ليلة القدر
ها نحن على عتبات العشر الأواخر من هذا الشهر العظيم وعندها وقف المؤمنون يتربصون العطايا والمنح من رب العزة سبحانه فهذا رسولنا صلى الله عليه وسلم تقول عنه عائشة رضي الله عنها:(كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَحْيَا لَيْلَهُ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ) في هذا العشر يفتح الكريم أبواب رحمته وفضله في ليلة وصفها سبحانه بأنها خير من ألف شهر قال سبحانه. (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ، سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ.
لقد جعل الله فيها من المكارم والفضائل تقديراً لها وتشريفاً وذلك في:
◆ كونها الليلة المباركة قال الله، عز وجل: {إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ}
◆ اختصها الله بإنزال القرآن العظيم فيها، فقال: {إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ }
و(القدر) في قوله تعالى: (لَيْلَةِ الْقَدْرِ) تكلم العلماء في معناه فمنهم من قال: أي ليلة التقدير، لان الله تعالى يقدر فيها ما يشاء من أمره، إلى مثلها من السنة القابلة، من أمر الموت والأجل والرزق وغيره. ويسلمه إلى مدبرات الأمور.
وقال الزهري: إنما سميت بذلك لعظمها وقدرها وشرفها، من قولهم: لفلان قدر، أي شرف ومنزلة. وقيل: سميت بذلك لأن للطاعات فيها قدراً عظيماً، وثواباً جزيلاً. وقال أبو بكر الوراق: سميت بذلك لأن من لم يكن له قدر ولا خطْر يصير في هذه الليلة ذا قدر إذا أحياها. وقيل: لأنه ينزل فيها ملائكة ذوو قدر وخطْر. وقال سهل: سميت بذلك لأن الله تعالى قدر فيها الرحمة على المؤمنين. وكل ذلك واقع.
◆ امتنان الله تبارك وتعالى بأن العمل فيها يقابل ويزيد على ألف شهر، عمر رجل معمر عمرًا طويلاً نيفًا وثمانين سنة قال سبحانه {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ }.
قال سفيان الثوري: بَلَغني عن مجاهد: ليلةُ القدر خير من ألف شهر. قال: عَمَلها، صيامها وقيامها خير من ألف شهر.
◆ إن الله سبحانه يكثر من تَنزل الملائكة في هذه الليلة لبركتها، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة، قال تعالى{ تَنزلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ }
◆ جعلها الله سالمة من كل آفة وشر {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}.
◆ من قام ليلتها غفر ذنبه يقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَالَ مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)
ويقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَيُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا قَدْ حُرِمَ)
اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي.