يستخدم الإنسان البروتينات كمصدر أساسيي لبناء الجسم , وهو قادر على الاستفادة منها عند الضرورة لتوليد الطاقة , وتتكون البروتينات ة من عدة وحدات صغيرة تسمى أحماض امينيه ( Aminoacids) .  ولكي يستفيد الجسم من هذه  البروتينات فإنها  لابد أن  يكسرها أولا إلى مكوناتها الأساسية ,مما ينتج عنه العديد من الأحماض التي يستفيد منها الجسم لإكمال عمليات البناء و إنتاج الطاقة (التمثيل الغذائي )  ومن هده الأحماض ( الامينية)  المتكونة من عملية التكسير, الحمض البروبيوني, Propionic acid )  ( , وهو كغيره من المواد الكيميائية يستطيع الإنسان  ( السليم ) الحفاظ  عليها عند المستوى الطبيعي في الدم .

 ارتفاع نسبة الحمض الأميني البروبيوني  في الدم او اختصارا PPA  ( Propionic acidemia ) هو احد أمراض التمثيل الغذائي الوراثية النادرة, ويرجع هذا  المرض ببساطة على خلل عضوي في تكسير او استخدام الحمض الأميني البروبيوني  ( PA )   في جسم الإنسان مما أدى  إلى تراكم هذه المادة إلى مستوى عالي حتى أصبحت كمادة سامة للخلايا .

 إن هده الزيادة المفرطة في هذا الحمض ناتجة عن قصور أو خلل في صنع أو إفراز الخميرة (تسمى إنزيمEnzyme ) المخصصة لتكسير هذا الحمض الأميني , مما نتج عنه تراكم  لهذه المادة  لدرجة كبيرة تؤدى إلى تأثير ضار و شديد بالجهاز العصبي بأكمله , و بالتالي التأثير على النواحي العقلية والجسدية  .

 و بالإضافة إلى ذلك  هناك العديد من التغيرات الكيميائية الضارة بالجسم , كزيادة حمض الأمونيا(Ammonia) , المعروف بشدة سميته وضرره البالغ بخلايا المخ .

 وبشكل عام , فالمواد البروتينة التي قد تفيد الإنسان الطبيعي (الخال من المرض ) فأنها قد تضر الشخص المصاب بهذا المرض وتصبح سما ضارا بصحته .

إن لهذا المرض أشكال متعددة , وقد تختلف شدته من مريض إلى أخر و بحسب مقدار النقص فى الإنزيم.فكما زادة شدة نقص الخميرة زادة شدة المرض و بتالي يظهر المرض في عمر مبكرا (الأسبوع الأول من العمر ) .

 إن مرض ارتفاع الحمض الأميني البروبيوني  , من الأمراض الوراثية النادرة عالميا ,  ولكنها منتشرة بشكل خاص في مجتمعنا السعودي , نظرا للزواج بين الأقارب , أو القبيلة الواحدة ،و أن كانت تحدث في بعض الأسر من دون وجود صلة قرابة  واضحة .

 و مرض ارتفاع الحمض الأميني البروبيوني ينتقل بما يعرف  بالوراثة المتنحية.و هذا يعنى أن و جود طفل على الأقل في الأسرة يعني أن الأبوين حاملين للمورث (الجين ) المسبب لهذا المرض , و هذا تلقائيا  يجعل احتمال إصابة طفل أخر بنفس المرض هو 25 % ( واحد من كل أربعة) , وان 75% ( ثلاثة من أربعة ) سليمين  بأذن الله.و لكن علينا التنبيه إن هذه النسبة تكون خلال الحمل و ليس لها علاقة بعدد الأطفال السليمين أو المصابين السابقين.و للمزيد من المعلومات عن الوراثة المتنحية يمكنك الرجوع إلى هذه الصفحة.

 وبشكل عام , فإننا لا ننصح بالزواج الأقارب عند وجود مثل هدا المرض في الأسرة كما نشجع على استشارة أطباء الوراثة للكشف عن هذا المرض قبل الزواج .
 

 الأعراض الأولية للمرض

يولد الطفل طبيعيا , وقد لا تظهر الأعراض إلا بعد الأسبوع الأول  من العمر .و تظهر الأعراض بعد البدء في إرضاع الطفل خاصة عندما يتناول الحليب الصناعي.

وتشمل هذه الأعراض , الخمول , الكسل , والنوم المفرط  و قد تصل إلى الإغماء الكامل .كثرة الاستفراغ ( القيء ), قلة الرضاعة , وقلة التبول . مع ظهور رائحة مستغربة عبر مسام الجلد  .و ظهور نوبات الصرع .
 

تشخيص الشخص( المولود )  المصاب بالمرض

إن تشخيص هدا المرض يحتاج إلى الانتباه والتوجس من الطبيب المعالج  و قد يساعد  الطبيب إلى التنبه إلى هذا المرض  عند وجود حالة مشابهه سابقة للمرض ,و لذلك  ينبغي للأبوين إخبار الطبيب بذلك . يكون هناك ارتفاع في  حموضة الدم , مع ارتفاع في  نسبة  الأمونيا .

ويتم تشخيص المرض بدقة من خلال إجراء فحص دم على  و البول  بطرق خاصة قد لا تتوفر في المستشفيات العامة.كما يمكن الآن الفحص التلقائي لجميع المواليد عن طريق  وضع نقطة من الدم على كرت خاص بالمختبر و أرسالة إلى احد المستشفيات  الخاصة  كالمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث  بالرياض , و تظهر النتائج في اقل من  48 ساعة  .

  و لا تنسى آخى الكريم أن تخبر طبيبة النساء و الولادة و الطبيب المتابع لطفلك السابق عندما تخطط  للحمل القادم , وذلك لإتباع الوسيلة الامثل خلال الحمل و و لعمل الفحوصات اللازمة مباشرة بعد الولادة و قبل أن يتعب الطفل .    
 

 الأعراض المصاحبة لانتكاسة المرض( المرضى المصابين المعروفين مسبقا )

 في كثير من الأحيان و بعد أن يتعافى الطفل من الأعراض الأولية خلال الأيام الأولى من العمر تعاود الطفل نفس الأعراض كالقيء و الخمول  خاصة في السنوات الأولى من العمر.هذه  الأعراض الانتكاسية للمرض كثيرا عن الأعراض الأولية , ولكن قد يظهر التدرج للحالة من سوء إلى أسوء , وخاصة عند مصاحبتها لأعراض الرشح ,ارتفاع الحرارة , النزلات المعوية أو الصدرية . وفى بعضها قد تكون شدتها  اكثر من السابقة منها .
 

 العلاج

 لا يوجد علاج ناجح شافي لهذا المرض حتى الآن, ولكن هناك العديد من الأدوية التي قد تساعد في التقليل من الانتكاسات   و تقلل من الأعراض المزمنة للمرض.والنقطة المهمة جدا و التي يجب التركيز عليها هي الحمية الغذائية, فكما ذكرنا سابقا أن هذا المرض ناتج عن زيادة الحمض الأميني البربيونى و الذي هي ناشئ أصلا من البروتينات , لذا يجب التقليل من البروتينات إلى الحد الامثل والمنصوح به في مثل هده الحالات .ويجب  ان  لا ننسى  توفير  الكمية  الكافية من  حمض البروبيونى لانه من الاحماض الامينية المهمة لاكمال عمليات النمو والبناء في جسم الانسان . ان هذا  التوازن الغدائى بين الكمية المهمة  للنمو  والمقدار  الضار للمريض هو من اهم النقاط المهمة التى ينبغى الحرص  عليها , لكى  لا يسبب  النقص الحاد لهده المواد  نقصا مزمنا  فى النمو , وعلى النقيض فان الزيادة تؤدى الى انتكاس المرض وفقدان السيطرة الكلية عليه .

ومن هده  المشتقات الحمضية  التي يجب الإبقاء عليها عند المستوى الأدنى التالي :

ايزوليوسين  (  Isoleucine  )
ميثايونين  Methionine )
  ثريونين   ( Threonine )
 فالين  ( Valine )

هناك العديد من المنتجات الغذائية والخلطات المعدة خصيصا لهؤلاء الأطفال والحليب المخصص لهذا المرض , و التي تحتوى على النسب الامثل من البروتينات والمواد الغذائية  الأخرى .وبشكل عام , فان هذه النواحي الغذائية وغيرها تستدعى المتابعة المستمرة للأخصائي المتمرس في مثل هذه الأمراض . 

و بالإضافة إلى الناحية الغذائية والتمسك الحرفي بما يحدده أخصائي التغذية فان هناك العديد من الأدوية التي قد تفيد من تقليل حدة المرض وانتكاساته المتكررة , ومن هده الأدوية :
 1)       مادة الكارنتين         carnitine 
2)       مادة البيوتين              . Biotin عامل مساعد للازيم المكسر للحمض الاميني
3)       المحلول القلوى ( بوليسترا ) Polycitra . للتخفيف  من  الحموضة المزمنة
4)       مجموعة من الفيتامينات .للتقليل من النقص الحاصل فى هده المواد الهامة للنمو
5)         المضاد الحيوي  فلاجيل Flagyl   .للتخفيف من تكون  الاحماض الامينية بالامعاء
6) ادوية معالجة الصرع و التشنجات.


الأبحاث المستقبلية لعلاج المرض

هناك العديد من الأبحاث التجريبية ,التي تجرى مند سنين  على استخدام تقنية انتاج المورث المسؤل  عن هدا المرض , و للأسف لايزال الحديث مبكرا عن مدى نجاح هده الطريقة  وتطبيقها فى المرضى المصابون .     
 

الوقاية من الانتكاسات المتكررة و علاجها المبكر

 ان  من  الطبيعة الحاصله  في  هذا  المرض  لا محالة  ,حدوث  الانتكاسات  المتكررة  و التي قد تختلف حدتها من مرة  إلى أخرى , وخاصة عند وجود السبب الظاهر لها , كوجود  الالتهابات والنزلات  الجرثومية  المعدية .

 عند وجود الأعراض المبكرة للانتكاسة  يجب المبادرة سريعا وتشجيع الطفل المريض من الإكثار من السوائل عامة , ويكون دلك عن طريق الفم او الأنبوب او الفتحة المعدية المباشرة , و بأسلوب متكرر وبكميات بسيطة .     يمكن كذلك مضاعفة جرعات مادة Polycitra  و   Carnitine

 عند تدهور الحالة العامة  للطفل وازدياد  الاستفراغ والخمول الشديد  والرفض التام للسوائل  , عندها  يجب المسارعة إلى اقرب مركز صحي مجاور لمقر إقامتك , و لا يلزم ان تقطع المسافات الطويلة الى المستشفيات الكبيرة , التي قد يكون نتيجة دلك حياة المريض وهلاكه .

 ان علاج المرضى في مثل هده الحالات هو السوائل والمحاليل الوريدية الملحية والسكرية بكميات محددة , مع تحويل الأدوية المعتادة  الى طريق الوريد . (وهدا العلاج متوفر فى جميع المستشفيات ) .ومما  ينبغي  التنبيه  عليه , ان  حدة  المرض  قد تزداد  وحتى عند التدخلات الطبية القصوى,  مما يستدعى إدخال المريض العناية الفائقة  .
 

  خطورة المرض ومضاعفاته 

تشتد خطورة هدا المرض في الأسابيع الأولى من الولادة .

وهده  الخطورة  تكمن  في مقدار الحموضة  في الدم , والتي  قد تؤدى في الكثير من الحالات الى الهبوط الشديد   فى الجهازين  القلبي  والرئوي  مع نقص  الأكسجين  و بالتالي  الي  الضرر  البالغ بالمخ والمراكز  الحساسة بالدماغ  . ويضاف الى ما سبق , ارتفاع الامونيا  و التى كما  قلنا سابقا  انها مضرة  بشكل كبير لما تسببه من اثر بالغ بخلايا المخ وبالتالي ضمورها ومن ثم التسبب فى ضمور المخ و التأخر العقلي .  يعرف هدا  المرض بأثره  البالغ على نخاع العظم ( مصنع الكريات والصفائح الدموية ) , وينتج عن دلك نقص الانتاج العام من الكريات الحمراء ( فقر الدم ) , والكريات البيضاء ( الالتهابات المتكررة )  , والصفائح  الدموية ( النزيف) .

 وبشكل عام , فأن هدا المرض ذو انتكاسات حادة متكررة , تؤدي فى الكثير من الحالات لتعريض الطفل الى حالة حرجة تحتاج الى العناية و إعطاء السوائل الوريدية . ان هذا  المرض ليس  له  علاج ناجع  كغيره  من  الأمراض الإستقلابية  . غير انه يمكن الحد  والسيطرة جزئيا على الكثير من الأعراض المؤدية الى تضاعف خطورة وشدة المرض .

ان مرض  ارتفاع حمض البروبيونى  من الأمراض  الوراثية  الاعاقية  التى قد تزداد سواء فى معظم الحالات ومن هده المضاعفات والمشاكل المتعلقة بالمرض نورد بعض منها :

 1)      التأخر  العقلي بجميع الدرجات  ( شديد ،متوسط ،خفيف ) , وهدا التخلف يرجع الى ضمور خلايا المخ و الذى هو جزء من المرض ( يمكن عمل فحص اشعة الرنين المغناطيسية للمخ ورؤية هده التغيرات) , ونسبة حصول هدا التخلف قد تتعدى 95% و هذا يعتمد على شدة الإصابة و عدد الانتكاسات.
2)      ضعف النمو الجسدى ( قلة الشهية ) , وهدا شيء حاصل لامحالة , ويمكن التغلب عليه بوسطة الانبوب الانفى المعدي او جراحيا بعمل فتحة التغدية المعدية عن طريق البطن.
3)      الصرع او التشنجات ( نسبة حصولها 30% . ).
4)      الإمساك الهضمي.
5)      القابلية للالتهابات المتكررة .(بسبب ضعف المناعة ) .
6)      فقر الدم ( الانيميا ) المزمن المتكرر , ونقص الصفائح الدموية , والتي قد تستدعي اعطا ئهما عند الحاجة الماسة لذالك .
7)      القيء المتكرر والمزمن مع الارتجاع المعدي الى المريء , والذى قد يستدعي فى الكثير من الحالات التدخل الجراحي البسيط , بأجراء عملية تضييق لفوهة المعدة العلوي .
8)      حموضة الدم المزمن .
9)       زيادة الامونيا المزمن .
10)  الصعوبة فى وضع المغذيات نظرا لصعوبة رؤية الاوردة في الأطراف و ذلك لكثرة استعمالها من قبل الأطباء, ويمكن التغلب على هذه المشكلة جراحيا بعمل الخط الوريدي المركزي .

 ان تشخيص هده المضاعفات قد تحتاج لعمل الكثير من الفحوصات , لتحديد شدتها , والعمل مبكرا للتقليل من اثرها على حالة الطفل .
 

 طرق الوقاية , التشخيص الجنينى , والمبكر للمرض
 
هناك  عدد  محدود  من المراكز العالمية  البحثية  التي قد  يكون ليها المقدرة على تشخيص الجنين المصاب بالمرض , ودلك فى حدود الأسبوع 16-18 من بداية الإخصاب , ويتم دلك بتحليل السائل الامينوسي (المحيط بالجنين ) بدقه ودراسة المكونات التي تنتج عن تراكم مادة الحمض البروبيونى .

و  اذا تم التشخيص وثبت صحة إصابة الجنين بالمرض , فأن الخطوة التي قد يتم المناقشة فيها هي موضوع إجهاض الجنين المصاب بالمرض ,  وهدا النقطة  هي محور المسألة التي قد يصعب البت فيها شرعا .  و للمزيد عن الإجهاض في اشرع الإسلامي راجع الصفحة الشرعية.

حتى الآن , لا يتوفر هدا  الفحص الدقيق إلا في القليل من المراكز عبر العالم .أما التشخيص الوراثي للجين ( المورث) المسبب للمرض لدى الزوجين و الأولاد  , فأن هدا يتم بالتحليل المبدئي والمسح الشامل  للطفرة ( التغير الوراثي ) الحاصله في العائلة المصابة بالمرض , وبعدها يتم تحديد الشخص الحامل والغير حامل للطفرة ( المورث المسبب) . هدا الفحص هو  فحص بحثي وتجريبي , و لا يتوفر إلا في مراكز محدودة بالعالم .

للمزيد من التفصيل فى هده النقاط وغيرها  , يرجى سؤال استشاري الأمراض الوراثية و الإستقلابية  المتابع لحالة ابنك المصاب .

المصدر: مركز الرحمة
el-rahmapt

مركز الرحمة للعلاج الطبيعى المكثف للأطقال

  • Currently 41/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
14 تصويتات / 3526 مشاهدة
نشرت فى 24 يناير 2011 بواسطة el-rahmapt

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

2,393,433

مركز الرحمة للعلاج الطبيعى

    أ.د/ محمد على الشافعى
 استاذ مشارك العلاج الطبيعى للأطفال  بكلية العلاج الطبيعى جامعة القاهرة و استشارى العلاج الطبيعى المكثف للأطفال 
لمشاهدة قناه الفيديو الخاصة بالمركز 

اضغط