إذَا قُلْتُمْ لِي: عَلَى الرَّبِّ إِلهِنَا اتَّكَلْنَا، أَفَلَيْسَ هُوَ الَّذِي أَزَالَ حَزَقِيَّا مُرْتَفَعَاتِهِ وَمَذَابِحَهُ، وَقَالَ لِيَهُوذَا وَلأُورُشَلِيمَ: أَمَامَ هذَا الْمَذْبَحِ تَسْجُدُونَ فِي أُورُشَلِيمَ؟ وَالآنَ رَاهِنْ سَيِّدِي مَلِكَ أَشُّورَ، فَأُعْطِيَكَ أَلْفَيْ فَرَسٍ إِنْ كُنْتَ تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ عَلَيْهَا رَاكِبِينَ. فَكَيْفَ تَرُدُّ وَجْهَ وَال وَاحِدٍ مِنْ عَبِيدِ سَيِّدِي الصِّغَارِ، وَتَتَّكِلُ عَلَى مِصْرَ لأَجْلِ مَرْكَبَاتٍ وَفُرْسَانٍ؟ وَالآنَ هَلْ بِدُونِ الرَّبِّ صَعِدْتُ عَلَى هذَا الْمَوْضِعِ لأَخْرِبَهُ؟ اَلرَّبُّ قَالَ لِي اصْعَدْ عَلَى هذِهِ الأَرْضِ وَاخْرِبْهَا».(2ملوك18: 22-25)
وأنا أتكلم في الفصل الماضي عن كوننا نحتفظ بالفاسد، لأننا لا نعرف المجهول القادم وما ينتظرنا منه، تكلمت عن اختبار شخصي، وما حدث لأختي طبيبة العيون، وما قاله الناس لها لكي يبعدوها عما فعلت، وملخص الأقاويل التي سمعتها سواء من الناصحين الخائفين عليها أو الخائفين من الطبيب المدير الفاسد الملخص هو هذه العبارة:
<!--"لن تنجحين".
و هذا ما سمعناه كثيرًا و نحن نرى هؤلاء الشباب واقفين أمام مجمع التحرير و مجمع المنشية، و كلما حققوا انتصارًا كانت الصرخات تقول اكتفوا بهذا، لا يمكن أن تصلوا لأبعد من هذا، لن تنجحوا، السلطة مسيطرة تمامًا على الموقف. و هذا يعد تحطيم لمعنويات الشباب حتى يتراجعوا، و يرضون بانتصار هزيل سرعان ما يتلاشى بعد أن تنفض التجمعات.
هذا ما فعله سنحاريب قديمًا محاولًا خداع الشعب، فقد لجأ لتحطيم معنويات شعب إسرائيل، حتى يستسلمون له، يقولون أن الحرب خدعة و أساس الانتصار هو كيفية إقناع الخصم بالاستسلام السريع، سواء كان هذا ناتجًا عن قوة حقيقية للخصم أم ناتجًا عن خداع الخصم وإبرازه في غير صورته الحقيقية.
هذا الملك - سنحاريب - وقف أمام شعب الرب الذي عرف طريق التوبة وأزال الأوثان التي كان يعبدها، و كان يحكمه ملك صالح يخاف الله و يحفظ وصاياه. و لكن يأتي هذا الرجل الشرير و يحاصر المدينة و يقف على بابها و ينطلق في حربه الإعلامية حتى تستسلم المدينة... و يطلق هذا الملك الشرير خمس كذبات أساسية هذه الكذبات الخمسة هي:
<!--الاتكال على الرب لن يجدِ (آية19).
<!--الذي اتكلت عليه أضعف من أن يحميك (آية 20) "هوذا اتكلت على عكاز هذه القصبة المرضوضة"
<!--هزيمتك آتية لا محالة فقوتنا (قوة الأعداء) عظيمة.
<!--الرب قال لي: سأهزمكم (هذه هي إرادة الرب فاستسلموا لها).
<!--لا تسمعوا لمرشدكم الذي يحاول أن يجعلكم تلتصقون بالله.
هذه الأفكار موجودة في سفر ملوك الثاني من الكتاب المقدس ... ذلك الأصحاح الذي بدأ بعمل عظيم صنعه الملك حزقيا حفيد داود النبي عليه السلام. ذلك العمل الذي نستطيع تسميته نهضة عظيمة. لنرى تلك الثورة وآثارها ( داود عليه السلام هذه عبارة غير متسقة مع النصوص السابقة التي تذكر فيها المسيح باسمه يسوع وليس بعيسى ومن غير استخدام عليه السلام).
ثورة عظيمة:
ونتيجة لتلك الثورة التي فيها أزال المرتفعات و كسر التماثيل و قطع السواري و سحق حية النحاس التي عملها موسى لأن بني إسرائيل كانوا إلى تلك الأيام يوقدون لها..إذًا التصق حزقيا بالرب و لم يحد عنه بل حفظ وصاياه التي أمر بها الرب موسى .. و كان الرب معه فحصد النجاح بعد النجاح (2ملوك 18: 1-8).
و في ذلك الأصحاح الغني بالمعاني نجد صورتين في غاية الأهمية . الصورة الأولى هي صورة الثورة التي تمت على يد الملك حزقيا فانتعشت مملكة يهوذا جدًا و كان الرب معها و حفلت بالانتصارات..و الصورة الأخرى هي صورة مملكة إسرائيل التي أصرت على فعل الشر أمام الرب فدمرت على يد مملكة آشور و سبي شعبها إلى مملكة آشور.
و لكن الشيطان لابد و أن يتحرك مع الثورة.. لابد أن يبذل مجهوده حتى يعطل تلك الثورة..فحاولت مملكة آشور أن تدخل يهوذا و بالفعل حاصر جيش ُعظيم تلك المدينة أيامًا عديدة و خرج قائد الجيش يهدد و يتوعد الشعب و الملك حتى يستسلموا للأعداء و عندما تكلم قائد الجيش كذب خمس كذبات كثيرًا ما يستخدمها الشيطان عندما تحل بنا ضيقة.. ففي وسط الحصار و الشعب و القادة خائفين قال قائد الجيش هذه الأمور, و التي وصل بها المطاف إلى أن سيطرة الشر هي رغبة الله المقدسة، فهو مرسل من قبل الله!!!
هل نصدق أكاذيب العدو؟!
بدلا من التصديق الذي يضعف المعنويات كثيرًا و يشعرنا بالإحباط و اليأس ليتنا نفعل ما فعله الملك حزقيا ... فيقول الكتاب المقدس أن الملك حزقيا عندما سمع هذا الكلام أول شيء عمله أنه دخل بيت الرب و رفع صلاة للرب لكي يحميه..و كانت استجابة الرب في منتهى السرعة لأنه في نفس الليلة أرسل الرب ملاكًا" و كان في تلك الليلة أن ملاك الرب و خرج و ضرب من جيش الأعداء مائة ألف و خمسة و ثمانين ألفًا.. و لما بكروا صباحًا إذا هم جميعًا جثث ميتة فانصرف سنحاريب ملك آشور و ولى هاربًا و قتل و هو يسجد لآلهته الوثنية في بلدته " (2ملوك 19: 35-37.)
***
نصيحة الشيطان أمام التجربة:
في الواقع هذا ما يفعله الشيطان معنا فنحن عندما نرفع قلوبنا أمام الله تائبين القلب والجوهر لا يرضى الشيطان عن هذه الثورة فيحاصرنا بكثير من الأساليب يحاول أن يوهمنا إنه قادر على الإيقاع بنا. هذا الوهم دائما يتمثل بتلك الأكاذيب الخمسة فيقول:
<!--أمام تلك التجربة العاصفة الاتكال على الرب لن يجدِ بل علينا أن نفكر بأسلوب عملي و لا داعي للفلسفة غير العملية.
<!--لن تجد الله بالقوة الكافية أمام تلك التجربة.
<!--الهزيمة لابد آتية.
<!--من أدراك أن هذا العمل ليس بترتيب من الله و إرادته ربما تكون إرادته أن أنهزم !!
<!--الذي ينصحك بالاتكال على الرب ليس في نفس موقفك.. و لو كان في موقفك لتغيرت ردة فعله تمامًا لأن الذي يده في الماء ليس مثل الذي يده في النار.
***
عظمة الله في مواجهة أكاذيب الشيطان:
لنجعل الأمر خاصًا... بمعنى أن نتحول من الكلام على ثورة ضد نظام فاسد، إلى تلك المعركة الدائرة بداخلي أنا... في حياتي واجهت ما أسميه جيش سنحاريب .. و كدت أستسلم لبراثن اليأس .. و جاءني الشيطان بتلك الأكاذيب الخمسة .. و لكن عظمة الله و محبته و عنايته جعلت من جيش سنحاريب الخاص بي (تجربتي) يموت بصورة لا تصدق . و انتصرت بقوة عجيبة في هذه التجربة!
صديقي:
هل واجهت يومًا ما قوة مضادة تشبه قوة سنحاريب؟
جرب ما فعله حزقيا .. اتجه إلى الله وصلى .. وأنا أثق تمامًا أن الله سيرسل ملاكه و يقتل ذلك المخادع داخلي و ستنتصر قوة الله و نعمته.
لأن إلهنا إله انتصار و ليس إله هزيمة
فقط ضع ثقتك في قوته.
لا تستمع إلى أكاذيب العدو
عندئذ ستتمتع بنشيد الانتصار
له كل المجد آمين آمين
تابعني
ساحة النقاش