العمليات الفدائية استشهاد أم انتحار(2)

العمليات الفدائية" استشهاد أم انتحار؟"

اقترن أسلوب العمليات الفدائية بمقاومة الاستعمار خلال النصف الثاني من القرن العشرين، حيث لجأ العديد من حركات التحرر من الاستعمار إلى قيام مقاتليها بتفجير عبوات ناسفة يحملونها في وسط تجمعات من جنود الاحتلال ، وتزايدت هذه النوعية من العمليات وتنوعت صور تنفيذها؛ فتارة كانت تتم بتفجير سيارة ملغومة بواسطة سائقها، وتارة بواسطة حزام ناسف يرتديه من سيقوم بالعملية ، أو حقيبة متفجرات يحملها معه ويركب بها في حافلة مزدحمة بجنود الاحتلال، ثم بدأت هذه النوعية من العمليات تتجه إلى تنفيذها في أماكن يتواجد بها هؤلاء الجنود وغيرهم من المدنيين سواء من أبناء القطر المحتل أو من المستعمرين مما كان يؤدي إلى وقوع ضحايا من الأبرياء.

ومع وجود فارق ضخم في موازين القوى بين هذه الحركات والمستعمرين، ازداد عدد هذه العمليات انطلاقاً من كونها تمثل وسيلة فعالة في مقاومة الاستعمار وتعوض الفارق الضخم في موازين القوى والتي تميل لصالح المستعمرين.

ومنذ ظهور هذه النوعية من العمليات والنقاش محتدم حول مدى جوازها من الناحية الشرعية

العمليات الاستشهادية بين التأييد والمعارضة؛ يمكن رصد موقفين مختلفين من هذه القضية.

الموقف الأول: الموقف المؤيد لهذه العمليات والذي يعدها من جنس العمليات الاستشهادية.

الموقف الثاني: وهو الموقف الرافض لها ، ويعدها من قبيل العمليات الانتحارية.

ونستعرض كل موقف منها بالتفصيل.

العمليات الاستشهادية " المؤيدون:"(أ)

يؤيد العديد من العلماء المعاصرين هذه النوعية من العمليات استناداً إلى الآتي:

1-إنه يجوز للمسلم أن يهجم على صف العدو ليحدث فيه نكاية حتى لو غلب على ظنه أنه يقتل، وأن هذا لا يعد من قبيل إلقاء النفس في التهلكة، وهو ما ذهب إليه العديد من علماء السلف الصالح ووضعوا له قيوداً ينبغي الالتزام بها.

2-إن الذي يُقدم على تفجير نفسه من أجل إعلاء كلمة الله ولتحرير وطنه من المستعمرين لا يمكن إطلاق اسم المنتحر عليه لأن المنتحر لا يموت من أجل مبدأ أو دين بخلاف الذي يقوم بهذه العملية.

ونذكر مختصراً لأقوال المؤيدين لهذه العمليات من المُهاجرين:

الشيخ يوسف القرضاوي: اعتبر أنها عمليات مشروعة طالما توفرت فيها الشروط المطلوبة ولا تعد من قبيل إلقاء النفس في التهلكة.

الشيخ محمد الحاج ناصر -خبير في مجمع الفقه الإسلامي الدولي بالمغرب -

يرى أنه إذا استوفى رجل شروط الشهادة وانتدب نفسه لتحقيق مصلحة محققة فيرجى له نيل الشهادة.

الدكتور فتحي الدريني عضو مجلس الإفتاء الأردني؛

يرى جواز ذلك طالما كان ذلك موجهاً لعدو الدين والوطن ولا يعتبر قاتلاً لنفسه ولكن يعتبر شهيداً لأن الأمور بمقاصدها وذلك كما يحدث في فلسطين.

سعيد قفة عالم ومفكر إسلامي: قال "هذه العمليات بالأراضي المحتلة لا تعد انتحاراً إِنما هي شهادة في سبيل الله.

الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر السابق: يرى أن هذه العمليات الفدائية التي يقوم بها المسلمون في فلسطين والشيشان تدخل في الجهاد المشروع وتعد استشهادًا في سبيل الله، وذلك بخلاف خطف الطائرات التي ينطوي تفجيرها على احتمال مقتل أبرياء مسالمين.

(ب)العمليات الاستشهادية "المعارضون":

يذهب بعض العلماء المعاصرين إلى حرمة اللجوء لهذه العمليات ويستندون إلى الآتي



1-إن هذه العمليات تنطوي على قتل الإنسان لنفسه بيقين وهو أمر محرم في الشريعة؛ لقوله تعالى (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ).

2-إن الإقدام على هذه العمليات يندرج في إلقاء النفس في التهلكة وهو أمر منهي عنه؛ لقوله تعالى (وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) وردوا على استدلال المؤيدين بجواز اقتحام الرجل لصفوف الأعداء لإحداث نكاية فيهم ، ولو مع غلبة الظن بقتله بأن هناك فارقاً بين هذه المسالة ومسألة تفجير الانسان لنفسه ويتمثل هذا الفارق في أمرين :

الأول : إن مقتل الذي يقوم بالعملية الانتحارية يتم بيده هو وهذا يعد انتحارًا ، بينما مقتل الذي يحمل على صفوف الأعداء يكون بيد غيره.

الثاني: إن الذي يحمل على الصف يغلب على ظنه أن يقتل ويمكن أن ينجو، أما الذي يقوم بهذه العملية الانتحارية على يقين من القتل ولا توجد لديه فرصة للنجاة.

وممن قال بهذا الرأي عدد من العلماء المعاصرين نذكر جانباً من أقوالهم مختصرة

الشيخ عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ المفتي العام بالسعودية.

حيث اعتبر ان الإثخان في العدو مطلوب لكن ينبغي ان يكون بالطرق المشروعة، واعتبر العمليات الانتحارية ليس لها وجه يبيحها.

الشيخ ناصر الدين الألباني: اعتبر أنها تجوز عندما يكون هناك حاكم مسلم يقيم الجهاد الإسلامي ويحدد من يقوم بهذه المهمة، أما إذا لم يوجد مثل هذا الحاكم فلا يجوز الإقدام عليها

الدكتور صالح بن غانم السدلان أستاذ الدراسات العليا في جامعة محمد بن سعود الإسلامية.

اعتبر أن من فعل ذلك وهو يتيقن مقتله لا يجوز له الإقدام عليها أما إن كان يظن النجاة فهذا إن قتل فهو شهيد إذا كان في معركة لإظهار الحق وفى سبيل الله، أما من فعل ذلك لإغاظة العدو وبناء على قول سمعه من واحد من اهل العلم فلا يسمى قاتلًا لنفسه؛ لأنه معذور.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 285 مشاهدة
نشرت فى 2 سبتمبر 2014 بواسطة gy

الجماعة الإسلامية ببنى مزار

gy
نحن جماعة دعوية تدعو للخيروتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكروتنصر المظلوم. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

20,742