كيف ندرك اهمية إحترام القانون والأخلاق؟
د. محمد ماهر الصواف
ليس من الغريب في ظل الإفتقاد لاحترام القانون والقواعد الأخلاقية ان تظهر حالات من الفوضي والعشوائية في البناء والنقل والمرور ، علاوة علي حالات الإرهاب والبلطجة والسلوكيات غير المنضبطة.
فمن المعلوم أن من أهم عناصر قيام الدولة الحديثة هو وجود سلطة قادرة علي تنفيذ القواعد القانونية التي تضمن في مجملها المحافظة علي النظام والأمن العام، وحماية الحريات والحقوق لكافة أفراد المجتمع دون تميز بينهم بسبب الجنس، أو الأصل ، أو العرق ، أو اللون ، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوي الإجتماعي، أو الإنتماء السياسي أو الجغرافي أو أي سبب أخر.
ومن المسلم به ان تحقيق التنمية والتقدم يتطلب توافر مناخ يسوده الإستقرار والأمن وحماية الحريات والحقوق ، وانه لا سبيل إلي توفير هذا المناخ دون وجود مجتمع واعي متحضر يحترم القانون ويلتزم بالأخلاق والقيم المستقرة ليس خوفا من الجزاء إنما لإيمانه واقتناعه أنه فى ظل عدم سيادة القانون تضيع الحقوق وتهدد الحريات وتزاد فرص الفساد والبلطجة
ولا ننكر في هذا الصدد ان القواعد القانونية ليست هي وحدها القواعد الاجتماعية التي تنظم المجتمع وتحكم سلوك الحكام والأفراد بصفة خاصة في المجتمعات العربية ، انما هناك مجموعة أخري من القواعد هي القواعد الدينية والأخلاقية وقواعد المجاملات واغلبها ينبثق من التقاليد و الثوابت الدينية التي تتكون وتتشكل عبر سنوات طويلة ولاشك ان هذه الثوابت تمثل بناء اخلاقيا يحدد مسيرة المجتمع .
والملاحظ أننا في مصر لم نفرط فقط في الثوابت الدينية والأخلاقية ، إنما فرطنا أيضا في درجة التزامنا بالقواعد القانونية وكما يقول الكاتب الكبير فاروق جويدة " اصبح من حق كل من هب ودب ان يتحدث فى اى شىء حتى وصلنا الى المساس بالثوابت الدينية والأخلاقية وتداخلت الرؤى والأدوار والأفكار ووجدنا انفسنا امام مجتمع فقد كل ثوابته وفرط فى كل مرجعياته " ويؤكد الكاتب الكبير علي ظاهرة عدم إحترام القواعد بأنواعها المختلفه بالقول " ومنذ تراجعت سطوة القوانين امام طغيان البعض انقسم المجتمع على نفسه واصبحت القوانين لا تطبق إلا على مجموعات من الأشخاص بينما اختفت مجموعات اخرى لأنها اكبر من كل القوانين..لم تعد سلطة القانون هى الحكم بين الناس واصبح الغنى قادرا على ان يصنع قانونا لنفسه او يتجاوز كل القوانين واصبح الفقير قادرا على ان يطبق القانون بطريقته وانسحبت من الساحة اهم واخطر المرجعيات فى حياة الشعوب والأمم وهى القوانين "
وللأسف مع إنتشار ثقافة عدم إحترام الفانون و الثوابت الأخلاقية فقد سقطت مبادئ كثيرة فى مقدمتها تكافؤ الفرص ومبدأ المساواة بين ابناء الوطن الواحد، ولعل أخطر النتائج التي ترتبت علي ذلك هو الشعور بإفتقاد العدالة الاجتماعية التي تعد أهم مقومات الإستقرار الإجتماعي والإقتصادي.
لذا فإنه من الأهمية أن تكون أحد أهم الأولويات الحكومة هو الحزم في تطبيق القانون علي ان يتعاون معها منظمات المجتمع المدني وأجهزة الإعلام المتعددة في توعية الأفراد بأهمية إحترام القانون للإستقرار والشعور بالأمن والآمان وأن ذلك شرط اساسي لإستكمال مسيرة التنمية الاقتصادية والمجتمعية وتحقيق التقدم المرغوب