لما كان القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن الحكم يكون سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 31 - صـ 262
جلسة 24 من فبراير سنة 1980
برئاسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ومحمد حلمي راغب، وأحمد محمود هيكل؛ وسمير ناجي.
(52)
الطعن رقم 1068 لسنة 49 القضائية
(1) مواد مخدرة. قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير توافر قصد الاتجار في المواد المخدرة. موضوعي. ما دام سائغاً.
(2) حكم "بياناته. بيانات التسبيب". "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(3) مأمورو الضبط القضائي. "اختصاصهم". استدلالات. مواد مخدرة.
كل إجراء يقوم به مأمور الضبط القضائي. في الكشف عن الجريمة. صحيح. ما لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة. أو التحريض عليها. وطالما بقيت إرادة الجاني حرة.
(4) إثبات "بوجه عام". تلبس. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش".
تقدير توافر حالة التلبس. موضوعي. ما دام سائغاً.
(5) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بطلب ضم محضر بقصد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي أطمأنت إليها. أساس ذلك؟
(6) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات. "إجراءات المحاكمة". محاماة.
للمحامي أن يتولى واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة. شرط ذلك؟
مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع؟
تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل متهم بمحام خاص. أساسه الواقع. لا احتمال ما كان يسع كل منهم إبداؤه من دفاع.
(7) مواد مخدرة. اشتراك. جريمة. قانون. "تفسيره".
الوساطة في الأمور المحظور على الأشخاص ارتكابها بالنسبة للجواهر المخدرة. والتي عددتها المادة الثانية من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات. معاقب عليها بالمادة 34 من ذات القانون التي سوت بين الأمور المحظورة وبين الوساطة فيها. وإن أغفلت ذكر الأخيرة. علة ذلك؟
(8) مواد مخدرة. مسئولية جنائية.
مناط المسئولية في جريمة إحراز وحيازة الجواهر المخدرة. ثبوت اتصال الجاني بالمخدر بالذات أو بالواسطة. بأية صورة عن علم وإرادة.
1 - إحراز المخدر بقصد الاتجار إنما هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بجريمة التقدير فيها طالما أنها تقيمها على ما ينتجها.
2 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، كان ذلك محققاً لحكم القانون.
3 - من المقرر أنه لا تثريب على مأموري الضبط القضائي ومرءوسيهم فيما يقومون به من التحري عن الجرائم بقصد اكتشافها ولو اتخذوا في سبيل ذلك التخفي وانتحال الصفات حتى يأنس الجاني لهم ويأمن جانبهم، فمسايرة رجال الضبط للجناة بقصد ضبط جريمة يقارفونها لا يجافي القانون ولا يعد تحريضاً منهم للجناة ما دام أن إرادة هؤلاء تبقى حرة غير معدومة وما دام أنه لم يقع منهم تحريض على ارتكاب هذه الجريمة.
4 - لما كان القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن الحكم يكون سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش تأسيساً على توافر حالة التلبس التي تبيحها.
5 - من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود. بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته، ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات الرائد....... وصحة تصويره للواقعة، فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا محل للنعي عليها لعدم إجابتها طلب الدفاع ضم محضر النقود التي عرضها هذا الشاهد على الطاعنين لشراء المخدر المضبوط.
6 - متى كان القانون لا يمنع من أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة، ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدي إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعن الأول ارتكابه جريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار وأثبت في حق الطاعن الثاني تداخله بصفته وسيطاً في بيع هذا المخدر، وكان ثبوت الفعل المكون للجريمة في حق أحدهما لم يكن من شأنه أن يؤدي إلى تبرئة الآخر أو يجعل إسناد التهمة شائعاً بينهما شيوعاً صريحاً أو ضمنياً، كما أن القضاء بإدانة أحدهما لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع، وكان تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل منهما بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا يبتني على احتمال ما كان يسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل، ومن ثم فإن مصلحة كل منهما في الدفاع لا تكون متعارضة ويكون ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا أساس له من الواقع والقانون.
7 - لما كانت المادة الثانية من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات قد عددت الأمور المحظور على الأشخاص ارتكابها بالنسبة للجواهر المخدرة وهي الجلب والتصدير والإنتاج والتملك والإحراز والشراء والبيع والتبادل والتنازل بأي صفة كانت والتدخل بصفته وسيطاً في شيء من ذلك، وكان نص الفقرة الأولى من المادة 34 من القانون المذكور قد جرى على عقاب تلك الحالات، وأنه وإن كان قد أغفل ذكر الوساطة إلا أنه في حقيقة الأمر قد ساوى بينها وبين غيرها من الحالات التي حظرها في المادة الثانية فتأخذ حكمها ولو قيل بغير ذلك لكان ذكر الوساطة في المادة الثانية والتسوية بينها وبين الحالات الأخرى عبثاً ينزه عنه الشارع، ذلك لأن التدخل بالوساطة في حالة من حالات الحظر التي عددتها تلك المادة والمجرمة قانوناً، لا يعدو في حقيقته مساهمة في ارتكاب هذه الجريمة يرتبط بالفعل الإجرامي فيها ونتيجته برابطة السببية ويعد المساهم بهذا النشاط شريكاً في الجريمة تقع عليه عقوبتها.
8 - مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه من قبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما المتهم الأول: أحرز جوهراً مخدراً (أفيوناً) وكان ذلك بقصد الاتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً. المتهم الثاني: تداخل بصفته وسيطاً في بيع جوهر مخدر (أفيوناً) وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر ذلك ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 34 أ، 42 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند أ من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبتغريم كل منهما عشرة آلاف جنيهاً وبمصادرة الجوهر المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن الأول بجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار ودان الطاعن الثاني بجريمة التداخل بالوساطة في بيع جوهر مخدر قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وانطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه جاء قاصراً في التدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن الأول، ولم يورد مؤدى أقوال شاهد الإثبات والأدلة التي عول عليها في إدانة الطاعن الثاني، كما أن الطاعنين دفعا ببطلان القبض والتفتيش لإجرائهما بدون أمر من النيابة العامة ولأن الجريمة لم تكن في حالة تلبس إذ أن الضابط خلق بنفسه تلك الحالة، بيد أن الحكم أطرح هذا الدفع بما لا يسوغه، كما أنه أغفل طلب ضم محضر النقود التي عرضها الشاهد على الطاعنين لشراء المخدر، هذا إلى أن محامياً واحداً تولى واجب الدفاع عن الطاعنين رغم قيام التعارض في المصلحة بينهما، وأخيراً فإن الحكم دان الطاعن الثاني بجريمة التداخل بصفته وسيطاً في بيع المخدر مع أن قانون مكافحة المخدرات رقم 182 لسنة 1960 لم يورد نصاً خاصاً بالعقاب على هذه الجريمة، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن مرشداً سرياً أبلغ الرائد....... الضابط بقسم مخدرات القاهرة أن الطاعن الثاني عرض عليه أن يبيعه كمية من الأفيون، فتظاهر باستعداده لشرائها وعندئذ جمعه بالطاعن الأول الذي ما أن اطمأن إلى غبته في شراء المخدر حتى أبرز له عينة صغيرة من الأفيون عرض عليه أن يبيعه منها كيلو جراماً لقاء ثمن قدره 1300 جنيه فوافقه على شرائه واتفقوا على لقاء في موعد محدد في محل الطاعن الثاني، وفي هذا الموعد تم لقاء المرشد بالطاعنين بحضور الرائد...... الذي زعم المرشد أنه شريك له في هذه الصفقة، وبعد أن تم الاتفاق انصرف الطاعن الأول من المحل ثم عاد يحمل معه حقيبة أخرج منها لفافة تحوي كمية من الأفيون - تبين أنها تزن 1.30 كيلو جرام وعندئذ أعطى الضابط الإشارة المتفق عليها لرجال القوة وتم ضبط الواقعة وأقر الطاعن الأول للضابط أنه يبيع المخدر المضبوط لحساب شخص آخر وأورد الحكم على ثبوت الواقعة - على هذه الصورة - في حق الطاعنين أدلة مستمدة من شهادة الرائد....... بقسم مخدرات القاهرة الذي قام بضبط الواقعة، ومما ثبت من تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي، وهي أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض إلى قصد الاتجار واستظهره لدى الطاعن الأول من عرضه كمية المخدر المضبوط للبيع، ولما كان إحراز المخدر بقصد الاتجار إنما هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنها تقيمها على ما ينتجها، وكان الحكم قد دلل على هذا القصد تدليلاً سائغاً فإن النعي عليه في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وكان ذلك محققاً لحكم القانون، ويكون ما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم من القصور في غير محله. لما كان ذلك وكان الحكم قد تناول الدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بقوله "وحيث إن ما أورده الدفاع فهو في غير محله إذ أن الشاهد كان يتحرى عما أبلغه به المرشد السري، وعند تحريه عرض عليه المخدر وأصبح المتهمان في حالة تلبس، ولما كان التحري أجراه مشروع قانوناً فإن الضابط لم يخلق حالة التلبس." وإذ كان هذا الذي رد به الحكم على الدفع مفاده أن المحكمة قد استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية ومن الأدلة السائغة التي أوردتها - أن لقاء الضابط بالطاعنين جرى في حدود إجراءات التحري المشروعة قانوناً وأن القبض على الطاعنين وضبط المخدر المعروض للبيع تم بعد ما كانت جناية ببيع هذا المخدر متلبساً بها بتمام التعاقد الذي تظاهر فيه الضابط بالاشتراك مع المرشد في شرائه من الطاعنين، ولما كان من المقرر أنه لا تثريب على مأموري الضبط القضائي ومرءوسيهم فيما يقومون به من التحري عن الجرائم بقصد اكتشافها ولو اتخذوا في سبيل ذلك التخفي وانتحال الصفات حتى يأنس الجاني لهم ويأمن جانبهم، فمسايرة رجال الضبط للجناة بقصد ضبط جريمة يقارفونها لا يجافي القانون ولا يعد تحريضاً منهم للجناة ما دام أن إرادة هؤلاء تبقى حرة غير معدومة وما دام أنه لم يقع منهم تحريض على ارتكاب هذه الجريمة وكان القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن الحكم يكون سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش تأسيساً على توافر حالة التلبس التي تبيحها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته، ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات الرائد....... وصحة تصويره للواقعة، فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا محل للنعي عليها لعدم إجابتها طلب الدفاع ضم محضر النقود التي عرضها هذا الشاهد على الطاعنين لشراء المخدر المضبوط. لما كان ذلك، وكان قضاء النقض قد جرى على أن القانون لا يمنع من أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة، ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدي إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعن الأول ارتكابه جريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار وأثبت في حق الطاعن الثاني تداخله بصفته وسيطاً في بيع هذا المخدر، وكان ثبوت الفعل المكون للجريمة في حق أحدهما لم يكن من شأنه أن يؤدي إلى تبرئة الآخر أو يجعل إسناد التهمة شائعاً بينهما شيوعاً صريحاً أو ضمنياً، كما أن القضاء بإدانة أحدهما لا يترتب عليه القضاة ببراءة الآخر وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع، وكان تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل منهما بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا يبتني على احتمال ما كان يسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل، ومن ثم فإن مصلحة كل منهما في الدفاع لا تكون متعارضة ويكون ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا أساس له من الواقع والقانون. لما كان ذلك، وكانت المادة الثانية من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات قد عددت الأمور المحظور على الأشخاص ارتكابها بالنسبة للجواهر المخدرة وهي الجلب والتصدير والإنتاج والتملك والإحراز والشراء والبيع والتبادل والتنازل بأي صفة كانت والتدخل بصفته وسيطاً في شيء من ذلك، وكان نص الفقرة الأولى من المادة 34 من القانون المذكور قد جرى على عقاب تلك الحالات، وأنه وإن كان قد أغفل ذكر الوساطة إلا أنه في حقيقة الأمر قد ساوى بينها وبين غيرها من الحالات التي حظرها في المادة الثانية فتأخذ حكمها، ولو قيل بغير ذلك لكان ذكر الوساطة في المادة الثانية والتسوية بينها وبين الحالات الأخرى عبثاً ينزه عنه الشارع، ذلك لأن التدخل بالوساطة في حالة من حالات الحظر التي عددتها تلك المادة والمجرمة قانوناً، لا يعدو في حقيقته مساهمة في ارتكاب هذه الجريمة يرتبط بالفعل الإجرامي فيها ونتيجته برابطة السببية ويعد المساهم بهذا النشاط شريكاً في الجريمة تقع عليه عقوبتها، هذا فضلاً عن أنه لما كان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية، وكان البين مما استخلصه الحكم لصورة واقعة الدعوى الماثلة أن الطاعن الثاني هو الذي عرض على المرشد أن يبيعه المخدر وما أن تظاهر بالموافقة حتى جمعه بالطاعن الأول الذي أحضر المخدر المضبوط في محل الطاعن الثاني وفي حضوره حيث تم الاتفاق بينهم على الصفقة كما تم ضبط المخدر، مما يشير إلى أن الطاعنين كانا يحوزان سوياً هذا المخدر وإن لم تتحقق بالنسبة للطاعن الثاني الحيازة المادية له، وإذ كانت عقوبة جريمة الحيازة هي ذات العقوبة المقررة لجريمة التداخل بالوساطة في بيع المخدر التي اتهم ودين بها الطاعن الثاني، فإن ما ينعاه في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش