كتبت / رجاء ربيع
عريف الباحثة بالشئون العبرية حالفني الحظ وشاهدت عبر الشبكة العنكبوتية ، نسخة من منهج التعليم في إسرائيل ، لاسيما منهج التاريخ في المرحلة الاساسية ، وقد طالعت فهرس الكتاب المكتوب بالعبرية واجتهدت ملياً في ترجمته ، و أردت ان انشره واعرضه ، لأوضح طريقة التعليم والتعلم والعرض والسرد العلمي ، الغير مسيس بين مناهجنا التي نلقنها لابنائنا دون وعي ، وبين منهج التعليم الإسرائيلي الذي يعتمد على الفهم وترسيخ المبادئ .
ولا تروني مبالغة إن عقدت مقارنة ، بين المنهجين لرجحت كفة المناهج اليهودية التي تدرس في تل أبيب ، فإني لا أدعوا إلى أسرلة المناهج المصرية او العربية ، معاذ الله ، ولكن غيرة وثأرأً لأمة العلم .
فالإعتماد على منهج تاريخي يشوبه في بعض الأحيان الانحياز لوجهة نظر معينة ، أو الإتجاه لما يعرف بزيف وتزييف التاريخ تملقاً لنظام معين ، أو محاباة لأشخاص بذواتهم .
فلو تدبرنا المنهج للتاريخ للمرحلة الأساسية لطلبة المدارس الإسرائيلية بتل ابيب ، فقد أعجبني بشدة مصداقية وطريقة تناول الأحداث التاريخية ، وأثارني الطريقة العلمية السليمة والمفيدة ، واحترام العقلية اليهودية ، ولو كانت صغيرة ، في عمر الزهور أو بدايات الصبا .
فلقد تفوق اليهود علمياً علينا ، فالمتأمل في الكتاب ـ محل البحث ـ وقد اتخذته طريقة ومنهجاً لشرحه ، منها الفصل الاول ، ويحاول تثبيت دعائم الإستيطان اليهودي ، ويقول بعنوان فلسطين أرض الاجداد ، ويحاول
التحايل بكافة انواع التحايل ، ويثبت وجود الاستيطان اليهودي ، وتعميق الشور بالوطنية لدى النشئ الصغير .
فقد حرفوا التاريخ وتعمد اليهود نفي نسب الكنعانيين لسام بن نوح ، زوراً وبهتاناً ؛وذلك لحاجة في أنفسهم ، ألا وهي إنكار إمتلاك الأرض ،ومحاولة إيجاد المبرر الشرعي للإغتصاب ؛ حيث أن الكنعانيين هم أجداد الفلسطينيين ، وهذا ما أشارت إليه تحريفاتهم في التوراة .
حيث أن التاريخ يثبت لنا أنه لم تكن هجرة العبرانيين إلى أرض كنعان هي أولى هذه الهجرات ، بل سبقها هجرات لجمعات سامية وغير سامية أيضاً ، منهم المؤآبيين والفينيقييين والآراميين والعمونيين والعماليق واليبوسيين وغيرهم ، سيما أكذوبة أرض الميعاد التي يتخذون منها دليل يلوكون به أفواههم ، ويتشدقون به ، لقد جعلوا من تاريخ منصرم . مستقبل لدولة مزعومة.
والفصل الثاني دولة الخلافة الإسلامية وقد ضمنوها الفصل الثاني في منهج التاريخ المعول عليه ، والذي لفت نظري بشدة، فلم ينكروا دولة بكبر وعظمة دولة الإسلام في مرحلة هامة من التاريخ من أجل تعميق وإثراء ثقافة أبنائهم ، وعدم تضليلهم .
دولة الصليبيين أو الفترة الصليبية .. وهو الفصل الثالث بالكتاب ، ويصف فترة الحملة الصليبية على الشرق الأوسط ، وما تبعه من إعتداء على المقدسات ، وهنا يعرضوا لأبنائهم دون تزييف أو خلط للأمور أو تغييب للذهن ، وإدعاء الصداقة بين الشعوب المعادية وإن ساعدتهم .
ورسالتي الوحيدة أني أرى في منهج تدريس التاريخ واسلوب عرضه على الطلبة ، به الكثير من العوار ، منها التكرار لذات المنهج والمضمون في كل المراحل الدراسية دون إضافة أو زيادة علمية .
فالتاريخ الفرعوني والتاريخ الاسلامي على سبيل المثال ؛ يعرض في المراحل الدراسية المختلفة ، دون زيادة علمية ، وهذا ما يبعث على الملل والسأم ، فضلاً عن وجود أخطاء تاريخية غير منقحة ،وفضلاً عن وجود ما يعرف بلتملق والممالأه للانظمة الحاكمة سيما في تاريخ العصرالحديث ، وكل ذلك يلتهمه أبنائنا دون وعي .
أخيراً فالمسئولية تقع على الدولة المصرية ، لا سيما القائمون على النظام التعليم في مصر وواضعي المناهج ، والمضطلعين بأمر العملية التعليمية ، فالتاريخ فيه مستقبلنا ، والتاريخ تراث الامم.. ولا أرى عقوبة وكيداً وتنكيلاً أشد من تغييب الأفهام وتزييف الحقائق .
الباحثة في الأدب الإسرائيلي
كلية الآداب ـ جامعة الإسكندرية.