تفتيش الأمتعة والأشخاص الذين يدخلون إلى الدائرة الجمركية أو يخرجون منها أو يمرون بها هو ضرب من الكشف عن أفعال التهريب استهدف الشارع به صالح الخزانة ويجريه عمال الجمرك وحراسه الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائى فى أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم .
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 12 - صـ 181
جلسة 6 من فبراير سنة 1961
برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد عطية اسماعيل، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدى، وحسن خالد المستشارين.
(28)
الطعن رقم 1958 لسنة 30 القضائية
تهريب جمركى. تفتيش.
خط الجمارك ودائرة المراقبة الجمركية. ماهية كل منهما.
مأمور الضبط القضائى. من لهم هذه الصفة. القوانين رقم 9 لسنة 1905 و 114 لسنة 1953 و 623 لسنة 1955.
سلطتهم. ماهية تفتيش الأمتعة والأشخاص داخل دائرة المراقبة الجمركية. هو من وسائل الرقابة للكشف عن الجرائم. لا اعتداد بالرضا بالتفتيش. مناط القيام به. توافر شبهة قيام جريمة تهريب جمركى بالمعنى الوارد فى القانون 623 لسنة 1955. دون تقيد بقواعد القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية. أسباب ذلك. زوال الصفة المدنية لأفعال التهريب وإلحاقها بجرائم القانون العام غير مؤثر. علة ذلك. الطبيعة الخاصة لجرائم التهريب الجمركى وما تقتضيه. إلغاء أحكام التهريب المنصوص عليها فى اللائحة الجمركية وكل ما يخالف نصوص القانون 623 لسنة 1959 لا يشمل الأحكام الإجرائية الخاصة بالكشف عنها.
منطقة التهريب الجمركى. ماهيتها وتقديرها.
1 - يبين من استقراء نصوص اللائحة الجمركية والقوانين المعدلة لها ومما أصدرتها مصلحة الجمارك من تعليمات فى خصوص تطبيق أحكام هذه اللائحة أن سواحل "البحر المالح" والحدود الفاصلة بين القطر المصرى والبلاد المجاورة له تعتبر خطا للجمارك، أما منطقة المراقبة فهى دائرة معينة حددها القانون لإجراء الكشف والتفتيش والمراجعة، وهى دائرة مغلقة وأكد إغلاقها القانون رقك 354 لسنة 1956 بشأن حظر دخول الدوائر الجمركية بالمطارات والموانى الذى حظر دخولها بغير إذن من وزير الحربية و من ينيبه أو بمقتضى جواز سفر مستوف.
2 - أسبغ القانون رقم 9 لسنة 1905 فى شأن منع تهريب البضائع صفة الضبط القضائى على موظفى الجمارك وعمالها أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم، وبقيت لهم هذه الصفة إعمالا لنص المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون 243 لسنة 1953، كما أيد القانون رقم 623 لسنة 1955 بأحكام التهريب الجمركى هذه الصفة بالنسبة إلى موظفى الجمارك ولكل موظف يصدر بتعيينه قرار من "وزير المالية والاقتصاد"، وأضفاها القانون رقم 114 لسنة 1953 على الضباط وضباط الصف بمصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين والوائح المعمول بها فى الأقسام والجهات الخاضعة لاختصاص مصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد.
3 - أخضع الشارع الدائرة الجمركية - نظرا إلى طبيعة التهريب الجمركى - لإجراءات وقيود معلومة - منها تفتيش الأمتعة والأشخاص الذين يدخلون إليها أو يخرجون منها أو يمرون بها بصرف النظر عن رضاء هؤلاء الأشخاص بهذا التفتيش أو عدم رضائهم به.
4 - تفتيش الأمتعة والأشخاص الذين يدخلون إلى الدائرة الجمركية أو يخرجون منها أو يمرون بها هو ضرب من الكشف عن أفعال التهريب استهدف الشارع به صالح الخزانة ويجريه عمال الجمرك وحراسه - الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائى فى أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم - لمجرد قيام مظنة التهريب فيمن يوجدون بمنطقة المراقبة دون أن يتطلب الشارع توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية واشتراط وجود الشخص المراد تفتيشه فى إحدى الحالات المبررة له فى نطاق الفهم القانونى للمبادئ المقررة فى هذا القانون. وقد أفصح الشارع عن مراده بما نص عليه فى المادة الثانية من اللائحة الجمركية المعدلة أخيرا بالقانون رقم 65 لسنة 1959 والمادتين 7 و 35 فى بنودها الرابعة والخامسة والسادسة والثامنة والمادة 41 من اللائحة المذكورة المعدلة بالقانون رقم 89 لسنة 1933. ومؤدى هذه النصوص مجتمعة هو أن حق عمال الجمارك وحراسه فى الكشف والتفتيش فى حدود دائرة المراقبة الجمركية أمره يقره القانون - على أن هذا الحق فى خصوص تفتيش الأشخاص ليس مطلقا بل يجب أن يمارس المخاطبون به فى نطاق ما يصادفهم من حالات تنم عن شبهة فى توافر التهريب الجمرك فيها - فى الحدود المعرف بها قانونا طبقا لما نص عليه أخيرا فى القانون رقم 623 لسنة 1955 بأحكام التهريب الجمركى - ولا يقدح فى هذا النظر زوال الصفة المدنية لأفعال التهريب فى ظل خضوعها لأحكام اللائحة الجمركية حين ألحقت بجرائم القانون العام عملا بالقانون رقم 623 لسنة 1955 وما يترتب على ذلك من إخضاع هذه الجرائم للأحكام المقررة فى قانون الإجراءات الجنائية من حيث التحقيق وما يندرج تحته من قبض وتفتيش، ذلك بأن أفعال التهريب الجمركى وإن أدخلت فى زمرة الجرائم إلا أنها لا تزال تحمل فى طياتها طابعا خاصا مميزا لها عن سائر الجرائم - وهو ما أشار إليه الشارع فى المذكرة الإيضاحية المصاحبة للقانون رقم 623 لسنة 1955، وتمشيا مع هذا الاتجاه اختط الشارع خطة التوسع فى تجريم أفعال التهريب الجمركى إلى ما يسبق نطاق الشروع فى الجريمة، وهذا الاتجاه من الشارع من تناول مجرد محاولة التهريب بالعقاب - وهى مرحلة دون الشروع تقع بين الأعمال التحضيرية والبدء فى التنفيذ - يدل بذاته على الطبيعة الخاصة لهذه الجرائم ويؤكد خضوعها لحالات مغايرة للمفاهيم المتواضع عليها بالنسبة إلى باقى الجرائم. ومن الواضح أن إلغاء أحكام التهريب المنصوص عليها فى اللائحة الجمركية وكل ما يخالف نصوص القانون رقم 623 لسنة 1955 لا يشمل الأحكام الإجرائية الخاصة بالكشف عنها.
5 - الشبهة فى توافر التهريب الجمركى حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معه فى العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود فى حدود دائرة المراقبة الجمركية، ومتى أقرت محكمة الموضوع أولئك الأشخاص فيما قام لديهم من اعتبارات أدت إلى الاشتباه فى الشخص محل التفتيش - فى حدود دائرة المراقبة الجمركية - على توافر فعل التهريب فلا معقب عليها فى ذلك.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه جلب إلى الجمهورية المصرية أفيونا بغير إذن من وزارة الصحة العمومية وفى غير الأحوال المنصوص عليها قانونا. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1، 2، 33ج وأخيرة، 35 من المرسوم بقانون 351 لسنة 1952 والبند 1 من الجدول الملحق بهذا المرسوم. فقررت بذلك وأمام محكمة الجنايات دفع الحاضر عن المتهم ببطلان القبض والتفتيش وما ترتب عليهما من إجراءات، والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام ماعدا المادة 33ج وأخيرة وبدلا عنها المادة 34 بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ خمسمائة جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.
المحكمة
... حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه انطوى على قصور فى التسبيب وفساد وخطأ فى الاستدلال كما أخطأ فى تطبيق القانون وفى تأويله حين دان الطاعن بجريمة إحراز مخدر بقصد التعاطى ذلك أن المدافع عنه تمسك بعدم علمه بالمخدر الذى ضبط بداخل علبة السجاير التى عثر عليها فى جيب ردائه الخارجى وبأنه مدسوس عليه ولكن الحكم أطرح هذا الدفاع تأسيسا على محاولة الطاعن الخروج من الجمرك قبل التفتيش تقطع بأنه كان يحاول تهريب أشياء محظور إحرازها وافترض الحكم أن علبة السجاير مملوكة للطاعن ورتب على هذا الفرض الذى لا تسانده الأوراق استحالة نزعها من جيبه وردها إليه ثانية بعد وضع المخدر بها. وهذا الذى ذهب إليه الحكم لا يصلح ردا لقيامه على فروض احتمالية ينفيها ما ورد على لسان الشهود الذين حصل الحكم أقوالهم من أن الطاعن كانت معه مهربات جمركية مما يجعل الأقرب إلى الظن إتجاه قصده إلى محاولة الخروج بهذه المواد - التى لا تعد حيازتها فى ذاتها جريمة - من دائرة الجمرك لأن المحظور هو عدم أداء الرسوم المقررة عليها، فضلا عن أن الطاعن أنكر ملكيته لعلبة السجاير المضبوطة والتفت الحكم عن الاستيثاق من ملكيته لها. كما أنه بعد أن استبعد الحكم عن الطاعن جلب المخدر إلى أراضى الجمهورية كما ذهب الاتهام فى وصف التهمة افترض اتصال الطاعن بشخص ما فى داخل الدائرة الجمركية وحصوله منه على هذا المخدر، وهذا الفرض، فضلا عن أنه لا مأخذ له من الأوراق فإنه لا يصلح دليلا على ركن العلم بحقيقة الجوهر المخدر المضبوط أو سندا للإدانة التى يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الفروض الاحتمالية. هذا إلى أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان القبض والتفتيش لانعدام موجبهما وعدم توافر حالة الاشتباه فى حق الطاعن التى تسوغ ذلك ورد الحكم بأن لائحة الجمارك والمرسوم الصادر فى 27/ 12/ 1938 صريحان فى تخويل موظفى الجمارك ورجال خفر السواحل الحق فى تفتيش الأمتعة والأشخاص فى حدود الدائرة الجمركية وبصحة الإستدلال بما يكشف عنه هذا التفتيش من جرائم غير جمركية يعاقب عليها القانون العام. وما ذكره الحكم من ذلك يجافى التأويل الصحيح للقانون إذ أن حق رجال الجمارك فى التفتيش ليس مطلقا بل إنه مقيد بالقواعد العامة التى تنظم القبض والتفتيش ولما كانت المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية لا تجيز لمأمور الضبط القضائى القبض على شخص إلا إذا وجدت دلائل كافية على إتهامه بارتكاب جريمة فى الأحوال التى نصت عليها المادة المذكورة فقد تمسك المدافع عن الطاعن بأنه لم يكن سمة ما يدعو إلى الإشتباه فى أمره مما ينفى عنه قيام الدلائل التى ينبئ ظاهرها عن احتمال ارتكابه جريمة مما تسوغ القبض عليه ولم يتصد الحكم لبيان توافر تلك الحالة فى شأنه، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فى قوله إنه "فى مساء يوم 22/ 7/ 1958 وأثناء مرور الأمباشى عبد الفتاح مرسى بنه من قوة مخابرات السواحل بدائرة جمرك بور سعيد شاهد المتهم (الطاعن) بداخل الدائرة الجمركية فى طريقه إلى الباب رقم 20 جمرك بور سعيد ودون مروره على حجرة معاون الجمرك فاشتبه فى أمره واقتاده للضابط النوبتجى الملازم أول حلمى توفيق تهامى من قوة حرس جمرك بور سعيد الذى أمره بتفتيشه أمامه ففعل وقد عثر فى جيب سترته الأيمن الخارجى على علبة سجاير بها سجاير وأربع لفافات من الأفيون زنتها 17.80 جراما كما عثر معه على مهربات جمركية " وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو أدلة مستمدة من شهادة الشاهدين سالفى البيان ومما ثبت من تقرير المعامل بمصلحة الطب الشرعى عند تحليل المادة المضبوطة مع الطاعن ومما قرره الأخيرة فى جميع أدوار التحقيقات من ضبط المادة المخدرة معه معللا ذلك بأن أحدا من البحارة قد دسها له، وهى أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وتتوافر بها كافة العناصر القانونية للجريبمة التى دين الطاعن بها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن الموضوعى القائم على دس المخدر له من أحد زملائه البحارة ورد عليه بما يفنده ثم تناول الدفع ببطلان القبض والتفتيش فرد عليه فى قوله "وبما أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش فى غير محله إذ لا جدال فى ضبط المتهم (الطاعن) بداخل الدائرة الجمركية ولائحة الجمارك والمرسوم الصادر فى 27/ 12/ 38 صريحان فى تخويل موظفى الجمارك وحرسه رجال خفر السواحل الحق فى تفتيش الأمتعة والأشخاص فى حدود الدائرة الجمركية فإذا عثر أحدهم أثناء التفتيش الذى يجريه عن دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها فى القانون العام فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم فى تلك الجرائم لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع خولته اللوائح والقوانين ولم ترتكب فى سبيل الحصول عليه أية مخالفة" وخلص الحكم من ذلك إلى رفض الدفع وانتهى إلى أن الطاعن قد أحرز الأفيون المضبوط وهو عالم بنكهه وذلك بقصد التعاطى مستبعدا ما جاء بوصف التهمة من أن الإحراز كان بغرض جلبه إلى أراضى الجمهورية العربية، واستدل على ذلك بأنه ضبط بداخل الدائرة الجمركية ولا يوجد ما ينفى اتصاله بأحد بعد نزوله من الباخرة وحصوله على المخدر بقصد التعاطى. لما كان ذلك، وكان الدفاع بأن التهمة ملفقة على المتهم هو من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب فى الأصل ردا صريحا إذ يكفى للرد عليه ما أورده الحكم من أدلة الثبوت السائغة، ومع ذلك فإن ما أورده الحكم وهو فى معرض التصدى لتفنيد هذا الدفع يصلح للرد عليه. لما كان ذلك، وكان ما ذكره الحكم ردا على الدفع ببطلان القبض والتفتيش صحيحا فى القانون ذلك أنه يبين من استقراء نصوص اللائحة الجمركية الصادرة بالأمر العالى فى 2 من أبريل سنة 1884 والقوانين المعدلة لها ومما أصدرته مصلحة الجمارك من تعليمات فى خصوص تطبيق أحكام هذه اللائحة أن سواحل "البحر المالح" والحدود الفاصلة بين القطر المصرى والبلاد المجاورة له تعتبر خطا للجمارك أما منطقة المراقبة فهى دائرة معينة حددها القانون لإجراء الكشف والتفتيش والمراجعة - وهى دائرة مغلقة وأكد إغلاقها القانون رقم 354 لسنة 1956 بشأن حظر دخول الدوائر الجمركية بالموانى والمطارات الذى حظر دخولها بغير إذن من وزير الحربية أو من ينيبه أو بمقتضى جواز سفر مستوف - وقد أسبغ القانون رقم 9 لسنة 1905 فى شأن منع تهريب البضائع صفة الضبط القضائى على موظفى الجمارك وعمالها فى أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم وبقيت لهم هذه الصفة إعمالا لنص المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 243 لسنة 1953 كما أيد القانون رقم 623 لسنة 1955 بأحكام التهريب الجمركى هذه الصفة بالنسبة إلى موظفى الجمارك ولكل موظف يصدر بتعيينه قرار من "وزير المالية والاقتصاد" وأضفاها القانون رقم 114 لسنة 1953 على الضباط وضباط الصف بمصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها فى الأقسام والجهات الخاضعة لاختصاص مصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد. ومفاد هذه النصوص أن الشارع أخضع دائرة المراقبة الجمركية نظرا إلى طبيعة التهريب الجمركى - لإجراءات وقيود معلومة منها تفتيش الأمتعة والأشخاص الذين يدخلون إليها أو يخرجون منها أو يمرون بها بصرف النظر عن رضاء هؤلاء الأشخاص الذين يدخلون إليها أو يخرجون منها أو يمرون بها بصرف النظر عن رضاء هؤلاء الأشخاص بهذا التفتيش أو عدم رضائهم به. وهذا الإجراء هو ضرب من الكشف عن أفعال التهريب استهدف الشارع به صالح الخزانة ويجريه عمال الجمرك وحراسه ممن سلف بيانهم لمجرد قيام مظنة التهريب فيمن يوجدون بمنطقة المراقبة دون أن يتطلب الشارع توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية واشترط وجود الشخص المراد تفتيشه فى إحدى الحالات المبررة له فى نطاق الفهم القانونى للمبادئ المقررة فى هذا القانون. وقد أفصح الشارع عن مراده حين نص فى المادة الثانية من اللائحة الجمركية المعدلة أخيرا بالقانون رقم 56 لسنة 1959 على أن تخزين ونقل البضائع التى قطعت خط الجمارك فى حدود دائرة المراقبة - يكونان تحت "مراقبة" عمال الجمارك وأن للجمرك حق "الكشف" "والتفتيش" على القوافل المارة فى الصحراء متى اشتبه بأنها تزاول تجارة يمنعها القانون، وحين نص فى المادة السابعة من اللائحة المذكورة على حق الجمرك فى "الكشف" على جميع الطرود، وحين نص فى البند الرابع من المادة 35 على اعتبار البضائع الأجنبية الموجودة مع أفراد الناس أو بين عفشهم أو فى القوارب أو فى العربات والبضائع المخفاة داخل طرود المفروشات أو طرود بضائع من جنس آخر - مهربة متى كان وضعها بطريقة تحمل على الظن بتعمد تهريبها من رسوم الجمرك، وحين نص فى البنود "خامسا" و "سادسا" و "ثامنا" من المادة المذكورة على اعتبار البضائع الأجنبية المأخوذة من الجمرك بدون إذن إفراج والمودعة الصحراء خارج خط الجمارك فى حالة توجب "الشبهة" من قبيل البضائع المهربة، وكذلك الحال بالنسبة إلى جميع البضائع المقرر عليها رسوم صادر التى تخرج أو يشرع فى إخراجها بدون إحضارها إلى الجمرك، وحين نص فى المادة 41 المعدلة بالقانون رقم 89 لسنة 1937 على أنه فى حالة وجود "شبهة احتيال" يجوز للمستخدمين الكشف والتفتيش داخل المساكن والمخازن حتى حدود المراقبة ولا يكون ذلك إلا بقصد البحث عن البضائع الممنوعة أو المهربة من دفع الرسوم وضبطها إذا دعت الحال ونظمت المادة المذكورة إجراءات هذا الكشف والتفتيش. ومؤدى هذه النصوص مجتمعة هو أن حق عمال الجمارك وحراسه سالفى البيان فى الكشف والتفتيش فى حدود دائرة المراقبة الجمركية أمر يقره القانون على أن هذا الحق فى خصوص تفتيش الأشخاص ليس مطلقا بل يجب أن يمارسه المخاطبون به فى نطاق ما يصادفهم من حالات تنم عن شبهة فى توافر التهريب الجمركى فيها - فى الحدود المعرف بها قانونا طبقا لما نص عليه أخيرا القانون رقم 623 لسنة 1955 بأحكام التهريب الجمركى - لما كان ذلك، وكانت الشبهة المقصودة فى هذا المقام هى حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها فى العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود فى حدود دائرة المراقبة الجمركية - ومتى أقرت محكمة الموضوع أولئك الأشخاص فيما قام لديهم من اعتبارات أدت إلى الاشتباه فى الشخص محل التفتيش - فى حدود دائرة المراقبة الجمركية - على توافر فهل التهريب فلا معقب عليها فى ذلك. ولا يقدح فى هذا النظر زوال الصفة المدنية لأفعال التهريب فى ظل خضوعها لأحكام اللائحة الجمركية حين ألحقت بجرائم القانون العام عملا بالقانون رقم 623 لسنة 1955 بأحكام التهريب الجمركى الذى ألغى أحكام التهريب التى كان منصوصا عليها فى اللائحة الجمركية وكل ما يخالفه من أحكام ونقل اختصاص الفصل فيها من اللجان الجمركية إلى المحاكم الجنائية، وما يترتب على ذلك من إخضاع هذه الجرائم للأحكام المقررة فى قانون الإجراءات الجنائية من حيث التحقيق وما يندرج تحته من قبض وتفتيش، ذلك بأن أفعال التهريب الجمركى وإن أدخلت فى زمرة الجرائم إلا أنها لا تزال تحمل فى طياتها طابعا خاصا مميزا لها عن سائر الجرائم وهو ما أشار إليه الشارع فى المذكرة الإيضاحية المصاحبة للقانون رقم 623 لسنة 1955 إذ قال تبريرا لإصدار هذا القانون. "ونظرا إلى تقادم العهد على صدور اللائحة الجمركية فى 2 أبريل سنة 1884 فقد رؤى سن قانون بتنظيم أحكام التهريب يتمشى مع ما بلغته البلاد فى نهضتها الحاضرة ويكفل المحافظة على موارد الخزانة العامة من الرسوم والعوائد الجمركية ويحمل التجار على احترام القيود المفروضة على الاستيراد والتصدير". وتمشيا مع هذا الاتجاه إختط الشارع خطة التوسع فى تحريم أفعال التهريب الجمركى إلى ما يسبق نطاق الشروع فى الجريمة - إذ نص هذا القانون فى مادته الثانية على تجريم التهريب والشروع فيه أو محاولة ذلك وهذا الاتجاه من الشارع من تناول مجرد محاولة التهريب بالعقاب - وهى مرحلة دون الشروع تقع بين الأعمال التحضيرية والبدء فى التنفيذ يدل ذاته على الطبيعة الخاصة لهذه الجرائم ويؤكد خضوعها لحالات مغايرة للمفاهيم المتواضع عليها بالنسبة إلى باقى الجرائم. ومن الواضح أن إلغاء أحكام التهريب المنصوص عليها فى اللائحة الجمركية وكل ما يخالف نصوص القانون رقم 623 لسنة 1955 لا يشمل الأحكام الإجرائية الخاصة بالكشف عنها طبقا لما سلف بيانه. لما كان ذلك، فان التفتيش الذى وقع على الطاعن فى نطاق دائرة المراقبة الجمركية من أمباشى خفر السواحل - وهو من ضباط الصف - بحضور الملازم أول حلمى توفيق تهامى من قوة حرس جمرك بور سعيد. وكليهما من مأمورى الضبط القضائى، يكون قد وقع صحيحا لما أثبته الحكم من اشتباه الجندى المذكور فى أمر الطاعن بعد أن شاهده بداخل الدائرة الجمركية يسير مساء فى طريقه إلى باب الجمرك دون مروره على حجرة معاون الجمرك دون انتظار تفتيش أمتعته مما يبرر تفتيشه لقيام مظنة التهريب فى حقه. وإذ أنتج هذا التفتيش دليلا يكشف عن جريمة إحراز جوهر مخدر فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على تلك الجريمة على اعتبار أنه نتيجة إجراء مشروع قانونا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تتبين الواقعة على حقيقتها وأن ترد الحادث إلى صورته الصحيحة من مجموعة الأدلة المطروحة عليها دون تفنيد فى هذا التصوير بدليل بعينه أو بشهود بذواتهم ولو كان ذلك بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية مادام ذلك سليما متفقا مع حكم العقل والمنطق، فلا يضير الحكم أن يستنتج إحراز الطاعن للمخدر المضبوط من اتصاله بأحد بعد نزوله من الباخرة وحصوله عليه بقصد التعاطى مادام هذا الذى استخلصه الحكم لا تنفيه ظروف الواقعة وملابساتها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دلل تدليلا سائغا على إحراز الطاعن للجوهر المخدر المضبوط وعلمه بحقيقته فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يعدو الجدل فى سلطة محكمة الموضوع وتقدير الأدلة مما لا معقب عليها فيه. لما كان ما تقدم، فإن ما ينعاه الطعن على الحكم المطعون فيه لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ساحة النقاش