إن أحد الحلول الجزئية لمواجهة الحاجة المتزايدة من الطاقة، وارتفاع أسعار البترول ، والتوافق مع قوانين البيئة التي تهدف إلى الحصول على هواء نظيف هو البحث عن مصادر جديدة للطاقة، ولذلك فقد ازدادت في السنوات الأخيرة، الأبحاث الخاصة باستخدام الخميرة في إنتاج كحول الإيثانول (CH3CH2OH)، بغرض استخدامه كوقود. وقد أتاح هذا المصدر الجديد للوقود الفرصة أمام المزارعين لتنويع اهتماماتهم، وتوفرت أسواق جديدة للحبوب الفائضة، وازدادت أسعارها بعد ما أصبحت مواد خام لإنتاج الإيثانول ، بغرض مزجه مع البنزين ليستعمل كوقود لوسائل النقل.
يعتبر إنتاج الإيثانـول بغـرض استخدامـه كوقـود مجــالاً جديداً من مجـالات التكنولوجيـا ، حيث أن الإنتاج الكلي من الإيثانول في أستراليا على سبيل المثال يبلغ حوالي 155 مليون لتر إلا أن حوالي 50 مليون لتر منها فقط مستعملة للمزج بالبنزين، لتستعمل كوقود لوسائل النقل، علماً بأن هذه النسبة تقل عن ذلك كثيراً في معظم بلدان العالم بل إن هناك بلاد لم تبدأ بعد في تنفيذ هذا النظام.
وقد ظهرت في الأشهر الأخيرة من سنة 2002م ، تعليقات سلبية كثيرة خاصة باستعمال الإيثانول كوقود، وركزت هذه التعليقات على ادعاءات الضرر الذي يمكن أن يحدث لمحركات وسائل النقل من جراء استعمال المزيج المحتوي على أكثر من 10 بالمائة إيثانول. لكن الدراسات التي كلفت الحكومة الأسترالية عدد من المختصين بإجرائها في سنة 2004م ، أكدت أن استعمال الإيثانول كوقود يتضمن منافع بيئية وتطوير للصناعات الإقليمية ، وأن مصادر المواد الخام اللازمة لتصنيعه متوافرة ومتجددة، وبالنسبة لمحركات السيارات فلا يحدث لها أي ضرر كما أنها ليست بحـاجـة إلى أي تعديـل عندمـا يستعمـل البنـزين مع الإيثانول بحــدود 24 %.
وعلى ذلك فقـد أصبح هنـاك عدد كبـير من الولايـات في أمريكـا يخلـط الإيثانول بنسبـة 10 % مع الجـازوليـن (بنزين) للاستعمـال كوقـود للسيـارات ، وفي البرازيـل يضــاف الإيثانول بنسبة 24 % مع البنزين.
ومن المتوقع أن تزداد في المستقبل نسبة الإيثانول المضافة للبنزين حتى تصل إلى 100%. وقد بدأت الآن برامج لإنتاج الإيثانول كوقود في كثير من البلدان مثل أستراليا، نيبال، كولومبيا، بولندا، السويد الخ.
وفي الماضي كان نجاح المصانع التي تنتج الإيثانول كوقود، يتأثر بنقص المعلومات عن أي مشكلة تواجه المنتجين، ونقص المعلومات عن اقتصاديات عملية الإنتاج، كما كان يتأثر بعدم وجود تدريبات بيولوجية للفنيين ، وبعدم المقدرة على استعمال الإيثانول إلا إذا كان نقياً. كذلك فإن تداول منتجات هذه المصانع وطرق تخزينها كانت من الصعوبات التي تواجه عمليات الإنتاج. وقد فشلت مصانع كثيرة بسبب سوء تصميم المعمل ونقص المعرفة البيولوجية والتقنية الخاصة بعملية الإنتاج. أما الآن فإن الوضع أصبح مختلف، بعد أن بدأت الدول الكبرى في اتباع برامج مطورة لإنتاج الإيثانول كوقود.
ورغم أن معظم طرق إنتاج الإيثانول على مستوى تجاري المتبعة الآن ما زالت طرق قديمة ومعروفة منذ أكثر من 60 سنة ماضية، إلا أن الدراسات الاقتصادية التي أجريت على محاصيل الحبوب مثل الذرة أوضحت أن استخدامها في إنتاج الإيثانول يعتبر عملية مربحة. وقد أظهرت هذه الدراسات أن اقتصاديات إنتاج الإيثانول تتوقف تنازليا على تكلفة المادة الخام، قيمة المنتجات الوسطية المصاحبة للمنتج الرئيسي، سعر الإيثانول المنتج، تكاليف الطاقة، ، الأيدي العاملة، وأسعار المواد المنافسة مثل البترول ومشتقاته.
وعلى أية حال فإن هناك ثلاث اعتبارات هي التي تؤثر إلى حد بعيد على نجاح عملية إنتاج الإيثانول عند تطبيق التقنيات التقليدية وهي:
1- كفاءة تحويل السكر إلى إيثانول.
2- كمية الطاقة المستهلكة.
3- التحكم في المخلفات الناتجة من ناحية حماية البيئة من التلوث.
ويتوقع العلماء أن يستمر تصاعد إنتاج الإيثانول عن طريق التخمر، وذلك بعد تطبيق التقنيات الحديثة في عملية الإنتاج التي تقلل من تكلفة الإنتاج ، كما أن استمرار زيادة أسعار البترول هي سبب آخر من أسباب اعتقاد العلماء بذلك.
وهناك جانب من المهتمين بإقامة مصـانـع جديـدة والممولين لأبحاث إنتـاج الإيثـانـول ، يعتقدون أن إنتاج الإيثانول من الحبوب أصبح عملية معروفة بشكل جيد وأنه لا يوجد تقدم يمكن انتظاره في هذه النقطة. وهذا بعيد تماماً عن الحقيقة، وذلك لأن الأبحاث في مجال هندسة إنتاج الإيثانول، والتحليل الإنزيمي للمواد الخام قبل تخميرها، والتخمر، والتقطير، والاستخلاص، ومدى استهلاك الطاقة ، ومعالجة المخلفات السائلة والغازية ، وكيفية استثمار النواتج الوسطية ما زالت تملأ المجـلات العـالميـة ، وما زالت تأتي بجديد كل يوم.
وتقع المسئولية على عـاتق وزارات الصناعـة التي يجب أن تنسق مع المهندسين، والعلمـاء ، للتـأكد من أن تصميم الأدوات المساعدة الجديدة التي يتم إدخالها على مصانع إنتاج الإيثانول ، قد تم بشكل جيد ، كما أنها مسئولية الحكومات والمنظمات العلمية أن تتأكد أن أبحاث تقنية تحويل الحبوب إلى إيثانول يجب أن تستمر لتتحول إلى تقنيات تستخدم مستقبلاً لتحقيق حلم البشرية ، ألا وهو تحويل السليولوز إلى إيثانول.
ساحة النقاش