تنص المادة 50 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه لا يجوز التفتيش إلا للبحث عن الأشياء الخاصة بالجريمة الجارى جمع الاستدلالات أو حصول التحقيق بشأنها فإذا ظهر أثناء تفتيش صحيح وجود أشياء تعد حيازتها جريمة أو تفيد فى كشف الحقيقة فى جريمة أخرى، جاز لمأمور الضبط القضائى أن يضبطها، بشرط أن تظهر عرضا أثناء التفتيش ودون سعى يستهدف البحث عنها.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثانى - السنة 12 - صـ 457
جلسة 17 من أبريل سنة 1961
برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفى، وتوفيق أحمد الخشن، وعبد الحليم البيطاش، ومحمود اسماعيل المستشارين.
(84)
الطعن رقم 49 لسنة 31 القضائية
تفتيش: متى يصح. ومتى يبطل؟
يصح التفتيش بتنفيذه فى حدود الإذن الصادر به: بضبط الأشياء الخاصة بالجريمة موضوع التحقيق وبضبط ما يظهر عرضا.
ويبطل بالتعسف فى تنفيذه: بالسعى فى البحث عن جريمة أخرى.
القصد من التفتيش. مسألة موضوعية.
تنص المادة 50 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه لا يجوز التفتيش إلا للبحث عن الأشياء الخاصة بالجريمة الجارى جمع الاستدلالات أو حصول التحقيق بشأنها - فإذا ظهر أثناء تفتيش صحيح وجود أشياء تعد حيازتها جريمة أو تفيد فى كشف الحقيقة فى جريمة أخرى، جاز لمأمور الضبط القضائى أن يضبطها، بشرط أن تظهر عرضا أثناء التفتيش ودون سعى يستهدف البحث عنها. ولما كان الأمر المطعون فيه قد أسس قضاءه ببطلان التفتيش على أن العثور على المخدر إنما كان نتيجة التعسف فى تنفيذ إذن التفتيش بالسعى فى البحث عن جريمة أخرى لا علاقة لها بالجريمة التى جرى فيها التحقيق، وكان تقدير القصد من التفتيش أمر تستقل به محكمة الموضوع ولها أن تستشفه من ظروف الدعوى وقرائن الأحوال فيها دون معقب، فإن ما تثيره النيابة فى طعنها لا يكون له محل.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: حاز جواهر مخدرة (حشيشا) بدون ترخيص. وطلبت عقابه بالمواد 1 و 2 و 33ج و 35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول المرفق. وبتاريخ 24 ديسمبر سنة 1959 قررت غرفة الاتهام بأن لا وجه لإقامة الدعوى. فطعنت الطاعنة (النيابة العامة) فى هذا القرار بطريق النقض... الخ.
المحكمة
... وحيث إن النيابة العامة تنعى على الأمر المطعون فيه الصادر من غرفة الاتهام أنه أخطأ فى تطبيق القانون - وفى بيان ذلك تقول إنها قدمت المطعون ضده إلى غرفة الإتهام لإحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته عن جريمة حيازة جواهر مخدرة "حشيش" بدون ترخيص. فأمرت الغرفة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوة الجنائية لعدم كفاية الأدلة قبل المتهم، مستندة فى ذلك إلى أن السيد رئيس مباحث التموين قد ندب من النيابة لضبط ما يوجد فى حيازة المتهم من شاى غير معبأ فى باكوات قانونية وإذا كانت النيابة قد أذنت له بالتفتيش لغرض معين فليس له أن يتجاوز هذا الغرض إلى التفتيش لغرض آخر. وتقول النيابة "الطاعنة" إن الورقة التى بها المخدر عثر عليها بين طيات فراش المتهم "المطعون ضده"، ومن المقرر أنه إذا دخل مأمور الضبط القضائى مسكن المتهم بوجه قانونى لتفتيشه فله أن يفتش المواضع التى يرى حسب تقديره لزوم تفتيشها لضبط الأشياء التى قصد ضبطها تنفيذا لأمر التفتيش، وضبط كل ما يفيد فى كشف الحقيقة كأوراق تتضمن اعترافا بالجريمة التى صدر بصدرها أمر التفتيش، أو بيانات عنه، كما أن من حقه أن يضبط كل جريمة يكتشف أمرها أثناء إجراءات التفتيش، فإذا كان مأمور الضبط القضائى المأذون له بتفتيش مسكن المتهم قد وجد أثناء التفتيش لضبط شاى غير معبأ فى باكوات قانونية - ورقة فى ملابسه أو بين طيات فراشه فإن من حقه بل لزاما عليه ضبطها لعلها تكتشف عن إقرارات أو بيانات أو عبارات تقطع بارتكاب المتهم للجريمة الصادر عنها أمر التفتيش دون أن يعد متجاوزا حدود القانون.
وحيث إنه يبين من مراجعة القرار المطعون فيه أن محصل الواقعة هو أن رئيس مباحث التموين تقدم بمحضر ضمنه تحريات عن ارتكاب بعض الأشخاص لمخالفات تموينية بالنسبة لمادة الشاى ومن بين هؤلاء الأشخاص المطعون ضده وطلب من نيابة أمن الدولة لمديرية القليوبية ندبه لتفتيش هؤلاء المخالفين ومحالهم ومنازلهم فندبه وكيل نيابة أمن الدولة لتفتيشهم وتفتيش محالهم ومنازلهم لضبط ما يحرزون من شاى غير معبأ فى باكوات قانونية وقام رئيس المباحث تنفيذا لأمر الندب إلى منزل المطعون ضده وفتشه فعثر بالحجرة المخصصة لنومه على كيسين بهما شاى غير معبأ وعلى أكياس فارغة معدة للتعبئة وعثر بين حشى السرير وأسفل وسادته على علبة كبريت فتحها فوجد بداخلها قطعتين من مادة الحشيش. واستند القرار المطعون فيه فى قضائه بقبول الدفع ببطلان التفتيش وبأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المتهم لعدم كفايته الأدلة إلى القول بأن رئيس مباحث التموين وقد رخصت له النيابة بالتفتيش لغرض معين فليس له أن يتجاوز هذا الغرض من التفتيش لغرض آخر وأنه إذا كان لمن يقوم بالتفتيش أن يضبط جريمة متلبسا بها متى كانت حالة التلبس قائمة فإن ذلك يشترط أن لا يكون الكشف عن حالة التلبس راجعا إلى التعسف فى تنفيذ إذن التفتيش، ثم ذكر القرار أنه ترتيبا على ما تقدم يكون رئيس مباحث التموين المندوب لتفتيش منزل المتهم لضبط ما يوجد فى حيازته من شاى غير معبأ وقد عثر بين طيات فراش المتهم على علبة كبريت قام بفضها فعثر فيها على المخدر يكون قد جاوز الغرض المرخص له من أجله بالتفتيش، إذ لا يتصور أن يكون المتهم قد أخفى الشاى بعلبة الكبريت المضبوطة، كما أن حالة التلبس لم تكن قائمة وقت الضبط إذ لم يكن له أن يفض علبة الكبريت مادام أنه من غير المعقول أن تحوى شايا، ومن ثم يكون رئيس المباحث قد قام بعمل إيجابى فى الكشف عن حالة تلبس لم تكن قائمة مصادفة متعسفا فى تنفيذ إذن التفتيش الصادر له من النيابة تحدوه فى ذلك الخصومة السابقة بين المتهم ورجال مكتب التموين والثابتة بمقتضى محضر الجنحة الرقيم 2067 سنة 1957 طوخ ومن ثم يكون التفتيش بالنسبة للمخدر المضبوط باطلا، ويقتضى بطلان التفتيش عدم التعويل على أى دليل مستمد منه، والدعوى خلو من أدلة أخرى غير هذا الدليل. وقضاء ذلك أن غرفة الاتهام بما لها من سلطة تقدير الوقائع والأدلة قد استيقنت أن رئيس مباحث التموين لم يقصد من التفتيش الذى أسفر عن ضبط علبة الثقاب وفضها البحث عن الشاى أو البحث عن الأدلة المتعلقة بالجريمة التى جرى التحقيق بشأنها، وإنما قصد البحث عن جريمة أخرى لا صلة لها بالجريمة التى صدر عنها أمر التفتيش، ولما كان هذا القول من الأمر المطعون فيه سائغا وصحيحا فى القانون، ذلك لأن المادة 50 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه لا يجوز التفتيش إلا للبحث عن الأشياء الخاصة بالجريمة الجارى جمع الاستدلالات أو حصول التحقيق بشأنها وكان من المقرر أنه إذا ظهر أثناء تفتيش صحيح وجود أشياء تعد حيازتها جريمة أن تفيد فى كشف الحقيقة فى جريمة أخرى جاز لمأمور الضبط القضائى أن يضبطها بشط أن تظهر عرضا أثناء التفتيش ودون سعى يستهدف البحث عنها. ولما كان الأمر المطعون فيه قد أسس قضاءه ببطلان التفتيش على أن العثور على المخدر إنما كان نتيجة التعسف فى تنفيذ إذن التفتيش بالسعى فى البحث عن جريمة أخرى لا علاقة لها بالجريمة التى جرى فيها التحقيق وذلك للخصومة القائمة بين المطعون ضده وبين رجال مكتب التموين، وكان تقدير القصد من التفتيش أمرا تستقل به محكمة الموضوع ولها أن تستشفه من ظروف الدعوى وقرائن الأحوال فيها دون معقب فإن ما تثيره النيابة فى طعنها لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ساحة النقاش