سألوني لماذا لم تعلق على لقاء حمدين صباحي في قناة بلطيم ، أقصد قناة دريم مع وائل الإبراشي .
فقلت حمدين يتصرف كتلميذ الابتدائي الذي حفظ جدول الضرب وظل لا يعرف غيره ولا يردد سواه رغم تخطيه الستين ، وجدول ضرب حمدين الذي أعنيه هي كلمات منتقاة من قاموس نفاق الجماهير وتملق مشاعرهم ، والذي استخدمه ويستخدمه آلاف النفعيين والانتهازيين مثل حمدين ، كحق الفقراء في العيش الكريم وحق الشباب في المشاركة وحق الشعب في الحرية والعدالة والكرامة إلخ .
ألا يعلم السيد حمدين أن أطفال مصر وشبابها وشيوخها يستطيعوا ان يُجلسوه في مقعد الدرس ويلقوا عليه دروسا فى الحرية والعدالة أعظم بكثير من كلامه وشعاراته النفعية ؟
ورغم أن حمدين لا مهنة له ولا صنعة إلا الكلام فقد عجز وللأسف عن تطوير مفردات خطابه أو كلامه ، وعجز أيضا عن فهم المتغيرات الحاصلة حوله في مصر والوطن العربي والعالم ، وتحدث وكأن الزمن قد تجمد عند 2011 وكأنه لم تجري مياه كثيرة تحت الجسر ولم تتغير أو تتبدل أمورا وأحوالا ، حمدين رغم أنه ناصري فإنه ويا للعجب يطالب بما حرمه عبد الناصر على المصريين ، وأقصد بذلك الحريات التي انتهكها بشكل مريع ، فلا معارضة مطلقا ولا تكوين أحزاب ولا مساحة للتعبير عن الرأي الآخر ، والتجريم والتخوين والسجن والتنكيل وإهدار الكرامة كان هو المآل والمصير لمن يخرج أو يشذ عن القاعدة ، وبديهي أنه لا كرامة لمواطن يُمنع من التعبير عن نفسه وعن مطالبه ، ولا كرامة لشعب تنزع منه حريته ، حمدين يتفاخر بأنه ناصري ، ورغم أن عبد الناصر رجلا وطنيا شريفا ، إلا أن ذلك يعتبر مصيبة كبرى ، لأن عبد الناصر لم يكن مفكرا ولا فيلسوفا ولا منظرا ولا حكيما ولا صاحب نظرية أو مذهبا ، كنت سألتمس لحمدين العذر لو قال أنه يعتنق الشيوعية كحركة سياسية أو الاشتراكية كنظام اقتصادي واجتماعي أو الليبرالية كتوجه فكري وثقافي وسياسي واقتصادي واجتماعي ، ولكن لا عذر له حين يقول أنه ناصري .
حمدين لن ينسى أن ارتدائه لثوب عبد الناصر كان سبب في سعده وأنه عاد عليه بالنفع العظيم سواء أدبيا أو معنويا أو ماديا ، ولن ينسى أن قميص عبد الناصر كان سببا في إغداق دول مثل ليبيا والعراق وغيرهما المال عليه .
حمدين كان الأجدر به أن يتوارى خجلا بعدما عرف حجمه وحجم دراويشه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة ، لكن للأسف تلبسته غواية السلطة والشهرة ويعز عليه أن يخرج من دائرة الضوء .
حمدين ظن نفسه جالسا على مصطبة بقرية البرلس مرتديا جلبابه الفضفاض أمام جمع من أهل قريته الطيبين وظل يلوك الكلمات المعتادة والتي تربح من وراءها كثيرا ( الفقراء - العيش - الحرية – العدالة ) لمدة تزيد عن الساعتين وبشكل سمج ومكرر وبليد ومتملق ، وظل يردد كلمة "الشباب" كبلطجي صعد على مسرح فرح شعبي وأبى أن يمنح الراقصة نقوطه إلا بعد أن تردد مرارا وتكرارا "الشباب الشباب" حقيقة إسلوب فج ورخيص ولا يليق بعقول هذا الشعب .
حمدين ومع اقتراب 25 يناير - وكأنه يظن أن 25 يناير سترعب المصريين -كما يظن أحبائه وشركائه من جماعة الإخوان الإرهابية والذين يتوعدون المصريين بالانتقام - خرج ليُلقي علينا وعلى غيرنا بعدة رسائل أو عدة إفادات أولها: إعلان حبه وولائه لكل من خان المصريين وعمل لصالح أمريكا وحلفائها من أجل تفتيت مصر ، فأعلن عن حبه وولائه لجماعة الإخوان الإرهابية التي تآمرت ولا زالت تتآمر ضدهم وتفجرهم وتقتلهم وترعبهم ، وترجم هذا الحب وهذا الولاء في حبه لابن عمته وزوج أخته الإخواني محمد عامر ، وفي حزنه على قتلى رابعة أعضاء الجماعة الإرهابية الخائنة الذين توعدوا المصرين من على منصة رابعة بالويل والثبور وعظائم الأمور ، والذين نادوا واستصرخوا أمريكا وأوربا لاحتلال مصر ، حمدين يحزن لمجرمي رابعة الذين رفضوا ألف نداء سلمي للرجوع عن غيهم وإجرامهم ، يحزن لمجرمي رابعة الخوارج الذين عذبوا وقتلوا وكفنوا كل من أراد الخروج من تجمعهم الإرهابي ، يحزن لمجرمي رابعة الذين بادروا بقتل ضابط الشرطة في أول لحظات فض تجمعهم الإرهابي ليشعلوها ويؤججوها نارا لا تنطفئ ، الذين ملأوا ثلاجة مستشفى رابعة وتحت منصتهم بالجثث المكفنة ، مجرمي رابعة الذين أرادوا أن يصنعوا بتجمعهم الإرهابي المدعوم أمريكيا دولة داخل الدولة ، لكن الله كان بمكرهم محيطا ورد كيدهم إلى نحورهم وفضحهم وفضح نواياهم الخبيثة ومخططاتهم الدنيئة وأذلهم لقاء خبثهم وخبائثهم.
حمدين أعلن كذلك عن حبه واحترامه لرسول أمريكا المخرب "البرادعي" ووصفه بالنبيل وبالضمير الحي ، البرادعي الذي أعلن احتقاره لحمدين وأمثاله الموجودون على الساحة السياسية ، البرادعي الذي أرسلته أمريكا ليكون عنصرا فاعلا وضلعا أساسيا في صنع الفوضى الخلاقة التي أرادتها في مصر ، البرادعي الذي حرض على مصر واتهمها بالقيام ببرنامج نووي سري وبعدم إبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالحقائق ، البرادعي الذي كانت تصريحاته وتساؤلاته بشأن البرنامج النووي العراقي المزعوم جسر وتكئة لأمريكا لتحتل العراق وتدمره ، البرادعي الذي صمت عن إسرائيل ولم يجرؤ على التحدث عن برنامجها النووي .
حمدين عبر أيضا عن حبه ومنذ أن كانوا طلبة لصديقه عبد المنعم أبو الفتوح الإخواني الأصيل الذي يلعب الدور المرسوم له من قبل الجماعة الإرهابية في إطار تقسيم وتوزيع الأدوار ضمن منظومة تفكير شيطانية ، وعبر عن احترامه للفأر الهارب أيمن نور بحجة وجود سابقة عمل وطني !
حمدين خرج علينا ليحرض ضد مؤسسات الدولة الفاعلة ، وليغمز ويلمز على الجيش المصري ويحرض ضده وليحط من قدره ويقلل من قيمته ويصوره بأنه انشغل وانصرف عن القتال وحماية الوطن إلى أعمال لا تليق به ولا يصح أن يقوم بها ، مثل ما قام به في الاسكندرية من شفط مياه الأمطار التي ملأت الشوارع وإلى إشرافه على تنفيذ المشروعات وإلى قيامه بالمساهمة في توفير السلع الغذائية للمصريين .
حمدين يدلس ويزور ويفتري حين يقدم هذا الطرح لأنه من المفترض أن يكون عارفاً بأن الجيش هو مؤسسة مقاتلة مستكفية ، لذا فالجيش المصري به جهاز أسمه مشروعات الخدمة المدنية يعمل على توفير الاحتياجات الرئيسية للقوات المسلحة لتخفيف أعباء تدبيرها عن كاهل الدولة مع طرح فائض الطاقات الإنتاجية الخاصة به في السوق المحلي والمعاونة في مشروعات التنمية الاقتصادية في الدولة من خلال قاعدة صناعية إنتاجية متطورة ، وتتبع هذا الجهاز عدة شركات تعمل في مجالات عدة منها استصلاح الأراضي والزراعة والصناعات الغذائية والكيماوية والصيانة والتعدين والاسمنت والبلاستيك والمقاولات والطرق والبترول والأمن الغذائي .
والجيش به إدارة هندسية ذات خبرة وإتقان عليها التزامات ومهمات وتكليفات تقوم بها وقت السلم كالمساهمة في مجالات التنمية في مصر وإنشاء المشروعات التنموية الكبرى والمشاركة في مجالات البنية الأساسية والإنشاءات والطرق والكباري والمشاركة في مجال التعليم عن طريق بناء المدارس والمشاركة في مجالات التنمية السياحية وتطوير المنشآت الرياضية وإمداد القطاع المدني بكوادر فعالة والمشاركة في مجال الإسكان الاقتصادي والتخطيط العام للمدن وإنشاء القرى البدوية والمنازل النوبية والمشاركة في مجالات تطهير الأراضي من الألغام ومخلفات الحروب والمساهمة في إزالة آثار الكوارث والأزمات المحلية كالسيول والزلازل والقنابل والشراك الخداعية ومشاركة بعض الدول في أعقاب حدوث كوارث كبرى لإزالة آثارها .
حمدين يعلم أن من يقوم بهذا جزء قليل من الجيش المصري وليس الجيش كله .
ولا يفوت حمدين أن يلمز ويغمز بالداخلية فيقول أن دورها هو محاربة الإرهاب لا الشباب ، وكأن الداخلية تفرغت لمعاداة وعداء شباب مصر ، وكأنها تقبض عليهم وتعتقلهم بلا ذنب أو جرم ، أو كأن الموجودون بالحبس والسجن إناس أطهار قد تم سجنهم للتمتع بسجنهم وبلا قرار من القضاء ، أو كأن الشباب ليسوا بمواطنين مثل باقي أهل مصر وممنوع على الدولة أن تخضعهم للدستور والقانون والنظام ، يا حمدين: كفاك تدليسا ، شباب مصر يمثل 60% من سكان مصر أي أن عدده 54 مليون شاب ، فهل هؤلاء في السجون ؟
كلنا نقف بالمرصاد لأي تخطي للداخلية ونطالب بمحاسبة أي فرد فيها عن خطأه مهما كانت رتبته ومكانته ، طالما تخطى وتعدى حدود وظيفته أو خالف الدستور والقانون ، وكلنا يعلم أن الداخلية ليست فرد ولا مائة ولا ألف فرد ، الداخلية يعمل بها ما يقارب المليون فرد ، وبديهي وقوع أخطاء بين هذا العدد الكبير ، لكنك تعمم يا حمدين دون وجه حق لتجعل خطأ الفرد فيها مسوغ ومبرر لك لتسود صفحة هذه المؤسسة الوطنية بكاملها.
كلنا نطالب دائما وأبدا بالاهتمام بالشباب وتعليمة وتدريبه تعليما راقيا ومنحه الفرصة للمشاركة في بناء وقيادة الوطن ، لكن مع عدم التقليل من قدر باقي مواطني مصر ومع عدم الجور على حقوقهم ، فما صار الشاب شابا إلا بأب وأم أنجبوه وعلموه ودعموه ، فلا يليق أن نُهين من لهم الفضل ولا يليق أن نحط من قدرهم من أجل نفاق ممجوج للشباب .
السيد حمدين: عيب عليك أن توصف دولة بأكملها بالاستبداد وتقول: الخروج على القانون يمثلان أيضا إرهابا من جانب الدولة " ، يا حمدين: الفرق كبير بين الاستبداد وبين تطبيق القانون ومحاسبة من يحرض على هدم الدولة بالفكر الإجرامي الذي هو أشد فتكا من السلاح ، لا تخلط الأمور وتسميها بمسميات محرضة وآثمة .
السيد حمدين: لو أحسنت صنعا لتواريت عن الأعين وعن الساحة كلها ، لقد عفا عليك الزمن وعلى خطابك وعلى مرحلتك التي تشدنا أليها ، فالعالم كله يقفز ملايين الخطوات للأعلى وأنت تعيدنا إلى نصف قرن مضى لنكون دراويش مثلك في حظيرة الناصرية .
يناير16201612:11:03 مـربيع آخر51437جريدة شباب مصرحامد الأطير
نشرت فى 31 مارس 2016
بواسطة elatiar
عدد زيارات الموقع
11,351
ساحة النقاش