شرط صحة التفتيش الذى تجريه النيابة أو تأذن فى إجرائه بمسكن المتهم.
الحكم كاملاً
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثانى – السنة 8 – صـ 471
جلسة 7 من مايو سنة 1957
برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، وفهيم يسى جندى، والسيد أحمد عفيفى المستشارين.
(130)
القضية رقم 131 سنة 27 القضائية
(أ) تفتيش. شرط صحة التفتيش الذى تجريه النيابة أو تأذن فى إجرائه بمسكن المتهم.
(ب) تفتيش. تنفيذه. صدور الاذن لمعاون المباحث ولمن يعاونه. اعتبار ما أجراه كل من زملائه الذين صاحبوه من تفتيش بمفرده صحيحا.
(جـ) تحقيق. نيابة عامة. معاونو النيابة. صدور القانون رقم 360 سنة 1956 أثناء نظر القضية التى أجرى معاون النيابة تحقيقها. الدفع ببطلان محضر التحقيق. غير سديد.
1 – كل ما يشترطه القانون لصحة التفتيش الذى تجريه النيابة أو تأذن فى إجرائه بمسكن المتهم هو أن لا يلجأ إليه إلا فى تحقيق مفتوح وبناء على تهمة موجهة إلى شخص مقيم فى المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة، أو باشتراكه فى ارتكابها أو إذا وجدت قرائن على أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة.
2 – متى كان وكيل النيابة قد أصدر إذنه لمعاون المباحث ولمن يعاونه من رجال الضبط بتفتيش منازل أو أشخاص ستة من المتهمين فان انتقال الضابط الذى صدر باسمه الاذن مع زملائه الذين صاحبوه لمساعدته على إنجاز التفتيش يجعل ما أجراه كل منهم من تفتيش بمفرده صحيحا لوقوعه فى حدود الاذن الصادر من النيابة والذى خول كلا منهم سلطة إجرائه.
2 – متى كانت القضية التى ندب معاون النيابة لتحقيقها منظورة أمام محكمة الجنايات عندما جعل الشارع بمقتضى القانون رقم 630 سنة 1956 للتحقيق الذى يجريه معاونو النيابة عند ندبهم لإجرائه صفة التحقيق القضائى، فلا يختلف من حيث أثره وقيمته عن التحقيق الذى يجريه غيرهم من أعضاء النيابة فى حدود اختصاصهم، فان الدفع ببطلان محضر التحقيق الذى أجراه لا يكون سديدا.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة 1 – زارع محمد أبو شريف و2 – محمود حسن فايد (الطاعن) بأنهما: أحرزا بقصد الاتجار جواهر مخدرة (حشيشا وأفيونا) فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 1، 2، 7، 33/ أ. و35 من المرسوم بقانون 351 سنة 1952 وبالجدول الملحق به، فقررت الغرفة ذلك، وفى أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات بنى سويف دفع الحاضر عن المتهمين ببطلان إذن التفتيش وما ترتب عليه من إجراءات. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام للثانى وبالمادتين 381/ 1، 304/ 1 من قانون الإجراءات للأول – أولا - : بمعاقبة المتهم محمود حسن فايد المتهم الثانى بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه وثانيا: ببراءة زارع محمد أبو شريف مما أسند إليه وثالثا: مصادرة جميع المخدرات المضبوطة – وقد ردت على أسباب الحكم على الدفع بأنه فى غير محله. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.
المحكمة
.... وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه حين قضى بادانته قد اعتمد الدليل المستمد من تفتيش صدر الاذن به باطلا، وبناء على تحريات غير جدية، وأن الاجراءات التى بوشر بها هذا التفتيش كانت معيبه إذ لم يكن الضابط الذى أجراه مأذونا له بدخول منزل عبده خليل النحاس الذى ضبط فيه الطاعن. هذا إلى بطلان اجراءات التحريز ومحضر تحقيق النيابة، كما ينعى الطاعن على الحكم خطأه فى تطبيق القانون وقصورا فى التسبيب وفى بيان ذلك يقول الطاعن إن المحقق عهد بتحرير محضر التحقيق إلى أحد عساكر البوليس، مع أن القانون أوجب أن يقوم بذلك كاتب من كتاب المحكمة، ولما أبدى الطاعن هذا الدفع للمحكمة ردت عليه ردا لا يرفع عنه مخالفة قانونية، أما بطلان الإذن فلأنه بنى على تحريات غير جدية ولم يجر المحقق من التحقيق ما يكشف عن صدق هذه التحريات، وما قاله الحكم تبريرا لسلامة هذه التحريات وجديتها غير كاف، لأن التحقيق لم يدر الأحوال المصدر السرى وحده، هذا إلى أن الطاعن دفع بأنه لا مصلحة للطاعن فى التمسك ببطلان تفتيش منزل لا يسكنه، فى حين أن الطاعن كان موجودا خلف باب هذا المنزل الذى وقع تفتيشه باطلا ولم يكن فى حالة من حالات التلبس التى تجيز التفتيش وليس فى إلقاء ما يبده وقت مشاهدته الضابط ما ينبئ عن جريمة معينة، كما لم تكن المخدرات ظاهرة للضابط عند ضبطها، هذا فضلا عن أن الذى أجرى التحقيق هو معاون النيابة ولا صفة له فى إجرائه وما يقوم به من تحقيق لا يعتبر إلا من قبيل جمع الاستدلالات، ولما عرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفع قال بأن المحكمة قد أجرت بنفسها تحقيق الدعوى، وهذا القول لا يزيل عن التحقيق الذى أجراه معاون النيابة ما يعتوره من البطلان الناشئ عن أن القانون يمنع احالة الجناية إلى محكمة الجنايات إلا بتحقيق تجريه سلطة مختصة من سلطات التحقيق، وهذا أمر متصل بالنظام العام لا يمكن تصحيح بطلانه عن طريق التحقيق النهائى الذى تجريه المحكمة، يضاف إلى ما تقدم أن المضبوطات ظلت ليلة كاملة بين أيدى رجال البوليس، ولما فضت هذه الأحراز كان فى غير حضور المتهم كما يقضى بذلك قانون الإجراءات الجنائية فى المادة 57 منه، وكذلك لم تحرز المحفظة التى أخذها الصاغ محمود كامل من المتهم قم أعادها إليه بعد دخوله السجن مما هيأ لعابث أن يدس بها قطعة المخدر التى شاهدها معاون النيابة، وقد أثار الدفاع كل ذلك أمام محكمة الموضوع فلم تعن بالرد عليه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله " ان اليوزباشى على محمود يوسف معاون مباحث الواسطى قد دلته تحرياته على أن المتهم الثانى (الطاعن) يتجر فى المادة المخدرة بمعونة آخرين من بينهم المتهم الأول فاستصدر إذن النيابة بتفتيش أشخاصهم ومنازلهم ثم انتقل ومعه الصاغ كامل نائب المأمور وقوة من المركز حيث قام هو بتفتيش منزل المتهم الأول والذى وجد مهجورا خاليا من كل شئ فعثر به على كيس به حشيش وأفيون وميزان ملوث كفتاه بمادة الأفيون، كما توجه الصاغ محمود كامل لتفتيش منزل عبده خليل النحاس أحد الذين شملهم الإذن، وما أن دخله حتى فوجئ بالمتهم الثانى واقفا وراء بابه، ثم رفع يده محاولا إلقاء ما بيده، فأمسك به وضبط معه كيسا به أفيون وحشيش وبين الحكم بعد ذلك الأدلة التى اعتمد عليها فى ثبوت هذه الواقعة فى حق الطاعن، ورد على ما دفع به من بطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية بقوله " أن تحريات اليوزباشى على محمود يوسف قد دلته على أن المتهم الثانى (الطاعن) يتجر فى المخدرات، وقد أصر فى المحضر الذى أجراه وكيل النيابة على اتهام هذا المتهم بتلك الجريمة، وهذا قدر كاف للترخيص بالإذن بالتفتيش ولا يقدح فى ذلك أن لا يسفر التحقيق الذى أجرته النيابة عن أدلة جديدة أكثر مما تضمنه تحريات رجل الضبطية القضائية، وترى المحكمة فى هذا القدر ما يكفى للاذن بالتفتيش" لما كان ذلك وكان كل ما يشترطه القانون لصحة التفتيش الذى تجريه النيابة أو تأذن فى إجرائه بمسكن المتهم هو أن لا يلجأ إليه إلا فى تحقيق مفتوح وبناء على تهمة موجهة إلى شخص مقيم فى المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة، أو باشتراكه فى ارتكابها أو إذا وجدت قرائن على أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة ولا يشترط القانون أن يكون التحقيق الذى تجريه النيابة للتثبت من جدية التحريات قد قطع مرحلة أو استظهر قدرا معينا من أدلة الإثبات، بل ترك تقدير ذلك لسلطة التحقيق تحت رقابة محكمة الموضوع، ومادامت تلك المحكمة قد أقرت كفاية ما أجراه وكيل النيابة من تحقيق يسوغ إجراء التفتيش فإن الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات أو قصور هذا التحقيق لا يكون مقبولا، لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التى أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لأوجه الطعن، أن وكيل النيابة المحقق قد أصدر إذنا لمعاون مباحث مركز الوسطى ولمن يعاونه من رجال الضبط بتفتيش منازل أشخاص ستة من المتهمين الذين شملتهم التحريات ومن بينهم الطاعن وكان إصدار الإذن على هذا النحو ملاحظا ممن أصدره أن التفتيش تناول عدة منازل فى وقت واحد، وأن انتقال الضابط الذى صدر باسمه الإذن مع زملائه الذين صاحبوه لمساعدته فى انجاز التفتيش يجعل ما أجراه كل منهم من تفتيش بمفرده صحيحا لوقوعه فى حدود الإذن الصادر من النيابة والذى خول كلا منهم سلطة إجرائه، كما أن وجود الطاعن فى منزل عبده خليل النحاس عندما قصد إليه الصاغ محمود كامل يجعل التفتيش الواقع عليه وهو بداخل المنزل صحيحا وفى نطاق الإذن الذى شمل من يوجد بهذا المنزل – لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات أيضا أن وكيل النيابة الذى أصدر الإذن قد أثبت فى محضره أن معاون مباحث الواسطى حضر إليه وأنه ندب البلوكامين برسوم سليمان كاتبا للتحقيق وظاهر من ساعة افتتاح هذا المحضر فى السادسة والنصف مساء من يوم 10/ 7/ 1955 أن ندب وكيل النيابة كاتبا آخر غير الكاتب المخصص للتحقيق هو تصرف استدعته الضرورة التى تبيح هذا الندب بالنظر إلى ما يقتضيه التحقيق الذى يسبق هذا الإذن من الإسراع فى إنجازه، ومن ثم يكون التحقيق الذى أجراه وكيل النيابة سليما غير مخالف للقانون. لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات كذلك أن معاون النيابة الذى أجرى التحقيق بعدئذ قد أثبت فى صدر محضره أنه ندب لإجرائه من رئيس النيابة لانتهاء مدة ندب زميل وكيل النيابة، وكان لا جدوى للطاعن مما يثيره فى شأن بطلان هذا التحقيق مادام الثابت فى محضر التحقيق نفسه، أن محاميا حضر معه وجرى التحقيق بحضوره دون أن يعترض الأمر الذى يترتب عليه سقوط حقه فى الدفع بهذا البطلان طبقا لما تنص عليه المادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية وفضلا عن ذلك فإنه عند نظر القضية أمام محكمة الجنايات بتاريخ 9 من أبريل سنة 1956 كان الشارع بمقتضى القانون رقم 630 سنة 1956 قد جعل للتحقيق الذى يجريه معاونو النيابة عند ندبهم لإجرائه كما هو الحاصل فى الدعوى الحالية، صفة التحقيق القضائى فلا يختلف من حيث أثره وقيمته عن التحقيق الذى يجريه غيرهم من أعضاء النيابة فى حدود اختصاصهم، لما كان ذلك، فإن الدفع ببطلان محضر التحقيق الذى أجراه معاون النيابة لا يكون سديدا، ولما كان الشارع حين نص فى المواد 55 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية على تحريز المضبوطات وفضها إنما قصد إلى تنظيم إجراءات ضبط الأشياء تنظيما استهدف به المحافظة على الدليل المادى وعدم إضعاف قوته فى الإثبات ولم يرتب على مخالفة ذلك بطلانا ما – لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن المضبوطات قد بقيت كما هى إلى حين تحريزها ولم يمتد إليها عبث ولما كان لا مصلحة للطاعن فيما يزعمه من أن حافظة نقوده قد غابت عنه حينا مما يسمح بدس قطعة المخدر التى وجدت بها، لا مصلحة للطاعن فيما يزعمه من ذلك مادام الحكم الذى قضى بإدانته قد أسند إليه حيازة كيس كان يحمله فى يده يحتوى على أفيون وحشيش – لما كان ذلك جميعه، فإن ما يثيره الطاعن فى أسباب طعنه لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ساحة النقاش