موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

authentication required

إثبات الحكم أن إجراءات التفتيش تمت وفقاً للإذن الصادر من النيابة. إثارة المتهم في وجه الطعن أن إلقاء المخدر كان اضطرارياً. لا جدوى منه.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 17 - صـ 852

جلسة 20 من يونيه سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمد محمد محفوظ، ومحمود عزيز الدين سالم، وحسين سامح.

(161)
الطعن رقم 941 لسنة 36 القضائية

(أ، ب، ج) تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره. تنفيذه.". مواد مخدرة.
( أ ) الأمر الذي تصدره النيابة العامة بتفتيش شخص معين ومن يتواجدون معه أو في محله أو مسكنه وقت التفتيش دون بيان لأسمه ولقبه. صحيح. عدم وجود أحد من هؤلاء الأشخاص عند تنفيذ إذن التفتيش. لا يعيبه.
(ب) تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش. أمر موكول إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
(ج) لمحكمة الموضوع أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفى لإسناد واقعة إحراز المخدر إلى المتهمة، ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار أو بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي.
(د) وصف التهمة. مواد مخدرة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات المحاكمة.
تعديل المحكمة وصف التهمة من إحراز مخدر بقصد الاتجار إلى إحرازه مجرداً عن قصدي الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي دون تنبيه الدفاع. لا إخلال بحق الدفاع.
(هـ) عقوبة. "تقديرها". ظروف مخففة.
تقدير العقوبة وقيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها. من إطلاقات محكمة الموضوع. عدم تقيدها بالحد الأدنى الذي يستتبعه تطبيق المادة 17 عقوبات إن هي أعملتها.
(و) مواد مخدرة. تفتيش. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم أن إجراءات التفتيش تمت وفقاً للإذن الصادر من النيابة. إثارة المتهم في وجه الطعن أن إلقاء المخدر كان اضطرارياً. لا جدوى منه.
1 - من المقرر أن الأمر الذي تصدره النيابة العامة بتفتيش شخص معين ومن قد يكون موجوداً معه أو في محله أو مسكنه وقت التفتيش دون بيان لأسمه ولقبه - على تقدير اشتراكه معه في الجريمة أو اتصاله بالواقعة التي صدر أمر التفتيش من أجلها - يكون صحيحاً في القانون ويكون التفتيش الواقع تنفيذاً له لا مخالفة فيه للقانون، وأنه لا يعيب الإذن في شيء ألا يوجد عند تنفيذه أي ممن قيل بمحضر التحريات بمساهمتهم في الجريمة واتصالهم بها.
2 - تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. ومتى كانت هذه المحكمة قد أقرت تلك السلطة على ما ارتأته في هذا الصدد فلا سبيل إلى مصادرتها في عقيدتها.
3 - ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفى لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر إلى الطاعنة، ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار أو بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي.
4 - الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم. وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة - وهى واقعة إحراز الجوهر المخدر - هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعنة واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت إحراز الطاعنة للمخدر مجرداً عن أي من قصدي الاتجار أو التعاطي إنما هو تطبيق سليم للقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها الذي يستلزم إعمال حكم المادة 38 منه إذا ما ثبت لمحكمة الموضوع أن الإحراز مجرد عن أي من القصدين. ومن ثم فإن المحكمة لا تلتزم في مثل هذه الصورة بأن تنبه المدافع عن الطاعنة إلى ما أجرته من تعديل في الوصف نتيجة استبعاد قصد الاتجار لأن دفاعه في الجريمة المرفوعة بها الدعوى يتناول حتماً الجريمة التي نزلت إليها المحكمة، وبذلك يكون ما تثيره الطاعنة من دعوى الإخلال بحق الدفاع في غير محله.
5 - تقدير العقوبة وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حسابا عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي رأته. وليس في القانون ما يلزمها بأن تتقيد بالحد الأدنى الذي يستتبعه تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات إن هي أعملتها.
6 - لا جدوى مما تثيره الطاعنة في وجه الطعن من أن إلقاء المخدر كان اضطرارياً طالما أن الحكم قد أثبت أن إجراءات التفتيش تمت وفقاً للإذن الصادر به واستناداً إليه. إذ أنه أياً كان الأمر في شأن الإلقاء فإنه لا يقدح في سلامة التفتيش الذي تم تنفيذاً لأمر النيابة به.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها في يوم 11 من فبراير سنة 1965 بدائرة قسم السيدة زينب محافظة القاهرة: أحرزت بقصد الاتجار جوهرين مخدرين "حشيشاً وأفيوناً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتها إلى محكمة الجنايات لمعاقبتها بالمواد 1 و2 و34/ 1 - أ و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبندين 1 و12 من الجدول 1 المرفق. فقرر بذلك. وفى أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات القاهرة دفع الحاضر مع المتهمة ببطلان التفتيش. وقضت المحكمة المذكورة حضورياً بتاريخ 13 من فبراير سنة 1966 عملاً بالمواد 1 و2 و37 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبندين 1 و12 من الجدول رقم 1 المرفق مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمة بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وتغريمها خمسمائة جنيه ومصادرة المخدر المضبوط وذلك على اعتبار أن المتهمة أحرزت المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي. فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون إذ دان الطاعنة بجريمة إحراز مخدر بغير قصدي الاتجار أو التعاطي قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه بطلان في الإجراءات أثر فيه وانطوى على إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأن المدافع عن الطاعنة دفع ببطلان إذن التفتيش وما تلاه من إجراءات استناداً إلى أن الإذن صدر بناء على تحريات مجهلة ولضبط مجهولين من الأحداث ولضابط غير مختص بضبط جرائم المخدرات ولأن هذا الضابط المأذون له بالتفتيش لم ينفذ الإذن بنفسه بل ندب ضابط آخر غيره لتنفيذه ولم يجد هذا الأخير - الذي تولى التنفيذ دون الاستعانة بأنثى طبقاً لأحكام المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية - حين التنفيذ أي حدث ممن أشير إليهم في محضر التحريات. ورد الحكم على ذلك كله وعلى ما أشار إليه الدفاع من دلائل من واقع الأوراق تؤكد كذب التصوير الذي نودي به أخصها عدم وجود جيوب بالجلباب الذي كانت ترتديه الطاعنة وخلو الحجرة التي تقطن بها من نوافذ وفتحات - رداً فاسداً وغير سائغ أساسه الاطمئنان لأقوال شاهدي الإثبات وما أخرجاه من تصوير سيق بقصد التحايل على أحكام القانون وخلق حالة تلبس نتيجة للتخلي الذي اصطنع بقصد الخلاص مما أصاب الإجراءات من عوار. هذا بالإضافة إلى أن المحكمة - وقد اطمأنت إلى ثبوت الفعل المسند إلى الطاعنة - قد عدلت وصف التهمة الوارد بأمر الإحالة وبورقة التكليف بالحضور والذي دارت حوله المرافعة والمتضمن أن إحراز الطاعنة للمخدر كان بقصد الاتجار واعتبرت - على خلاف ما قرره شاهدا الإثبات - أن الإحراز بغير هذا القصد وبغير قصد التعاطي والاستعمال الشخصي دون أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك تنفيذاً لأحكام المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية، ولا محل للاحتجاج في هذا الصدد بنظرية العقوبة المبررة لأن حكم المادة 308 بادية الذكر حكم عام يشمل حالتي تغليظ العقوبة وتخفيفها سواء بسواء ولأن المحكمة قد طبقت المادة 17 من قانون العقوبات وهو ما تبدو معه مصلحة الطاعنة في التمسك بالحد الأدنى المقرر للجريمة التي دينت بها وهو الحبس لمدة ثلاثة شهور وكل ذلك مما يبطل الحكم ويعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله إنها "تتحصل في أنه نما إلى علم النقيب عبد الرازق جلال الضابط بمكتب حماية الأحداث بالقاهرة أن المتهمة تحوز مواد مخدرة وأنها تستغل بعض الأحداث لترويج بضاعتها فاستصدر إذناً من النيابة بضبطها وتفتيشها وتفتيش مسكنها ومن يتواجد معها من الأحداث وندب لتنفيذ الإذن زميله النقيب ثروت إمام حسين الذي انتقل يوم 11 من فبراير سنة 1965 إلى منزل المتهمة بدائرة قسم السيدة وبصعوده إلى السطح وجدها جالسة به فاصطحبها إلى حجرتها وأثناء تفتيشه للغرفة أخرجت المتهمة من جيب جلبابها ورقة من أوراق الكرافت الصفراء وحاولت أن تقذف بها من نافذة الغرفة إلا أن الورقة ارتدت وسقطت على أرض الحجرة وبالتقاطه لها تبين أن بها ثلاث قطع من مادة الحشيش وعندئذ أمرها بأن تخرج ما في جيبها من مواد مخدرة أخرى فأخرجت لفافتين من ورق السلوفان بداخلها قطعتان من مادة الأفيون" واستند الحكم في التدليل على ثبوت الواقعة بالصورة المتقدمة في حق الطاعنة إلى أقوال النقيبين ثروت إمام حسين وعبد الرازق جلال وإلى تقرير المعامل الكيماوية الملحقة بمصلحة الطب الشرعي، وبعد أن أورد الحكم مؤدى كل دليل من هذه الأدلة بما يطابق تلك الصورة عرض لدفاع الطاعنة ورد عليه بقوله "وحيث إن المتهمة وإن أنكرت صلتها بالمخدر المضبوط إلا أنها لم تدحض الاتهام الموجه إليها بدفاع ما، ولذلك فإن المحكمة لا تعول على إنكارها وتطمئن إلى الدليل المستمد من أقوال الضابطين ثروت إمام حسين وعبد الرازق جلال. أما ما دفع به الحاضر مع المتهمة من بطلان إذن التفتيش وما ترتب عليه من إجراءات بمقولة إن الضابط الذي باشر التفتيش منوط به فقط تحرى جرائم الأحداث وأنه غير مختص بضبط جرائم المخدرات فإنه مردود بأن ما ترامى إلى علم النقيب عبد الرازق جلال وما دلته عليه تحرياته هو أن المتهمة تستغل أحداثاً في ترويج المواد المخدرة وتوزيعها على عملائها. ولما كان من أخص وظائف ضباط مكتب حماية الأحداث وهم من رجال الضبط القضائي ومن اختصاصهم في كافة أنحاء القاهرة رعاية الأحداث وحمايتهم من الانحراف وضبط وقائع الجرائم التي يرتكبونها، فإنه إذا ما دلت تحرياتهم على أن أحداثاً يحرزون مواد مخدرة لحساب المتهمة فإن من واجبهم اتخاذ الإجراءات اللازمة لضبطهم وتفتيشهم وهم يشتركون معهم ممن ليسوا أحداثاً، ولما كان الضابط عبد الرازق جلال قد ضمن بلاغه إلى النيابة أن المتهمة تتجر في المواد المخدرة وأنها تستغل أحداثاً لترويج بضاعتها من المواد المخدرة وأنها تزاول هذا النشاط بمسكنها وقد رأى وكيل النيابة الآذن بالتفتيش أن في البلاغ من الجدية ما يسوغ إصدار أمره بالضبط والتفتيش فأذن بضبط المتهمة وتفتيشها وتفتيش مسكنها ومن يتواجد من الأحداث به وقت الضبط فإنه إجراء لا مراء في أنه وقع صحيحاً ومطابقاً القانون. وإذ كانت المتهمة أثناء تفتيش المسكن قد أخرجت من جيبها طواعية ومن تلقاء نفسها لفافة من المواد المخدرة وتخلت عنها ثم حاولت إلقاءها من النافذة فسقطت على الأرض والتقطها الضابط وتبين له أن بها مخدراً فقد أضحت الواقعة من ناحية أخرى في حالة تلبس بالجريمة يحق معها للضابط أن يقوم بتفتيش المتهمة وقد فعل ذلك عن طريق أمره لها بإخراج ما معها من مواد أخرى فأخرجت بنفسها لفافتي الأفيون الأمر الذي ترى معه المحكمة أن كل ما اتخذ من إجراءات قد وقع صحيحاً في القانون مما يتعين معه القضاء برفض الدفع وبصحة إجراءات الضبط والتفتيش. لما كان ذلك، وكان يبين من مراجعة المفردات المضمومة أن النقيب عبد الرازق جلال قد تحفظ على جلباب الطاعنة وقدمه لوكيل النيابة المحقق الذي تبين له من مشاهدته أن له جيبين أحدهما أيمن والثاني في المقدمة وأن الطاعنة قد أقرت بتحقيقات النيابة بأنها كانت ترتدي بالفعل الجلباب المضبوط ولم تنف عند مواجهتها بأقوال شاهد الإثبات الأول وجود نوافذ أو فتحات بالحجرة التي تقطن بها وأنه لم تجر معاينة لمكان الضبط ولم يرد بأقوال أي ممن استجوبوا في التحقيقات ما يشير إلى خلو تلك الحجرة من النوافذ ومن ثم تكون دعوى الطاعنة في هذا الصدد على غير أساس". لما كان ذلك، وكان يبين مما تقدم أن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة كافية وسائغة ولها أصلها الثابت بالأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة للواقعة حسبما يؤدى إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصل في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع التي يحق لها أن تجزئ هذه الأقوال وتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما عداه - وكان ليس ما يمنع محكمة الموضوع - بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفى لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر إلى الطاعنة ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار أو بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما شهد به النقيب ثروت إمام حسين ونقله عنه النقيب عبد الرازق جلال من أن الطاعنة أخرجت من جيبها ورقة قذفت بها إلى النافذة ولكنها ارتدت وسقطت على الأرض فالتقطها وتبين أنها تضم ثلاث قطع من مادة الحشيش وعندئذ طلب إليها أن تبرز ما في حوزتها من مواد مخدرة أخرى فأخرجت لفافتين تضم كل منهما قطعة من مادة الأفيون، وكان قد ثبت فيما تقدم أنه لا صحة لما زعمته الطاعنة بقصد النيل من أقوال الشاهدين فإن ما تثيره الطاعنة من منازعة في تصوير المحكمة للواقعة أو تجزئتها لأقوال شاهدي الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل في واقع الأمر إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. ولما كان من المقرر أن الأمر الذي تصدره النيابة العامة بتفتيش شخص معين ومن قد يكون موجوداً معه أو في محله أو مسكنه وقت التفتيش دون بيان لاسمه ولقبه، على تقدير اشتراكه معه في الجريمة أو اتصاله بالواقعة التي صدر أمر التفتيش من أجلها، يكون صحيحاً في القانون ويكون التفتيش الواقع تنفيذاً له لا مخالفة فيه للقانون، وأنه لا يعيب الإذن في شيء ألا يوجد عند تنفيذه أي ممن قيل بمحضر التحريات بمساهمتهم في الجريمة واتصالهم بها؛ وكان من المقرر أيضاً أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت هذه المحكمة قد أقرت تلك السلطة على ما ارتأته في هذا الصدد فلا سبيل إلى مصادرتها في عقيدتها، وكان مما لا شك فيه أنه يدخل في اختصاص ضابط مكتب حماية الأحداث بالقاهرة رعاية هؤلاء الأحداث وحمايتهم من استغلال كبار المجرمين لهم والوقوف بينهم وبين التردي في أحضان الجريمة، وكان البين من الرجوع إلى الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد أقرت النيابة العامة على ما ذهبت إليه من جدية تحريات ضابط مكتب حماية الأحداث وكفايتها لتسويغ إصدار الأمر بتفتيش الطاعنة ومن يتواجد معها وقت الضبط من أحداث ذهبت التحريات إلى أنها تستغلهم في ترويج المواد المخدرة التي تتجر فيها فإنه لا وجه لمنازعة الطاعنة في صحة الإذن. لما كان ما تقدم، وكان يبين من الرجوع إلى المفردات وإلى مدونات الحكم المطعون فيه أن الإذن الصادر من النيابة بالتفتيش قد أباح للضابط المأذون له به ندب غيره لإجرائه وأنه لم تكن هناك حاجة بهذا الأخير للاستعانة بأنثى ما دام أن الطاعنة هي التي أخرجت المخدر في الحالين بنفسها ودون أن تمتد يد أحد إليها فإنه يكون ما انتهت إليه المحكمة من إقرار للإذن وما تلاه من إجراءات ورفض للدفع المبدي في هذا الخصوص صحيحاً في القانون، ولا جدوى لما تثيره الطاعنة في وجه الطعن من أن إلقاء المخدر كان اضطرارياً طالما أن الحكم قد أثبت أن إجراءات التفتيش تمت وفقاً للإذن الصادر به واستناداً إليه إذ أنه أياً كان الأمر في شأن الإلقاء فإنه لا يقدح في سلامة التفتيش الذي تم تنفيذاً لأمر النيابة به. لما كان ما تقدم جميعه وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم. وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة - وهى واقعة إحراز الجوهر المخدر - هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعنة به، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعنة واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية، أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت إحراز الطاعنة للمخدر مجرداً عن أي من قصدي الاتجار أو التعاطي إنما هو تطبيق سليم للقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها الذي يستلزم إعمال حكم المادة 38 منه إذا ما ثبت لمحكمة الموضوع أن الإحراز مجرد عن أي من القصدين التي هي مكلفة باستظهارهما والتدليل على توافرهما، ومن ثم فإن المحكمة لا تلتزم في مثل هذه الصورة بأن تنبه المدافع عن الطاعنة إلى ما أجرته من تعديل في الوصف نتيجة استبعاد قصد الاتجار لأن دفاعه في الجريمة المرفوعة بها الدعوى يتناول حتماً الجريمة التي نزلت إليها المحكمة، وبذلك يكون ما تثيره الطاعنة من دعوى الإخلال بحق الدفاع في غير محله. ولما كان تقدير العقوبة وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته، وليس في القانون ما يلزمها بأن تتقيد بالحد الأدنى الذي يستتبعه تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات إن هي أعملتها. ولما كانت المحكمة قد أوقعت بالطاعنة العقوبة التي ارتأتها مناسبة لما قارفته من جرم دون أن تنزل بها إلى الحد الأدنى المقرر للجريمة التي دانتها بها فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
وحيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 38 مشاهدة
نشرت فى 28 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,119,409

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »