الفصل الثالث
لماذا نكتب الخيال العلمي والأدبي للطفل؟
ملاحظات حول المصطلح
بالنسبة لناطقي الإنجليزية، يعتبر مصطلح (سكي- في sci-fi) إختصاراً شائعاً لقصص الخيال العلمي، لكنني لا أفضِّله، حيث إن من ينطقون (سكي-في) لم يقرأوه في العادة، وبالتالي فإنني أفضل مصطلح "ساف" (S F)، المفضل بين الكتاب والمهتمين، بإعتباره إختصاراً دقيقاً وكلاسيكياً، ولا يثير أي اسئلة حول كيفية نطقه، "ألا يجب أن ينطق sci-fi بلفظة سكي في skiffy؟"- كما أن له فائدة إضافية، في أن يظل به متسع لعدد من التفسيرات، لذلك أعتقد أن نطق Science fiction، محدود بشكل كبير، (ألا يشير إلي نوع من القصص التي تدور حول العلم؟)، لكن S F، تدلل علي نوع من قصص التوقعات Speculative fantasy، والفنتازيا العلمية Scince fantasy ، وقصص الفضاء Space fiction، وفنتازيا التوقعات Speculative fantasy.
ومعظم كتاب S F هم ممن بدأوا بقراءة هذا النوع من القصص، وقد يرجع أهتمامهم وإنجذابهم لهذا النوع، إلي أهتمامهم بالعلوم، والتكنولوجيا، والمستقبل، وأنهم ميالون لإستخدام المنطق والإستفسار عن الأشياء. وفوق كل هذا يعتبر الخيال العلمي، أدب الأفكار التي تثير التعجب وأدب التوقعات، مما يجعل مصطلح أدب التوقعات هو الأنسب، لأن كاتب الخيال العلمي غالباً ما يتوقع حدوث أشياء في المستقبل، ويسأل دوماً "ماذا سوف يحدث إن حدث هذا الشئ؟".
وهذا الشئ قد يكون أي شئ سمات تقليدية، الهندسة الوراثية، إمتداد عمل كبير، إستخدام الإنترنت، تغير المجتمعات، إنتشار الإستعمار، زيادة معدل المواليد ...إلخ، كما يسألون: ماذا يحدث لو بني شخص ماكينة الزمن؟ أو أمكن أكتشاف علاج للخلود؟ أو إتصل بنا جنس من الكائنات المتقدمة؟ أو سقط نجم مذنَّب علي الأرض غداً؟ أو قضي وباء جديد علي نصف سكان الأرض؟
إن إستطاعت مثل هذه الأسئلة أن تثير خيالك، وإن أحببت أن تنطلق بخيالك، وأن تعمل بحرص علي ذلك، سوف تظهر في البداية بعض أجزاء من الواقع، يتبعها الخيال العلمي الذي سيظهر أمامك.
لكن يجب أن تقرأ الكثير من الخيال العلمي، قبل أن تبدأ في كتابته، أخبرني كولن موراي Colin Murray، ذات مرة وكان يعمل مستشاراً لنشر مثل هذا النوع من الإبداعات الأدبية، إن معظم قصص الخيال العلمي، التي رفضها عبر ما يقرب من ثلاثين عاماً كتبها أشخاص يبدو أنهم لم يقرأوا أبداً أية قصة من الخيال العلمي.
فعلاً، إن لم تقرأ هذه القصص، فلن تعرف مثلاً أن ما تعتقد أنها فكرة جديدة، قد تم إكتشافها عام 1918، وأن أكثر من نصف دسته من الروايات، التي تم نشرها خلال السنوات الثلاث الماضية، تناولت الموضوع نفسه. وأن النهاية التي أدهشتك، ظهرت في رواية أخري عام 1962، وأنها أصبحت الآن صيغة مبتذلة منها. إن لم تقرأ الخيال العلمي، فإنك لن تعرف أنك تصارع من أجل إعادة إكتشاف العجلات.
من هنا يجب عليك أن تبدأ بقراءة الكلاسيكيات، وهذا قد يكون أهم من معرفة ماذا يكتب المعاصرون وإن كنت قد قرأت الخيال العلمي وأنت طفل، ولم تقرأه منذ ذلك الحين، فخذ وقتك في القراءة حتي تستطيع أن تلتقي مع كتاب اليوم.
لا يكفي لكاتب الخيال العلمي، أن يكون علي ألفة مع الخيال العلمي، من خلال السينما والتليفزيون فقط، لأن قصص وروايات الخيال العلمي، تساعد علي صقل المعرفة، وتزويد القارئ بكثير من المعلومات أكثر مما يأخذه عن التليفزيون.
وفي السينما قد تحتفي الحبكة غير المنطقية وراء المؤثرات الخاصة، أو يحررها الممثلون، أما علي الصفحات فإن الأخطاء واللامبالاة والإختصارات، تظهر بوضوح ساطع.
من المعروف أنه ليس الجميع يحبون الخيال العلمي، وإن كنت ممن يترددون علي هذا الجنس ويقرأه ويستمتع به، فلا تحاول الكتابة فيه، ولا تقع في خطأ التفكير في أنك تمتلك القدرة علي كتابة شئ ما بشكل جيِّد، دون أن تكون مهتماً به، أو تعتقد أن الفكرة العبقرية أفضل من الحبكة الجيِّدة أو الشخصيات الصادقة، أو تعتقد أن الأسلوب هو بديل للمادة (الموضوع). فالخيال العلمي يحتاج للمهارات نفسها التي يحتاجها أي إبداع قصصي آخر، بجابب مهارات أخري إضافية.
وإن كنت تحب أن تقرأ حول العلوم، أو تكتشف تأثير التكنولوجيا الحديثة علي الناس، وأن تفكر في المستقبل، وتكتشف الأسئلة الميتافيزيقية والأخلاقية، وتكتشف مجتمعات جديدة، وتتخيل نتائج السمات السائدة في العالم، ولا تخف من القيام بدراسات وأبحاث، ربما يجب أن تكتب الخيال العلمي.
العلم في قصص الخيال العلمي The science in science fiction
ما كم العلم الذي يجب أن تعرفه لكتابة قصص الخيال العلمي؟
سؤال أشبه بمن يسأل ما طول قطعة الخيط؟ الإجابة هنا ترجع إليك، لكن الفضول هو الذي يدفع الناس لسؤالي عندما يعرفون أنني أكتب قصصاً في الخيال العلمي "هل تعرفين الكثير حول العلم؟"، والغريب أنهم عندما يعرفون إنني أكتب قصصاً للأطفال لا يسألون أبداً "هل تعرفين الكثير حول الأطفال؟".
هناك بعض العلماء يكتبون فعلاً قصص خيال علمي، علي سبيل المثال "جريج بنفورد" Greg ben ford وهو عالم طبيعة، و "بول ماك أولي" Paul Mc Auley عالم في البيولوجي، "ماورين ماك هوف" Maureen Mc hugh عالم أنثروبولوجي. وفوندا ماك لنتير Vonda Mc InTyre كانت تتدرب لتصبح طبيبة نساء، وقد حصل "بريان ستيبلفورد" Brian stableford علي درجتين علميتين في البيولوجي والإجتماع. و"سير فريد هويل" sir fred hoyle عالم في الفلك. وبالتالي إن كنت تمارس عملك في مجال خاص من الخبرة، سواء أكان الطبيعة، الأنثروبولوجي، الأحياء، أم علم النفس الأطفال، فإستخدام معلوماتك، لتضيف عمقاً ومصداقية لخيالك.
مع ذلك فإن جمهور الأعمال الأدبية والقصص العلمية، التي تحاول تفسير بعض المعضلات العلمية. هؤلاء الذي يعرفون كيف يقدرون عملك عندما تقدم لهم المناقشات العلمية بشكل مفهوم، (ويشكون إن لم يحقق ذلك) هو جمهور قليل. حتي العلماء عندما يقرأون القصص فهم يقرأونها من أجل المتعة لا من أجل التعلم.
والروايات التي تخفي في ثناياها بشكل ضعيف مقالات علمية، أقل شعبية، من الروايات التي تسعي، للتأكيد علي أهمية العلم ومعناه للبشرية، وكيف يؤثر العلم علي الشخصيات؟ ولماذا يجب أن يهتم به القارئ؟
هناك الكثير من الكتب العلمية الجماهيرية الجديدة من حولك، وهي قادرة علي مساعدتك في أبحاثك، إن كانت الخلفية العلمية لها أهمية كبيرة للقصة التي تريد أن تكتبها. وهذه الكتب مكتوبه للعامة، لذلك فلن تحتاج لأي تأهيل خاص لفهمها.
وتأهيلي الشخصي في المواد العلمية يعتبر لا شئ، فأنا لم أتفوق أبداً في الرياضيات، بل كانت السبب في إحباطي عن أخذ دروس في العلوم في الجامعة، ومن أنني كنت مولعة بالأنثروبولوجي إلا أن ضرورة الحصول علي درس في الإحصاء جعلني أهرب، حتي قراءاتي للخيال العلمي، والذي بدأت في قراءته، وأنا في حوالي العاشرة، كنت أفضل الكتب المماثلة، والكتب ذات اللمحة الإنسانية، مثل "راي برادبري" Ray Bradbury "وثيودورستروجون" Theodor sturgeon، أكثر من قراءاتي لقصص "العلوم البحتة" المنشورة بشكل مماثل. ومن المعروف أن رؤية "راي برادبري" عن المريخ "mars تعتبر مستحيلة ولا تجعل رواية "مارتين كرونيكلس" The Martian chronicles أقل منها غرابة، لكنها لا تزال واحدة من الرؤي الخيالية في كلاسيكيات الأدب.
والعديد من روايات الخيال العلمي، لا يوجد بها إلاَّ القليل أو قد لا يوجد بها علوم. حتي ولو إتخذت إتجاهاً علميَّاً عاماً تجاه العالم وتبتعد عن الفانتازيا. فليس من الضروري أن تعرف بالتفصيل كيف يعمل الحاسب أو السيارة، لكي تكتب قصة تدور في العالم المعاصر، وتقود شخصياتها السيارات أو يعملون كمبرمجين للحاسب الآلي. من ثم يمكنك أن تتجنب بشكل عام تفسير كيفية عمل تكنولوجيا المستقبل، وإن كانت شخصياتك الرئيسية أناساً عاديين لا علماء، قد لا يفهمون هذا بأنفسهم، حتي ولو كانوا فنيين فهم لا يفضلون أن يقفوا ليشرحوا الآلات لبعضهم.
ومن أنه فنيَّاً، لا يفضَّل أن يتضمن الخيال العلمي البحث، أي شئ يعتقد العلماء المعاصرون أنه مستحيل، لكن عادة تعتمد قصص الخيال العلمي علي هذا المستحيل. فالإنتقال بسرعة فوق سرعة الضوء، نفترض أنه مستحيل، لكن العديد من قصص الخيال العلمي تكون مستحيلة بدون هذا العنصر.
وسوف يساعدك، ذوقك الخاص، وإهتمامك، وقوتك وصنعتك ككاتب، في إتخاذ قرارك عن مدي وكم المحتوي العلمي فيما تكتب، وهناك مكان لكل الأنواع.
حاول أن تبدأ Getting started
قد يبدو لبعض الكُتَّاب أنهم مبدعون ولا حد لإبداعهم، وأنهم مليئون بالأفكار، ويحاولون البحث عن الجديد طوال الوقت، بينما البعض الآخر يعمل ببطء، ويكررون تلك الموضوعات القليلة مرات ومرات، ولكل مدخل منها أفضليته عن الآخر. لكن قد يكون محبطاً إن أردت الكتابة، وأنت تشعر بأنك لا تملك أي شئ لتكتب عنه.
أتذكر هذا بشكل خاص، عندما كنت في العاشرة وإلي ما قبل العشرين بقليل، كنت آنذاك مليئة بالرغبة في الكتابة، ولدي من الوقت والطاقة الكثير، لكن لم أكن أملك ما أقوله، مثل كثير من الكتاب الشبان، فلم أكن أمتلك الخبرة، والممارسة والإنفعال، اللازمة لكتابة رواية، حتي نضجت بعد ذلك بقليل.
الكاتب جراي كيلورت، والذي كتب في العديد من الأجناس الأدبية، للصغار والكبار، بدأ مهنته ككاتب خيال علمي، وكان عدواً لأصدقائه وزملائه من الكتاب، لقدرته علي إستنباط الأفكار العظيمة، لكنه- ومع ذلك- كان مقتنعاً بأن أي شخص عليه أن يفعل ذلك، بالممارسة، وكان يشبه الخيال بالعضلات، فالخيال في حاجة للتدريب، وكلما إستخدمته، زاد قوة، وفور أن نعتاد علي إمتلاك الأفكار، فإنها سوف تأتي إليك سريعاً.
أحتفظ بمفكرة صغيرة، ولا أقدر أن أوضح كم تكون مفيدة لك، عندما تفكر بأنك لن تحصل علي أفكار، لأنها ببساطة تمر بعقلك سريعاً وتنساها، وكتابتها سوف تحفظها من النسيان. كما قد تمنحها أيضاً الشكل المناسب. قد يكون الأمر صعباً في البداية، لكن بسرعة سيبدأ ويكون ميلاً للأفكار، أكثر منه ميلاً للظنون العشوائية. ولا تشعر بأنك مطالب بتطوير كل فكرة أو طبعها، فقط سجل أفكارك وردود أفعالك تجاه الأشياء. وعندما يثيرك أو يجذب إنتباهك شئ ما ضع ملاحظاتك عنه، إن كنت تجلس في إنتظار شخص ما، لماذا لا تصف المكان الذي تنتظر فيه؟ دوِّن ملاحظات سريعة حول الناس الذين من حولك، وحاول أن تخمن من هم، ويمكن أن تعد قائمة من الكلمات الجاهزة وأسماء الشخصيات، والأماكن الحيايتة، وبعض المقاطع التي لفتت إنتباهك في بعض الكتب، أو الجرائد التي قرأتها، أو سمعتها في نقاش ما، كما أن الفهم الخاطئ للأشياء قد يفيد أيضاً.
روت "هارلان إليسون" Harlan Ellison عن قصة إستلهمتها عن طريق خطأ في السمع، لعبارة Oh. Joffty's fine"". وسمعتها " "Oh. Joffty five، وتخيلت طفلاً لا ينمو أبداً، ويعيش في الخامسة من عمرة فقط. سمعت البعض يشكون بأن الفكرة غير مفيدة لهم، إنهم ببساطة، لا يعرفون الكتابة السريعة "علي الماشي" هكذا إذن البديل أن تحتفظ بجهاز تسجيل صغير وتتحدث إليه، هل تشكو من ذلك أيضاً حسناً، حاول أن تعتاد علي نظام المذكرات اليومية، كما تجلس مع جريدتك يوميَّاً، خصص 20 دقيقة لنفسك، وأكتب إنطباعاتك وأفكارك عن الأربع والعشرين ساعة الماضية.
أقرأ Read
أقرأ كثيراً ليس فقط الفنتازيا، لكن في كل أنواع الروايات وخصوصاً الروايات الأدبية. إقتحم أي مجال تهتم به، تعلَّم الكثير حول أي موضوع لتأكيد ذاتك. والقراءة غير الأدبية قد تثير لديك أفكاراً جديدة، أقرأ الجريدة. وقد وجدت بعض المجالات، "علماء جدد"، ومجلة "Fourttean time" "زمن الأربعينيات" حافلة بالأفكار التي تصلح لإثارة العديد من القصص.
أكتب Write
وهو أهم شئ يمكن أن يقوم به الكاتب، أكتب يومياً، وكل يوم طور من عملك، قد تكون في إنتظار الفكرة العظيمة، شئ ما مثير، أصيل، شئ له القدرة علي تحقيق أفضل المبيعات، شئ كلاسيكي حقيقي.
بينما لا توجد أي صعوبة نحو الأمل في الإرتقاء، فأنت من تستطيع أن تنتقل لأي مكان، إذا أصررت علي أن يكون كل شئ كاملاً من قبل أن تبدأ. إن لم تكن مستعداً لكتابة رواية، ولا تبدو أية فكرة من أفكارك أصيلة بشكل كاف لقصة قصيرة، حاول أن تسمح لنفسك بالكتابة كتمرين، أكتب عن أي شئ يقع بين يديك، حاول أن تأخذ أية حادثة تاريخية وأعد صياغتها في مستقبل بعيد، أو أعد صياغة ملحمة أو حكاية من حكايات الخوارق بأسلوبك.
أكتب رد فعلك علي شئ قرأته، ربما شئ لا تتفق معه، قصة تعتقد أنها غير مقنعة، أو عن شخصية تريد قتلها أو نصحها، وإن كنت تستمتع بالشعر، فلماذا لا تتردم قصيدة تفضلها إلي قصة نثرية، أختر شيئين تفضلهما من الأشياء الرمزية (ساعة تساعد علي الإختفاء... صولجان الساحر- مفتاح) وأكتب حول ما يمكن أن يحدث إن وقعت هذه الأشياء في يد إنسان عادي في عالم الواقع. أستمتع ولا تهتم بالنقد أو بحال السوق، هذا فقط لتظل مرناً ورشيقاً في الكتابة.
قد تحاول أن تحتفظ بصحيفة الأحلام، وتكتب بها كل ما تتذكره من أحلامك فور أن تستيقظ، أنا بشكل عام أجد هذه الأحلام مهمة ومفيدة، فالأشياء الشخصية أو الفوضي، يمكن أن تتحول إلي إبداعات خيالية، لكن البعض يجدها مصدراً مفيداً، يمكن أن يساعدك في الوصول إلي منطقة ما قبل الشعور لديك. كن علي وعي في إستجاباتك، وكن فضولياً بالآخرين والعالم من حولك، عندما يلفت شخص ما إهتمامك بشكل خاص، وعندما تجذبك كلمة أو جملة، عندما تحتار في حادثة خاصة تمر بك، حاول دائماً أن تعود إلي السؤال، ماذا إذن؟ What if وهذه جميعاً إشارات بأن هناك شئ ما، أنت في حاجة للكتابة عنه.
وأخيراً تذكَّر النصيحة المفيدة للكاتب "هنري جيمس" Henry james التي قدمها لكاتب شاب "كن ذلك الشخص الذي لا يملك شيئاً ليفقده".
متي تكون الأفكار غير مهمة The unimportance of ideas
هناك ميل للتأكيد علي أهمية الأفكار، خصوصاً في الخيال العلمي، وقد يتخيل بعض الكتاب قليلي الخبرة، ومن لم يقرأوا كثيراً من الخيال العلمي، أن الفكرة الجيَّدة قد تصنع عملاً جَّيداً بصرف النظر عن ضعف السلوب أو الحبكة.
والسبب في أن الخيال العلمي، يوصف منذ مدة طويلة (مازال في بعض الأماكن) بهذا الأسم السيئ، يرجع إلي المستوي الأدبي الهابط لمجلات الإثارة، حيث نشرت أولي خطوات تطور قصص الخيال العلمي والفنتازيا. والمهتمون الذين يقرأون الخيال العلمي من أجل الأفكار والإحساس بالدهشة، وينسون بلباقة، ما يشبه الشخصيات، والحوار الجامد.
لكن مجلات الإثارة، ومستواها الهابط ذهبت وإنتهت. والخيال العلمي والفنتازيا أصبحا يتنفسان علي المستوي نفسه مع كل الأجناس الأدبية، المطلوبة في الأسواق. سوف يتطلب ذلك بشكل أكبر. والأفكار الجيَّدة وحدها لم تعد هي السبب وراء بيع كتاب. إن العثور علي الفكرة هو البداية فقط، ويبدأ بعدها وقت العمل الصعب.
الخيال العلمي والإطار الغائب SF and default setting
يُعتْبر بناء العالم عملاً صعباً، قد يكون مبهراً ومرحاً، وقد يشعر من يبني عالمه بنجاح، بشعور من يمتلك قوة شبه إلاهية، بعد أن يبدع عالماً جديداً منطقياً وممكناً، لكن حتي وإن أستمْتعتَ بالتحدي، ككثير من كتاب الخيال العلمي، فليس من الضروري أن تسعي لبناء عالم جديد كلية من الصفر، في كل مرة تحصل فيها علي فكرة جيِّدة لقصة جديدة.
كما أنه ليس ضرورياً أن يكون أصيلاً، فالعديد من إبداعات الخيال العلمي الجيدة والمشوقة والتي تم نشرها، نجد خلفيتها، والتي قد يكون من الضروري أن تختلف عن عالمنا، ليست أصلية علي الإطلاق.
وإذا أخترت أن تستخدم إطاراً معيارياً للخيال العلمي، فأنت في حاجة إلي تعديله، لكن يصبح بناء العالم أقل الأشياء التي يجب أن تعمل عليها، وأن النتيجة الأفضل تنبع من القصة والشخصيات، ولا توجد أية حاجة لتفسير كل شئ وكيفية عمله في القصة، إن أستطعت أن تقدَّم التفاصيل المقنعة بكلٍ كافٍ، وفيما يلي بعض أطر الخيال العلمي المعيارية:
المستقبل القريب Very near future
أساساً.... هو عالمنا، فهو لا يبعد أكثر من خمسة أو عشرة أو حتي عشرين عاماً عن الآن، وهذا النوع من الخيال العلمي، يتم نشره كإتجاه سائد، وقد يتطلب وجود خلفية معاصرة مع بعض التأكيد، علي القليل من إكتشافات تكنولوجية جديدة، لتقدم أسباب الحبكة.
بعد الخراب After catastrophe
أحد الأسباب المُرْضية للتعامل مع المشاكل المعقدة، هي أن تصل إليها من خلال بعض إضطرابات الطبيعة الكبري، (إرتفاع مستوي مياه البحر نتيجة لإرتفاع درجة حرارة الكون)، المشاكل الإقتصادية العالمية المصحوبة بالأوبئة، الإكتشافات الغريبة أو، (بدلاً من الموضات القديمة) الحرب النووية، وقد تدور قصتك حول بعض الصراعات من أجل البقاء لإعادة بناء حضارة الأرض بعد خرابها، والذي قد يحدث بعد عدة عقود، أو حتي قرون قادمة، في أي من النظم الإجتماعية أو السياسية، كما تحب.
المستقبل البعيد جداً، أفلام الخيال العلمي very far future, space opera
إذا قام الجنس البشري خلال آلاف السنوات القليلة القادمة بتحقيق هذا العالم، ربما بالتحرك بين الكواكب، من الذي يعرف، ما سوف يكون عليه الأمر؟ فتخمينك قد يكون أفضل منِّي، فالمستقبل البعيد جدَّاً غير قابل للبحث والدراسة، فقط تتخيله، وهذا النوع من الخيال العلمي هو الأقرب إلي الفنتازيا، فيما عدا ما يتضمنه من وقائع ترتبط بالتكنولوجيا، والتي قد تشير إليه بوصفه "فنتازيا الفضاء" أو "فنتازيا علمية".
العوالم الشبيهة بالأرض Earth like worlds
وهذه العوالم قد تكون تصُّوراً مبالغاً فيه لجزء من الأرض، مثل كوكب مغطي بالثلوج، أو عالم صحراوي، أو مدينة مستقبلية وحيدة، محتلة إما بجنس غريب، بالبشر، في مقدرتك أن تبدع ما تشاء تبعاً لما يناسب قصتك.
تخَّيلتُ أنا وجورج مارتين، كوكب "وايندهافن" windhaven عبارة عن عالم يتكون من محيط كبير، تتناثر فيه بعض الجزر. كنا نريد الكتابة عن فريق من الطيارين، يحافظون علي التواصل بين هذه الجزر، بركوب الرياح علي أجنحة معدنية. ومن ثم إفترضنا وجود جاذبية أخف من الجاذبية الأرضية. ورياح يُعْتمَد عليها لتسهيل الطيران، وحفاظاً علي شخصياتنا في عالم يفتقر إلي التكنولوجيا والذي إنجذبنا إليه، وللتأكيد علي نقص الأجنحة، جعلنا هذا العالم windhaven يفتقر أيضاً إلي المعادن، وأهم الصناعات به الزارعة وصيد الأسماك، وتشبه حيواناته ونباتاته ما يوجد علي الأرض.
المدن المغلقة Enclosed habitate
وتتراوح هذه المدن ما بين سفن فضاء، أو محطات فضائية، أو مدن تحت البحر أو بيئات خاصة، (مستعمرات جماعية، ما بعد الحرب النووية، أو كوكب غريبة)، لها خلفية محددة وأساسية، وتصلح كإطار للدراما البشرية، الطقس أشبه بتحت البحار، المكاتب في صف من المباني المتلاصقة، المراكز التجارية...إلخ. وهذا بمعني إنه ليس من الصعب رؤيتها ووصفها، ويمكن أن يلاحظها المواطن المعاصر مباشرة.
إكتشاف عالمك الفنتازي Discovering your fantasy world
إذا كان كُتَّاب الخيال العلمي مدركين تماماً لما يفعلونه أثناء بناء عوالمهم، فإن كُتَّاب الفنتازيا يشعرون غالباً بأهمية أن يجدوا هذه العوالم، والمناظر الطبيعية التي عرفناها في طفولتنا، يكون لها تأثير خاص هنا، فهي تعود إلينا مرات ومرات في أحلامنا وفي الكتب. ومع ذلك لا يلاحظ أحد حتي الكاتب صاحب الحلم مصادرها، قد يبدو التل الصغير جبلاً كبيرّاً أمام الطفل، ومن ثم يصبح جبلاً مرة أخري في الفنتازيا. وقطعة من الأرض الصغيرة المليئة بالأشجار، في كنت kent حيث نما الطفل، تصبح الغابة المسحورة في رواية "روبرت هولد ستوك" Robert Holdstock"obert Holdstockتصبح الغابة المسحورة في رواية "روبرت هولد ستوك" غير جبلاً كبيرّاً أمام الطفل، ومن ثم يصبح جبلاً مرة أخري في الفن، المعروفة بأسم مينجوود السحرية Magical mythag wood، ووضع "ألن جارنر alan Garner العديد من الروايات في المنطقة المحيطة بمنطقة (الرلي إيدج) Alderley edge حيث كانت تعيش أسرته لأجيال.
وبالمثل كتب "توكين" سيد الخواتم، مستلهماً المناظر الطبيعية التي يعرفها منذ ميلاده، التلال والوديات الإنجليزية، والتي عرفها بعمق من دراسته لتاريخ اللغة، وأساطير الشمال. وكان لروايته "الأرض الوسيطة" Middle Earth تأثير كبير، علي كتاب آخرين، من كُتَّاب الفنتازيا لدرجة أن القراء، الذين لم يقرأوا توكين قد يعرفونه من الأعمال التي قلَّدت أعماله بعد ذلك.
ويقول الكاتب "تاد وليامز" Tad Williams: إن معظم ما جاء في ثلاثيته Memory sorrow and thorn" جاء بتأثيره بأعمال توكين.
لا يكون لعالم الفنتازيا إمكانية الوجود الحقيقي، كما توجد هذه الإمكانية في عالم الخيال العلمي، فواحد من تعريفات الفنتازيا، أنها تدور حول أشياء لا يمكن أن تحدث، وكُتَّاب الفنتازيا، يملكون الحرية في مناقضة كل شئ نعرفه تقريباً في عالم الواقع، ومنها قوانين الطبيعة، لكن هذا لا يعني إمكانية مرور أي شئ، إذا كان يمكن فهمه من أي شخص بجانب المؤلف. يجب أن يؤدي عالم الفنتازيا إلي نوع من الفهم، والعمل علي إبداع عالم الفنتازيا، يجب أن يكون له إتساق داخلي، وأن تكون له قواعده، وهذه القواعد لا يجب تجاهلها أو تركها جانباً، وقد تأخذ فترة من الزمن، حتي يفهمها القارئ، لكنها لابد أن تكون موجودة. ومهما كانت مختلفة عن عالمنا إلا أنه يجب أن نشعر بها، بإعتبارها مكاناً حقيقيَّاً، فجزء كبير من جاذبيتها للقراء، يأتي من تُخيلهم إمكانية أن يعيشوا بها، وأن يكونوا قادرين علي وضع أنفسهم فيها، وعلاوة علي ذلك، لابد أن يبدو العالم الثاني في الفنتازيا قابلاً للحياة. وهناك إستثناءات، فكانت "أليس" (Alice) للكاتب لويس كارول Lawis caroll، أو كتاب "مارك دانيلوسكس" Mark danielewski "منزل من أوراق الشجر" "House of leaves" هما من كتب الفنتازيا لكن لا يتوافر لهما أي تخُّيل لإمكانية اللجوء، أو الهروب إليهما من عالم الواقع. كما يحدث في روايات الفنتازيا، فالعالم الثاني الذي تصوره، يمكن أن يرتبط بعالم الكوابيس، أكثر منه عالماً روائياً لإفتقاره إلي إتساق القواعد، التي تجعل من المنزل المتحوِّل في منزل من أوراق الشجر House of leaves شيئاً مرعباً، فهو ليس مكاناً لطيفاً يمكن زيارته، وأنت بالطبع لا تستطيع العيش فيه.
يمكن التعُّرف علي الرمزية في ملامح الأرض الطبيعية، الغابات المظلمة، البحر اللانهائي، الأرض المفقودة، والممر بين الأشجار، وهذا نمط أولي تماماً مثل المرأة العجوز الحكيمة، والشخصيات المساعدة من الحيوانات والأبطال. والأنماط الأولية الطبيعية تستخدم غالباً- شعورياً أو بطرق أخري- في الفن والأدب، لكنها تكون في موطنها، عندما توجد في الأدب الفنتازي. لأنه سيتعرف عليها مباشرة، فهناك شئ يجمع ما بين الراحة والقوة العميقة، في أفضل رموز الأرض (المناظر الطبيعية).
ومن بين أكثر الموضوعات الشائعة التي تؤثر علي عوالم الفنتازيا المعاصرة، أساطير الملك آرثر، والأساطير الكلتية في العصور الوسطي في أوروبا، والرحلات البعيدة لابد وأنها شعبية لغالبية القراء، ومع ذلك فإن بعض الكتاب، قد يلجأون إلي تاريخ وأساطير الثقافات الأخري. علي سبيل المثال، إستخدم "جاري كيلوورث" Garry Kilworth الثقافة والأساطير البولندية، في كتابه "ثلاثية" الملك الملاح" The navigator kings" كما كتب "باري هوفارت" Barry hughart مجموعات من الفنتازيا التي تدور في الشرق. إذهب حيثما يأخذك قلبك إلي العالم الذي تحلم به.
أرض الفنتازيا Fantasy land
يكون مألوفاً لدي أي قارئ قرأ حكايات الخوارق، أو شارك في لعب الأدوار مثل دانجيون درا جونس "Dungeons and dragons"، أن الأرض في الفنتازيا هي الإطار الظاهر للفنتازيا، فعندما يذكر الكاتب أشياء مثل القلاع، القري، الساحرات، الغيلان، الفلاحين، السيوف، الخيل، وربما التنين، فهو يقصد شيئاً يتوقع أن يلاحظه القراء، وأن يملأوا الفراغات الموجودة بأنفسهم. وهذا هو مسرح الحدث الأساسي، وعادة لا يكون أول إستخدام له، في هذه القصة، فملامحه أشتقت من مخزون الخلفيات، التي في الذاكرة لبعض الأجناس الأخري، منازل القرية والمدينة، في قصص الرعب الإنجليزية، المدن الأولي في الغرب، والتي تعمل الطريقة نفسها، فالقارئ حالياً في المنزل، والكاتب غير ملزم بالعمل بشكل صعب في الإبداع أو الوصف، قد تقع بعض القصص الممتعة في أرض الفنتازيا، لكن الكَتِاب النتاج عنها، لا يكون إبداعاً يمكن تذكره، أو نعتبره أفضل ما تقدمه الفنتازيا.
أطلق جُون كلوت John Clute علي أرض الفنتازيا "إنها أفكار حرة مفيدة للكتاب الذين يشاركون في عالم المغامرات والمسلسلات المستمرة، بصفة خاصة.
وللعين الفاحصة للصياغات الضعيفة، التي يمكن أن توجد هنا، أنظر كتبا "ديانا واين جونس" Diana Wynne Jones"" الممتع "المرشد الحازم لأرض الفنتازيا" "The tough guide to fantasy land".
هل الخرائط ضرورية؟ Are maps necessary?
قد يكون ظهور الخرائط في بداية الروايات، بمثابة الدعاية البريدية بأن هنا "فنتازيا" أما بالنسبة "لتوكين" كانت الخرائط جزءاً من خطة العمل ككل، كالفهرس، والملحقات، والتاريخ، والرسومات، التي تربط ما بين الفنتازيا ودراسة الكاتب الأكاديمية، وبعد توكين، أصبحت الخرائط وبسرعة، شيئاً لازماً وضعه في كل أعمال الفنتازيا، التي تدور في عالم ثانٍ. والعديد من القراء يتمتعون بها لدرجة أن معظم القراء يتوقعون الآن وجود الخرائط في الروايات، لدرجة أن أحد الناشرين أخبرني أن المهتمين بالفنتازيا، يفتقدون الخرائط إن أختفت من الرواية".
إن كنت تفضِّل رسم الخرائط، وكانت الخرائط تساعدك علي تحديد معالم عالمك، فأستمر وأرسم الخرائط لإستعمالك الشخصي، وربما يكون من الحكمة، ألَّا ترفقها مع نصوصك عند إرسالها للنشر، لكن بعد بيع الرواية، قد يكون الوقت مناسباً، لوضع خرائطك أو أية مادة إضافية من إبداعك للنص.
وقد يريد الناشر إستخدامها، أو يكلف فناناً معروفاً ليرسم خريطة، توضع في الغلاف الداخلي، لكن مادام الكتاب لم يتم بيعه، ومازال في صورة مسَّودة، فإن إضافة أي شئ كالأعمال الفنية أو الملحقات أو تصميم الغلاف إلخ. قد يكون خطًأ كبيراً، أحد وكلاء الأعمال "أنتوني هاروود Antony Harwood" ينظر إلي هذه الأشياء، كمؤشر علي أن الكاتب يهتم أكثر بالمظهر أكثر من المحتوي، وأنا لا أعرف كم عدد وكلاء الأعمال أو الناشرين الذي يشعرون بمثل هذا الشعور، يكون من الأفضل أن نتذكر دائماً، إنك أن تركت هذه الأشياء العبقرية الزائدة، ستبدو محترفاً أكثر.
وصف عالمك Describing your world
حتي ولو وضعت خرائط لتعريف القارئ بأن عالمك يتكون من جزءين، جزء جبلي في الشمال وصحراء أكبر في الجنوب، مع إضافة أسماء أهم الأماكن والملامح الجغرافية المهمة، فمازالت في حاجة لبعث كل ذلك إلي الحياة، داخل الصفحات.
ليس كل شئ يمكن إستبعاده خارجاً، ليست طريقة صحيحة بالتأكيد، غالباً، ما أجدني عند بداية كتابة كتاب أو قصة، أملك كماً هائلاً من المعلومات، حول الشخصيات والأماكن والمواقف، والتي يبدو أنه من الضروري تجاوزها حتي أستطيع البدء في القصة.
وحيث إنه من غير الممكن نقل المعلومات دفعة واحدة في لحظة واحدة، من عقل إلي عقل فيجب أن تبقي بعض الأشياء، وأن تقوم بالإختيار. فالإقتصاد في اللقطة السنمائية لا يتوافر بسهولة في الطباعة.
وعلي ذلك فإن حقيقة أن الكتاب مطبوع كفنتازيا، والغلاف والخرائط، وكل هذه الأشياء تخبر القارئ بأنه أمام عالم متخَّيل، لا يشبه العالم الذي يعيش فيه، وكل هذه الأشياء سوف تسير معك وتثيرك لتكتشف المزيد، حتي متعة الإنتظار، وبالتدريج وأثناء القراءة، سوف تتعلم الكثير حول عالمك.
تأخذ كثير من قصص الفنتازيا شكل الرحالات، ومن ثم سيكون القراء في موقع البطل نفسه، يسافرون عبر الأرض ويكتشفونها، ويكتشفون أنفسهم في الوقت نفسه.
وفي قصص أخري، تقتحم شخصيات من عالمنا، واقعاً آخر، ليتعلموا شيئاً عنه: ومثال علي هذه القصص تاريخ توماس كوفنانت The chronicles of Thomas covenant للكاتب "ستيفن دونالدسون" Stephen Donaldson ومينجوود السحري "Mythago wood" ورواية لانوتدير. Lavondyss للكاتب "روبرت هولدستوك" Robert holdstock.
ومع أن سيد الخواتم جاءت مزودَّة بمقدمة، تقدم بعناية كبيرة، لخلفية الرواية (مع الإهتمام بالهوبيت)، وإنتهت بعديد من الملاحق التي تضم نتيجة يومية ومواعيد زمنية، وشجرة العائلة، والعديد من الأدوات الأكاديمية، ليحاول أن يلمح أن ما يحدث هو تاريخ حقيقي، وهذا ليس ضرورياً ولا ينصح بممارسته لمعظم الكتاب. ومع ذلك فقد تزيد من ثراء الفنتازيا في عالمك. إذا أردت. يعرف الكاتب تاريخ العمل وتفاصيله، لكن لا يعني هذا أن تظهر الرواية وبها ملاحظات وهوامش ومواقيت، وإذا كانت ستفيدك حاول بكل الأساليب، أن تبدع قوائم بالأزمنة، والشخصيات وأي شئ آخر تريده، وعندما تنتهي من الكتابة، فلك أن تقرر أيَّا من هذه المواد يمكن أن تضيفه كملاحق، أو تستبعده مع ملاحظاتك ومسوداتك الأولي. أو يمكن (وكما هو شائع اليوم)، أن تضعها علي موقعك في شبكة المعلومات.
قد يتقبل القارئ الهادئ صاحب الرؤية، تفاصيلك الطويلة للمشاهد والأماكن، ولكن إن شغلت صفحتين، لتصف المنظر الطبيعي عند تغير كل مشهد، فسوف يميل قارئك إلي ترك الكتاب جانباً، ويتحول لمشاهدة التليفزيون وهذا غير مرغوب، ولا يحدث أبداً مع القصة القصيرة.
لو نظرت إلي أشهر كتب الفنتازيا شيوعاً وجماهيرية، والتي طبعت خلال السنوات العشر الأخيرة، وحتي الطويلة منها، فسوف تري أن وصف الخلفية يتم متكاملاً مع الأحداث، فالمهم هنا هو رواية القصة.
وكلما تقدمت القصة وتمت، عرف القارئ المزيد والمزيد عن الشخصيات، وعالم القصة، كتبت "جواناروس" Joanna Russ حول كيفية تعاملها مع الإطار في واحدة من قصصها المبكرة، وإعترفت بأنها عندما كتبتها لم تكن تسعي لإبداع عالم متكامل متسق للفنتازيا، ومن ثم بدأت في الوصف، وعند كتابة القصة دارت حول محور تخيل عالم متكامل، متبعة مبدأً بسيطاً جدَّاً لا شعوريَّاً: أن الإطار (المكان) يكتسب أهمية فقط عندما يصطدم به البطل".
وهذا الموقف شبيه برد فعل "ويلا كاثير" Wella cather، تجاه الروايات القديمة التي كانت تهتم كثيراً بالوصف. بجانب ما تقدمه من تفاصيل لوصف المنازل، الحجرات، الأثاث، والملابس، والتي كانت تحشو معظم الروايات في أيامها. أبدعت كاثير" الرواية غير المؤثثة" لنفسها، وكانت تلجأ غلي الوصف التفصيلي فقط، عندما يكون مؤثراً علي القصة، أو ليعكس حالة البطل العقلية، وقد فعل "آرنست هيمنجواي" الشئ نفسه كثيراً، وحتي لو كان كل من كاثير وهيمنجواي، قد كتبا في عالم يتوقعان أن يلاحظ قراؤهما أبعاده، إَّلا أن كتاب الخيال العلمي والفنتازيا يجب أن يتعلموا، من هذا المدخل الكثير، بأن يكتسبوا وصفهم دائًما لتحقيق هدف ما، ويربطوا الوصف بالشخصيات والحبكة.
ويكون الوصف أكثر تأثيراً إن تم نسجه مع الفعل، والأفضل عندما يصاحب شحنة إنفعالية تتضافر مع إدراك الشخصيات. فعندما يكون البطل في منزله في العالم المتخيل، فإنه لن يقضي الوقت للتركيز علي تفاصيل عادية ومألوفة له، أما إن كان كما في حالة قصة "جوانا روس"، يشكل الإطار البطل المضاد، فيحتمل أن ينشغل البطل بالصراع مع ظروف المكان/ الزمان، حتي يظل علي قيد الحياة. ليسمح بإطالة مشهد المكان. ويمكن للكاتب أن يركز علي الفعل، وأن يروي للقارئ فقط علي قدر ما يحتاج أن يعرفه، ليفهم ويري ماذا يحدث.
الخيال العلمي كحالة خاصة S.F as A special case
إن من يحبون قراءة الخيال العلمي، يقرأونه لا بإعتباره قصة جيِّدة، أو وسيلة للهروب المؤقت من الواقع، بل لأنهم يريدون التفكير، تماماً مثلما يستمتع آخرون بحل الجانب الملغز في قصص الغموض. ويعيش المهتمون بالخيال العلمي، مفهوم الإنفعال والإرتباك، أكثر مما يعيشه من يقرأ أي جنس أدبي آخر، وإلي حد ما يشكل الشعور بالإنفعال، وبأنك غريب في أرض غريبة، جزءاً من جاذبية الخيال العلمي.
ومثلما ما يحدث في الفنتازيا، قد يدور بناء قصة الخيال العلمي عن رحلة إكتشاف، وفي بعض الأحيان قد يحدد المجتمع الغريب حالة الشخصية. والعلاقة بين الشخصيات البشرية وما يحيط بها، قد تكون الدافع الأساسي للقصة. وعادة ما تنغمس الشخصيات في الفنتازيا منذ البداية في عالمها، أما في الخيال العلمي، فقد تدرك الشخصيات العالم من الخارج حرفياً. كما لو كانوا هابطين من الفضاء. أما الإطار في روايات الخيال العلمي فلابد أن يبني بعناية ليتناسب مع الحبكة، أو قد يأتي العالم أولاً ثم تُعْرض القصة بعد ذلك. وسوف تحدد إهتمامًاتك، وأهدافك للكتابة، هدفك العام وأسلوب معالجتك.
ما كم المعلومات التي يريدها القارئ؟ في بعض الأحيان قد تدهش عندما تعرف أن هذا الكم القليل، فبعض التفاصيل المهمة القليلة قد تستمر طويلاً، وإن كانت القصة محكومة بشكل كاف، فسوف يرضي القارئ تماماً بأي تخطيط يفي بالغرض للخلفية. فكر في أن الكتابة شئ أقرب إلي الرسم الإنطباعي، قليل من النقط والبقع اللونية، قد يفجر كل المشاعر.
والقراء يقومون بمعظم العمل، ويستطيعون أن يفسروا الكثير من المفاتيح التي تقدمها لهم، ليملأوا الفراغات الغائبة، ويعيدوا بناء عالمك داخل رؤوسهم.
رواية (حكي) التفاصيل The telling detail
إن شعرت بالإرتباك عند محاولة وصف عالمك، إجعله بسيطاً. من الأفضل أن تعرف عنه الكثير، لكن لا تضع كل ما تعرفه في صفحات روايتك. وكلما فهمت فسوف يقودك لمعرفة ماذا ستكتب.
وكثرة الوصف المدروس المتقن، يمكن أن تضلك عن الطريق، وقد تؤدي إلي الغموض بدلاً من التنوير، نعم، قد يكون للخلفية أهمية خاصة للقصة، خصوصاً في الفنتازيا والخيال العلمي، لكن لا يجب أن تصرف الإنتباه عن القصة. قد تكون الصورة ضخمة في عقل الكاتب، لكن القارئ يريد تتبع القصة، وسيهتم فقط بالتفاصيل المهمة، بماذا يحدث للشخصيات، بكيفية تأثير الخلفية علي القصة.
وحكي أو رواية قليل من التفاصيل، قد يكون مؤثراً بشكل كبير علي إكتساب الإنطباع بإختلاف الواقع، والمثال الشهير هنا رواية "روبرت هينلين" Robert Heinlein، المعروفة بأسم Casually" drooped in reference" يصف الكاتب فيها الباب الذي يتمدد كلما دخلت شخصية الحجرة، وقد قالت "هارلان إليسون Harlan Ellison"" عندما قرأت هذا لأول مرة: كان هناك سطران في الأسفل، قبل أن أدرك كيف تكون الصورة، ماذا ستقول الكلمات بعد ذلك، "باب يتمدد" لا يفتح"، إنها إيريس (ربة قوس قزح) ياربي! لقد عرفت الآن أنني في عالم المستقبل.
من خلال أعين الشخصيات hrough the eye of the characters
إن أفضل طريق في أي عالم متخيل، يكون عن طريق الشخصيات العطوفة، فالقارئ ينجذب إلي الرواية، بواسطة خبرات الشخصيات صاحبة وجهات النظر، ويتعلم الكثير عن هذا العالم بمشاركته إدراكهم له. إذا بدأت قصتك بالشخصية صاحبة وجهة النظر، وهي تجلس في المنزل في هذا العالم، فيمكن أن تشير إلي الأشياء التي حوله كحقائق، وبدون أي تفسيرات مدروسة، وضع في الإعتبار ما يلي:
"كان لون السماء فوق الميناء كلون شاشة التليفزيون، عند إدارة المفتاح علي قناة لا تعمل. "إنها ليست مثلما إستخدمها" سمع "كيس" شخصاً يقول ذلك أثناء إختراقه الزحام بكتفيه الموجود أمام باب البار، "إنها تشبه نمواً جسدياً، في حالة نقص الدواء؟ كان الصوت ينطلق بصعوبة، في مزحة صعبة، والشاتسابو Chatsubo، باراً للمحترفين من المهاجرين، يمكنك أن تشرب هنا لمدة أسبوع ولن تسمع كلمتين باليابانية.
كان "راتز" Ratz خادم البار، وكانت ذراعه الصناعية تتحرك بإيقاع ثابت، كلا قام بملء صينة من الأكواب بالمشروبات، ورأي "كيس"، وأبتسم لتظهر أسنانه المعدنية المصنوعة في أوروبا الشرقية مغطاة بلون بني من شدة التسويس، وجد "كيس" مكاناً عن البار، بين دباغ غير محبوب من واحد من منطقة البغاء لوني Lonny، وشخص إفريقي طويل يرتدي زي بحار تمتلئ عظام فكه بأثار العديد من الجروح، "كانت واج Wag بالداخل، مع شابين "قال راتز وهو يدفع بقطعة من القماش عبر البحار بيده السليمة. ربما يكون هذا عمل لك ياكيس؟. وبنهاية الصفحة الأولي من رواية Neuro mancer للكاتب "وليم جيبسون" William Gibson نعلم أننا في منطقة تعرف بأسم Sprawl (ويفترض الأسم أننا في منطقة متحضرة) إن لم تكن مدينة واحدة، ربما عدد من المدن تنتشر فيما بينها يقطنها عدد كبير من السكان من مختلف الجنسيات والخبرات، والموظفين المحترفين، والبار وخليط زبائنه، مألوفة جدَّاً. ويفترض أيضاً أن هناك تغيرات عديدة وتطور، (يمكن تحمل الجمال حتي بالنسبة لحارس البار متعدد الوظائف) ونحن لسنا بعيدين عن عالمنا (مازال التليفزيون والبيرة شائعين)، هذا هو عالم "كيس"، ومع ذلك لم نعرف بعد ماذا يعمل؟ وما طبيعة الشباب Joe