مهاتير محمد – نموذج يُحتذى د. هالة ضرغام
تٌرى ما السر في هذا الرجل الاسيوي الذي انتشل بلاده من فقر مدقع وبيوت من قش وطين وعائلات تتصارع ليرفعها إلى مصاف الدول الكبرى؟
كيف استطاع مهاتير محمد ان يحول ماليزيا من بلد زراعي فقير الى نمر آسيوي يصدر التكنولوجيا للعالم؟
يتحدث الكثيرون عن المعجزة الماليزية بانبهار وتعجب ولا يدرون انه قد ولى زمن المعجزات وبقى زمن الفعل الانساني القائم على توحد إرادة قائد مع قدرات شعب تم شحذ إرادته.
لقد اعجب مهاتير بتجربة محمد علي في مصر وما حققه من نهضة زراعية وصناعية في وقت قياس ما بين 1805 - 1840 ووعى الدرس فركز على النطاق الوطني الداخلي حتى لايثير غضب او يلفت انتباه القوى الكبرى لمحاربة اقتصاده الوليد حتى لا تتكالب عليه الدول الغربية لاضعافة وهزيمته مثلما فعلت مع محمد علي.
كذلك اعجب مهاتير بالتجربة اليابانية التي قامت على دراسة المناهج التطبيقية في اوروبا وامريكا وروسيا والتي اختارت افضلها وجعلت التعليم مجانيا وبنت اول جامعة في طوكيوعام 1890، تلك التي اصبحت واحدة من افضل 6 جامعات على مستوى العالم. حتى بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية عام 1946 لم تتأثر قوة اليابان الاقتصادية بالرغم من القضاء على قوتها العسكرية واحتفظت اليابان بهويتها وثقافتها.
بدأ مهاتير محمد رحلة التنمية عام 1981 وانفتح على جميع التجارب الانسانية وفق خطط طموحة لا تعترف بالفشل فبدأ بالتعليم الذي يعده اللبنة الاساسية لبناء المجتمع الجديد، فماذا فعل للتعليم؟
لقد عمل مهاتير على توفير البيئة والمناخ المواتي للتنمية من خلال التركيز على كل من نظم التعليم ومنظومة القيم مع عدم اغفال المعايير الاخلاقية. لقد قامت فلسفة التعليم في ماليزيا على استثمار القيم الثقافية في التعليم والاهتمام بالارتقاء بمستوى المعلم وتنقية المناهج وتطويرها
والاهم من ذلك هو المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات المرحلة. فقد ربط التعليم بالعمل وتم توجيه التعليم في المدارس والجامعات الى الحاجات الحقيقية للمجتمع بحيث يتخرج الطالب وهو يعلم انه سوف يجد وظيفة فهناك حاجة لما تعلمه. وتم ارساء اسس للتعاون مع جامعة هارفارد لوضع قاعدة معلومات.