ان الانسان الذي يتأثر بكلام الآخرين او اساءاتهم يمكن أن أعزيه لسبب مهم : هو انخفاض درجة الوعي مما يدل على غياب حقيقي لمعنى واضح للحياة لديه. فانخفاض دجة الوعي نابعة من كون مصفوفة القيم لازالت رهينة بالخارج اي أن التركيز ومحط الاهتمام هو آراء الناس وأفعالهم وأقوالهم وليس على مخططا شخصي واضح نابع من رؤية واضحة وأهداف استراتيجية بعيدة المدى أو القريبة منها.فمسألة ترك البوصلة الخاصة بك في متنوال المؤثرات الخارجية بعيدا عن مجال الاختصاص والذي هو النفس و ما والاها من جسد وعقل وعاطفة كفيل بأن يحطم ثقة المرء بنفسه وتقديره لذاته وإفشال خططه. فأمر الله تعالى لمخلوقاته بالاهتمام بالانفس بالذات ، يعني تزكيتها وترقيتها وصقل مواهبها وتعزيز جوانب القوة وتقبل نقط الضعف مع العمل على مراجعتها. مع وضع مخطط للرفع من مستوى وعيه وترتيب مصفوفة القيم و تجديدها ان تقادمت مع مرور الزمن.ويأتي قول الله تعالى موضحا ذلك في الآية الكريمة: يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسهم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم. فجعل الهداية هي النتيجة الحتمية للاهتمام بالنفس بتزكيتها وتنمية مهاراتها في إدارة شؤون الحياة في شتى المجالات. وتصبح ادارة الذات بمهارة عالية هي الهدف الحقيقي من التزكية .بحيث يكونالمرء على قدرعال من الثقة بالنفس يدعمه لرسم مخطط واضح لحياته وتتبع مراحل تحقيقالاهداف اولا بأول. وهذا ما يعطيه قوة حقيقية تمنعه من الاهتمام بآراء الآخرين.والانشغال بالحث والمطالعة في شؤونه والرقي بذاته ومشاريعه والرفع من انتاجيته. وهذا يتطلب تحمل المسؤولية الذاتية واعتبارالمرء نفسه هو السبب في كل ما يحصل له او يحصل عليه. وهذا هو الجهاد الحقيقي .
والاسهل من ذلك توجيه اللوم على الخارج والهروب من تحمل المسؤولية الذاتية في صناعة واقع افضل،بحيث لا يتطلب الأمر في هذه الحالة مجهودا سوى الكلام والشكوى والانتفاض والاحتجاج والوقوف امام المؤسسات للمطالبة بالحقوق . ثم العودة الى البيت و النوم الكثير و الأكل الكثير و عدم ممارسة الرياضة و التنفس بعشوائية و اللهو بلا منفعة و الانتقال عبر صفحات النت و المواقع الاجتماعية و اهمال كل جوانب الحياة التي سترفع من مستوى الوعي مما ينعكس على واقع الفرد و المجتمع. ولو توقف هنيهة والتفت الى ذاته لوجد بها كل مقومات النماء و الثراء و التقدم .فلا شيء يستطيع تحريك المرء نحو ما يريده فعلا سوى يقظته و تغيير اتجاه الاصابع من ا لخارج نحو الداخل . فقط هي مسألة الاهتمام والتركيز فكل شيء تعطيه إهتمامك وطاقتك وتركيزك ينمو ويكبر ،فإن وضعتها بالداخل وصقلت ما به وغيرت ما اعوج منه رأيت ما حولك في ازدهار ونماء وهذا ما ورد بصريح العبارة في قوله تعالى إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.