غادة هيكل

جميع موضوعات غادة هيكل من مقال وقصة وقراءات هو ملك لغادة هيكل

فنجان قهوتي
*******
مزيج مِن الشاش والقطن، وبعض من جبيرة، تُفاجأ بها مِن خلف شاشتَين زجاجيتَين تُسمى عينَين بالكاد يرى بهما ما تحطَّم منه، مثبَّت فوق جدار خشبي مرفوع القدم، والثانية لا يُمكن تحريكها، حاولَ أن يتحسَّس رأسه بيده السليمة، اطمأنَّ أن عقله ما زال قابعًا داخل تلك الجُمجمة الملفوفة بالشاش، حاول أن يتذكَّر ما تبعثر منه على قارعة الطريق ولماذا؟ آه... الآن تذكَّرَ: كنتُ أشرب فنجاني الصباحي من القهوة، أتاني عامل البوفيه قائلاً: هناك مَن ترغب في رؤيتك يا سيدي، وعندما هممتُ بسؤاله: مَن؟ كان قد اختفى مِن أمامي، اضطررتُ إلى الخروج لأرى مَن يطلبني، تلفتُّ يمينًا ويسارًا أبحث عنها، وقفتُ كثيرًا لم أجدْها، ظللتُ أتفرَّس وجوه المارة لعلي أجدها، وكأني كنتُ على موعد معها، وعند عودتي إلى فنجان القهوة الذي لم أرتشف منه سوى بعضها - تذكَّرتُها، وراودتْني الأسئلة:

هل يمكن أن تكون هي؟ وهل ما زالت تعلم أني آتي إلى هنا؟ كم كانت لنا لقاءات هنا كثيرة، وكم ارتشفْنا من فناجين القهوة وتبادَلْنا الفنجان، حتى نظل على ميعاد، ولا تُفرِّقنا الأيام! ولكن تلك العرافة السمراء التي أتَت فجأة هي مَن فرَّق بيننا، عندما قرأت لها أن طالعها يقف فيه بيننا هذا الشاب القويُّ البِنية الذي يُصارع، وله شهرة ومُعجَبون كُثُر، عندها ضحكت، وبعدها لم تأتِ في ميعادي، ثم رحلت بعيدًا، نعم، وهي الآن مَن بعثرتني على الطريق؛ فلقد أخذت بفكري، وضلَّلت بشبحِها عقلي، وصرعتني ممزَّقًا بين المارة بتلك السيارة السريعة، وأنا هنا الآن مُعلِّق بصري بتلك النافذة، أرقب المارة؛ لعلَّ شبحها يُعاودني فيردني إلى فنجاني أرتشف منه بقاياي الميتة.

ghadahekal

غادة هيكل

  • Currently 1/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
1 تصويتات / 465 مشاهدة
نشرت فى 22 يناير 2013 بواسطة ghadahekal

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

24,505