حين نعزى السبب الرئيسى فى انتشار الامراض المعدية بشكل عام الى عامل الفقر فلانه الاب الروحى للجهل وتدنى الوعى والمسئولان بدورهما عن تفشى الوبائيات وقلة الامكانيات للتصدى لها, فحينما يرتفع مستوى دخل الفرد اقتصاديا يرتفع وعيه ويرتقى فى تعامله مع العوارض الصحية التى قد يتعرض لها وخاصة الميكروبات , قارن مثلا بين فرد مقتدر اصيب بنزلة برد عادية واخر فقير اصيب بنفس نزلة البرد ,الشخص المقتدر سيقدر مضاعفات نزلة البرد وسيقاوم البرد بكل السبل اما الفقير فسيستهين بالامر الى ان تستفحل المشكلة ويدخل فى متاهات مرضية اخرى لانهاية لها فى حين انه كان يمكنه ان يتجنبها لو انه قاوم الاصابة البسيطة فمعظم النار من مستصغر الشرر , تامل مثلا مرضا وبائيا خطيرا كالالتهاب السحائى -موضوعنا اليوم-وارجع الى جذوره ستجد ان الاهمال فى مقاومة ميكروب بسيط بالحلق والانف او الاذن بسبب تدنى الوعى هو السبب فى استفحال المشكلة ووصول الميكروب الى الاغشية السحائية المحيطة بالمخ والنخاع الشوكى ويتطور الامر الى الاصابة بالالتهاب السحائى , فالميكروبات التى تسبب الالتهاب السحائى سواء كانت بكتيريا او فيروسات او غيرها تصل الى الاغشية السحائية اما عن طريق الدم واما عن طريق الصعود الى تلك الاغشية من الانف او الحلق او الاذن الوسطى فمع دخول فصل الشتاء ومع الازدحام والتكدس وهو من سمات مجتمعنا المصرى وخاصة فى وسائل المواصلات والحضانات والمدارس والجامعات واماكن العمل تنتقل الميكروبات المسببة لالتهابات الحلق والانف والاذن الوسطى من المرضى او حاملى الميكروبات الى الاصحاء عن طريق الرذاذ واختلاط الانفاس فيصاب من يصاب ويقاوم الاصابة من يقاوم كل حسب مقدرته ومن يعجز عن المقاومة او يستهين بالاصابة البسيطة وحين يستشرى الميكروب ويجد طريقه الى الاغشية السحائية المحيطة بالمخ والنخاع الشوكى تحدث الكارثة ويصاب بواحد من اخطر الامراض المعدية (الحمى الشوكية) ففجاة يحدث ارتفاع حاد فى درجة الحرارة عن الامر المعتاد وصداع شديد وقىء وتشنجات وتصلب فى عضلات الرقبة مع اضطراب فى الوعى تختلف درجته من الاضطراب البسيط الى الغيبوبة حسب شدة الحالة وفى الاطفال الرضع يمتنع الطفل عن الرضاعة ويصرخ بلاسبب واضح ويتشنج ويفقد التواصل مع امه والمحيطين به وتنتفخ نقطة التحام عظام راسه من الامام نتيجة ارتفاع ضغط سائل النخاع الشوكى ,هذه الاعراض وعلامات مرضية اخرى تمكن الطبيب الجيد من التوصل الى تشخيص اكلينيكى لتلك الحالة بالاضافة الى لجوئه الى وسيلة هامة لتاكيد التشخيص وهى بذل نخاع شوكى عن طريق ادخال ابرة خاصة فى النخاع الشوكى عن طريق العمود الفقرى للمريض للحصول على عينة من سائل النخاع الشوكى وفحصها مجهريا لمعرفة نوع الميكروب وعمل مزرعة له لتحديد نوع المضاد الحيوى المناسب لمقاومته كما ان بذل النخاع الشوكى له فائدة اخرى وهى تخفيف ضغط سائل النخاع الشوكى فى حالة الاصابة الفعلية بالمرض , واذا كانت الاعراض السابقة قد ضللت الطبيب المعالج لتشخيص المرض بسبب تشابهها مع علامات مرضية لامراض اخرى فان بذل النخاع الشوكى يعطى القرار الحاسم فى تحديد الاصابة من عدمها يعنى ان بذل النخاع الشوكى له فائدتين :فائدة تشخيصية واخرى علاجية , ولان الحمى الشوكية تعد من اخطر الامراض الوبائية التى تصيب الانسان فان التاخر فى التشخيص والعلاج ليسا فى مصلحة المريض على الاطلاق لان هذا معناه تهديد حياة المريض لان ذلك المرض اساسا مرض فتاك ومعدلات الوفيات نتيجة الاصابة به لازالت مرتفعة بالقياس لمعدلات الوفيات بسبب الاصابة بامراض وبائية اخرى فمتى تم تشخيص المرض مبدئيا وقبل نقل المريض الى المستشفى فلابد من اعطاء المريض جرعات مكثفة من عقار البنسيللين المائى الى ان يتم تحديد نوع الميكروب واعطاء المضاد الحيوى المناسب حسب نتيجة المزرعة لسائل النخاع الشوكى فى حالة ما اذا كان الميكروب بكتيريا اما ان كان سبب الاصابة فيروسا فيعطى مضادات الفيروسات المناسبة وكذلك الحال فى الاسباب الاخرى للاصابة كالفطريات والطفيليات وغيرها كما لابد من اعطاء المريض المحاليل الوريدية المناسبة لمقاومة الصدمات المتوقع حدوثها وللمحافظة على ضغط دم المريض فى معدلاته المناسبة كما يعطى المريض فى كثير من الاحيان جرعات من الكورتيزون لتقليل معدلات الوفيات ولتقليل الاصابة بمضاعفات المرض كفقد السمع والبصر والاضطرابات العصبية والعقلية ,وفى بعض المرضى قد يستلزم الامر وضع المريض تحت الرعاية الفائقة بالعناية المركزة للمحافظة على حياته , ولمحاولة تجنب الاصابة بالمرض فيعطى المصل اللازم للالتهاب السحائى كما يعطى الاصحاء فى المناطق الموبوءة جرعات وقائية من المضادات الحيوية تحسبا للاصابة بالميكروب..
 
hany2012

شذرات مُتجدده مُجدده http://kenanaonline.com/hany2012/

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 48 مشاهدة
نشرت فى 7 ديسمبر 2011 بواسطة hany2012

ساحة النقاش

هـانى

hany2012
موقعنـا موقع علمى إجتماعى و أيضاً ثقافـى . موقع متميز لرعاية كل أبنـاء مصر الأوفيـاء، لذا فأنت عالم/ مخترع/مبتكر على الطريق. لا تنس"بلدك مصر في حاجة إلى مزيد من المبدعين". »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,757,842