جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
تعد الاستراتيجية الأداة التى تضع رسالة المؤسسة التربوية موضع التطبيق العملى وتتكون الاستراتيجية من الأهداف، والخطط ، والإجراءات التي تحقق رسالة المنظمة. وتقع مستويات الاستراتيجية على نطاق المؤسسة ككل وعلى نطاق الوحدات وأخيرا المستوى الإجرائي أو الوظيفي للاستراتيجية. ومن المهم أن يتم إدراك تلك المستويات عند دراسة استراتجية المؤسسة التعليمية ، وإهمال طبيعة المشاركة والتفاعل بين هذة المستويات الثلاثة من أهم الأخطاء التى يقع فيها الكاتبون.
ويمكن التمييز بين الاستراتيجيات على المستويات الثلاثة وتوضيح العلاقة المتداخلة بينها كما يلى:
1- مستوى الاستراتيجية القومية:
ويطلق عليها الاستراتيجية العليا (المدرسة الروسية) ، والاستراتيجية العظمى (ليدل هارت) ، والاستراتيجية الشاملة أو الكلية ( أندريه بوفر). وتُعد الاستراتيجية على المستوى القومى أكثر مستويات الاستراتيجيات قربا لتحويل رسالة المؤسسة التربوية إلى أعمال وتصرفات فعلية . وتُعرف الاستراتيجية القومية بأنها " استخدام كل قوى الأمة سواء فى حالة الحرب أو السلم لتحقيق الأهداف القومية" أو هى عملية توجيه الاستراتيجيات المختلفة ( اقتصادية، سياسية، تعليمية، إدارية) والتنسيق بينها بهدف تحقيق الأمن القومى للدولة.
كما تُعرف أيضاً بأنها استخدام محصلة القوى القومية لمجتمع ما لتحقيق أهداف الأمن القومي. ويضع أندريه بوفر هذه الاستراتيجية فوق هرم من الاستراتيجيات ، ويؤكد أن هذه الاستراتيجية إذا كانت واحدة بموضوعها ومنهجها إلا أنها فى ميدان التطبيق يجب أن تكون متخصصة مما يجعل الكاتبين أمام هرم حقيقى من الاستراتيجيات على قمة الاستراتيجية الشاملة ثم أنه من المفترض أن يوجد فى كل ميدان استراتيجية عامة. تُنتهج لتحقيق اهداف ذلك الميدان وتطويره بصفة مستمرة.
وبصفة عامة فإن الاستراتيجيات التربوية التى توضع على المستوى القومى عادة ما تهتم بالمجالات الآتية :
1- نطاق العمليات الخاصة بالمؤسسة التربوية: أى تحديد ماهية الأعمال التى سوف تقوم بها المؤسسة التربوية .
2- تخصيص الموارد المتاحة للمؤسسة التربوية :وفيها يكون هدف التخصيص ينصب علي تركيز الموارد على الخطط المستقبلية للمؤسسة التربوية وتقليل الموارد الموجهة إلى الأعمال التى من المحتمل أن تتوقف المؤسسة التربوية على الاستمرار فيها مستقبلا .
3- المشاركة: بمعنى كيفية خلق عملية التكامل بين أنشطة المؤسسة التربوية فى ميادين الأعمال المختلفة لصالح المؤسسة التربوية بصفة عامة .
4- الأداء المالي: ويعنى تقييم ما إذا كان كل ميدان من ميادين الأعمال التي تعمل بها المؤسسة التربوية يسهم فى تمويل المؤسسة التربوية بالدرجة المتوقعة منه أو وفقاً لقدراته .
5- الهيكل الخاص بالمؤسسة التربوية: بمعنى مدى تكامل وتوافق كل أجزاء المؤسسة التربوية معا لتعمل كمنظومة واحدة, وهل توجد عملية اتصال فعالة بين هذه الأجزاء؟ وهل توجد مراكز للحساب قد تم انشائها داخل المؤسسة التربوية؟ وهل خطوط السلطة والمسئولية واضحة؟
ومن ثّم يُستخلص مما سبق أن الاستراتيجيات على مستوى المؤسسة التربوية استراتيجيات تخدم قضية اتخاذ القرارات فى الأجل الطويل، ومن ثم فان هذه الاستراتيجيات لا تتغير بصورة دائمة وكذلك فان هذه الاستراتيجيات تكون عادة مصوغة بصورة عامة وغير محددة إذا ما قورنت بالاستراتيجيات التى توجد فى المستويات الأخرى .
2- مستوى الاستراتيجية القطاعية:
وفى هذا المستوى تعمل الاستراتيجية على تحقيق أهداف الاستراتيجية القومية فى قطاع ما مثل قطاع التعليم العالى ووظيفتها هنا تحديد الأعمال والمهام والتنسيق بينها وكذلك التنسيق بين مختلف أشكال وأنواع النشاط داخل القطاع المعنى. حتى يمكنها أن تنافس بفاعلية فى مجال معين وتشارك فى تحقيق أهداف المؤسسة التربوية ككل . وينقسم كل قطاع إلى عدد من الوحدات وقد تكون رسالة كل وحدة مختلفة عن رسائل الوحدات الأخرى ولكن جميع رسائل هذه الوحدات تتماشى مع الرسالة الخاصة بالمؤسسة التربوية ككل. فمثلا تكون رسالة إحدى الوحدات متمثلة فى تدريب أعضاء هيئة التدريس بالجامعات بينما تكون رسالة وحدة أخرى متمثلة فى ضمان الجودة والاعتماد فى التعليم الجامعى .
وعادة ما تركز الاستراتيجيات فى مستوى الاستراتيجية القطاعية على عدد من المجالات منها ما يلي:
أ- خلق درجة عالية من التكامل والتنسيق بين الوحدات الاستراتيجية للتأكد من أن كل هذه الوحدات تعمل فى إطار الاستراتيجية الخاصة بالمؤسسة التربوية.
ب- محاولة خلق وتدعيم بعض المزايا التنافسية الفريدة لكل وحدة من هذه الوحدات.
ج- تحديد قطاع وتكوين الاستراتيجيات اللازمة لزيادة قدرة الوحدات على المنافسة فى القطاع التربوى المستهدف.
3- مستوى الاستراتيجية الوظيفية:
ويتميز هذا القطاع بالتقاء التصورات الاستراتيجية مع وسائل التنفيذ ، ويهتم القائمون على تنفيذ الاستراتيجية فى هذا المستوى بالتفصيلات نسبيا. كما تهتم الاستراتيجيات التى توضع على مستوى الوظائف الخاصة ببعض القضايا الجزئية وتحدد الاستراتيجية عدداً من المداخل والتحركات اللازمة لمساندة استراتيجية المستوى الأعلى وهى الاستراتيجية القطاعية والخاصة بالوحدات الاستراتيجية. والتى بدورها تعمل على تحقيق الاستراتيجية الخاصة بالمؤسسة التربوية ككل .
وتشمل المجالات التى تركز على الاستراتيجيات الوظيفية ما يلى:
1- الاستخدام الفعال والكفء للمتخصصين الوظيفيين داخل المؤسسة التربوية.
2- خلق درجة عالية من التكامل داخل المجالات الوظيفية.
3- التأكد من أن الاستراتيجيات الوظيفية تتماشى وتتشابك مع الاستراتيجية الخاصة بكل وحدة من وحدات الأعمال الاستراتيجية التى توجد بها المجالات الوظيفية .
ويُلاحظ أن الاستراتيجيات على المستوى الوظيفى تستمر لفترة زمنية محددة إذا ما قورنت بالاستراتيجيات الخاصة بالوحدات الاستراتيجية أو المؤسسة التربوية ككل.كما يتضح من مستويات الاستراتيجية أن هناك تفاعليةعلاقة بين كل هذه المستويات وجدير بالذكر أن الأهداف مطلوبة بكل مواصفاتها الجيدة فى جميع هذه المستويات، فهى تمثل أفضل وأهم مقياس للأداء فى كل مستوى حيث يحقق التكامل الفعال بين هذه المستويات الثلاثة النجاح الشامل للمؤسسة التربوية كما يزيد من قدرتها على المنافسة الفعالة. ويمكن القول إن نقطة البدء فى بناء أية استراتيجية هى التحديد الواضح للسياسة القومية، كما لا يمكن التأكيد على مراعاة الأخذ بعين الاعتبار غالبية العوامل ذات العلاقة والتأثير على الوضع الراهن للموضوع محل إشكالية الدراسة حيث إن الاستراتيجية هي التي تحدد العوامل المؤثرة والعوامل التي لها تأثير طفيف على بلوغ الهدف المراد الوصول إليه.
د. محمد نصحى ابراهيم
ساحة النقاش