<!--<!--<!--[if !mso]> <object classid="clsid:38481807-CA0E-42D2-BF39-B33AF135CC4D" id=ieooui> </object> <style> st1\:*{behavior:url(#ieooui) } </style> <![endif]--><!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman","serif";} </style> <![endif]-->
مُحاولات علمية مُستمرة للسيطرة على أنفلونزا الطيور
أعداد: د.صلاح الدين عبد الرحمن الصفتي
استخدمت الدول التي تعرضت لأزمة أنفلونزا الطيور خطط مختلفة ومتعددة لمكافحة انتشار وتفشي فيروس أنفلونزا الطيور القاتل H5N1، وكانت لبعض من هذه الخطط نصيباً من النجاح، ومن أهم تلك الخطط هو إجراء عمليات تحصين الطيور بلقاح H5N1 ولكن سرعان ما واجهت تلك الطريقة تساؤلاً هاماً وهو لماذا ينجح اللقاح في مناطق من العالم ولم ينجح في مناطق أخرى؟ وبسؤال مُربي الدواجن عن رأيهم في مكافحة هذا الفيروس باستخدام لقاح H5N1 عالي الضراوة فكانت الآراء متباينة إلى حد كبير وذلك لأنه غالباً ما يحيط عملية تحصين الطيور بهذا اللقاح كثيراً من اللغط وعدم وضوح النتائج وذلك لاختلاف أنظمة التربية حيث تختلف الاستجابة للتحصين عند التربية الطليقة للطيور Free-range عنه عند التربية المُكثفة لقطعان التسمين Intensive Broilers، وأكثر من ذلك فإن الدول اختلفت فيما بينها في الاستجابة المتوقعة للتحصين ويرجع ذلك إلى حد بعيد إلى الأجندة المقترحة في كل دولة لكيفية التعامل مع تلك الأزمة. ومن جهة أخرى فإن معظم وسائل الإعلام حول العالم أولت اهتماماً أكبر حول أهمية التحصين البشري ضد هذا الفيروس دون النظر باهتمام لتحصين الطيور والتي هي من وجهة النظر العملية هي المصدر للإصابة البشرية أي يجب استئصال المرض أولاً من بيئته الحيوانية وقاية وحماية للحياة البشرية.
التقنيات العلمية الحديثة:
التطور الحادث في الأبحاث العلمية الخاصة بتقنيات تصنيع التحصين وفاعليته تمت من خلال ثلاثة نقاط أساسية:
· تحسين رد الفعل المناعي في الطيور لجميع سُلالات فيروس الأنفلونزا.
· استحداث طرق سريعة ذات كفاءة أعلى لإنتاج اللقاحات لتتناسب ومُعدلات الطفور العالية للفيروسات.
· تصميم أنظمة جديدة للتحصين لتجنب التحصين بطريقة الحقن اليدوي للطيور.
على النطاق الحقلي فإن استخدام اللقاح بالإضافة إلى الكيماويات المُنبهة للجهاز المناعي والتي تزيد من فاعلية اللقاح لقي كثيراً من الاستحسان والاهتمام، إلا أن بعض من هذه الكيماويات كانت لها تأثيرات سُمية، كما لوحظ أن استخدام تلك الكيماويات بمفردها ليست لها القدرة على حل تلك الأزمة. وفي خِضم الأبحاث العلمية المتوالية والتقنيات الحديثة في تكنولوجيا صناعة اللقاحات أمكن تحضير لقاح الأنفلونزا عن طريق كود الحمض النووي للبروتين النووي الفيروسي DNA كطريقة وخطوة للأمام حيث أطلق على هذا اللقاح لقاح المادة الوراثية (لقاح دنا)، ولكن وجد أن إعطاء هذا اللقاح عن طريق الحقن العادي للطيور يعتبر غير كافي لتنبيه الجهاز المناعي للطائر لإنتاج أجسامه المُضادة (المناعة المُكتسبة). وللتغلب على هذه المشكلة فأنه وجب إتباع تقنيات أكثر تكلفة كاستخدام حبيبات الذهب الرقيقة والتي تغطي المادة الوراثية للفيروس ويُستخدم لذلك غاز مضغوط ثم يتم إعطاء اللقاح بدفعه عبر جلد الطائر وسرعان ما ينفذ بشكل مباشر لخلايا الطائر المناعية وتشجيعها لإنتاج الأجسام المُضادة. وتجدر الإشارة أن تكنولوجيا صناعة اللقاحات تسير بشكل جيد نحو حماية شاملة لكل أصناف الأنفلونزا من النوع (أ). لوحظ أن مُعدلات الطفور (التحول الفيروسي) والتغيرات الحادثة في البروتينات السطحية (الهيماجلوتينين والنيورامينيديز) لفيروس الأنفلونزا من النوع (أ) كبيرة ومتكررة مقارنة بنوعي الأنفلونزا (ب، ج). وعموماً فإن تكنولوجيا اللقاحات حالياً تهدف إلى التركيز على بروتين غشاء الخلية والمعروف بـ M2e وهو مُختلف عن البروتينات السطحية لكنه ذو خصائص ثابتة وشائع في كل الفيروسات التابعة للأنفلونزا من النوع (أ).
مع التقنيات الحديثة في تصنيع اللقاحات أمكن وعلى نطاق تجاري واسع استخدام مخلوط اللقاحات، حيث تم تحميل اللقاح الخاص بأنفلونزا الطيور مع لقاحات أخرى، حيث أدخلت المادة الوراثية لبروتين الهيماجلوتينين إلى حبيبات فيروسية أخرى وذلك بغرض تنبيه الجهاز المناعي واستنفاره وإنتاج الأجسام المُضادة. ومن أهم المخاليط اللقاحية المستعملة في الحقل الداجني هو مخلوط لقاح جدري الدجاج مع الهيماجلوتينين (H5) والمُستخدم على نطاق واسع ضد أنفلونزا الطيور منخفضة الضراوة (LPAI H5N2) في دولة المكسيك. وما زالت الأبحاث مستمرة لإنتاج لقاحات أنفلونزا الطيور مع لقاحات أخرى مثل لقاح النيوكاسل (ND)، والتهاب الحنجرة والقصبة الهوائية (ILT)، وفيروسات الأدينو.
تحديات تظهر عند إكثار وتصنيع فيروس الأنفلونزا:
تطورت الطرق القياسية لإنتاج اللقاحات تطوراً كبيراً خلال الخمسين سنة الأخيرة، حيث تم خلال تلك الفترة التعرّف بشكل واضح على سُلالات الفيروس والتي تحتاج إلى تحصين (تمنيع) ضدها. ومن الجدير بالذكر أن طريقة إعداد اللقاح صناعياً تمر بالعديد من المراحل والتي يمكن إجمالها في حقن الفيروس في الملايين من أجنة الدجاج وذلك بغرض إكثاره ثم جمعه وتنقيته وتثبيطه (قتله) وذلك قبل استخدامه في التحصين. وتجدر الإشارة أنه عند تصنيع اللقاح الخاص بفيروس أنفلونزا الطيور شديد الضراوة وجد أنه من الصعوبة تمرير هذا الفيروس من خلال أجنة الدجاج حيث فشلت تلك العملية نتيجة إلى موت الأجنة المحقونة بالفيروس وذلك لضراوتة العالية وبالتالي لم تتم عملية الإكثار للفيروس. أمكن التغلب على تلك المشكلة من خلال ما يُعرف بالوراثة المتعاكسة Reverse genetics وزراعة الخلايا.Cell culture تم التعرّف على الجينات المسئولة عن البروتينات السطحية (H&N) وتم استخدامها في الفيروسات المُهنّدسة وراثياً وتم إكثارها وتضاعفها بواسطة تقنيات زراعة الخلايا، كما تم نمو الخلايا الحيوانية والآدمية معملياً في محاليل غذائية ثم حقنها بالفيروس وملاحظة تضاعف أعداد الخلايا والفيروسات، ثم انفجرت بعد ذلك أغشية الخلايا وتم جمع وتنقية الفيروسات الناتجة وتثبيطها لاستخدامها في التحصين. استخدام كل من التقنيات الوراثية وزراعة الخلايا سالفة الذكر مًكّن من إنتاج كميات هائلة من اللقاحات وفي فترات وجيزة إضافة إلى انخفاض تكلفة الإنتاج والتصنيع. أما عن طريقة إعطاء لقاح أنفلونزا الطيور للقطيع فإنه يُعطى للطيور في أنً واحد إما عن طريق الرش بقطرات اللقاح أو عن طريق الحقن والطريقة الأخيرة هي الأكثر أمناً واستخداماً. فعلى سبيل المثال فإن لقاح تروفاك (H5) المخلوط مع لقاح جدري الدجاج يُعطى لكتاكيت التسمين في دولة المكسيك منذ أكثر من سبعة سنوات حيث يُعطى للطيور في عمر يوم في معامل التفريخ أو يُعطى في الأعمار المتأخرة بطريقة الوخز في الجناح أو الحقن تحت الجلد. وما يدعوا إلى الحذر هو أن عملية تداول الطيور خلال التحصين أو ما يُعرف بالنقل الميكانيكي عن طريق فرق التحصين والعمالة يزيد من إمكانية انتشار الفيروس وإصابة قطعان أخرى.
يأمل مُربي ومُنتجى الدواجن أن يحصنوا قطعانهم ضد فيروس H5N1 شديد الضراوة ليعطيهم فترات أطول من الحماية والآمان ضد العدوى، وبالفعل فإن بلدان كثيرة من العالم تُجري التحصين لقطعانها باستخدام لقاحي H5N1&H5N2 وهما اللقاحان الوحيدان المرخصان للاستعمال حول العالم، ولعل مع استخدام التقنيات الحديثة في التصنيع اللقاحي مثل تقنية الخلايا المُعدلة وراثياً وتقنية زراعة الخلايا سوف يبشر بالمزيد من التقدم في هذا المجال.
طفور (تَحول) الفيروس والمشاكل المصاحبة:
كثيرا ما تتضارب الآراء حول كيفية الإدارة الجيدة والسيطرة الكاملة على فيروس أنفلونزا الطيور القاتل للتخلص منه، حيث يمكن إجمال محاور تلك الإدارة في الأتي: الطفور الحادث في الفيروس، مدى توافق اللقاح مع الفيروس المنتشر، توافر الموارد المالية للمكافحة، توافر القوى البشرية، الاستيعاب السوقي للمشكلة. وبشكل عام فإن لقاح H5N1 يُعطى في بعض مزارع الدواجن بشكل روتيني إلا أن هذا من الناحية العملية غير صحيح وذلك لأنه لا يأخذ في اعتباره مُعدلات الطفور العالية لفيروس الأنفلونزا والذي لا يقابله إنتاج لقاحات جديدة للأشكال الجديدة الطافرة من الفيروس، حيث وللأسف مُعدل إنتاج اللقاحات بطيء جداً. ولعل من المثير للدهشة أنه خلال شهر مايو لسنة 2006 سُجل في إندونيسيا أكثر من 30 طفرة لفيروس الأنفلونزا في فترة لا تتجاوز عدة أسابيع. وجديراً بالذكر أيضاً أن الأبحاث العلمية أوضحت أن قدرة فيروس H5N1 عالي الضراوة على إصابة كل من الطيور البرية والقطط والكلاب إضافة إلى البشر والدواجن عززت من قدرته على الطفور والتغير لما هو غير معلوم من قوة وشراسة. فشل كل من الصين وإندونيسيا في تحديد التتابع الجيني لهذا الفيروس أدى إلى تأخر التطور في إنتاج لقاحات أكثر توافقاً مع الإصابات الموجودة وهذا بالتبعية يزيد من مخاطر الإصابة وانتشارها حتى مع غياب الأعراض الظاهرية مع التحصين. ولعل من أهم التحديات المُصاحبة لهذا الفيروس هي عدم وجود طريقة للتفريق بين الطيور التي تحمل الأجسام المُضادة للفيروس من حيث مصدر تلك الأجسام المُضادة وهل هي نتيجة لعدوى مزرعية أم هي نتيجة لعملية تحصين، ولكن أمكن التغلب على تلك الإشكالية عن طريق إجراء تحصين بلقاح H5N2 ثم الكشف عن الأجسام المُضادة للبروتين السطحي N1 حيث وجود أجسام مُضادة له يدل على وجود عدوى طبيعية في القطيع بفيروس H5N1، وعليه فتستخدم تلك الطريقة كدليل للتفريق بين الأجسام المُضادة الناتجة داخل القطعان ومصدر تكوينها.
أهم الدول المتأثرة عالمياً بالفيروس وطرق مكافحتها له:
تايلاند: تحظى تايلاند بأهمية كبيرة بين دول العالم من حيث إنتاج لحوم الدواجن على المستوى العالمي، حيث اتبعت بعض الإجراءات لمحاولة التخلص من هذا الفيروس القاتل مثل وضع برنامج مراقبة ومتابعة للفيروس، إجراءات حجر وعزل صحي واستبعاد للطيور المشتبه بها (دون إتباع برامج تحصين للقطعان).
فيتنام: يتجه إنتاج الدواجن في فيتنام ليغطي الاستهلاك المحلي فقط، كما أن سياسة الدولة تجاه أنفلونزا الطيور لم تختلف عن مثيلتها في معظم الدول إلا أنها أتبعت برامج تحصين داخل القطعان وبالفعل تخلصت من الإصابة كما حدث في تايلاند وفي نفس الفترة، ولكن مع حلول أغسطس 2006 عاد الفيروس مرة أخرى ليظهر في كل من تايلاند وفيتنام وكان ذلك نتيجة لعوامل موسمية بيئية لا نتيجة لأي خلل في نظام المراقبة والمتابعة.
اندونيسيا: بات فيروس أنفلونزا الطيور متوطناً وخارج عن السيطرة في جُزر اندونيسيا، وللأسف فإن الإدارة البيطرية هناك أولت اهتماماً أقل بإجراءات السيطرة والتي تضمنت مراقبة المرض والفرز واستبعاد الطيور المصابة وإجراءات العزل الصحي إضافة إلى التحصينات. ومن المؤسف أيضاً أن السلطات الحكومية الاندونيسية أصبحت لا تملك الموارد المالية إضافة إلى القوى البشرية اللازمة لفرز واستبعاد الطيور المصابة من 17 ألف جزيرة اندونيسية وما يقرب من 30 مليون طائر يتم تربيتهم في المنازل، ويبلغ بشكل عام إجمالي عدد الطيور في الدولة حوالي 1.2 مليار دجاجة. وفي الوقت الحالي تقوم السلطات الاندونيسية بتحصين ما يقرب من 300 مليون طائر، حيث أكدت السلطات أنه بدون فرز وإجراءات حجر صحي فإن التعرف بشكل دقيق على المواقع التي تم غزوها بالفيروس يعتبر مضيعة للوقت وإهدار الأموال.
وصول فيروس H5N1 إلى دول الإتحاد الأوربي EU في مطلع عام 2006 آثار حفيظة كافة دول الإتحاد لإتباع كافة أنظمة الردع لهذا الفيروس وذلك من تحصينات وإجراءات صحية أخرى. ومن الجدير بالذكر أن نظام التربية الحرة أو الطليقة في جنوب شرق أسيا مثل التربية في الأحواش الخلفية لا يعتبر جزءاً من صناعة الدواجن التجارية، بينما على الجانب الأخر وفي أوربا الغربية فإن نظام التربية الطليقة للطيور يعتبر قطاعاً ً اقتصاديا كبيراًً حيث يزداد طلب المستهلكين عليه ويعتبر كياناً هاماً في صناعة الدواجن التجارية، ولهذا فإن التحدي الذي واجهته دول أوربا كبيراً نظراً لسهولة انتشار العدوى في هذا النمط من تربية الطيور.
فرنسا: تعتبر فرنسا هي الدولة الأوربية الأولى من حيث إنتاج الدواجن وخصوصاً تحت نظام التربية الطليقة حيث تشتهر بتربية دجاج الجورمت Gourmet وإنتاج الكبد المُسمن المعروف باسم الفواجراه Foie gras ، وبشكل عام فإن الحكومة الفرنسية جعلت منتجات الدواجن في أولويتها لما لها من تأثير هام في الاستهلاك الغذائي الآدمي. وهذا أدى بطبيعة الحال لاتخاذ السلطات المسئولة قراراً بتحصين جميع طيور التربية الطليقة مثل البط والأوز وجميع الطيور الداجنة الأخرى المُعرضة للعدوى.
هولندا: تعتبر هولندا ثاني أكبر دول أوربا إنتاجاً للدواجن وواحدة من أهم مُصدري الدواجن على مستوى العالم حيث يصل حجم صادرتها إلى 1.5 مليار يورو، وتنتشر في هولندا أيضاً نظام التربية الطليقة للطيور ولذا فأنها تعرضت لهجوم ضاري وتفشي لفيروس الأنفلونزا من النوع H7N7 خلال عام 2003 والذي أودى بحياة 30 مليون طائر والذي كان يمثل حينئذ ثلث الإنتاج القومي. وبناءاً عليه وجهت المفوضية الأوربية دعماً كبيراً لهولندا للمساعدة في تحصين قطعان التربية الطليقة.
بريطانيا وألمانيا: أخذت كلا الدولتين محاذيرها للسيطرة على هذا المرض القاتل من حيث التخلص الآمن من الطيور المريضة وإجراءات الحجر الصحي وإتباع البرامج التحصينية المُثلى، حيث تخلصت السلطات الألمانية من كل الطيور تجنباً لانتشار وتفشي المرض بينما تحفظت السلطات الإنجليزية على استخدام التحصينات في التربية الطليقة وذلك بهدف الحفاظ على صناعة الدواجن "العضوية" بينما أتبعته في التربية المكثفة. ولكن هذا التوجه السابق واجهه معارضة من كثير من العلماء حيث أعزوا أن إجراء عمليات التحصين الجزئي للقطعان الموجودة (ليس كل القطعان) ربما يؤدي إلى تفاقم وانتشار العدوى.
من جهة أخرى أكد العلماء أنه مع إتباع برامج التحصين فأنه من الصعوبة عملياً حماية أكثر من 90% من الطيور وهذا مقبول عند استعمال اللقاحات المختلفة للأمراض الأخرى، ولكنه في حالة فيروس أنفلونزا الطيور H5N1 فأنه لابد من زيادة نسبة الحماية لتصل لأكثر من 95% وذلك للسيطرة على هذا الفيروس القاتل.
مصر: تعتبر مصر هي أكثر الدول العربية والأفريقية تأثراً بفيروس أنفلونزا الطيور القاتل H5N1 حيث ظهر المرض لأول مرة فيها في فبراير 2006 وتوالت حالات الإصابة في الظهور ما بين نشاط للفيروس خلال شتاء 2006 وسكون نسبي في صيف نفس السنة ثم نشاط أخر مع دخول الشتاء وحتى مارس 2007، وفي خلال تلك الفترة قامت السلطات المسئولة في مصر بفحص حوالي 25000 عينة تم أخذها من 1376 قرية من كافة محافظات مصر حوت تلك القرى 212 بؤرة مرضية، ومن خلال الفحص تبين أن عدد الطيور المصابة المنزلية يبلغ 327 طائر وعدد الطيور المصابة في المزارع التجارية بلغ 864 طائر حيث تنوعت الطيور المصابة من دجاج إلى بط إلى أوز إلى رومي. ومع ظهور تلك البؤر اتخذت السلطات قرارات صارمة بالتخلص من ملايين من الطيور وإتباع كافة الإجراءات الصحية كما قامت بتحصين ما يقرب من 33 مليون طائر منزلي بلقاحات H5N1&H5N2 حتى الأول من مارس 2007، ومع إتباع هذه الإجراءات لوحظ انخفاض معدلات الإصابة بشكل ملحوظ خلال الثلاث شهور الأولى من 2007. أما عن الإصابات البشرية في مصر فأنه منذ ظهور المرض وحتى الثامن من مارس 2007 فحصت السلطات الصحية المصرية 2611 حالة اشتباه بالإصابة ثبت منها فقط 23 حالة (6 ذكور و17 إناث) توفى منهم 13 وتم شفاء 10 حالات. ومن الجدير بالذكر أن حالات الإصابات البشرية سالفة الذكر، 21 حالة منها ظهرت في أشخاص مخالطين لطيور تربى في المنازل بينما حالتين فقط ظهرت في أشخاص يعملون في المزارع التجارية، ومن هنا تتضح خطورة التربية المنزلية ودورها الخطير في العدوى البشرية علاوة على احتمالية كون التربية المنزلية بؤر استيطانية للفيروس على المدى البعيد.
القطط وعدوى أنفلونزا الطيور:
في تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة (FAO) التابعة للأمم المتحدة صدر في الثامن من فبراير 2007 أظهر أن القطط يمكنها أن تُصاب بفيروس أنفلونزا الطيور H5N1 القاتل، ولكن حتى الآن لا يوجد دليل علمي يؤكد على إمكانية انتقال هذا الفيروس بين القطط أو انتقاله من القطط إلى الإنسان. وكإجراء احترازي أوضحت الـ FAO أنه عند التأكد من وجود إصابات بهذا الفيروس في دواجن أو طيور برية في منطقة ما، فإنه لابد من إبعاد القطط عن تلك الطيور المصابة أو الاحتفاظ بها وتربيتها داخل المنازل إذا لزم الأمر. ومن ناحية أخرى فإن جمعيات الرفق بالحيوان ضد المحاولات التي ترمي إلى قتل القطط بغرض السيطرة على المرض وذلك لأنه لم يثبت علمياً أن للقطط القدرة على نشر هذا المرض، كما أن التخلص من القطط سوف يصاحبه بالتبعية زيادة مفرطة في أعداد القوارض مثل الفئران والتي تعتبر القطط من أهم أعدائها الطبيعية وكما هو معروف أن الفئران من الآفات الزراعية والتي يمكنها أيضاً نقل الكثير من الأمراض للإنسان. ومن الجدير بالذكر أن عدوى أنفلونزا الطيور القاتلة ظهرت بالفعل في القطط في بعض البلدان مثل اندونيسيا وتايلاند والعراق وروسيا وتركيا، حيث بينت التقارير المنشورة من قبل منظمة الأغذية والزراعة في هذا الصدد أنه من السهولة أن تُصاب القطط بهذا المرض بمجرد تناولها لطيور مريضة وبالتالي نمو وإكثار الفيروس داخلها وإفرازه في البيئة إما عن طريق التنفس أو عن طريق نزوله مع البراز أثناء الإخراج. ذكر العالم "الكسندر مولر" أحد مسئولي منظمة الـ FAO أن القطط يمكن أن تعتبر عائل وسيط لهذا الفيروس يُساعد على انتشار وتفشي الإصابة بين الأنواع المختلفة علاوة على أن نمو وتطور الفيروس داخل القطط ربما يُساعد على إنتاج سُلالة فيروسية ربما أكثر شراسة وبالتالي وبائية مُحتملة لأنفلونزا الطيور. وفي دراسة تمت في يناير من العام الحالي، أوضحت السلطات الاندونيسية المختصة أنه بعد فحص القطط الموجودة في مناطق تفشي المرض وجد أن نسبة 80% منها خالي من المرض وهذا ما دعا العالم "بيتر رودر" من مكتب الصحة الحيوانية بمنظمة الـ FAO القول أن القطط لا تعتبر حاملاً أو وسيطاً للفيروس بل تعتبر العائل النهائي له والذي يموت نتيجة العدوى به. وبشكل عام أوصت منظمة الأغذية والزراعة بضرورة متابعة القطط ومراقبتها جيداً وذلك لإمكانية إصابتها بعدوى H5N1 من خلال ملاحظة حالات النفوق غير الطبيعي فيها والذي قد يكون نتيجة لإصابتها بالفيروس، واعتبرت المنظمة أن ملاحظة ومتابعة القطط في مناطق ظهور العدوى يجب أن يكون ضمن البرنامج الموضوع لمكافحة أنفلونزا الطيور.
المراجع:
Terry, M. (2006). The pros and cons of vaccination against H5N1. Poultry International, December, p, 32.
www.WHO.org (Report of cumulative number of Confirmed Human cases of AI)
www.FAO.org (Report of Situation of AI in Egypt. Dr. Talib Ali, 2007)
ساحة النقاش