أ.د عصام أحمد عيسوي

              كلية الآداب- جامعة القاهرة

 

من منا لم يجلس على القهاوي أو بمعنى أصح المقاهي؟ وهل سألنا أنفسنا عن القهوة هل هي المشروب أم المكان الذي نجلس فيه ولا نقول نجلس عليه، إن كلمة القهوة في اللغة هي اسم لنوع من الخمور وهو النبيذ أطلقها العرب عليها لأنها تُقهي الإنسان أو تذهب بشهوة الطعام والنوم عنده.

ولم تحدد المصادر بدقة أول ظهور لمشروب القهوة، كما اختلفت على مكان ظهور نبات البن الذي تصنع منه القهوة ، إلا أن الأماكن الأشهر عند الناس في مصر هي اليمن والبرازيل والحبشة أو أثيوبيا وهى من ضمن الأماكن الأشهر في زراعة البن في العالم ، وتشير المصادر التاريخية إلي أن الحملة الفرنسية حاولت زراعة البن في منطقة ميت عقبة بالجيزة، ثم حاول الخديو إسماعيل زراعته في بساتينه المنتشرة في الروضة وشبرا.، والمهم أن مشروب القهوة أصبح هو مشروب الضيافة الرسمي لبعض الدول العربية الآن.  

أما القهوة التي نجلس فيها – أو عليها - فقد انتشرت في شوارع مصر وحاراتها قديما ولا تزال تعتبر المتنفس الرئيسي لكثير من الناس في مصر ومعظم الدول العربية أو حتي الأجنبية، وفي مصر كم من السائحين العرب والأجانب أو حتي المصريين يرتادون علي المقاهي في المناطق الشعبية أو الأثارية  كمنطقة الحسين والأزهر، وكم منا لا يجلس في المقاهي بالمصايف ، وهي العادة التي زادت في الانتشار في السنوات الأخيرة.والسبب الأساسي في ذلك أن القهوة البلدي – الأسبور الآن – لها أصول تاريخية في وجدان الشعب المصري خاصة ، ولكن عندما ندخل إلي القهوة هل نستعمل الآن نفس الأدوات والأواني التي كانت تستخدم قديمًا ؟؟، الكثيرون ممن يرتادون علي تلك المقاهي يستعملون فقط الأشياء دون التفكير في الإجابة علي ذلك السؤال ، والإجابة تؤكدها لنا الوثائق والمصادر التاريخية التي تتناول المقاهي البلدي بالوصف فمنذ القدم كانت تستعمل الشيشة في شرب وتدخين التنباك ، وكانت عبارة عن إناء زجاجي أو معدني من الفضة أو الذهب ضيق العنق وعرفت قديمًا بالنارجيلة أو القنينة أو غير ذلك من المسميات بين عامة الشعب ، ومن الأدوات التي استعملت ومازالت تستعمل حتي الآن هو الفنجان وهو كما كانوا يستخدمون ظرف الفنجان وهو الطبق الذي نستخدمه الآن ، كما استخدموا أيضًا الكنكة وهي مستخدمة حتي الآن في المنازل المصرية وهي أداة أساسية في القهوة البلدي ،وكانت تعرف بالتنكة أو التنك وكانت تصنع من صفائح الحديد المطلي بالقصدير أما الآن فتصنع من الأستانلس .

وكان قديمًا يُقدم مشروب القهوة فيما يسمي بالبكرج أو ما يعرف الآن بالدلة وهو عبارة عن وعاء نحاسي أو فضي له مقبض تصنع فيه القهوة وتقدم للزبائن أو حتي للضيوف في المنازل .

 والقهوجية هم الطائفة الذين أمتهنوا هذه الحرفة والصناعة لتقديم القهوة والمشروبات الأخرى وأدوات التدخين المُختلفة لزبائنهم المرتادين عليهم ، وهم دائما – قديمًا وحديثًا – يعملون علي راحة زبائنهم وكذلك حفظ ونظافة معدات وأدوات وأواني القهوة ، وكان قديمًا يعمل بالقهوة ( المسلكاتية) ، حيث كان المسلكاتي يقوم علي تسليك الشيش والشُبك والجوز وغيرهم من أدوات التدخين، وكان يعمل أيضًا الشبكشية (أو الشبكجية في اللغة التركية ) وهم الذين كانوا يصنعون الشُبك المستخدمة في التدخين وهي لفظة (ﭽوبوق التركية) بمعني العصا الطويلة أو الأنبوب الذي ينتهي بمجمرة يوضع فيها التبغ .

وكانت القهوة – المكان- تعرف أحيانا بالبوفيه وكان من يعمل فيها يعرف بالبوفيـﭽـي أي القهوجي الذي يطبخ القهوة ويقدمها لمن يطلبها ، والبوفيه من الكلمات التي لا تزال تستخدم حتي الآن في مصالحنا ومكاتبنا وشركاتنا .وكانت القهوة البلدي تقدم عدد من التسالي للزبائن منها الأراجوز والحكايات الشعبية والرقص الشعبي والموسيقي ، ولا تزال بعض هذه التسالي والفنون موجودة حتي الآن بالمقاهي .

المصدر: أ.د عصام أحمد عيسوى
egarchives

أ.د عصام أحمد عيسوى [email protected]

أ.د عصام أحمد عيسوى

egarchives
أستاذ م.الوثائق والأرشيف بقسم المكتبات والوثائق بكلية الآداب جامعة الملك سعود وجامعة القاهرة، حاصل علي جائزة التميز في التعلم والتعليم من جامعة الملك سعود 2011م، وجائزة جامعة القاهرة التشجيعية في العلوم الإنسانية والتربوية 2007م، وعضو فى عدد من اللجان القومية والعلمية بجامعة القاهرة والمجلس الأعلى للثقافة وغيرهما، مؤسس ومدير وحدة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

209,376