مصر وفلسطين

دعم بلا حدود.. ودفاع عن كل الحقوق

المزايدون لهم أجندات ومصالح خاصة.. والفلسطينيون يعرفون من يساندهم ومن يتاجر بهم

 

تقرير: أشرف التعلبى

أيًا كان المسمى «خطة سلام» أو «صفقة القرن» فالموقف المصرى فى القضية الفلسطينية واضح وثابت ولم يتغير.. المساندة الدائمة والدعم حتى حصول الفلسطينيين على دولتهم المستقلة ذات السيادة، وأن القرار النهائى فى القضية دوما للفلسطينيين أنفسهم أصحاب القضية.

مصر لا تزايد على الفلسطينيين ولا تتحدث باسمهم ولا تفرض عليهم شروطًا أو حلولاً، وإنما تدعم خياراتهم، وتقاتل من أجل ألا تموت قضيتهم أو تتوه وسط زحام الأزمات الدولية، لأنها لا تنظر للقضية الفلسطينية كما تنظر إليها دول أخرى تسعى لتحقيق مكاسب من ورائها على حساب فلسطين نفسها، وإنما مصر ترى القضية الفلسطينية جزءا لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى وتاريخ مواقفها منذ ١٩٤٨ وحتى الآن وتدخلاتها لإيقاف نزيف الدم الفلسطينى يؤكد هذا.

تاريخ مصر فى دعم القضية الفلسطينية يرصده اللواء محمد إبراهيم عضو الهيئة الاستشارية للمركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية، الذى يؤكد أن الدور المصرى فى القضية الفلسطينية تاريخى ومشرف وداعم بشكل قوى للقضية الفلسطينية فى كافة مراحلها، ودائما ما نؤكد أن القضية الفلسطينية هى قضية أمن قومى مصري، وبالتالى نتحرك فيها من هذا المنطلق ولا نبحث فقط عن دور، لكن نقول أن الدور هو الذى يبحث عن مصر ليزداد قوة وتأثيراً.

والثوابت المصرية واضحة للجميع أولها أن القضية الفلسطينية هى جزء رئيسى لا يتجزأ من سياستنا الخارجية، وكل من يتابع لقاءات الرئيس عبدالفتاح السيسى مع زعماء وقادة العالم يجد أن القضية الفلسطينية أحد المحاور الرئيسية فى جدول الأعمال، ومصر داعمة بشكل دائم للقضية الفلسطينية فى كافة المحافل الإقليمية والدولية.

كما أن علاقاتنا متميزة للغاية مع السلطة الفلسطينية والقيادة الفلسطينية وأيضا متميزة مع كافة الفصائل الفلسطينية الموجودة فى الضفة الغربية وغزة.

اللواء محمد إبراهيم يذكر الدور التاريخى الذى قامت به مصر عام ٢٠٠٥ عندما أشرفت على الانسحاب الإسرائيلى من قطاع غزة، وتمسكت مصر فى هذا الوقت بضرورة أن تنسحب إسرائيل من كل من معبر رفح ومحور صلاح الدين أو محور فيلادلفيا أى خط الحدود بيننا وبين غزة، وكان الموقف الإسرائيلى أن ينسحب من القطاع فيما عدا هاتين المنطقتين لكن مصر أصرت على أن تنسحب إسرائيل من المنطقتين وحدث ذلك، بل وأكثر من ذلك أن مصر تقوم بفتح معبر رفح بصفة مستمرة أمام أهلنا فى قطاع غزة ولا يتم غلقه إلا فى بعض الأوقات لأسباب أمنية.

كما أنه لا يمكن إغفال دور مصر فى التهدئة خلال الحروب الثالثة والعملية العسكرية الإسرائيلية التى تمت على قطاع غزة ٢٠٠٩ و ٢٠١٢ و٢٠١٥ وكان الدور الرئيسى فى هذه التهدئة والوحيد لمصر، وهى الدولة الوحيدة على مستوى العالم التى أوقفت الحروب والضربات الإسرائيلية ضد غزة ثم توصلت إلى هدنة بين الطرفين.

كما قامت مصر بدور تاريخى أيضا فى الوصول إلى اتفاق المصالحة الفلسطينية بين الضفة وغزة، بعد ما حدث فى عام ٢٠٠٧ ووقعت مصر فى ٤ مايو ٢٠١١ اتفاق المصالحة الفلسطينية وقامت بجهود حثيثة لتنفيذ بنود هذا الاتفاق، لكن للأسف مازال لم يتم تنفيذ هذا الاتفاق لأسباب كثيرة.

ومن ضمن الثوابت المصرية التى رصدها اللواء إبراهيم أننا ندعم بشكل كامل حق الفلسطينيين فى إقامة دولتهم المستقلة ذات السيادة وهذا موقف مصر الثابت ولم يتغير ولن يتغير، ومصر طوال تاريخ ومراحل القضية وإخواننا الفلسطينيين لم نمارس فى يوم من الأيام أى ضغوط عليهم من أجل أن يقبلوا خطة أو مبادرة لا تتماشى أو تتلاءم مع طموحهم.

مصر بتاريخها وشعبها وقيادتها داعمة بقوة للفلسطينيين للحصول على حقوقهم المشروعة، وهذا الدور المصرى لم ولن نتخلى عنه أبدا.

اللواء محمد إبراهيم يضيف أن أى صراع وخلاف يتم بين الدول لابد أن يتم حله بالتفاوض، إذن المفاوضات أفضل أسلوب فى حل هذه الصراعات، ويرى أنه لا يمكن حل الصراع العربى الإسرائيلى أو القضية الفلسطينية إلا بالمفاوضات، وفى العصر الحديث حققت المفاوضات نجاحات كبيرة بالنتائج الإيجابية.. ومنها معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية التى وقعت ١٩٧٩ وتمت من خلال المفاوضات، ومعاهدة وادى عربة ١٩٩٤ معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية تمت من خلال المفاوضات، اتفاق أوسلو بين الإسرائيليين والفلسطينيين ١٩٩٣ وما تلاه من اتفاقيات تم بالمفاوضات، لكن المشكلة أن هذه المفاوضات متوقفة منذ ٦ سنوات، أى منذ أبريل ٢٠١٤ لا توجد أى مفاوضات فلسطينية إسرائيلية، وفى هذه الفترة للأسف حدثت على الأرض تغيرات كثيرة، ومزيد من المستوطنات ومزيد من المستوطنين، إذن توقف المفاوضات كان فى صالح إسرائيل وليس فى صالح القضية الفلسطينية وأرى أن عملية التفاوض هى الأسلوب الأمثل ويمكن أن تولد ضغوطاً على أى حكومة إسرائيلية، ومن الطبيعى أن أى عملية تفاوض تكون صعبة ومعقدة، فإذا توفرت الإرادة يمكن أن تصل هذه المفاوضات إلى نتائج إيجابية.

السفير الفلسطينى السابق فى القاهرة بركات الفرا يؤكد أن القضية الفلسطينية بالنسبة لمصر هى قضية مصرية من الطراز الأول، لو ذهبت أى بيت مصرى تجد فيه فلسطينيا أو صورة الرئيس الراحل ياسر عرفات أو صورة القدس، والدعم المصرى للقضية الفلسطينية لم يتوقف منذ ١٩٤٨ حتى يومنا هذا، فهى السند القوى للشعب الفلسطينى، وعندما تواجه القضية الفلسطينية بالمشكلات الكبرى تلجأ القيادة الفلسطينية إلى القيادة المصرية للتشاور معها وأخذ المشورة، وبالفعل تكون النصيحة فى محلها وهذا ما تعودنا عليه.

فمن الصعب جدا أن نقيم الدور المصرى فى دعم القضية الفلسطينية، لأنه ليس له حدود، فالقضية أعمق بكثير، ومصر تتولى زمام الأمور ولديها رغبة قوية فى إنهاء الانقسام بين الفصائل الفلسطينية منذ اللحظة الأولى، وبذلت مجهودات كبيرة ومازالت تبذل وطوال تاريخها تقدم مجهودا تستحق عليه التقدير، من أجل تحقيق المصالحة، ولا يمكن اختزال القضية فى بعض النقاط مثل المصالحة أو فتح معبر رفح أمام الفلسطينيين، لكنها أعمق وأكبر من ذلك، فكل ما تفعله مصر فى الدفاع عن القضية الفلسطينية فى كافة المحافل الإقليمية والدولية يعرفه الفلسطينيون مثلما يعرفون من يتاجر بقضيتهم ومن يتربح من ورائها.

ومن يحاولون التقليل من الدور المصرى فى القضية الفلسطينية لا يعلمون شيئا، وكل المزايدات من جانبهم ليست لها قيمة ولا ننظر إليها، والشعب الفلسطينى كله يدرك ويعرف تماما من يقف معه ومن لا يقف معه، فمصر تقف قلبا وقالبا مع الشعب الفلسطينى وليس من الآن بل من عقود طويلة، باختصار القضية الفلسطينية شأن مصرى.

وفيما يخص خطة ترامب بشأن القضية الفلسطينية، يقول الفرا علينا أن نفرق بين مفاوضات جادة بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى وبين خطة السلام التى أعلنها الرئيس الأمريكى ترامب.. الرئيس الفلسطينى أبومازن يؤكد باستمرار أن فلسطين جاهزة للمفاوضات، لكن لابد أن تكون المفاوضات طبقا للشرعية الدولية والقانون الدولى، والقرارات التى صدرت من الشرعية الدولية حتى تكون مرجعيات لنا أثناء المفاوضات، ومن غير المنطقى أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية هى المرجعية فقط للمفاوضات، فالخطة الأمريكية غير مقبولة وغير موضوعية لأنها منحازة بالكامل للجانب الإسرائيلى، ورد فعل العالم كان واضحا بعدم الموافقة على هذه الخطة.

وهذه الخطة الترامبية ليست لها علاقة بالشرعية الدولية وما صدر من مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة من قرارات، وأقصد أنها ليست لها سند قانونى مبنية عليه، وهى مجرد خطة أمريكية إسرائيلية أحادية الجانب.. ولهذا رفضتها الجامعة العربية بالإجماع عن أى خطة للسلام يتحدثون، فنحن لا نقبل بأبسط ما جاء بالخطة التى أعلنها ترامب، فمثلا إذا أراد الفلسطينى الصلاة فى المسجد الأقصى تكون له ضوابط، فهل أحد من المسلمين يقبل أن يكون المسجد الأقصى تحت الوصاية الإسرائيلية، ومن يصلى بالمسجد يحصل على إذن من إسرائيل، وأن يتم تقسيم أيام الأسبوع بين المسلمين واليهود للصلاة فى المسجد الأقصى، فهذه ليست مفاوضات أو خطة للسلام، وهناك نقاط مهمة بالخطة مرفوضة بشكل كلى بأن تكون القدس عاصمة إسرائيل، وبالتالى هذه الخطة لا تحقق أى نوع من السلام، والأمريكان يعلمون جيدا أن هذه الخطة لا تحقق السلام العادل والشامل، ولا تحقق أى نوع من الاستقرار والسلام فى المنطقة كلها، ترامب وضع خطة مع نتنياهو بمفردهما، والطرفان هناك رفض شعبى لهما سواء من الأمريكان أو الإسرائيليين.

فيما يرى شادى محسن، الباحث فى المركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية، أن هناك مجموعة من الثوابت المصرية حيال القضية الفلسطينية، وهى ثابتة منذ عقود.

أول هذه الثوابت الدور المصرى تجاه الشعب الفلسطينى، الذى يدافع عن طموحاته، لأن الثوابت المصرية هى فلسطينية شعبية بالأساس، ومن هذا المنطق كانت الرؤية المصرية تسعى لتحقيق طموحات الشعب الفلسطيني، ولهذا كان يرى أن هناك بعض النواقص منها وحدة الصف الفلسطينى، منذ عهد الرئيس عبدالناصر، والذى كان يرى أن منظمة التحرير وجودها ضرورى وثابت لأنه يجب أن يكون هناك ممثل واحد ورسمى لهذا الشعب، فيبدأ النضال بنفسه فى المحافل الدولية، لكن للأسف انقسم الشعب إلى جبهات وفصائل، فكان الدور المصرى هو ضرورة توحيد هذا الصف وتقريب وجهات النظر بينهم، وبالتالى نستطيع أن نقول إن أول الثوابت المصرية فيما يخص القضية الفلسطينية هو وحدة الصف الفلسطينى وتحقيق طموحه ودعمه سياسياً واقتصادياً وإنسانياً.

الثابت الثانى هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة، على أراضيها والشعب الفلسطينى طموحه إقامة دولته، فأصبحت القيادة المصرية ترى أن هذا الطموح ثابت مصرى وتتحرك فى إطاره، فكانت كل الترتيبات الدبلوماسية أو المساعى السياسية المصرية ترمى لثابت واحد وهو إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة، ونحن أمام مصطلحين جادين للغاية وهما دولة مستقلة وسيادة، وليست منقوصة فى سيادتها على أراضيها، وهذا يجعل أن القضية الفلسطينية تأتى على رأس الأولويات والقضايا المصرية المطروحة فى المحافل الدولية.

والثابت الثالث هو طرح تسويات سلام شاملة وعادلة فى إطار تحقيق الثوابت السابقة.

الباحث فى المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، يوضح أن هناك محاولات من البعض للمزايدة على دور مصر تجاه القضية الفلسطينية، ويقولون إن المصطلحات فضفاضة، لذلك نؤكد على أن تسوية السلام الشاملة والعادلة تعنى إقامة مفاوضات جادة بين الطرفين الرئيسين الفلسطينى والإسرائيلي، بمعنى أن أى موقف يحسم أى تسويات سلام شاملة لابد أن يخرج من رام الله أى السلطة الممثلة للشعب الفلسطينى، وتل أبيب الممثل لإسرائيل.

وأحدث طرح تم تقديمه هو الذى خرج من البيت الأبيض على يد الرئيس الأمريكى ترامب، والتى تقدم على أنها منصة أو فصل تمهيدى يمكن من خلالها إقامة مفاوضات بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلي، وهذه الأطروحة تسمى «خطة السلام». مصر فى موقفها أكدت على ثوابتها مع ترحيبها بأى توجه يعيد طريق المفاوضات بين الطرفين ومن هنا تتضح الثوابت المصرية فى إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة تلبى طموحات الشعب.

شادى يؤكد على أن هناك ثابتا مصريا رابعا وهو التأنى فى دراسة أى خطة سلام تقدم للشعب الفلسطينى، وظهر هذا فى بيان وزارة الخارجية المصرية، بأن مصر ترحب بكل خطة تكسر الجمود، ولا يعنى هذا الموافقة بشكل نهائي، على ما هو مطروح وإنما لابد أن يسبق الموافقة الدراسة المتأنية، وأن يدرس الفلسطينيون هذه الخطة، ويقدموا موقفا موضوعيا وعقلانيا من هذه الخطة، وأيضا عرض بدائل مقترحة.

وهناك أطراف إقليمية تزايد على الدور المصرى حيال القضية الفلسطينية والدور التاريخى لمصر، ولا يعجبهم أن مصر هى جوهرة القضية الفلسطينية، وهذا المصطلح فلسطيني، وأن مصر التوأم العروبى للقضية الفلسطينية، وبالتالى بعض هذه القوى الإقليمية تريد القفز على هذا الدور، وفرض نفوذ توسعى للتقليل من الدور المصرى، بدعوى أنها تناصر هذه القضية، لكن أهداف هؤلاء مثل تركيا وقطر معروفة مثلما تعرف أهداف حماس العشوائية، لكن مصر تسير فى طريق تحقيق مصلحة الفلسطينيين وهو ترسيخ ثوابت القضية الفلسطينية ونقلها على مسامع أى طرف دولى أو إقليمى يريد الاشتباك مع القضية، من خلال تقديم أطروحات أو تسويات سلام.

فمصر تعمل من أجل فلسطين، وهؤلاء يعلمون من أجل اجندات أخرى معلومة للجميع، وعلى سبيل المثال لو أن قلب أردوغان مع فلسطين كما يدعى فلماذا لا يدعمهم بمن يساندهم ويدافع عن حقوقهم، أم أن الدفاع عن فلسطين يبدأ من ليبيا وسيناء.

المصدر: مجلة المصور
elsayda

بوابة الصعايدة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 101 مشاهدة

رئيس التحرير: أشرف التعلبي

elsayda
نحارب الفقر- المرض- الامية -الثأر... هدفنا تنوير محافظات الصعيد- وان نكون صوت للمهمشين »

تسجيل الدخول

بالعقل

ليس كافيا أن تمتلك عقلا جيدا، فالمهم أن تستخدمه جيدا