لما انبثق فجر الإسلام واطل على الدنيا بنوره الوضاء انبرى لإسقاط التقاليد الجاهلية البالية ، وأشاد للإنسانية دستورا خالدا يلائم العقول النيرة والفطرة السليمة ، ويواكب البشرية عبر الحياة . فكان من صلاحياته انه صحح قيم المرأة وأعاد إليها اعتبارها ومنحها حقوقها المادية والأدبية بأسلوب حكيم ، لا إفراط فيه ولا تفريط ، فتبوأت المرأة المسلمة في عهده الزاهر منزلة رفيعة لم تبلغها نساء العالم . لقد ابلغ الإسلام واقع المرأة ومساواتها بالرجل في المفاهيم الإنسانية واتحادها معه في المبدأ والمعاد ، وحرمة الدم والعرض والمال .. ليسقط مزاعم الجاهلية إزاء تخلف المرأة عن الرجل في هذه المجالات . {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } . وكان بعض الأعراب يئد البنات ويقتلهن ظلما وعدوانا ، فجاء الإسلام ناعيا ومهددا على تلك الجريمة النكراء ، ومنح البنات شرف الكرامة وحق الحياة : {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ }.الدين الإسلامي منح المرأة حريتها وقد حررها من الأسر الخانق والعبودية المقيتة ، ومنحها حرية الزواج الكفوء فلا يصبح تزويجها إلا برضاها بعد ما كانت تباع وتشترى ولسيدها حرية التصرف بها !! رباط السالفة للأسف الشديد مازال هناك أشخاص يتمسكوا بأعراف وتقاليد الجاهلية التي تهين المرأة وتقلل من شانها وتجعلها محتقرة ، فمنهم إذا أراد إن يتكلم ويذكر المرأة إمام الرجال يقول :( تكرموا من طاريها ) أو بألفاظ مشابهة لهذا القول .. لأنها بنظرة منقصة ونجسة ! ولا قيمة لها ، إذا كان كذلك فلماذا يلتجأ إليها كزوجة وربت ...؟ هؤلاء الأشخاص لم يمتلكوا من الثقافة والوعي والدين أي شيء فتصرفاتهم تنافي القران والدين الإسلامي وما جاء به من قوانين وإحكام شرعية تحرم اهانة الإنسان بشكل عام والمرأة بشكل خاص ، فمنهن الشهيدة والبطلة والمجاهدة .. والتاريخ كفيل بذكر شواهد كثيرة بهذا الصدد ، والذي يزيد الطين بلة بعض من المتعلمين الذين يعيشوا في بيئة غير متعلمة ينهجوا بنهج إبائهم وأجدادهم من تحقير المرأة وجعلها بنظرهم عبده منفذة ومطيعة لأوامرهم .. وبعضهم يتزوجها لغرض استغلالها للعمل في مزرعته أو حقله ... إضافة الى عمل بيتها ورعاية زوجها وأولادها .. يعاملونها معاملة خالية من الإنسانية والقيم الأخلاقية .. ولم يعطوها ابسط حقوقها ، ولا يوجد لديها أي قرار أو رأي بصدد موضوع معين ..  فتبقى مهمشة مركونة لا حول ولا قوة لها إمام أناس جهال أعراب ! أقول أيها الجهلة اتقوا نارا وقودها الناس ، إن عملكم لن يرضى عليه الله ولا رسوله ، الرجال والنساء سواسية لا يوجد تمايز بينهم إلا بالتقوى والعمل الصالح فلماذا هذا التحقير ، انتبهوا الى أنفسكم وراجعوا إليها وحاسبوا أنفسكم قبل إن تحاسبوا، واستغفروا ربكم واتركوا تقاليدكم التي لن تجلب لكم إلا الظلم للنساء أولا ولأنفسكم ثانيا ،  اجعلوا الرسول "ص" قدوة بإعمالكم {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً } فهناك امرأة تفيض بالمشاعر لوطنها وإسلامها ..فهي إنسانة تشارك الآخرين .. إنسانة تفكر كما يفكرون ..وتعمل كما يعملون ..هناك امرأة تتحمل المخاطر إثناء خدمتها وتربيتها للجيل الصالح وإيجاد الإنسان السوي وإعداد الشباب المؤمن المسلح بالعقيدة وحب الوطن فهي تساهم بوضع اللبنة الأساسية الأولى التي تساهم في بناء المواطن الصالح ..

المصدر: غانم سرحان صاحي [email protected]
  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 138 مشاهدة
نشرت فى 17 مارس 2011 بواسطة ghanem0000

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

20,797