استصدار إذن التفتيش من النيابة الكلية دون الجزئية لا يستوجب ردا خاصا ما دام صحيحا.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 13 - صـ 28
جلسة 2 من يناير سنة 1962
برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: توفيق أحمد الخشن، ومحمود اسماعيل، وحسين صفوت السركى، ومختار مصطفى رضوان المستشارين.
(7)
الطعن رقم 771 لسنة 31 القضائية
(أ) إجراءات المحاكمة. دفاع.
مرافعة محامى المتهم طويلا. دون منعه من المحكمة. لا إخلال بحق الدفاع.
(ب) تفتيش. حكم "تسبيبه. ما لا يعيبه".
استصدار إذن التفتيش من النيابة الكلية دون الجزئية. لا يستوجب ردا خاصا. ما دام صحيحا.
1- إذا كانت المحكمة لم تمنع المتهم من إبداء دفاعه، ولم تصرح بالجلسة بالكف عن المرافعة، وقد ترافع عنه محاميان مرافعة طويلة، فانه لا يقبل منه النعى على المحكمة بأنها أخلت بحق الدفاع.
2- استصدار إذن التفتيش من النيابة الكلية دون النيابة الجزئية. لا يستوجب من المحكمة ردا خاصا، ما دام الإذن قد صدر صحيحا مطابقا للقانون.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة للطاعن بأنه أحرز جوهرا مخدرا "حشيشا" فى غير الأحوال المصرح بها قانونا وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و33 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول رقم 1 المرفق. فقررت بذلك. وأمام محكمة الجنايات دفع الحاضر مع المتهم ببطلان إذن التفتيش لأنه بنى على تحريات غير جدية. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام عدا المادة 33 فبدلا عنها المادة 34 من المرسوم بقانون سالف الذكر بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. وردت المحكمة على الدفع قائلة إنه لا أساس له. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .. الخ.
المحكمة
.. وحيث إن أسباب الطعن المقدمة من الطاعن بتقريرى الأسباب المؤرخين 7 و22 مايو سنة 1960 تجمل فى أوجه ثلاثة - حاصل أولهما الإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه كان قد دفع أمام محكمة الموضوع بأن التهمة ملفقة له من رجال مكتب المخدرات لسابقة تقديمه شكوى ضدهم وقد اطلعت المحكمة على تلك الشكوى وتحققت منها، وطلبت من الدفاع إبداء طلباته فاعتقد أن المحكمة اقتنعت ببراءة الطاعن فصمم عليها دون أن يبدى دفاعه فى موضوع الدعوى تحت تأثير هذا الظن ولكنه فوجئ بالحكم بإدانته وفى ذلك إخلال بحق الدفاع.
وحيث إنه لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة لم تمنع الطاعن من إبداء دفاعه ولم تصرح بالجلسة بالكف عن المرافعة وقد ترافع عنه محاميان مرافعة طويلة. لما كان ذلك، فإنه لا يقبل منه النعى على المحكمة بأنها أخلت بحق الدفاع.
وحيث إن حاصل الوجه الثانى من الطعن القصور فى التسبيب، لأن الحكم رد على دفاعه بتلفيق التهمة ضده المؤسس على تقديمه الشكوى السالفة الذكر وعلى استصدار إذن التفتيش من وكيل النيابة الكلية بدلا من وكيل نيابة البندر الذى كان قد حدد يوم صدوره موعدا لتحقيقها بأن النيابة لم تتصرف فيها وأنه على فرض صحتها فإنها لا تؤثر فى الدليل المستمد من شهادة الضابط عبد الواحد اسماعيل مع أن تقديم الشكوى ضد رجال مكتب المخدرات ينصرف إلى هذا الضابط أيضا فلا يجوز الأخذ بشهادته. كما أن الحكم لم يعن بتفسير سبب استصدار الإذن من النيابة الكلية لينفى عن هذا الشاهد تهمة التلفيق.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فيما يجعل فى "أن الملازم أول عبد الواحد اسماعيل محمد وكيل فرع المخدرات علم من تحرياته أن المتهم جابر محمد جمعه يتجر فى المواد المخدرة فاستأذن النيابة فى تفتيشه وتفتيش منزله ومخبزه فأذنت له بذلك. ثم انتقل مع زميله محمد اسماعيل الصيرفي وقوة من المخبرين إلى مخبز المتهم فوجده جالسا على أريكة فأمسك به الضابطان وفتشه عبد الواحد اسماعيل ووجد فى جيب جلبابه الأيمن قطعة من الحشيش أنكر حيازتها". واستند الحكم فى إدانة الطاعن إلى شهادة الضابطين وتقرير المعمل الكيماوى، ثم عرض إلى دفاع الطاعن بقوله "إن المتهم أنكر ما أسند إليه وقرر أنه قبل هذا الحادث بأسبوعين قدم شكوى ضد رجال المباحث بأنهم ضربوه وسرقوا نقوده وتبين من تحقيق تلك الشكوى أن المتهم ادعى أن الكونستابل عمر عبد الرحيم وقائد سيارات المباحث ضرباه واكتشف عندئذ سرقة نقوده من مخبزه وهذا الادعاء الذى لم تنصرف فيه النيابة - حتى على فرض صحته - لا يؤثر على صحة التهمة المسندة إلى المتهم والتى ثبتت صحتها لدى المحكمة من شهادة الضابط عبد الواحد اسماعيل الذى لم يستطيع المتهم تجريح أقواله وهو الذى فتشه بنفسه وعثر على المخدر معه والمحكمة تطمئن إلى صحة شهادة هذا الشاهد".
لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات بعد ضمها أن إذن التفتيش صدر من وكيل النيابة الكلية بتاريخ 21/ 6/ 1958 بناء على تحريات الضابط عبد الواحد اسماعيل، كما تبين من الاطلاع على الشكوى أنها مقدمة من الطاعن بتاريخ 7/ 6/ 1958 وقد تضمنت أنه فى مساء يوم 5/ 6/ 1958 بينما كان الطاعن جالسا أمام مخبزه حضرت قوة من البوليس الملكى وقوة مباحث مكافحة المخدرات وتعدوا عليه بالضرب وقد فقد منه أثناء ذلك مبلغ 81 جنيها، ثم ذكر الطاعن فى تحقيق تلك الشكوى أن الكونستابل عمر من مكتب المخدرات وسائق سيارة المكتب تعديا عليه بالضرب ولم يتهم حدا بسرقة نقوده، وأضاف أن الضابط محمد اسماعيل الصيرفى لم يعتد عليه بالضرب. لما كان ذلك وكان الدفاع، بأن التهمة ملفقة على المتهم هو من أوجه الدفاع الموضوعية ويكفى للرد عليه أن تكون المحكمة قد بينت أدلة الثبوت التى عولت عليها فى الحكم بالإدانة إذ الأخذ بتلك الأدلة يفيد ضمنا اطراح ذلك الدفاع. وكان استصدار إذن التفتيش من النيابة الكلية دون النيابة الجزئية لا يستوجب من المحكمة ردا خاصا ما دام الإذن قد صدر صحيحا مطابقا للقانون. لما كان ذلك وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى وأورد على ثبوتها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها، وكانت الشكوى المقدمة من الطاعن لم تنصرف إلى لضابطين اللذين أجريا التفتيش مما يسوغ ما ردت به المحكمة على دفاعه. لما كان ذلك، فإنه لا محل لما يثيره الطاعن فى هذا الوجه.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من الطعن هو فساد الاستدلال، لأن الطاعن كان قد دفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التى أجراها الضابط عبد الواحد اسماعيل اعتبارا بأن الشكوى تمسه وقد رفضته المحكمة استنادا إلى أن تحريات هذا الضابط قد أكدت حيازة الطاعن للمخدر وأنه قد ثبتت صحتها من ضبط المخدر معه فتكون المحكمة قد استندت فى ذلك إلى الدليل المستمد من التفتيش وهو دليل لاحق على صدور إذن التفتيش لا يصح الاستناد إليه.
وحيث إن الحكم عرض إلى الدفع ببطلان الإذن فقال "بأنه مردود بأن الضابط عبد الواحد اسماعيل تحقق بنفسه قبل استصدار إذن التفتيش من حيازة المتهم للمخدر وثبتت صحة تحرياته من ضبط المخدر معه ولا غبار على هذه التحريات ولا على صحة الإذن الصادر من النيابة بناء عليها". لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت أن أمر التفتيش قد بنى على تحريات جدية سبقت صدوره فلا يؤثر فيه ما قاله تزيدا استدلالا على جدية التحريات من أن التفتيش قد أسفر عن ضبط المخدر. لما كان ما تقدم، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه.
ساحة النقاش