كان صهيب في بداية حياته غلاما صغيرا يعيش في العراق في قصر ابيه ، الذي ولاه كسري ملك الفرس حاكما علي بلدة الأبلة بها ، وكان من نسل أولاد النمر بن قاسط من العرب ، وقد هاجروا من العراق منذ زمن بعيد ، وعاش سعيدا ينعم بثراء أبيه وغناه عدة سنوات . وذات يوم ، أغار الروم علي الابلة بلد ابيه ، فاسروا اهلها ، واخذوه عبدا ، وعاش صهيب وسط الروم، فتعلم لغتهم ، ونشا علي طباعهم ، ثم باعه سيده لرجل من مكة يدعي عبد الله بن جدعان ، فتعلم التجارة ، حتي أصبح ماهرا فيها ، ولما راي عبد الله بن جدعان منه الشجاعة والذكاء والاخلاص في العمل ، اعتقه .
السباق الي الاسلام :
 وعندما اشرقت شمس الاسلام ، كان صهيب ممن اسرع لينعم بدقئها ، فذهب الي دار الارقم ، واعلن إسلامه ، ولم يسلم صهيب من تعذيب مشركي مكة ، فتحمل ذلك في صبر وجلد ، ابتغاء اجر الله وثوابه .
الهجرة :
وهاجر النبي صلي الله عليه وسلم بعد اصحابه الي المدينة ، ولم يكن صهيب قد هاجر بعد ، فخرج ليلحق بهم ، فتعرض له اهله يمنعونه من الهجرة ، لانهم رأوا أن ثراء صهيب ليس من حقه ، لأنه جاء الي بلادهم حينما كان عبدا فقيرا ، فلا يحق له ان يخرج من بلادهم بماله وثرائه ، وصغر المال في عين صهيب ، وهان عليه كل ما يملك في سبيل الحفاظ علي دينه ، فساومهم علي ان يتركوه ، وياخذوا ماله ، ثم اخبرهم بمكان المال ، وقد صدقهم في ذلك ، فهو لا يعرف الكذب او الخيانة . وكان صهيب تاجرا ذكيا ، تاجر بماله ونفسه في سبيل مرضاة ربه ، فربح بيعه ، وعظم اجره ، واستحق ما روي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ( صهيب سابق الروم ) *ابن سعد *
السد المنيع :
 قال صهيب : لم يشهد رسول الله صلي الله عليه وسلم مشهدا قط الا كنت حاضرها ، ولم يسر سرية قط الا كنت حاضرها ، ولا غزا غزوة قط الا كنت فيها عن يمينه او شماله ،وما خافوا أمامهم قط الا كنت أمامهم ، ولا من وراءهم الا كنت وراءهم ، وما جعلت رسول الله صلي الله عليه وسلم بيني وبين العدو قط حتي توفي . وواصل جهاده مع الصديق ثم مع الفاروق عمر - رضي الله عنهما - وكان بطلا شجاعا . الجواد الكريم :  كان كريما جوادا ، يطعم الطعام ، وينفق المال ، قال له عمر - رضي الله عنه - يوما : لولا ثلاث خصال فيك يا صهيب ، ما قدمت عليك احدا ، اراك تنتسب عربيا ، ولسانك اعجمي ، وتكني بابي يحي ، وتبذر مالك . فاجابه صهيب : اما تبذيري مالي فما انفقه الا في حقه ، واما اكتنائي بابي يحي ، فان رسول الله صلي الله عليه وسلم كناني بابي يحي فلن اتركها ، واما انتمائي الي العرب ، فان الروم سبتني صغيرا ، فاخذت لسانهم ( لغتهم ) ، وانا رجل من النمر بن قاسط  * ابن سعد * .   وكان عمر - رضي الله عنه - يعرف لصهيب فضلع ومكانته ، فعندما طعن - رضي الله عنه - اوصي بان يصلي صهيب بالناس الي ان يتفق اهل الشوري علي احد السته الذين اختارهم قبل موته للخلافة ، ليختاروا منهم واحدا . وكان صهيب طيب الخلق ، ذا مداعبة وظرف ، فقد روي انه اتي المسجد يوما وكانت احدي عينيه مريضة ، فوجد الرسول صلي الله عليه وسلم واصحابه جالسين في المسجد ، وامامهم رطب ، فجلس ياكل معهم ، فقال له النبي صلي الله عليه وسلم مداعبا : * تاكل التمر وبك رمد ؟ *. فقال صهيب : يا رسول الله ، اني امضغ من ناحية اخري ( اي : آكل علي ناحية عيني الصحيحة ) . * ابن ماجه * ، فتبسم النبي صلي الله عليه وسلم .
  وفاة المجاهد :
 وظل صهيب يجاهد اعداء الله في سبيل الله حتي كانت الفتنة فاعتزل الناس ، واجتنب الفتنة ، واقبل علي العبادة والطاعة والذكر حتي مات - رضي الله عنه - بالمدينة سنة ( 38 ه ) ، وعمره آنذاك ( 73 ) سنة ، ودفن بالبقيع .

المصدر: الاوائل لمحمد عبد الرحمن عويس
  • Currently 18/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
8 تصويتات / 505 مشاهدة

ساحة النقاش

دكتوره رقيه محمد طه متولي

drrokaiataha
ماجستير ودكتوراه فلسفة العلوم الزراعيه بساتين الخضر 2002 جامعه اسيوط »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

768,941