دور الفن الوظيفي لبناء المـجتمع
إن الفن بطبيعته تقدمي وشامل خلال عصور التاريخ ، ويكمن دوره في التمهيد لكل المبتكرات والمخترعات ،وهو:
- تاريخ مرئي وشكلي لنمو الثقافات .
- أساس لكثير من نظم الاتصال وعمليات التأثير والتأثر.
- انعكاس حي للثقافات الحاضرة والمستقبلية.
- أحد وسائل لإنعاس خبراته الشخصية والبيئية .
ومما سبق يتضح دور الفن الريادي لنمو وبناء المجتمع ... ومن الأمثلة ما قد يتضح من تأثر الكثير من الأفكار بأعمال المعماريين والمصممين ، وتأثر هؤلاء بدورهم بالمصورين التكعيبيين أمثال " براك Braque ، وبيكاسو Picasso " حيث اهتما بتحليل الأشكال والهيئات الأساسية ، واهتما بالبناء والعلاقات القائمة بين التكوينات التي من خلالها ظهرت المدرسة التكعيبية لخلق تراكيب فنية جديدة ... وتحليل العناصر والوحدات وإعادة تنظيمها في مجال الفن ، والتعرف في مواضع كثيرة على العلاقات المتشابهة والمتناقضة يمكن أن تساهم في عمليات استجابة النشء للفن ، وخاصة أن المجال التربوي في العديد من الدول يهدف إلى دفع الممارسات التدريسية إلى تنمية أنماط التفكير الاستدلالي والاستقرائي لإنتاج تعميمات ، والقياس لإنتاج نتائج للتعميمات ، والاستنباطي لإثبات صحة التعميمات وحلول المشكلات ، وذلك من خلال الوحدات والعلاقات الرقمية ذات الفعالية فتصبح أكثر دواماً مما يعلم بواسطة الحفظ والاستظهار ... ولكي يصبح العمل بالفن صحيحا وناجحاً فيجب أن يزود الإنسان ببعض المعرفة الشاملة لجوانب الثقافة البيئية الفنية ، وينطبق هذا على ميادين الدراسة التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتطبيق العلمي ، فليس في الاستطاعة أن يعلم الفن في معزل عن المواد الدراسية الأخرى إن كانت علمية أو رياضية ، بل في استطاعة الفنان من إيجاد مفاهيم ومعلومات وخبرات ومهارات بين موارد الفن والرياضيات يصلحوا لتعظيم دور كل منهما فى العمليات التشكيلية.
ويتميز الفن بالمعرفة الحدسية المرتبطة بالمشاعر والأحاسيس ، بينما يقوم العلم على المعرفة الذهنية ، كما أن الفن يرتكز أيضاً على المعرفة الذهنية عندما يراد به التقنية والقواعد العلمية ، وهى أسس لابد منها للعمل الفني ، فالعمل الفني يخضع في كثير من الظروف إلى سيطرة العلم.
إنه منذ فيثاغورس ( 582 ق 0 م ) أصبح النظام الرياضي شاملاً جميع المعارف والنشاطات الإنسانية بما فيها من الفن ، وتمثيل ذلك في الأصول والقوانين التي قام عليها العصر الكلاسيكي الإغريقي فى العمارة وفى النحت والتصوير ... وغيرها. وقبل أن يغطس أرشميدس في حوض المياه لكي يكتشف الوزن النوعي للأجسام ، كان قد درس مساحة الدائرة وحسب أبعدها،التي سهلت كثيراً فى إقامة القباب الرومانية والمعابد الدائرية التي انتشرت فيما بعد .
وتتمثل أواصر العلم بالفن قوية عند " ليوناردودافنشى " الفنان المصور الفلورنسى الذى قال عن نفسه " أنني اخترع الآلات الحربية وأصنع الجسور المتحركة والعربات السريعة ، وأنني مهندس ماهر ... وأخيراً فأنا أتصور كأي شخص كائن من كان. و" لقد أبدع "ليوناردودافنشى" فى العلم بما يتجاوز إبداعه في الفن ، ولقد استطاع بقوة عقله وخيالة وحدسه وحسه أن يدخل إلى اختراعاته ، وأن يدخل العلم في فنه .