قيام حالة التلبس بالجريمة نتيجة لاتفاق سابق بين المتهمين على ارتكاب جريمة السرقة دون أن يكون للإجراءات التي اتخذها رجال الضبط دخل في قيامها.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 17 - صـ 911
جلسة 4 من أكتوبر سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمد محمد محفوظ, ومحمود العمراوي، ومحمود كامل عطيفه.
(168)
الطعن رقم 994 لسنة 36 القضائية
(أ، ب) شروع. سرقة.
(أ) الشروع في حكم المادة 45 عقوبات. ماهيته؟ لا يشترط لتحققه أن يبدأ الفاعل تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة. يكفي أن يأتي فعلا سابقا على تنفيذ الركن المادي لها ومؤديا إليه حالا. مثال في السرقة.
(ب) جريمة الشروع في السرقة. وجود المال فعلا. غير لازم لقيامها. مادام أن نية الجاني قد اتجهت إلى ارتكاب السرقة.
(ج، د) تلبس. قبض. تفتيش. سرقة.
(ج) التلبس حالة تلازم الجريمة نفسها. يكفي أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأية حاسة من حواسه. متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكا.
(د) قيام حالة التلبس بالجريمة نتيجة لاتفاق سابق بين المتهمين على ارتكاب جريمة السرقة، دون أن يكون للإجراءات التي اتخذها رجال الضبط دخل في قيامها. صحة القبض والتفتيش.
1- الشروع في حكم المادة 45 من قانون العقوبات هو البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفعل فيها. فلا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لاعتباره شارعا في ارتكاب جريمة أن يأتي فعلا سابقا على تنفيذ الركن المادي لها ومؤديا إليه حالا. ولما كان الثابت في الحكم أن الطاعنين الثلاثة الأول تسلقوا السور الخارجي للحديقة إلى داخل المنزل وبقى الطاعن الرابع بالسيارة في الطريق في انتظارهم حتى إتمام السرقة وأن الطاعن الثاني عالج الباب بأدوات أحضرها لكسره إلى أن كسر بعض أجزائه، وأثبت الحكم أنهم كانوا ينوون سرقة محتويات المنزل، فإنهم يكونون بذلك قد دخلوا فعلا في دور التنفيذ بخطوة من الخطوات المؤدية حالا إلى ارتكاب السرقة التي اتفقوا على ارتكابها بحيث أصبح عدولهم بعد ذلك باختيارهم عن مقارفة الجريمة المقصود بالذات أمرا غير متوقع، ويكون ما ارتكبوه سابقا على ضبطهم شروعا في جناية السرقة.
2- من المقرر أنه لا يشترط في جريمة الشروع في السرقة أن يوجد المال فعلا، مادام أن نية الجاني قد اتجهت إلى ارتكاب السرقة.
3- التلبس حالة تلازم الجريمة نفسها، ويكفي أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأية حاسة من حواسه، متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكا.
4- لما كانت حالة التلبس بالجريمة التي شاهدها رجال الضبط لم تكن وليدة الإجراءات التي اتخذوها - والتي اقتصرت على مجرد إثبات مضمون تحرياتهم والانتقال للمراقبة - بل وجدت هذه الحالة تنفيذا لاتفاق سابق من الطاعنين على ارتكاب جريمة السرقة ولم تقع عملية الضبط إلا بعد إدراك وقوعها إدراكا يقينيا بوجود مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة. فإن دفع الطاعنين ببطلان القبض والتفتيش لإجرائه بدون إذن من النيابة وفي غير الحالات التي تجيز ذلك يكون على غير أساس.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في ليلة 25/ 5/ 1962 بدائرة الدقي محافظة الجيزة: (أولا) المتهمين جميعا - شرعوا في سرقة محتويات مسكن الدكتور عبد السلام البربري حالة كونهم يحملون أسلحة نارية ظاهرة ومخبأة بأن أجمعوا أمرهم على ارتكاب الحادث، واستقلوا سيارة المتهم الأخير وكان المتهمان الأول والثالث يحملان سلاحين ناريين (مسدسين) ودلفوا إلى حديقة المنزل وقام المتهم الثاني بمعالجة باب المنزل الداخلي حتى تمكن من فتحه وأوقف تنفيذ الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مفاجأتهم وقت ارتكاب السرقة وضبطهم قبل إتمامها. (ثانيا) المتهم الأول أيضا - (1) أحرز سلاحا ناريا مششخن الماسورة (مسدس) بدون ترخيص. (2) أحرز طلقة مما تعد ذخيرة للسلاح سالف الذكر دون أن يكون مرخصا له بحيازته أو إحرازه. وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقا للوصف والقيد الواردين بقرار الاتهام. وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات الجيزة دفع الحاضر مع المتهمين ببطلان القبض والتفتيش. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا في 21فبراير سنة 1966 عملا بالمواد 45 و46 و316 من قانون العقوبات والمواد 1 و2 و6 و26/ 2 - 4 و30 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول 3 الملحق مع تطبيق المادتين 30 و32/ 2 من قانون العقوبات (أولا) بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة مدة خمس سنوات. (ثانيا) ببراءة المتهم الثالث من تهمتي إحراز السلاح والذخيرة المسندتين إليه. (ثالثا) بمصادرة الأسلحة والذخائر والأدوات المضبوطة.
وقد ردت على الدفع قائله إنه في غير محله. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع وبطلان الإجراءات والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أن الحكم المطعون فيه دان الطاعنين بجناية الشروع في السرقة من منزل مسكون في حين أن ضبطهم في داخل الباب الخارجي لسكن المجني عليه - بفرض صحته - لا يعدو أن يكون من قبيل الأعمال التحضيرية مما لا يتوافر معه الركن المادي للشروع في السرقة وهو في واقعه على هذه الصورة لا يشكل إلا جنحة دخول عقار بقصد ارتكاب جريمة فيه الأمر المنطبق على المادة 369 من قانون العقوبات، ومع تمسك الدفاع بذلك فإن الحكم لم يعرض له بالتمحيص والرد. هذا إلى أن المحكمة غيرت وصف التهمة كما ورد بأمر الإحالة بأن نسبت إلى الطاعن الثاني كسر باب المنزل بقصد السرقة وهو ما لم يتضمنه ذلك الأمر دون لفت نظر الدفاع وخلصت إلى إدانة الطاعنين دون التحقق من وجود الأشياء المقول بالشروع في سرقتها، كذلك أطرح الحكم بأسباب غير سائغة دفع الطاعنين ببطلان القبض والتفتيش لإجرائه بدون إذن من النيابة وفي غير الحالات التي تجيز ذلك، هذا فضلا عن تناقض الأسباب إذ أثبت الحكم في مدوناته حصول كسر في باب المنزل في حين أن ما نقله عن المعاينة التي أجرتها النيابة يشير إلى أن كسرا لم يتم وأن الأمر اقتصر على محاولة إحداثه. وأضاف الطاعن الأخير إلى ما تقدم أن الحكم لم يتضمن سؤاله بوصفه متهما عن اسمه ولقبه وسنه وصناعته ومحل إقامته ومولده مما يعتبر مخالفة لنص المادة 271 من قانون الإجراءات الجنائية, كما خلا الحكم من التدليل على إسهامه في ارتكاب الحادث أو استظهار الأفعال المادية التي اقترفها وبيان أن مقصده قد اتجه إلى مشاركة باقي الطاعنين في ارتكاب السرقة مع أن موقفه - وهو قائد السيارة الأجرة - لا يعدو أن يكون مؤجرا إياها لهم.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى بما مجمله أن الطاعنين عقدوا العزم على سرقة منزل المجني عليه واستقلوا سيارة الطاعن الرابع مزودين بآلات معده للكسر وكان المتهم الأول يحمل سلاحا ناريا وما أن وصلوا في ليلة الحادث إلى المنزل حتى دخل الثلاثة الأول إلى داخل الحديقة من سورها الخارجي - وبقى الرابع في انتظارهم بالسيارة خارجها وعالج الطاعن الثاني الباب الداخلي محاولا كسره إلى أن كسر بعض أجزائه وأوقفت الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضبطهم والجريمة في حالة تلبس. ثم أورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعنين أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما أسفرت عنه المعاينة وما ثبت من تقرير فحص السلاح وهى أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، ثم خلص الحكم إلى إدانة الطاعنين على أساس أن الواقعة جناية شروع في سرقة وقعت منهم ليلا ومع حمل سلاح بالتطبيق للمواد 45 و46 و316 من قانون العقوبات. وما انتهى إليه الحكم من ذلك صحيح في القانون، ذلك أن الشروع في حكم المادة 45 من قانون العقوبات هو البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها. فلا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لاعتباره شارعا في ارتكاب جريمة أن يأتي فعلا سابقا على تنفيذ الركن المادي لها ومؤديا إليه حالا. لما كان ذلك، وكان الثابت بالحكم أن الطاعنين الثلاثة الأول تسلقوا السور الخارجي للحديقة إلى داخل المنزل وبقى الطاعن الرابع بالسيارة في الطريق في انتظارهم حتى إتمام السرقة وأن الطاعن الثاني عالج الباب الداخلي بأدوات أحضرها لكسره إلى أن كسر بعض أجزائه وأثبت الحكم أنهم كانوا ينوون سرقة محتويات المنزل، فإنهم يكونون بذلك دخلوا فعلا في دور التنفيذ بخطوة من الخطوات المؤدية حالا إلى ارتكاب السرقة التي اتفقوا على ارتكابها بحيث أصبح عدولهم بعد ذلك باختيارهم عن مقارفة الجريمة المقصودة بالذات أمرا غير متوقع ويكون ما ارتكبوه سابقا على ضبطهم شروعا في جناية السرقة، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعنون في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكانت الواقعة التي دين بها الطاعنون هى بعينها التي أحيلت بها الدعوى والتي دارت عليها المرافعة وكانت مطروحة على بساط البحث، ذلك أن وصف التهمة بقرار الإحالة قد تضمن "أن المتهم الثاني قام بمعالجته باب المنزل الداخلي حتى تمكن من فتحة" وهو ما انتهت إليه المحكمة في وصفها للوقعة بقولها "وقام المتهم الثاني بكسر باب المنزل الداخلي بعتلة حتى تمكن من فتحه" تحصيلا منها وأخذا بأقوال شهود الإثبات وبماله معين صحيح من الأوراق، فإن ما يثيره الطاعنون من قالة الإخلال بحق الدفاع يكون على غير سند ما دامت الواقعة المادية المقامة بها الدعوى هى بذاتها كانت مطروحة بالجلسة ودارت عليها المرافعة. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استظهر قصد السرقة في حق الطاعنين من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها، وكان من المقرر أنه ليس بشرط في جريمة الشروع في السرقة أن يوجد المال فعلا - ما دام أن نية الجاني قد اتجهت إلى ارتكاب السرقة، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى الدفاع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بقوله، "وبما أن هذا الدفع مردود بأن رجال الشرطة سالفي الذكر لم يكونوا في حاجة إلى استصدار إذن من النيابة لضبط المتهمين مادام الثابت من الأوراق أنهم ضبطوا المتهمين في حالة تلبس بالجريمة وشروع ظاهر في السرقة ودخولهم الفيلا ليلا يحملون الأسلحة المضبوطة معهم والمفك والعتلة اللذين استعملا في كسر الباب الداخلي على مشهد من رجال الشرطة الكامنين داخل حديقة الفيلا محل الحادث ولم يكن لرجال الشرطة دخل في خلق هذا الحادث أو التحريض عليه". وما أورده الحكم من ذلك صحيح في القانون, وذلك بأن حالة التلبس بالجريمة التي شاهدها رجال الضبط لم تكن وليدة الإجراءات التي اتخذوها والتي اقتصرت على مجرد إثبات مضمون تحرياتهم والانتقال للمراقبة، بل وجدت هذه الحالة تنفيذا لاتفاق سابق من الطاعنين على ارتكاب جريمة السرقة ولم تقع عملية الضبط إلا بعد إدراك وقوعها إدراكا يقينيا بوجود مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التلبس حالة تلازم الجريمة نفسها ويكفي أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأية حاسة من حواسه متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكا، ومن ثم فإن النعي في هذا الخصوص يكون على غير أساس. ولما كان الحكم قد نقل من المعاينة التي أجرتها النيابة أن محاولة فتح الباب الداخلي انتهت بوجود آثار لكسر بالمصراع الذي به الترباس والمصراع المقابل له حتى ظهرت الأخشاب البيضاء الداخلية. وهو ما لا يتعارض مع ما انتهى إليه الحكم من قيام المتهم الثاني بكسر الباب. ومن ثم فلا محل لرمي الحكم بالتناقض في الأسباب. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن ما رسمه قانون الإجراءات الجنائية في المادة 271 منه هو من قبيل تنظيم سير الإجراءات في الجلسة، ولا يترتب البطلان على مخالفته. فضلا عن أن البين من محضر الجلسة وما اشتمل عليه الحكم من بيانات أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفق القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن الأخير بها واستخلص وجوده على مسرح الجريمة لشد أزر زملاءه تنفيذا لقصدهم المشترك الذي بيتوا النية عليه وإسهامه في الواقعة استخلاصا سائغا من أقوال شهود الإثبات التي أوردها من أنه طاف أكثر من مرة بالسيارة قيادته التي أقل بها باقي الطاعنين حول المسكن الذي قصدوا سرقته قبل أن يدخلوا إلى الحديقة بطريق التسور - ووقف بالسيارة بعد ذلك في انتظارهم حتى إتمام السرقة ثم حاول الهرب عند تحققه من وجود رجال القوة وضبط باقي المتهمين، وخلص الحكم من ذلك إلى توافر قصده بالإسهام معهم في ارتكاب السرقة. لما كان ذلك، فلا محل لما يثيره الطاعن الرابع في هذا الخصوص.
وحيث إنه لما تقدم، يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
ساحة النقاش