لاَ تَتَعَجَّبُوا يَا إِخْوَتِي إِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ. نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّنَا قَدِ انْتَقَلْنَا مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ، لأَنَّنَا نُحِبُّ الإِخْوَةَ. مَنْ لاَ يُحِبَّ أَخَاهُ يَبْقَ فِي الْمَوْتِ. كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ. بِهذَا قَدْ عَرَفْنَا الْمَحَبَّةَ: أَنَّ ذَاكَ وَضَعَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، فَنَحْنُ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَضَعَ نُفُوسَنَا لأَجْلِ الإِخْوَةِ. وَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ مَعِيشَةُ الْعَالَمِ، وَنَظَرَ أَخَاهُ مُحْتَاجًا، وَأَغْلَقَ أَحْشَاءَهُ عَنْهُ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَحَبَّةُ اللهِ فِيهِ؟ يَا أَوْلاَدِي، لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ! وَبِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا مِنَ الْحَقِّ وَنُسَكِّنُ قُلُوبَنَا قُدَّامَهُ. لأَنَّهُ إِنْ لاَمَتْنَا قُلُوبُنَا فَاللهُ أَعْظَمُ مِنْ قُلُوبِنَا، وَيَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ (1يو3: 13-20)
والآن أصبحت الثورة حقيقة واقعة، بدأ الناس يعلنون عن رفضهم لأشياء كثيرة، لقد بدأت الثورة فمن يقف أمامها؟!! هناك وسيلة تنجح كثيرًا، و هي التشكيك في دوافع الثورة نفسها، والتشكيك في الهدف منها، فيبدأ الناس العاديون يبغضون الثائرين، و بعد أن يكتسب الثائرون بعض التعاطف، سرعان ما يفقدونه، بسبب ذلك الشك في الدوافع. و في ثورتنا المصرية حدث هذا الشيء فبعد أيام قليلة من الثورة، بالذات بعد أن بدأ رئيس جمهوريتنا السابق بالتلاعب على العواطف من خلال خطاب بليغ يريد فيه أن يموت في مصر مذكرًا إيانا بالرئيس التونسي الذي ترك بلاده و هرب لحياته، و بعدها بدأ المصريون يغيرون نغمة الكلام، و لكن رفض الثائرون ترك مقرهم، فبدأت الشائعات لتسخف من الثورة، فقيل عن هؤلاء الذين وقفوا في ميدان التحرير هذه الأشياء:
<!--يوجد من يدفع لهم. فهم ليسوا قادرون على البقاء كل هذه الأيام بلا عمل إلا إذا كانت هناك جهة تدفع لهم، و قد حددوا 50 جنيهًا لليوم الواحد يأخذه هؤلاء المتظاهرون!!
<!--وجبة كنتاكي لكل شخص في الثورة يظل مكانه و لا يبارحه، و لست أدري لماذا الكنتاكي بالذات، هل هو دعاية لهذه الوجبة، و لكن هذا ما قيل.
<!--يوجد أجانب في المكان. فالأمر ليس ثورة داخلية محلية، و لكن هناك أصابع خفية تريد أن تلعب بأمن المواطن المصري، و أعلن الإعلام المصري عن وجود أشخاص من أثيوبية و أندونيسيا ..إلخ
شباب وبنات غير منضبطين أخلاقيًا: بل وصل الأمر إلى القول إن المكان أصبح وكرًا للرزيلة، كل هذا لكي يسفهون من الثورة، و أهدافها والقائمين بها.
<!--الإعلام العربي هو من صنع تلك الثورة، الجزيرة و الحرة والمستقلة وجعل من شبابها أبطالًا لغاية في نفوسهم.
كل هذه الأشياء كتبها الإعلام المصري المنقاد بأعداء الثورة، لتشكك في دوافع الثورة النقية و دوافع أفرادها، حتى تفقد مصداقيتها، و تفقد مؤازرة الناس لها. و في الواقع انخدع كثيرون بهذا الأمر، و بدأ الكثيرون يتخاذلون أمام مطالب الثورة بسبب تلك الشائعات ، و شرع الكثير يكتفي كلما حدث انتصار ما، فيقولون يكفي هذا، لن يحدث أفضل من هذا، أم أنكم تفضلون البقاء في المكان أكثر، و يبدأ الإعلام في تزكية هذا الأمر، و يقولون، ها نحن نستجيب ... ما الذي يبقيهم أكثر، الأمر ليس مجرد مطالب و لكن هناك يد خفية توجه هذا الأمر.
و في هذا الأمر علمتني أيام الثورة الكثير. ألخصها في سطور قليلة.
<!--لابد لكي تحصل على كل ما تريد من سياسة النفس الطويل.
<!--لا تبالي بآراء الآخرين و ركز نظرك على مطالبك – طالما إنها مشروعة - و لا تتنازل عن أي منها.
<!--لا تدع مبدأ الاكتفاء بمنتصف الطريق يجعلك تتخازل.
كنت قد كتبت مقال منذ أكثر من عام يحتوي على قصة مشهورة هي قصة الضفدع الذي يعاني من الصمم الجزئي، و يقع في حفرة عميقة، فيحاول الخروج من الحفرة، وسط كلمات الإحباط من زملائه الضفادع، و لكونه مصابًا بالصمم الجزئي كان يظن الصرخات التي تفشله هذه هي صرخات مؤازرة و تشجيع، مما حفزه على بلوغ هدفه.
و هذا هو المطلوب و أنت تثور على شيء ما سواء بداخلك أو من المتغيرات المحيطة بك، لا تلتفت لآراء الناس المحبطة، أو التي تستنكر نبل قضيتك، أو محاولة تلفيق أهدافًا أخرى أنت لا تقصدها مطلقًا بل ركز هدفك على ما تريد بدقة، و لا تتنازل عنه مطلقاً، لا تدع آراء الناس تحبط من عزيمتك، مهما كانت تلك الآراء سلبية في حقك. هذا مهم لكي تنجح في ثورتك
في النص الذي ذكرته في أول هذا الفصل ذكرت عن تلك العداوة بين أولاد الله،و بين أبناء العالم، لذلك دائما يترجم أولاد العالم ما يفعله أولاد الله ترجمة غير حقيقية، و لكننا لا نسلك طمعًا في إرضاء أحد، لإن القضية دائما هي الله، و الله أعطانا قواعد للحياة، لابد أن نسير وفقها، و إذا كنا لا نسير فيها، ينبغي علينا أن نثور على أنفسنا لنطيع الله في هذا الموضوع، مهما كانت انطباعات الناس، لكن علينا أن نثور على أنفسنا و نحقق مقاصد الله في حياتنا. الأمر أصعب من ثورة 25 يناير، لأن المباديء الإلهية أقوى و أصعب. و أيضا المفشلون أقوى و أشد ضراوة من هؤلاء الذين حاولوا تعطيل الثورة، و بالمقابل الله وعد بروح الحق المعزي الذي يؤازرنا و يعطينا القوة و القدرة لكي نسير وفق مشيئة الله، فهل نستغل هذا العامل المساعد؟
حينئذ، بالتأكيد ثورتنا ستنجح.
تابعني
ساحة النقاش