يا قدس معذرة بقلم شعر أحمد مطروتقديم أ.حمادة نصار
يا قدس معذرة
شاعرنا عراقي الأصل ترك وطنه لأنه تمرد على قوانين الشعراء ، فلم يكن له قضية بقدر ما كان هو نفسه قضية ، قراءة شعره علناً تهمة يعاقب عليها القانون في كل بلاد العرب . ولذا فالكتابة عن شاعر متمرد على الأوضاع المقلوبة والحقوق المسلوبة فى أوطاننا المستباحة أرضا وعرضا - فى قامة (أحمد مطر) - كتابة محفوفة بالمخاطر. على المغامر المقامر،خواض الغمرات الذي يتعرض لهذه النوعية المتمردة من القصائد أن يعلم قبل كل شئ أنه بهذا العمل يقتحم منطقة العظمتين والجمجمة !! . وذلك لأن الشاعر نجح فى تحويل مفردات اللغة من معناها القاموسي المجرد إلى كائنات متوحشة تفترس المستهدفين بها دون رحمة أو شفقة.. وكذلك نجح فى تحويل اللغة البسيطة المتداولة التي يجيدها المثقفون وتستعصي على العوام إلى أحزمة ناسفة لها قدرة تفجيرية عالية دونها قنابل حلف الأطلسي!!قد يحسبها المعنيون بها عارضا مستقبل أوديتهم بل هي ريح فيها عذاب أليم، تدمر كل شئ بإذن ربها.. ربما تكون هذه العبارات هي ما يدور في خلد كل عربي حين يفرغ من قراءة قصيدة لضيف بابنا اليوم ! فقد استطاع التعبير عن كل هموم كل العطشى الباحثين عن رشفة من الحرية في أرض قاحلة لم يهطل عليها " مطر " الحرية منذ قرون ! شاعر .. تحفظ الناس قصائده عن ظهر قلب رغم أن أغلبهم لا يعرف صورته فهي لم تتصدر الصفحات الأولى ولم يحل ضيفاً في فضائيات العرب صباح مساء ، ولم يدغدغ مشاعر المراهقين بقصائد الخصر والنهدين ! شاعر.. تحفظ الناس قصائده ، رغم أنها من المحرمات في عرف معظم الدول ! شاعر .. حاربه مقص الرقيب حتى " قصه " من جذوره ليعيش مقصوصاً خارج الوطن .. إلا من قلوب الناس ! أود أن أرفع رأسي عالياً *** لكنني أخاف أن يحذفه الرقيب !! شاعرنا الذي تنطلق كلماته لتثير الرعب في قلوب كل الجبارين ، وكل من ترتفع قاماتهم لا لشيء إلا لأنهم يقفون على أكوام من جماجم الناس ، لازال يحلم أن يعود لوطنه في حرية ليتنفس عبق تراب الوطن الذي حرم منه ! حين تسابق كل الشعراء ـ أو أغلبهم ـ ليقدموا لنا "الفتات" كان شاعرنا يصر على أن يقدم لنا ( اللا .... فتات) !! شاعرنا متهم بالحرية ومريض بالقلم !! والقصيدة التي بين أيدينا اليوم قصيدة ينفث فيها بعض زفرات الأسى على قدس الأقداس التي تئنّ تحت وطأ ة الأسر المهين منذ ما يقارب نصف قرن من الزمان ولا تجد من يسعى لفك أسرها وذلك نتيجة لحالة الكساح التي تحياها الأمة من المحيط إلى الخليج دولا ً وشعوب ..وقد استطاع أن يرسم بكلماته الموحية لوحة فنية بارعة الجمال فيها اللون والحركة والإحساس، لذا فأنت أمام كائن حي يمتلك المبادأة والحركة والاندفاع ..بل ويمتلك القدرة على المحاورة والمناظرة والإقناع...كائن يشعر بما نشعر..ويغضب مثلما نغضب..ويبكى بغير دموع ويئن ولا يكاد يبين!!والآن إليكم البكائية كاملة وعليكم السباحة فى الأقاصي البعيدة للمعاني. قصيدة : يا قدس معذرة للشاعر أحمد مطر يا قدس معذرة يا قدس معذرة ومثلي ليس يعتذر ما لي يد في ما جري فالأمر ما أمروا وأنا ضعيف ليس لي أثر عار علي السمع والبصر وأنا بسيف الحرف أنتحر وأنا اللهيب .. وقادتي المطر فمتي سأستعر ؟! ***** لو أن أرباب الحمى حجر لحملت فأسا دونها القدر هوجاء لا تبقي ولا تذر لكنما .. أصناما بشر الغدر منهم خائف حذر والمكر يشكو الضعف إن مكروا فالحرب أغنية يجن بلحنها الوتر والسلم مختصر ساق علي ساق وأقداح يعرش فوقها الخدر وموائد من حولها بقر .. ويكون مؤتمر ***** هزي إليك بجدع الهذر عاش اللهيب .. ويسقط المطر ! ***** يا قدس يا سيدتي .. معذرة فليس لي يدان وليس لي أسلحة وليس لي ميدان كل الذي أملكه لسان والنطق يا سيدتي أسعاره باهظة والموت بالمجان ! ******** سيدتي أحرجتني فالعمر سعر كلمة واحدة وليس لي عمران أقول نصف كلمة ولعنة الله علي وسوسة الشيطان : جاءت إليك لجنة تبيض لجنتين تفقسان بعد جولتين عن ثمان وبالرفاء والبنين تكثر اللجان ويسحق الصبر علي أعصابه ! ********* سيدتي .. حي علي اللجان !