عودة الحياة
*********
وقف متوسطا الحجرة الفخمة ، ظهره إلى الباب ،تطلع إلى أركانها المكتظة المرتبة بشكل أنيق ،يلقى بمقدمة رأسه ناحية الشرق ،اللون الأحمر يغلب على لون الجدار ، فهو يعشق ترتيب اللون الواحد ، ولكنه هناك يبرز بلونه الاسود القاتم بينها ، من وضعه هكذا بحجمه الكبير المنفر ذاك، نعم انه ينادينى مرة أخرى ، - لا لن ألتفت لك – لقد سئمت أفكارك وسمومك وهرطقتك،كم من ليال سهرتها فى معيتك، أنت وشياطينك، حتى خيل إلى أن الجماد قد تحرك من حولى ، فجنيت على عقلى وفكرى ،وامتصصت ما بقى لى من قوة فى جسدى ، حتى أنقذنى هذا الركن الهادئ الجميل إلى نفسى ، ركن المحبة والسلام وتلك الباقة الرائعة التى أهدانيها أبى لكى تتدخل فى الوقت المناسب فتبقينى على قيد الحياة وتحملنى إلى عالم الحق والحقيقة ، تلك التى أعادت لى الثبات وأعملت عقلى مرة أخرى ، وأسكنت النور بقلبى ، الذى سلبته منى أنت وأخوانك أصحاب الزى الأحمر ،وقف لحظة واستدار ناحيتها بكل قوة وعزم ، لم أعد أخاف ولكن لماذا احتفظ بك عندى ، لماذا لم أتخلص منك ؟لمَ لم أشعل النيران فيك كما أحرقت نوازع الايمان بداخلى ، -يوما ما وفى القريب يحدث - هدأت نفسه رويدا وهو ينظر إلى هذا الركن الحبيب إلى قلبه ، معشوقه القديم الذى أهمله وغاب عنه ، سنوات لم يقربه ولم يضف إليه جديد، هذا الركن الذى يغازل الهوى ويطوف به أركان الدنيا بعطرها وحبها ومغامرات العشاق فيها ، هذا المزركش بكل ألوان قوس قزح ، وجماليات الطبيعة ، انه هدأة الليل وسكون الريح ونسيم الصيف العليل الذى يداعب خاطرى فيعيش بى وأعيش به ، انه قصة عمرى ، وكينونة ذاتى ، ونداء الروح كلما غابت فى غياهب تلك التعاويذ والسحر ، انه ركن الحياة وبسمتها وفلسفتها وتاريخ ولادتها ، انه ركن الحياة ،عادت له ابتسامته ، قرر اعادة ترتيبها ، سوف أتخلص مما يؤرقنى ويسحب روحى إلى مدارات الغيب ، ويسلب جسدى نبض الحياة ، ويضيع عمرى بين مرايا التخبط ومتاهات اللا منطق ، سوف أهب الحياة لمن أهملتهم ولمن وهبونى الحياة ، سوف أنتقى أجمل ثيابى وأذهب للقاءها غدا لابشرها بعودتى للحياة .
نشرت فى 22 يناير 2013
بواسطة ghadahekal
عدد زيارات الموقع
24,855
ساحة النقاش