الرجـل  والثعبـان  وعـقـد  اللـؤلـؤ ... بيـن  الحكمـة والعـظــة

 

د / عـلى  مهـران  هشـام

 

أستاذ  البيئة  والعمران

 

-----------------------------------------------------------------------------

التاريخ  والأثر  والأمثال  والعبر المستخلصة من القصص الماضية  هى دروس وحكم للأفراد  والشعوب الحالية لتعظي م قيم الخير والفضيلة والإيثار  والعمل  التكافلى والنبيل  بين  الأنسان  والأنسان .

والقصة التى بين يدينا هى قصة رمزية للعظة  والتعلم  ونشر المعروف  والخير

 

أراد رجل طاعن في السن وهو على فراش الموت أن يعلم إبنه  الحكمة وكيف يصنع المعروف خالصاً لوجه الله تعالى ، فطلب من إبنه أن  يصنع المعروف لكل كائن على سطح الأرض دون أنتظار شكر أو رد جميل  من العباد  ونبه الأب أبنه بأخذ فقط الحذر والحيطة من بنى البشر

وبعد موت الرجل وبينما كان إبنه  في رحلة صيد ممتطيا  جواده  وبجانبه سلاحه، رأى نسراً مجروحا لا يتمكن من الطيران ، أشفق الرجل على النسر فحمله من أجل مداواته في بيته ، وأصرّ على أن يُطلقه بعد علاجه .

وفي اليوم الثاني وأثناء رحلة صيد له أيضاً داخل الغابة

رأى رجلا فاقدا ً للوعي مكبلاً  في جذع شجرة  ؛ فأشفق عليه  ومسح  وجهه بالماء وفك قيده ، وبمجرد أن عاد إليه  وعيه ، حملهُ الرّجل معه إلى بيته ، وجهز له مكاناً خاصاً وأهتم به  أهتماما  كبيراً ، وقدم لهُ كل ما يحتاجه من دواء وكساء وطعام وشراب وراحة

وفي اليوم الثالث خرج أيضاً للصيد فرأى ثعباناً  مريضاً ، فأشفقَ  عليه وحملهُ  إلى بيته لعلاجه ،، وبعد أن تماثل النسر  للشفاء رفض أن يبتعد عن  البيت ، وكلما طيره الرجل فى الفضاء ليسبح بحرية بعيدا عنه عاد النسر مرة أخرى إلى بيت الرجل وأقام معه  وفي يوم من الأيام حط  النسر من رحلة طيران خارجية ووقفَ بجوار زوجة الرجل وفي منقاره عقداً  جميلاً  من اللؤلؤ والماس  والياقوت 0

 

فرحت  المرأة  بالعقد  فرحا  كبيراً حيث أن هذه الأسرة فقيرة وليست ثرية معيشيا ، وكان من أحلام الزوجة  والتي  طالما  عانت  من  مرارة  الفقر وشظف العيش أن تتزين يوما ما بهذه الجواهر النفيسة   أما الرجل المريض الذي كان في حالة إغماء في الغابة وأنقذه زوج المرأة  ينظر ويرقب ما يحدث  بأهتمام  كبير . وبعد أن تماثل الرجل للشفاء غادر منزل العائلة التى أنقذته من الهلاك بينما تبقى فى بيت الرجل النسر والثعبان  بسلام وأمان . و بينما كان الرجل الذى غادر المنزل بعد شفائه في الطريق سمع هذا الرجل منادياً يقول : إن زوجة الملك  فقدت عقداً لها مرصع بالجواهر ، ومن يخبرعن مكانه  فلهُ  مائة  ليرة  ذهبية  كمكافأة ، سمعَ الرجل النداء وقال  في  نفسه : مائة ليرة من الذهب !! ، وأنا رجل فقير  لا أملك من حطام الدنيا شيئا !! ، فذهب إلى قصر الملك فأخبره بأن العقد الذي تبحث عنهُ زوجته موجود في بيت رجل صياد ( وهو الصياد الذي اعتنى به وصنع معه معروفا وآواه وعالجه وأكرمـــه ) 0

ذهب رجال شرطة الملك إلى بيت  الصياد الطيب   وأعتقلوه ،  وأتهموه بالسرقة وأعادوا  العقد إلى زوجة الملك ، ثم حكموا على الصياد بقطع رأسه 0

عرفَ الثُعبان الذي عالجه الصياد الطيب في بيته بالقصة  كاملة  من خلال حزن ونحيب زوجة الصياد على زوجها المظلوم، فأراد الثعبان  أن يقدم لصاحبه الصياد خِدمة لا ينساها العمر كله مقابل ما خدمه وأحسن إليه عندما كان مريضاً في الغابـــــة  0

ذهب الثعبان إلى قصر الملك ، ووصل إلى  حجرة بنت الملك وألتف حولها ، وعندما رأت زوجة الملك هذا المشهد المرعب خافت على بنتها  فأخذت تصرخ ، وأسرعت لتخبر الملك ورجال القصر، ولكن لم يتمكن أحد من الاقتراب خشية على حياة بنت الملك

أحتار الجميع في الأمر ، وكان كل واحد منهم يفكر ويبحث عن مخرج لهذه المصيبة التي حلت بالقصر

قال الرجل الذى أخبر الملك عن مكان العقد  لمظفى القصر : أليس عندكم في السجن رجلاً متهماً بالسرقة ومحكوماً عليه بقطع الرأس ؟ .

قالوا  : بــلى

قال الوزير نحضرهُ إلى هنا فإما أن يموت من لدغ الثُعبان وإما أنهُ يُنجي بنت الملك من الثعبان لأنه في كل الأحوال محكوم عليه بالموت  ،،أحضر الجنود الصياد ، ووقف بين يدي الملك ، فطلب منهُ الملك أن يدخل الغرفة ليُنجي إبنته من الثُعبان 0

قال الصياد الطيب  فاعل الخير والمعروف، أرأيت يا ملك الزمان إن فعلت ذلك ، فبماذا تُكافئني وماذا سيكون جزائي ؟ قال الملك : أعفو عنك وأمنحك العقد هدية لك ،، دخل الرجل لغرفة بنت الملك  وعندما رآه الثعبان أقبل إليه بهدوء وتسلق إلى كتفيه ، وحضنه بحب وشغف كبير  فحمل الرجل الثعبان وسار به إلى بيته والعقد في جيبه آمنا مطمئنا وقال : لقد حفظ  الثعبان لي المعروف ، وحفظ النسر لي المعروف ، أما الإنسان فقد نفعنا رغم أنه كان يريد ضررنا ، وربما هذا ما كان يقصدهُ أبي عندما أوصاني وهو على فراش موته ، بأن أصنع المعروف مع الحيوان والنبات والطائر وحتى الرحمة بالجماد فالكل يسبح بحمد ربه

 ، فإن الله الذي ينظر ويسمع ويعلم هو الذي خلق الإنسان ، وأن عمل المعروف مع الإنسان هو من أجل الله رب العالمين وليس من أجل أى مخلوق من مخلوقات الرحمن . وكما قال نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : إصنع المعروف مع أهله ومع غير أهله ، فإن لم تجد أهله فأنت أهله ، ثم قال الرجل الصياد : وبسبب أنني صنعتُ المعروف لوجه الله  نجّاني ربي  من  الموت  ومنحني العقد  النفيس لزوجتى حلالا طيبا وعم بيتنا الفرح والسرور ، .

 

والله  المستعان ,,,,,,0

 

 

 

 

 

المصدر: * مذكرات ومقالات الدكتور على مهران - على شبكة الأنترنت * مذكرات الأستاذ عبدالله بن حسن العباد - دولة الكويت 2010 م
  • Currently 45/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
15 تصويتات / 1127 مشاهدة
نشرت فى 20 ديسمبر 2010 بواسطة drmahran2020

ساحة النقاش

د/على مهـران هشـام

drmahran2020
......بسم الله..... لمحة موجزة (C.V) 2021 البروفيسور الدكتور المهندس الشريف علي مهران هشام . Prof. Dr. Eng. Ali Mahran Hesham ## الدكتوراه من جامعة هوكايدو.. اليابان ** حاصل علي الدكتوراه الفخرية... ألمانيا. 2012 ** حاصل علي الدكتوراه الفخرية - جامعة خاتم المرسلين العالمية - ، بريطانيا، فبراير 2021 ** »

ابحث

عدد زيارات الموقع

650,104