الشهادة والتخرج هاجسان يسعى الشباب لتحقيقها أملا في مستقبل مشرق زاخر بالأماني والأحلام للانخراط في الدوائر الحكومية أو حتى في المؤسسات المدنية ليسهموا بالبناء الفاعل للحضارة التي تمثل كل دولة بالإضافة إلى تحقيق الذات التي نعيشها جميعا من اجل الوصول بها إلى مراتب عالية ومكانة أفضل.. يمضي الشباب فترة دراستهم في جد وكفاح من اجل التخرج ليجدون أنفسهم بعدها متسكعين في الطرقات العامة أو مقاهي الانترنيت ...!! بانتظار فرص العمل التي قد لا تأتي بعد أعوام !! يهيم خلالها الشاب على وجهه ويعيش حالات الفراغ التي تؤدي به إلى انحرافات عدة يحاسبه عليها القانون ومن ثم المجتمع. إضافة للفقر والعوز والمضي خلف سراب الغد والانتكاسات النفسية التي تؤدي أحيانا إلى الانتحار لدى بعض منهم لشعورهم بالفشل وإحساسهم بعدم أهميتهم في المجتمع مما أدى بالكثيرين منهم إلى الهجرة والبحث عن فرص العمل خارج حدود البلاد !! قسم قليل من الشباب ومن حملة الشهادات وأصحاب الاختصاص ومن حالفهم الحظ التجأ الى إبرام عقد وقتي أو اجر يومي – ليس بالسهل – مع بعض الدوائر التي تفتقر الى طاقات شبابية واختصاصات تتناسب مع شهاداتهم أو خبرتهم في العمل .ليسهموا في تطوير البلد والتقدم ومحاربة البطالة وتشغيل أيادي عاملة من ذوي الاختصاصات والخبرة ، مسالة عدم التعيينات والبطالة جعل قسم من الخريجين يعملون برواتب رمزية جدا . لا بل وصل بهم الأمر الى إن يعملوا باجر يومي وكل حسب اختصاصه وكذلك هناك عدد من الخريجين عملوا بصفة منظف شوارع ( عامل تنظيف) وبعض من ذي حظ عظيم. عمل بداخل الدائرة كموظف . لكن شارك إخوته المنظفين بصفتهم كـ( منظف) إلا إن الأجر اليومي الذي يتقاضاه هذا الخريج بداخل الدائرة اقل بكثير من الذي يتقاضاه المنظف ، بذريعة إن مشاق العمل اقل من الذي يجول بالشوارع ويتحمل المشاق من برد الشتاء وحر الصيف ولربما يصاب بخطر ، إلا إن الخريجين قانعون بنصيبهم بهذه الدنيا وكما يقال ( الرضا بالمقسوم عبادة ) صبروا وجاهدوا وتحملوا الأمرين من الذل والخضوع من بعض مسؤوليهم وتحقيرهم بقولهم ( أين شهادتكم أصبحتم عمال، وأي تقصير منكم أنزلكم بالشارع لان تم تعينكم على أساس منظف وهذا فضل منا جعلناكم تعملون مع الموظفين !!) ، علما من يطلق هذه العبائر الجارحة لن يمتلك من الثقافة أي ذرة ولا حتى يستطيع إن يتكلم جملة مفيدة أو حتى له السيطرة على لسانه من الألفاظ البذيئة، فضلا عن شهادته التي لا تتعدى المتوسطة بالحقيقة، وما خفي كان أعظم والعاقل يفهم. تحملوا كل هذا وذاك ( لا ) لأنهم يرضخون للذل والخضوع بل يتأملون مستقبل مجهول من اجل إن تلتفت عليهم الحكومة بعين الرحمة بتعينهم أو بأقل الأمنيات جعلهم عقود أو زيادة أجرهم اليومي ؛ لان القليل أفضل من الحرمان (هذا إذا تشكلت الحكومة ) فبعض العاملين بالدوائر صار لهم سنوات عدة وهم يعملون باجر يومي دون إن تأخذ قضيتهم بالحسبان من قبل مدرائهم بان يكتبوا لمرؤوسيهم بطلب الحاجة لخبراتهم فضلا عن الحكومة التي لم تبادر بتثبيتهم ، أو حتى تفكروا بهم فهم أصبحوا في خبر كان ودون التاريخ جهودهم في صفحات أكل وشرب النسيان عليها !!! فترى بعض من المدراء أو المسؤولين الذين يحسون بالنقص في شخصيتهم وعدم الثقة بالنفس ، أو الذين لا يعرفون معنى القيادة والإدارة . جعلوا العاملين في الدائرة من الخريجين وبالأخص ( الأجر يومي ) ضحية لسوء تصرفاتهم وعدم اتخاذ قرارات صائبة بحقهم . المدراء لم يجدوا من يفرضوا عليه شخصيتهم غير هؤلاء المساكين الذين ذاقوا الأمرين من اجل لقمة العيش لسد أفواه عوائلهم ومتطلباتهم وسط هذه الظروف القاسية التي يعيشها اغلب العراقيين . العامل بالأجر اليومي من السهل جدا إن تنتهي خدماته بمجرد قرار من المدير أو المسؤول عنه لا لتقصير منه، ولكن بعض الأحيان مزاجية المدير تفرض هذا الشيء حتى يشار له بالبنان بان المسؤول الفلاني ( ضابطها) نسى الحكمة القائلة ( إذا كان رب البيت بالدف ناقرا....) وباقي الحكمة أو المثل تعرفوه. المدير الذي لا يمتلك شخصية قوية أو حنكة في الإدارة أو حتى لا يلتزم بأوامر مرؤوسيه في بعض الأحيان تراه تأخذه الريح يمينا وشمالا ويتعرض الى التوبيخ ولربما يصل به الأمر الى التجاوز عليه من قبل مرؤوسيه لعدم طاعته للأوامر لسوء فهمه للإدارة، فتأخذه الآراء تارة الى هنا وأخرى الى هناك، والطامة الكبرى فمنهم من تراه يخضع لأوامر زوجاتهم التي تعمل معهم بنفس المؤسسة بتنفيذ ما تريد هي وتسيير العمل على مزاجيتهن وأرائهن ضاربات القوانين بعرض الحائط، ولم يجدن من يحاسبهن، ولا حتى الموظفين تكون عندهم الشجاعة بالوقوف بوجههن لتقصيرهن وتدخلهن بأمور الدائرة. كل واحد يقول ( عليه بنفسي وبس ما نريد مشاكل ) تجنبا لألفاظها الغير لائقة والجارحة من بعضهن هؤلاء النسوة تخضع لضغوطات نفسية واجتماعية مما جعلهن هكذا يتصرفن فتراهن يكرهن اغلب الموظفين والموظفات وبالأخص ممن لديهن أطفال لربما لعدم رزقهن بالأولاد الحكمة ربانية، أو لأسباب نفسية أخرى هن اعلم بها. المدير الذي لا يستطيع على قيادة أسرته فكيف به إن يقود دائرته، فترى بعض المدراء يستغلون منصبهم وصلاحياتهم المخولة لهم بتهديد من يعمل عنده بالدائرة بصفة أجير يومي ممن قضى سنوات عدة بين أروقتها. أما إن ينهي خدماته أو يعمل كموظف استعلامات وهو يعلم ان الموظف لا يمكن له الاستمرار بالعمل المكلف به، فترك عمله وضحى بسنوات عمره من الصبر وتحمل كل المصاعب دون ان يجني ثمار تعبه وصبره، وبالتالي إذا كان سابقا يتأمل التعيين أصبح خالي الوفاض حتى من الأحلام التي كان يعيشها هو وأسرته .
عدد زيارات الموقع
21,672
ساحة النقاش