أستاذ دكتور / حمدى ابراهيم (أستاذ بساتين الفاكهة "م")

كل ما يخص إنشاء بساتين الفاكهة

المياه معضلة العالم العربى

 

الماء هذا السائل العجيب هو المصدر الرئيسى للزراعة بل لوجود الحياة على كوكب الأرض, ويجب أن نذكر هنا أن 98% من مياه الأرض مياه مالحة و 2% فقط هي أجمالي المياه العذبة الموجودة على سطح الكرة الأرضية. والقسم الأكبر من المياه العذبة مياه متجمدة في القطبين وتمثل75% من إجمالى المياه العذبة الموجودة في الأرض. ومن الجدير بالذكر أيضاً هنا أن 10 دول فقط على مستوى العالم تسيطر علي 70% من أجمالى المياه العذبة المتاحة للعالم و80 دولة تعانى من شُح المياه والجفاف (الصادق المهدي 2000).  ولم تعد البلدان تتعامل مع المياه كمادة شائعة ووافرة, بالتالى وضعت الدول خططاً قومية وأنشأت وزارة خاصة لإدارة مواردها المائية, وقد أدى التنافس على مصادر المياه إلى عقد الاتفاقات الدولية مع الدول المجاورة. والأنهار الدولية التى تتدفق خلال دولتين أو أكثر عددها 270 نهر دولى, من هذا العدد يقع داخل قارة أفريقيا 56 نهر دولي, منها أطول أنهار العالم وهو نهر النيل.

ومشكلة مياه الري في الأراضى الصحراوية تنقسم إلى قسمين القسم الأول يتناول مصدر وكمية المياه المتاحة وكيفية استغلالها والقسم الثانى يتناول مدى جودة هذه المياه ومدى صلاحيتها للري.  ومن المعلوم أن المصدر الرئيسى للمياه العذبة علي سطح الأرض هو الأمطار. وعند سقوط الأمطار علي سطح الأرض فأن هذه المياه تأخذ واحداً من الاتجاهات التالية:

·         جزء ينساب على سطح الأرض ويتجمع في الأودية ليكونً الأنهار العذبة.

·     جزء يتحول إلى بخار ماء بفعل ارتفاع درجة الحرارة ويصعد إلى السماء ليعود للأرض مرة أخرى في صورة مطر. وبخار الماء هو ثالث الغازات وفرة في الغلاف الجوى المحيط بالكرة الأرضية حيث يأتى بعد النيتروجين والأكسجين.

·     والجزء الأخير يتسرب بالرشح بفعل الجاذبية الأرضية إلى أسفل متخللاً المسافات البينية للتربة حتى يجد طبقة صخرية تحجزه ليكون خزانات المياه الجوفية.

ويذكر محمد صبري يوسف ( 1998) في كتابة عن المياه الأرضية في الوطن العربى أن المياه بصفة عامة يمكن تقسيمها علي حسب مصدرها إلى أربع أقسام هى:

·         المياه الجوية  Meteoric Water 

·         المياه الفتية  Juvenile Water  

·         المياه المتجددة    Rejuvenated Water

·         والمياه المحفوظة  Connate Water

 

وقبل الدخول في دراسة صلاحية المياه لري أشجار الفاكهة وطرق وبرامج الري المتبعة في الأراضى الصحراوية لابد لنا أن نلقي نظرة على مصادر المياه في مصر ومدى توافرها. حيث تبلغ مساحة مصر حوالي مليون كم مربع, وتعتمد في مواردها المائية المستخدمة في الري علي نهر النيل والآبار الجوفية. ومن هذه المساحة 25,000 كم2 تعتمد على الري من ماء نهر النيل أو الآبار المحفورة في وادى النيل والتى تستمد ماءها من النيل, وباقى المساحة واقعة في حيز الصحراء والتى يعتمد الجزء المزروع منها في ريه على الآبار الجوفية. والنيل هو أطول أنهار العالم ومنشأه في بلاد المنبع من هطول الأمطار, ويذكر الصادق المهدى أن حجم الأمطار الساقطة علي منابع النيل يساوى 2000 مليار متر مكعب سنويا إلا إن ما يحمله مجري النيل لا يتعدى 7% من هذه الكمية.

 

وبما أن المصدر الرئيسى للري في الأراضى الصحراوية هو المياه الأرضية فسوف نتناول بشيء من التوضيح المياه الأرضية في جمهورية مصر العربية للوقوف على المستوى الحالى لها وإمكانية استخدامها في توسيع الرقعة المزروعة في الأراضى الصحراوية. وفقاً لما ذكره محمد يوسف صبرى  1998 فأنه يمكن تقسيم مصر على حسب مصدر المياه الأرضية إلى أربعة مناطق هى:

 

§  منطقة وادى النيل والدلتا:  يشكل وادي النيل والدلتا حوالى 4% ( 33 آلف كم2 تقريبا  من مساحة مصر. ومن المعلوم أن النيل خلال مساره وجريانه عبر آلاف السنين قد كون جذور دفينة ضاربة في أعماق الأرض. بالتالى من المنطقى اعتبار نهر النيل جزأين, الجزء الظاهرى أو السطحي وهو الذي ينساب من منابع النيل حتى المصب والجزء الثانى وهو الغير مرئى والذى تكون نتيجة الرشح والنفاذية خلال طبقات التربة . ومياه الجزء الثانى الغير مرئى تستغل منذ فترة طويلة فنجد أن العديد من القرى مازالت تعتمد عليه كمياه للشرب أو لري الأراضى الزراعية, في حالة عدم كفاية مياه الترع, في المناطق المتطرفة من وادى النيل. وخلال تسرب هذه المياه وتخللها عبر طبقات التربة يحدث لها نوع من التنقية أو الفلترة فيكون محتواها من الشوائب والمواد العالقة أقل من المياه السطحية للنيل كما أنها أقل عرضة للتلوث, ولكن يعاب على هذه المياه أن جودتها متوقفة على نوعية طبقات التربة التى مرت خلالها فمحتواها من الملوحة بصفة عامة أعلى من المياه السطحية للنيل حيث يحدث ذوبان لعديد من الأملاح  الموجودة في التربة وتنتقل مع هذه المياه بالتالى هى أكثر ميل للعسر عن المياه العذبة.

 

§  منطقة الصحراء الشرقية:  تشغل الصحراء الشرقية مساحة قدرها 223,000 كيلو متر مربع أى ما يقرب من  28 % من مساحة مصر. ومن الظواهر المميزة للصحراء الشرقية هو الجفاف الشديد, ولكن مع هذا فهى لا تخلو من مصادر أو موارد للمياه الأرضية. ومصدر المياه الأرضية في هذه الصحراء هو الأمطار التى تتساقط علي المناطق الجبلية وتتجمع في رواسب الوديان المتكونة من الرمل والحصى. وهذه المياه بكل المقاييس محدودة وقد تكون على أعماق كبيرة من سطح التربة. و أهم أماكن تجمعات هذه المياه الأرضية هى خمسة مناطق: منطقة الساحل الغربى لخليج السويس  (بين السويس والعين السخنة) والزعفرانة ورأس رحمى ووادى عربة ورأس البر إلى الغردقة كما تشمل منطقة البحر الأحمر من الغردقة إلى سفاجا ومن القصير إلى مرسي علم.

 

§  منطقة الصحراء الغربية: تشغل الصحراء الغربية مساحة  قدرها 680,000 كيلومتر مربع داخل الحدود المصرية أى ما يقرب من 68 % من مساحة مصر. وتمتد ما بين وادى النيل شرقاً حتى الحدود الليبية غرباً. ومناطق الصحراء الغربية من المناطق الجافة ولكن يوجد في باطنها مصادر للمياه الأرضية, ويختلف مصدر هذه المياه حيث أن وهناك تضارب إلى حداً ما في مصدر هذه المياه, فالبعض يؤكد أن مصدرها هو حوض نهر النيل بروافده, والبعض يذكر أن مصدرها الأمطار التي تسقط علي المناطق الشمالية من السودان ثم تنساب تحت الأرض جهة الشمال, في حين يري البعض الأخر أن هذه المياه راجعة لوجود تجمعات قديمة من مياه الأمطار على هذه المنطقة في عصور سابقة.  وبصفة عامة يمكن تقسيم الصحراء الغربية إلى أربعة مناطق رئيسية على حسب المياه الأرضية بها كالتالى:

 

المنطقة الشاطئية للبحر المتوسط: والمياه الأرضية العذبة توجد في هذه المنطقة في صورة طبقة غير عميقة تعلوا مستوى المياه المالحة. ومصدر المياه العذبة هو الأمطار التى تسقط علي هذه المنطقة الشاطئية.

السهل الساحلي للبحر الأبيض المتوسط: ومصدر المياه الأرضية في هذه المنطقة أيضاً هو الأمطار التى تسقط عليها, ويُكون الماء العذب أبار ضحلة في هذه المناطق بمستوى مرتفع عن المياه المالحة ومستوى قاعدة طبقة المياه العذبة هو مستوى سطح البحر.

 

منطقة وادى النطرون: وهي من المناطق التي تشهد تكثيف في الزراعة الصحراوية في الوقت الراهن. و مصدر المياه الأرضية بهذا الوادى قد ترجع إلى الرشح الناتج عن مياه النيل خلال الطبقات المسامية أو ترجع إلى الأمطار التي تسقط علي بعض مناطق السودان وتتسرب خلال طبقات الحجر الرملى شمالاً أو الاثنين معاً (نفس المرجع السابق).

 

منطقة الواحات: والطبقة الحاملة للمياه الأرضية فيها مرتبطة ارتباط وثيق بطبقة الحجر النوبى الرملية المسامية, ومن المعلوم أن هذه الطبقة تبطن قاع الصحراء الغربية على أعماق متفاوتة مكونة خزانات مائية في مناطق عديدة. وتمتاز مياه الواحات بعذوبتها  وقلة نسبة الأملاح بها عن باقى المياه الأرضية في مصر.

 

والجدول التالى يوضح المساحة الكلية  لوحات الصحراء الغربية بمصر (المصدر عصام شوقى و عادل الحسنين (1993)

   

المساحة (مليون فدان)

الواحة

9,0

الخارجة

1,5

الداخلة

3,5

الفرافرة

0,2

البحرية

0,3

سيوة

14,5 مليون فدان

المجموع

 

 

أي أن مساحة الواحات في الصحراء الغربية تبلغ 14,5 مليون فدان, ومن الضرورة بمكان أن نذكر أن ليست كل هذه المساحة قابلة للزراعة ولكن مساحة الأراضى القابلة للزراعة في هذه الواحات وفقاً لنفس المرجع السابق  تبلغ 4,9 مليون فدان فقط و أكبر مساحة قابلة للزراعة تتركز في جنوب الخارجة 3مليون و 250 آلف فدان. ونسبة الأراضى المزروعة حالياً بالواحات لاتتعدى 5% من المساحة الكلية التي يمكن زراعتها بنجاح.

 

§  منطقة شبة جزيرة سيناء: تشغل شبة جزيرة سيناء مساحة قدرها 60,088 كيلو متر مربع أى حوالى 6 % من مساحة مصر, وهي علي شكل هضبة مثلثة الشكل قاعدتها علي البحر المتوسط ورأسها على البحر الأحمر.

 

ويختلف المؤرخين في أصل كلمة سيناء ومعناها ولماذا سميت بهذا الاسم. ويشير البعض إلى أن معنى كلمة سيناء هو الحجر وذلك لكثرت ما بها من أحجار ومرتفعات, وقد أطلق عليها قدماء المصريين بالهيروغليفية توشريت ومعناه أرض الجدب والعراء, وذكرت في التوراه بمعنn حوريب أى الأرض الخربة, ويذكر بعض المؤرخين أن كلمة سيناء مشتقة من أسم الإله سين اله القمر في بابل القديمة والذى انتشرت عبادته قديماُ في غرب أسيا.  ومصدر المياه الأرضية في سيناء يرجع إلى الأمطار التي تسقط فوق مناطقها الجبلية, وتكون الأمطار أكثر انتظاما في السقوط عن منطقة الصحراء الشرقية.  ومياه الري في سيناء مصدرها الرئيسى الآبار المحفورة في هذه المنطقة وخاصة في مناطق الوديان مثل وادى العريش والطور. كما أن هناك مياه الينابيع التى يمكن الاعتماد عليها في الري. والمياه الأرضية في سيناء تتصف بتنوع كبير في تركيبها وفقاً للتركيب الجيولوجى للأرض وتطورها وتحول الصخور ومدى تجويتها وكذلك مادة الأصل وطبيعة الترسيب شاملة نسبة تراكم الأملاح والخواص الحرارية للقشرة الأرضية. ويقسم صبرى يوسف  ( 1998)  المياه الأرضية في سيناء إلى أربعة مناطق رئيسية لكلاً منها مواصفاته كالتالى:

     المياه الأرضية في مناطق شمال وغرب سيناء .

                       المياه الأرضية في حوض وادى العريش .

               المياه الأرضية في مناطق أحواض الصرف تجاه خليج السويس .

            المياه الأرضية في مناطق  صرف خليج العقبة .

 

نظرة على المياه السطحية للوطن العربى:

من الضرورة بمكان أن نلقى نظرة علي موارد المياه السطحية في مصر والوطن العربي ومنبع هذه الأنهار ومقارنة التصريف السنوى (كمية المياه التي تمر خلال نقطة معينة في السنة) بهذه الأنهار للوقف على وفرة المياه بمصر والوطن العربى.

 ويبلغ نصيب الدول العربية الواقعة في قارة أسيا من المياه السطحية نحو 40% والدول العربية الواقعة في قارة أفريقيا 60% من إجمالى المياه العربية السطحية. وتعد العراق أغنى الدول العربية  الأسيوية في المياه السطحية حيث يبلغ تصرفها ما يقرب من 70 % من أجمالى تصرف المياه العربية الأسيوية يليها سوريا 20% من أجمالى التصرف العربى الأسيوى, بينما تعد السودان هي أغنى الدول العربية الأفريقية 52,5% من التصرف العربى الأفريقى يليها مصر 25% من التصرف العربى الأفريقى (المصدر عصام شوقى و عادل الحسنين 1993)

 

والجدول التالى يوضح متوسط تصرف الأنهار مستديمة الجريان في الوطن العربى.

قارة أفريقيا

قارة أسيا

التصرف (مليار م3)

الدولة

التصرف (مليار م3)

الدولة

13,00

الجزائر

2,20

السعودية

2,60

تونس

0,10

الإمارات

20,00

المغرب

0,00

الكويت

7,80

موريتانيا

0,00

البحرين

122,80

السودان

0,00

قطر

59,50

مصر

1,37

عمان

8,20

الصومال

2,40

اليمن

0,00

جيبوتي

0,88

الأردن

0,15

ليبيا

104,00

العراق

 

33,80

سوريا

4,80

لبنان

4,00

فلسطين

234,05

الإجمالي

153,45

الإجمالي

(المصدر أحمد عصام شوقى و عادل سعد الحسنين 1993)

ومن المعروف أن نهر النيل هو أطول أنهار العالم وتهطل على حضوه في دول المنبع كمية هائلة من الأمطار تبلغ جملتها 2000 مليار متر3/العام ولكن مع طول مجري النيل ومروره بأجواء مختلفة معظمها حارة أو حارة جافة يبدد الكثير من هذه الثروة المائية الضخمة ليصبح نهر النيل من أقل أنهار العالم دفقاً للمياه, ومعدل دفق المياه بالنيل لا يزيد عن 7% من أجمالى الأمطار الساقطة على حوضه. والجدول التالى يوضح لنا دفق المياه بالنيل مقارنة ببعض الأنهار الأخرى (الصادق المهدي 2000):

 

معدل دفق المياه (بالمليار م3)

طوله بالكيلومتر

أسم النهر

125

6670

نهر النيل

6930

6280

نهر الأمازون

580

5985

نهر الميسيسيبي

1460

4370

نهر الكنغو

995

5520

نهر يانقسيانج

320

border-right: windowtext 0.5pt solid; padding-right: 5.4pt; border-top: #f4f4f4; padding-left: 5.4pt; padding-bottom: 0cm; border-left: #f4f4f4; width: 70.1pt; padding-top: 0cm; border-bottom: windowtext 0.5pt solid; background-color: transparent; mso-border-le
المصدر: دكتور حمدى إبراهيم
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 514 مشاهدة
نشرت فى 25 يونيو 2011 بواسطة hamdy-Ibrahim

ساحة النقاش

حمدى إبراهيم محمود إبراهيم

hamdy-Ibrahim
[email protected] 0124278874 حاصل علي درجة الدكتوراة في كروم العنب من المعهد القومي للبولى تكنيك بفرنسا عام 2001 أستاذ بساتين الفاكهة المساعد بكلية الزراعة جامعة المنيا من 2010 حتى تاريخة المؤلفات كتاب العينات النباتية جمعها وتحليلها (تأليف د/ حمدي إبراهيم - الناشر دار الفجر القاهرة 2010), إنتاج أشجار الفاكهة في الأراضى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

112,582