دكتور السيد إبراهيم أحمد

 

   كضوء الفجر الوليد الهارب من ظلمة الليل الراحل ، دخلت بيت الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكآخر لمحة من الشمس ، حين يحتويها الشفق ، لتغرق فى المغيب الراحل ، كان خروجها من بيت الرسول صلى الله عليه وسلم .. إنها المقبلة .. المدبرة معاً ، والقادمة .. الراحلة معاً :
السيدة زينب بنت خزيمة الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة الهلالية ، أم المساكين فى الجاهلية ، وفى الاسلام اتسع قلبها لكل المساكين قبل ظهور الدين ، وبعد ظهوره ، فقلبها واحة يستظل بها المحتاج ، ويهرع إليها من أكلته الفاقة ، وهى لا تمنع مالها عن أحد ، لا طمعاً فى شهرة ، ولا حباً فى الظهور ، ولصدقها فى العطاء بلا من ولا ابتغاء مديح ، توجوها على القلوب فى الجاهلية كما فى الاسلام بلقب ( أم المساكين ) .
   
  ضم  بيت الرسول من أزواج الصحابة الشهداء زمعة ، وحفصة ، التى لم يكد يدخل بها الرسول صلى الله عليه وسلم ، حتى ضم إليها زينب التى فارقها زوجها الشهيد القرشي من المهاجرين الأولين عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، الذى قتل في بدر.

     دخلت زينب البيت النبوى فى رمضان من السنة الثالثة من الهجرة المباركة ، فى زواج شكلى ، هادىء ، لم يحس بها أحد ، لا فى حياتها ولا بعد مماتها ، فقد كان عمر زواجها من الرسول صلى الله عليه وسلم قصيرً مختلفٌ فى مدته بين الثلاثة إلى الثمانية أشهر ، فما سمعنا عنها مايروى خلال حياتها ، ولا طالتها ألسنة المنافقين ، أو الحاقدين على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا انتبهت لها بعد مماتها أقلام المستشرقين المسمومة إلا من حيث يدخلونها فى عدد من دخل بهن الرسول صلى الله عليه استكثاراً للطعن فى نبوته طعنهم الله فى قلوبهم المريضة .

      كانت رضى الله عنها كريمة ، لكن الله تعالى أكرم ، ولذا فقد كرمها بزواجها من النبى صلى الله عليه وسلم ، كما اكرمها بكرامة  أخرى خاصة بها وحدها ، لم تنلها حتى أحب أزواجه إليه  السيدة خديجة ، بأن صلى عليها صلى الله عليه وسلم صلاة الجنازة التى لم تكن قد شرعها الله فى زمان خديجة ، وشرعها بعد ذلك فى السنة الأولى من الهجرة  لتكون السيدة زينب هى الزوج الوحيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم التى يصلى عليها صلاة الجنازة عند موتها في ربيع الآخر سنة أربع هجرية عن عمر ناهز الثلاثين عاماً .

        متعها الله بأشهر قلائل فى جوار خير خلقه عليه هىَّ بالعمر كله ، وأحسن ختامها ؛ إذ ماتت وهى زوج خير العالمين ، وسيد المرسلين ، وخاتم النبيين ، وماتت عنه وهو راضٍ عنها ، لتكون بذلك  ثانى امرأة من أزواجه بعد خديجة فراقاً له فى حياته صلى الله عليه وسلم ، ورضى الله عن أمنا أم المساكين ، وعن سائر أمهاتنا أمهات المؤمنين .

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 66 مشاهدة
نشرت فى 2 سبتمبر 2012 بواسطة elsayedebrahim

ساحة النقاش

السيد إبراهيم أحمد

elsayedebrahim
الموقع يختص بأعمال الكاتب الشاعر / السيد إبراهيم أحمد ، من كتب ، ومقالات ، وقصائد بالفصحى عمودية ونثرية ، وكذلك بالعامية المصرية ، وخواطر وقصص و... »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

61,095