Dr. Maher Elsawaf

الطريق إلي التقدم والتنمية يقوم علي العلم والمعرفة وحرية التعبير

الخلافة سلطة الحكام فى الإسلام

د. محمد ماهر الصواف

يثار من وقت لآخر تساؤلات عن أسباب تأخر الدول العربية عن مسيرة التقدم والنهضة التى تشهدها دول عديدة فى العالم ويرجع البعض اسباب هذا التأخر لعديد من الأسباب منها : سيطرة الثقافات التقليدية التى لا تشجع على الفكر والإبداع ، وعدم  تعاون سلطات الدولة التنفيذية والتشريعة، وضعف الجهاز الإدارى للدولة لتحقيق التنمية الشاملة، والحد من الفساد الإدارى . ورغم أهمية دراسة هذه الأسباب إلا أن بعض الجماعات الدينية ترى أن السبب الأهم فى ضعف الدول العربية هو عدم تطبيق نظام الحكم الإسلامى والقائم على نظام الخلافة . ومن الطبيعى أن يستمر الجدل حول نظام الخلافة خاصة مع وجود تنظيم داعش والذى أعلن عن قيام الخلافة الاسلامية .

ومن المعلوم أن موضوع  نظم الحكم وإختيار الحكام ومحاسبتهم ومسائلتهم كانت محل إهتمام المفكرين والسياسيين والقانونين، وكانت مثار دراسات عديدة ونظريات  سياسية مختلفة، وطرح حوله عديد من التساؤلات المتعددة منها على سبيل المثال: كيف يتم إختيار الحاكم  ؟ وما هى سلطاته وإختصاصاته وهل يجمع بين السلطة الدينية والزمنية ؟ هل يجوز عزله من هذه الوظيفة ؟  وما هى الآلية الناجحة  لمساءلته ومحاسبته إذا إتخذ قرار خاطئ، أو أنه لم يحسن إختيار  القرار وتسبب فى فى ضياع بعض الحقوق أوالتعدى على الحريات العامة دون مبررا كافى، أو لم يحسن إستخدام المال العام وعجز عن تحسين أحوال الناس المعيشية وتحقيق التنمية المرغوبة ؟

ويرجع إهتمام المفكرين بتنظيم سلطة الحكام ووضع حدود لهذه السلطة بسبب التجارب التى عرفتها البشرية من تسلط ودكتاتورية فقد كان الحاكم فى العصور القديمة فى مصر وفارس والهند والصين يعتبر من طبيعة إلهية بل كان أحيانا يعتبر هو نفسه الإله أو خليفة الله فى الأرض هو وأبنائه، وكان المحكومين يقدسون حاكمهم.

 أيضاً فى العصور الوسطى بالأقاليم الأوروبية كانت الكنيسة الكاثوليكية ترى أن الله خلق كل شئ فى الحياة بما فيها الدولة والحكام وبالتالى فالله خلق الدول وأصطفى لكل منها حكام . وترتب على ذلك التسليم بأن الحكام مخولين من قبل الله ولا يجوز معارضتهم وأن طاعتهم من طاعة الله. وترتب على ذلك أن أحكموا الحكام هيمنتهم على  المجتمع وكانوا يبيحوا  لأنفسهم  حق تكفير من يشكوا فى ولائه لهم وقتله أوالتنكيل به وتعذيبه، وتحول حق التكفير إلى سلاح جبار فى يد الحكام يستطيعوا أن يشهروه فى وجه معارضيهم  ونتيجة سيطرة الحكام على مختلف شؤون الحياة افتقد الناس القدرة على تحسين احوالهم واتجهوا إلى الزهد فى الدنيا، والتعبد لنيل الآخرة وتفشت الخرافات وعم الجهل .

ومن الغريب أن نجد من رجال الدين فى مصر والدول الإسلامية من ينكر ما أثبته التاريخ من خطورة السلطة المطلقة للحكام ويدعو لتقديس الحاكم ( الخليفة ) فيوضح الشيخ علي عبد الرازق في كتابه ( الإسلام وأصول الحكم ) ان هناك من الفقهاء من يرى ان الله كما أختار محمدا صلى الله علية وسلم لدعوة الحق وابلاغ شريعته المقدسة إلى الخلق قد اختار أيضاً الخليفة ومن يقوم فى منصبه مقام الرسول عليه السلام ليحفظ ذلك الدين وسياسة الدنيا به .  فالخليفة عندهم ينزل من أمته بمنزلة الرسول صلي الله علية وسلم من المؤمنين، له عليهم الولاية العامة، والطاعة التامة، والسلطان الشامل، وله حق القيام على دينهم، فيقيم فيهم حدوده ، وينفذ شرائعة وله بالأولى، حق القيام على شئون دنياهم أيضا . وعليهم أن يسمعوا ويطيعوا لأن طاعة الائمة من طاعة الله ، وعصيانهم من عصيان الله.

 وفى هذا الإطار يعترض البعض من الفقهاء على فكرة عزل الخليفة ويبرر ذلك بالقول " إن الذين لا يدركون منـزلة الخلافة ومكانتها السامية يتخبطون أحيانا لسفاهتهم فى مسألة عزل الخليفة. إنهم يعتبرون الخلافة نظاماً دنيوياً على غرار الأنظمة الديمقراطية الأخرى ومن ثم يبحثون عن طريق لخلع الخليفة حسب الضرورة ". ويضيف هذا الرأى " أنه خيال ينمّ عن الجهل والغباء، وينجم عن عدم إدراك المنـزلة الحقيقية للخلافة. فالحقيقة أن الخلافة نظام روحانى يستند إلى قدر خاص من الله لإتمام الرسالة .

وأعتقد أن هذا الرأى يتجاهل ما أثبته الواقع والتاريخ وأن غياب النظام القانونى لمساءلة الحكام وتقيد سلطاتهم أدى الى اساءة استخدام السلطة العامة ، وبحق يرى الفليسوف الفرنسى "كل من له سلطة يميل إلى إساءة استعمال السلطة“ وقد قدم (مونتيسكيو) نظريته فى الفصل بين السلطات منطلقا من أن:  "السلطة توقف طغيان السلطة "

 

 

 

 

 

 

المصدر: راجع ، علي عبد الرازق , الإسلام وأصول الحكم بحث في الخلافة والحكومة في الاسلام ، كتاب اليوم ، دار أخبار اليوم ، العدد رقم 622 يوليو 2015 http://www.islamahmadiyya.net/show_page.asp?content_key=11&article_id=42
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 443 مشاهدة
نشرت فى 22 يونيو 2016 بواسطة drelsawaf

Dr.maher elsawaf الأستاذ الدكتور محمد ماهر الصواف

drelsawaf
نشرالثقافة الإدارية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية »

عدد زيارات الموقع

327,144

ابحث