلا هو العزيز الحكيم ، إن الدين عند الله الإسلام ، ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين بشهادة ع م س ، اشهد عليً أيها الحجاب العظيم ، اشهد عليً أيها الباب الكريم ( يقصد النبي محمد )......بأن ليس إلها إلا علي بن أبي طالب الأصلع المعبود ، ولا حجاب إلا حجاب السيد محمد المحمود ، ولا باب إلا السيد سلمان الفارسي المقصود ، وأكبر الملائكة الخمسة الأيتام .....الخ "
وفي سورة الفتح نقرأ ما يلي : " إذا جاء نصر الله والفتح ، ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا، فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ، أشهد أن مولاي أمير النحل علي اخترع السيد محمد من نور ذاته وسماه اسمه ونفسه وعرشه وصفاته ....الخ "
ومجمل القول إن ما جاء في كتاب الباكورة السليمانية يدل دلالة واضحة على بساطة وسذاجة معتنق هذه العقيدة التي تؤله تأليها صريحا علي بن أبي طالب .
ولا بد للمرء من أن يعجب لهذه السذاجة وكيف استطاعت أن تتحول إلى عقيدة راسخة عند الكثيرين في فترة عم فيها الجهل والدروشة ، ولكن الغريب أن تجد في هذه الأيام من لا يزال يؤمن بهذه الخرافات ، وأذكر أن سائق التاكسي الذي خصصه لي فندق الميرديان بدمشق قال لي يتبجح بأنه من الطائفة العلوية الحاكمة ، ونبهني بأنه عليه أن يذهب لبيته باكرا حتى يحتفل بعيد الغطاس ، وحين عرف أني لا أؤمن بألوهية علي بن أبي طالب تنهد قائلا : آه عرفتك يا أستاذ أنت ناصبي تكره علي وتتصور أنه مجرد إنسان ، وليتك تفهم أن علي في الظاهر هو إمام وفي الباطن هو إله .
هـانى
موقعنـا موقع علمى إجتماعى و أيضاً ثقافـى . موقع متميز لرعاية كل أبنـاء مصر الأوفيـاء، لذا فأنت عالم/ مخترع/مبتكر على الطريق. لا تنس"بلدك مصر في حاجة إلى مزيد من المبدعين". »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
1,770,211
ساحة النقاش