منذ ذلك اليوم وحتي يوم تنحي الرئيس كان الشعب متكاتفا متلاحما .. يدفع في أتجاه واحد وهو إسقاط الرئيس
وبمجرد تنحي مبارك إنهار هذا التلاحم لظهور عامل جديد في الساحه .. وهو السياسة فالناس قبل تنحي مبارك لم تكن تتكلم عن وعي سياسي أو إتجاه محدد .. كانت الناس تتكلم عما هو واضح وظاهر للجميع لابد من أسقاط النظام الفاسد
ولكن بمجرد هذا السقوط ظهر مايسمي بالفكر السياسي .. الكثير من التيارات .. والكثير من الأفكار فالكل يتحدث عن مصلحة المواطن .. الكل يريد الإعلاء من شأن هذا الوطن .. ولكن بشرط أن يحمل الحل أسم التيار أو الإتجاه السياسي الذي طرحه .. فلو وجد الحل الصحيح لدي تيار فإن باقي التيارات السياسية قبل أن تفند هذا الأقتراح تبدأ في طرح أين ستوضع أسماءنا .. من سيكون المتحدث الرسمي .. من سيكون قائد المجموعة .. من ومن والكثير من المن .. دون حتي التفكير في مدي جودة الأقتراح طالما أن الأسماء ستوضع عليه بشكل براق
في رأيى الشخصي المتواضع .. السياسة هي مجموعه من المصالح .. الكل يسعي إلي تحقيق مصالحه .. وهو شئ طبيعي .. ولكن السؤال كيف يسمح الفرد لنفسه بتحقيق مصالحه علي حساب مصالح الجماعه .. كيف للفرد أن يأتي قبل الجماعه
وكان هذا هو الحال في الشارع المصري .. الكل يسع الي تحقيق أهداف ومكاسب شخصية حتي ولو علي مصلحة باقي الأفراد
وقبل أن أسترسل في باقي الموضوع أحب التأكيد علي أن هذا الموضوع هو تصور أو تفنيد لما رأيته علي أرض الواقع وليس هجوما علي أحد
ولتبسيط الأمور يمكن أن نقسم الشارع المصرى إلي مجموعات
النظام السابق بأعوانه .. النظام الحالي ومؤيده .. التيارات الدينية السياسية .. التيارات السياسيه المدنية .. المثقفين .. ماتبقي من الطبقة المتوسطة والفقيرة .. الطبقه المعدومة
كل من النظامين السابق والحالي يسعيان إلي تحقيق هدف كبير ومغرى وهو الأستقرار .. بشرط أن يكون الوضع في مصر قبل يوم 28 مماثلا لما بعده .. محاكمات بطيئة .. تحقيقات واهية .. الضغط الأقتصادي علي الشعب .. التهديد بالفوضي .. الأستمرار حتي هذه اللحظة في الأنحياز لطبقة رجال الأعمال .. الأستمرار في السياسات الخارجية المريضة .. إستعمال كافة الوسائل لتفتيت الترابط الشعبي الذي خلقه الأضطهاد الذي دام لسنوات وسنوات
والأمثلة لما أقول كثيرة وتظهر بقوة في تأخر المجلس العسكرى في توضيح نواياه بخصوص الماده الثانيه من الدستور وترك الأفراد يتخبطون خوفا من المساس بدينهم .. التحريض المستمر في البيانات الصادرة من الجيش ضد كل من يعارضه في الآراء من أفراد الشعب .. من إعتاد علي تسميتهم بالقلة المندسة .. عطفه الشديد علي أفراد النظام السابق مع الضرب بيد من حديد علي باقي أفراد الشعب
فقد أتفقت مصالح النظامين علي أن الإستقرار ممكن ولكن هو إستقرار ماقبل 28 إما هو وإما الفوضي
أما عن التيارات الدينيه فحدث ولا حرج .. سواء اتفقت مصالح هذه التيارات مع النظام السابق أو النظام الحالي .. فقد أتخذت هذه التيارات طريقا واضحا .. المصلحة الشخصية .. حتي ولو تعارضت مع المصلحة العامة .. فبعد تكفير الخارج علي الحاكم .. والدعاء علي المفسدين في الأرض من الثوار الذين يرغبون في الأطاحة بالحاكم العادل " مبارك " مرورا برفع التحريم عن المظاهرات بعد تنحي الرئيس وصولا إلي الأستفتاء بنعم من أجل الأستقرار .. والأستقرار هنا يختلف عما سبق .. فالإستقرار من وجهة نظر التيارات الدينية هو التمكن من الدخول إلي البرلمان ..يدخلوا البرلمان ومن بعدهم الطوفان
فمنذ أن وضعت هذه التيارات هذا الهدف .. وهم يعملون لتحقيقه بالتخلي عن كل أهداف ومطالب الثوره والثوار .. وقد أفاد النظام الحالي من هذا الهدف علي أكمل وجه .. فأصبح يستعمله بنفس فكرة الجزرة المربوطة في العصا أمام الدابة لتسير خلفها إلي أبد الأبدين دون أن تلحق بها
وأكبر مثال علي ذلك .. يوم الجمعه 27 .. فقد ناشد المجلس العسكري المواطنين الشرفاء بالبقاء في منازلهم وعدم الأنخراط مع "القلة المندسة " في أفعاله في حين وصف التيار الديني المشاركين في هذا اليوم بالعلمانيين الكفار .. وقد كان للتظاهر في هذا اليوم أثر كبير في تحويل الرئيس السابق إلي المحاكمة الجنائية
وهكذا نري إتفاق أصحاب هذه التيارات في مصالحهم
وإذا نظرنا إلي المسيَّسين الذين يروا الأمور من وجهة نظرهم فقط .. فكل منهم يري أن الحل الأمثل هو إتباع الفكر الليبرالي أو الإشتراكي .. التقدمي أو المحافظ .. ستكون رأسمالية لا الحل في الأشتراكية
ويتطور الحوار إلي .. أخرس أيها الإمبريالي المتعفن ليرد الطرف الأخر بالسباب علي البرجوازي الحقير من وجهة نظره .. هم أفراد متفردين في الفكر والثقافة ولكنهم لا يعلمون أي شئ عن أرض الواقع .. لم يعتادوا النزول إلي الشوارع لمعرفة مشاكل الناس وإنما يفترضوا العقبات ويضعوا لها الحلول سواء اتفقت أو اختلفت هذه الحلول مع أرض الواقع
وفي النهاية يأتي الشعب المسكين بطوائفه الثلاثة ليقف حائرا أمام هذا المهرجان الدائر علي مرأي ومسمع منه دون أن يعرف لمن يستمع ومن يؤيد .. فيتخبط .. ويتردد .. ويتعثر .. ويسقط .. وينهض
وهو يبحث عن مصالحه .. المصالح العامة .. يبحث عما يقيه الفقر والجوع .. يبحث عما يستر عورته ويقيه برودة الليل .. يبحث عن أبسط حقوقه
يبحث عن الأستقرار كما يعرفه كل الناس .. الأمن والأمان .. القدرة علي الحياه بشكل أدمي .. هو لايعرف ماهو الدستور .. ولكنه يريد مايضمن له حقوقه وعدم طغيان النظام عليه مرة أخرى
لم يسمع عن العدالة الأجتماعية .. ولكنه سمع عن الحق في الحياة
لم يري اللحوم كل يوم علي مائدته .. ولكنه رأي أكوام البشر التي تتصارع للحصول علي رغيف الخبز
لقد عانى الشعب المصري طويلا .. من الفقر والجوع والجهل والمرض .. أفلا يكفيكم بالله عليكم ماعاناه طول المدة السابقة لتعملوا علي استمرار هذه المعاناة
ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء .. أرحموا شعب هذا الوطن .. ارحموا أرض هذا الوطن
ارحمونا يرحمكم الله
نشرت فى 24 يونيو 2011
بواسطة elpahar
احمد عمار
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
8,246
ساحة النقاش